الغنوشي يبدأ إضرابا عن الطعام في سجنه بتونس
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
بدأ رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي إضرابا عن الطعام في سجنه اليوم الاثنين، تضامنا مع شخصيات معارضة كبيرة أخرى معتقلة دخلت إضرابا عن الطعام للمطالبة بالإفراج الفوري عنهم.
وقالت هيئة الدفاع عن الغنوشي -في بيان لها اليوم- إن رئيس حركة النهضة المعتقل "قرر الدخول في إضراب عن الطعام من مقر اعتقاله بالسجن المدني بالمرناڤية بداية من اليوم، تضامنا مع المعتقلين المضربين عن الطعام ومساندة لكل المعارضين بمختلف السجون التونسية ولكل معتقلي الرأي".
وأضافت الهيئة أن الغنوشي "أبلغ قراره إلى المحامين أعضاء هيئة الدفاع اليوم. دعا التونسيين إلى التمسك بتونس ديمقراطية تسع الجميع على أساس التعايش القائم على الحرية والعدالة وعلوية القانون واستقلالية القضاء".
ويقبع الغنوشي (82 عاما) في السجن منذ أبريل/نيسان الماضي. وفي الأول من فبراير/شباط الجاري، أصدرت المحكمة الابتدائية في تونس حكما عليه بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة تلقي حزبه تمويلا من طرف أجنبي.
وهذا هو الحكم الثاني الذي يصدر على الغنوشي إذ صدر عليه يوم 15 مايو/أيار 2023 حكما بالسجن لمدة عام مع غرامة قيمتها ألف دينار تونسي (328 دولارا) بتهمة التحريض في القضية التي عرفت بـ"ملف الطواغيت"، حين تقدم أحد عناصر النقابات الأمنية بشكوى ضد الغنوشي، متهما إياه بوصف أجهزة الأمن بالطواغيت في أثناء كلمة له.
ويأتي موقف الغنوشي اليوم غداة إعلان تنسيقية عائلات 6 موقوفين بتونس، في بيان لها أمس الأحد، أن 6 سجناء من السياسيين المعتقلين في قضية التآمر على أمن الدولة اعتزموا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام ابتداء من اليوم.
وقال المسجونون الـ6 إن إضرابهم يأتي انطلاقا من رفضهم استمرار الوضع الراهن، واحتجاجا على سجنهم من دون محاكمة، وللمطالبة بالإفراج الفوري عنهم وتمسكهم بحقوقهم الكاملة وحريتهم. وطالبوا بوقف الملاحقات الأمنية والقضائية ضد جميع السياسيين ونشطاء المجتمع المدني، والتوقف عن ترهيب وتهديد القضاة.
والمسجونون الـ6 الذين أضربوا عن الطعام هم: جوهر بن مبارك (عضو جبهة الخلاص الوطني)، وعصام الشابي (أمين عام الحزب الجمهوري)، وعبد الحميد الجلاصي (قيادي سابق في حركة النهضة)، وغازي الشّوّاشي (وزير سابق)، وخيّام التركي (قيادي سابق في حزب التكتل)، ورضا بلحاج (رئيس الديوان الرئاسي السابق).
ويتهم السياسيون المسجونون الرئيس قيس سعيد بتنفيذ انقلاب يقولون إنه أدى إلى انهيار الديمقراطية التي بنيت بعد ثورة 2011. ويقبعون منذ العام الماضي في السجن بتهمة التآمر على أمن الدولة.
وعام 2021، علق سعيد عمل البرلمان وعزل الحكومة وانتقل إلى الحكم بمراسيم قبل إعادة كتابة دستور جديد أقره التونسيون في استفتاء بإقبال منخفض قبل عامين، وهي خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب على الدستور وضربة للديمقراطية الناشئة.
وفي حين نفى سعيد أن تكون أفعاله انقلابا، وقال إنها كانت ضرورية لإنقاذ تونس من سنوات الفوضى، ووصف منتقديه بالمجرمين والخونة والإرهابيين، تتهمه المعارضة وجماعات حقوق الإنسان بفرض حكم استبدادي وسجن كبار معارضيه والسعي لتكميم الصحافة والسيطرة على القضاء.
وقال سعيد، الذي يرفض الاتهامات، إنه لن يكون دكتاتورا وسيستمر في تطهير البلاد من الفساد الذي استشرى خلال العقد الماضي. كما اتهم سياسيين بـ"التآمر على أمن الدولة"، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار، بينما تتهمه المعارضة في المقابل، باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين للإجراءات الاستثنائية التي فرضها يوم 25 يوليو/تموز 2021.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حركة النهضة التونسية عن الطعام
إقرأ أيضاً:
حقوقيون ومعارضة يتهمون الرئيس التونسي بتوظيف القضاء لتصفية خصومه
تونس- يواجه الرئيس التونسي قيس سعيد موجة متصاعدة من الاتهامات من قبل المعارضة ومنظمات حقوقية، باستخدام القضاء أداة لتصفية خصومه السياسيين، خاصة بعد صدور أحكام وصفت بالصادمة ضد عشرات المعارضين البارزين في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".
وزاد غضب المعارضين والنشطاء السياسيين والحقوقيين إثر اعتقال المحامي البارز أحمد صواب أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين بتهمة "تكوين مجموعة إرهابية والتهديد بارتكاب جرائم إرهابية".
وشهدت العاصمة تونس احتجاجات عارمة، أمس الاثنين، بسبب اعتقال صواب بعد يومين من صدور الأحكام في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" والتي طالما انتقدها واعتبرها جائرة ومفبركة وبلا أي أدلة.
وجاء اعتقاله إثر إدلائه بتصريح أمام المحكمة الابتدائية، السبت الماضي، قال فيه إن "السكاكين ليست فقط على رقبة المعتقلين السياسيين وإنما على رقبة القاضي الذي يحكم في القضية" في إشارة إلى وقوعه تحت ضغط السلطة بسبب وجود ملفات ضده.
وزاد اعتقال صواب من تأجيج المشهد. وقد تم توجيه التهم ذاتها إليه، على غرار "تكوين مجموعة إرهابية" وهو ما رأى فيه محامون وسياسيون خطوة أخرى في سياق تخويف فريق الدفاع والتضييق على العمل الحقوقي. ونددت منظمات حقوقية بهذه الخطوة، معتبرة أن الأمر يدخل في باب الانتقام السياسي ويؤكد تدهور استقلالية القضاء.
إعلان
أحكام قاسية
وكانت المحكمة الابتدائية أصدرت أحكاما بالسجن تراوحت بين 13 و66 عاما، شملت قيادات سياسية بارزة من الصف الأول في المعارضة، وسط تنديد واسع بما اعتُبر "محاكمات تفتقر إلى أدنى شروط العدالة" واعتبرتها أطراف واسعة محاولة لتجريم العمل السياسي المعارض وترويع المناهضين لسياسات الرئيس.
وتستند القضية إلى تهم تتعلق بـ"التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" و"تكوين تنظيم إرهابي" و"التخابر مع جهات أجنبية" وهي تهم خطيرة وقاسية تمّت متابعتها بموجب فصول من "قانون مكافحة الإرهاب" والمجلة الجزائية، وسط تساؤلات عن مدى قانونية الإجراءات ومصداقية التهم الموجهة.
وتراوحت أوضاع المتهمين بين موقوفين ومطلوبين وآخرين في حالة إطلاق سراح، إلا أن القاسم المشترك بينهم هو معارضتهم الشديدة للمسار السياسي الذي انتهجه الرئيس منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، والتي منحته صلاحيات مطلقة وجمّد بموجبها البرلمان، وأعاد صياغة الدستور بشكل منفرد صيف 2022.
وجرت المحاكمة -التي انطلقت في 4 أبريل/نيسان الجاري على نحو سريع واستثنائي- حيث مُنع المتهمون من الحضور في قاعة المحكمة، واعتمدت السلطات آلية "المحاكمة عن بُعد" مما دفع المساجين إلى مقاطعة المحاكمة. وهو ما اعتبره محامو الدفاع مسا مباشرا بحقوق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم، لا سيما مع منع العائلات من حضور الجلسات، إلى جانب إقصاء الصحفيين والمراقبين المحليين والدوليين.
وتذهب المعارضة التونسية إلى اعتبار أن القضاء في البلاد لم يعد مستقلا بل أصبح أداة طيّعة بيد السلطة التنفيذية، وتحديدا الرئيس سعيّد الذي ترى المعارضة أنه لم يكتفِ بإعادة هندسة المنظومة الدستورية والقانونية لإحكام قبضته على الدولة، بل مارس ضغطا ممنهجا على القضاة من خلال خطاباته النارية والمتكررة.
إعلانوتقول شخصيات معارضة وحقوقية إن الرئيس، من خلال تصريحاته العلنية، قد سلب القضاة حريتهم في اتخاذ قراراتهم، وجعلهم يتحركون تحت طائلة الخوف من التبعات السياسية.
ومن أبرز ما تستشهد به المعارضة بهذا السياق، تصريحات سعيد التي قال فيها إن "من يبرّئهم فهو شريك لهم" في إشارة إلى المعارضين الموقوفين في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".
ولا يعد هذا التصريح، بحسب منتقدي الرئيس، تدخلا فقط في سير القضاء بل يمثل إدانة مسبقة للمتهمين، وتهديدا مبطّنا للقضاة الذين قد يحكمون ببراءتهم.
كما جاء على لسان الرئيس -في أكثر من مناسبة- أن التاريخ "قد حكم عليهم قبل أن يحكم عليهم القضاء" وهو ما اعتبرته المعارضة دليلا على توجيه مسبق للعدالة، وتجريد المحاكمات من أي مضمون موضوعي أو محايد.
"حالة رعب"وترى المعارضة أن هذه التصريحات لا يمكن فصلها عن سياق أوسع بدأ منذ اتخاذ سعيّد للتدابير الاستثنائية في يوليو/تموز 2021، ثم إقالته لعدد كبير من القضاة (بلغ عددهم 57 قاضيا) بزعم "تطهير القضاء" دون احترام الضمانات القانونية أو حق الدفاع، وفق المراقبين.
وتُحمّل المعارضة سعيّد ووزيرة العدل مسؤولية مباشرة عن "حالة الرعب" التي يعيشها القضاة، إذ أصبحوا يخشون اتخاذ أي قرارات قد تُغضب رأس السلطة، خشية الإعفاء أو الملاحقة أو التشهير الإعلامي.
ووفقًا لعدد من القضاة المتقاعدين والحقوقيين، فإن استقلال القضاء في تونس لم يكن مهددا كما هو عليه الآن منذ الثورة، في ظل أجواء "التخويف والتأديب السياسي" التي تخيّم على أروقة العدالة.
وفي هذا الإطار، حذّرت منظمات حقوقية دولية من "خطورة تسييس القضاء" معتبرة أن تصريحات الرئيس تقوّض ثقة الرأي العام في عدالة المحاكمات، وتؤسس لما يُشبه "عدالة انتقامية" موجّهة ضد المعارضين السياسيين، وهو ما يهدد المسار الديمقراطي برمّته، ويعيد البلاد إلى مربع الاستبداد باسم القانون.
إعلانوقد وصف الناشط السياسي والمعارض هشام العجبوني إن صدور الأحكام ضد المساجين السياسيين في قضية التآمر على أمن الدولة بعد الجلسة الثالثة يوم 18 أبريل/نيسان 2025 بأنه "يوم أسود في تاريخ القضاء وتاريخ تونس" معتبرا أن العدالة قد "اغتيلت ودُقّ آخر مسمار في نعش الدولة".
وأكد العجبوني أن "الإدانة لم تكن وليدة المحاكمة، بل كانت قرارا سياسيا صدر منذ فبراير/شباط 2023 حين دعا سعيّد وزيرة العدل إلى ملاحقة من وصفهم بالإرهابيين والمجرمين" وصرّح حينها أن "التاريخ قد حكم عليهم قبل أن تفعل المحاكم، وأن من يجرؤ على تبرئتهم فهو شريك لهم".
وأضاف للجزيرة نت أن الملف "مفبرك وفارغ ولا يتضمن أي دليل قانوني" مشيرا إلى أن السلطات تعمّدت التعتيم ومنعت التداول العلني للمحاكمات، لتُجريها عن بعد وفي غياب المتهمين ومحاميهم وأمام عدسات غائبة، متابعا إنهم "يخشون أن تتحوّل المحاكمة العلنية إلى محاكمة سياسية وأخلاقية ضدهم هم لا ضد المعارضين".
"الاعتقالات لن تتوقف"من جهته، عبّر المحامي والناشط السياسي عبد الوهاب معطر عن استيائه الشديد مما آلت إليه الأوضاع القضائية والسياسية، معتبرا أن "السلطة انتقلت من منطق (من يُبرّئهم فهو شريك لهم) إلى منطق أكثر خطورة وهو (من يُدافع عنهم فهو شريك لهم)" في إشارة إلى اعتقال المحامي صواب عضو هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين.
ويقول معطر للجزيرة نت إن اعتقال صواب ليس سوى حلقة في سلسلة متواصلة من التضييقات التي تطال كل من يجرؤ على الوقوف في صفّ العدالة والدفاع عن المعتقلين السياسيين، قائلاً إن "حملة الاعتقالات لن تتوقف، لأن هذه السلطة لم يعد أمامها خيار سوى الهروب إلى الأمام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وفي تحليله لمسار محاكمة ما يُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" أشار معطر إلى ما وصفه بـ"السرعة القياسية والمريبة" التي تم بها إصدار الأحكام، مما يعكس -حسبه- رغبة واضحة في غلق الملف بأسرع وقت ممكن وتحويل الأنظار عن قضايا اجتماعية مُلحّة، أبرزها الاحتجاجات المتواصلة في منطقة المزونة من ولاية سيدي بوزيد، عقب وفاة 3 تلاميذ سقط عليهم حائط مدرسة قديمة.
إعلانوأوضح أن "الملف كان هشا ومفككا منذ البداية، ولا يتضمن أدلة قاطعة أو أدنى مقومات الإدانة، ولذلك كان لا بد من تمريره بسرعة لتفادي انكشاف حقيقة التوظيف السياسي".
وتوقّع معطر أن تُصدر محكمة الاستئناف أحكامها بهذا الملف قبل فصل الصيف، مؤكّدا أن إبقاء الملف دون حسم يُعدّ "دليلا صارخا على الظلم والانحراف بالسلطة القضائية التي باتت مجرّد وظيفة خاضعة ومجردة من أي درجة من الاستقلالية".
"تطهير القضاء"في المقابل، يدافع أنصار سعيد بشدة عن مسار المحاكمات الجارية، مؤكدين أن رئيس الجمهورية لا يتدخل في شؤون القضاء، بل يعمل على تطهيره من الفساد وإعادة هيبته بعد سنوات من التسييس والانفلات، وفق تعبيرهم.
ويعتبر هؤلاء أن سعيّد رجل "نزيه" ولا مصلحة له في تصفية خصومه، بل يحرص على تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وهو ما يعكسه دعمه المتواصل لاستقلال المؤسسات ورفضه لأي تسويات سياسية على حساب الدولة.
كما يرى المدافعون عن الرئيس أن الحديث عن محاكمات سياسية ليس سوى "محاولة لتبييض" صورة متهمين يواجهون تهما خطيرة، مؤكدين أنهم لم يُلاحقوا بسبب آرائهم، بل "بسبب ضلوعهم في نشاطات تمسّ بالأمن القومي" في ظل ما وصفوه بمحاولات متكررة لإرباك مؤسسات الدولة والتحريض على الفوضى، وفق رأيهم.