ماذا يعني تقديم مصر لمذكرة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية؟
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
تتقدم مصر بمذكرةٍ إلى محكمة العدل الدولية بشأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، الأربعاء المقبل؛ للمشاركة في الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للولايات المتحدة من محكمة العدل الدولية حول الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.
مذكرة مصر ضد إسرائيل في محكمة العدل الدوليةوفسّر الخبراء والحقوقيون، في لـ«الوطن»، ماذا يعني هذا القرار الذي اتخذته مصر ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
وأوضح النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، أنّ مصر ستقدم مرافعة شفهية أمام المحكمة، بعد غدٍ الأربعاء، والتي تتضمن تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بنظر الرأي الاستشاري، باعتبار الجمعية العامة للأمم المتحدة من الأجهزة المُخوّلة بطلب رأي استشاري من المحكمة.
وأضاف طارق رضوان، أنّ الرأي الاستشاري تأكيدًا عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما، إضافة إلى مخالفة دولة الاحتلال لمبادئ القانون الدولي الإنساني، عن طريق سياسات ضم الأراضي، وهدم المنازل وطرد وتهجير الفلسطينيين، وإعطاء حق لنفسها لتقرير مصير الشعب الفلسطيني من خلال استعمال القوة المسلحة، مشيرًا إلى أنّ مذكرة مصر تتضمن رفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري وغيرها من الممارسات الإسرائيلية.
رسالة قوية من مصرقال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إنّ المذكرة تعد أول إجراءات التصعيد المصري الدبلوماسي ضد إسرائيل بشكل فعلي، وهي بمثابة تكشير عن الأنياب تجاه إسرائيل حول معركة رفح، مشيرا إلى أنّ تلك الخطوة ستُؤثّر بكل تأكيد على القرارات الإسرائيلية بشأن اجتياحها لرفح الفلسطينية الذي تنفذ مخططه منذ أيام.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، أنّ الرسالة ستصل إلى إسرائيل، والأخيرة ستقرأها بعناية إلى جانب رسائل أخرى مثل المنطقة اللوجستية التي تم الإعلان عنها في رفح المصرية.
موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينيةأوضح الحقوقي محمد عبد النعيم، رئيس المنظمة المتحدة الوطنية لحقوق الانسان، لـ«الوطن»، مدى أهمية الخطوة التي اتخذتها مصر في هذا الوقت والتي من مفادها رسالة واضحة إلى الجانب الإسرائيلي، وتحمل شقين، أولهما تأكيد دعم مصر الكامل والمستمر للشعب الفلسطيني وقضيته منذ عشرات السنوات، أما الشق الثاني هو أن رفح الفلسطينية خط أحمر.
وأشار محمد عبد النعيم إلى أنّ مصر موقفها ثابت لأنّه نابع من التزام مصري بالمبادئ الأخلاقية والقانونية التي تدعو لدعم حقوق الشعوب المظلومة، وتعكس رؤيتها الاستراتيجية في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: محكمة العدل الدولية مذكرة مصر إسرائيل مجازر إسرائيل قطاع غزة محکمة العدل الدولیة ضد إسرائیل
إقرأ أيضاً:
لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا سلطت خلاله الضوء عن مدى استفادة النظام المصري من إطالة أمد الصراع في غزة، العامل الذي يجعله يتراخى في البحث عن سبل حله.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الطبيعة العسكرية العميقة للنظام المصري ظلت قائمة منذ سنة 1952، عند إطاحة جمال عبد الناصر والضباط الأحرار بالملكية البرلمانية.
وأضافت الصحيفة أن هذه الهيمنة العسكرية استمرت في عهد خلفاء ناصر، أنور السادات ثم حسني مبارك، قبل أن تهتز خلال الاضطرابات الثورية بين سنتي 2011 و2013.
وأنهى الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح السيسي الفترة الانتقالية وأعاد ترسيخ أسس النظام العسكري الذي تقوم خلاله الدائرة الرئاسية بتوزيع الامتيازات بين الجنرالات، سواء كانوا في الخدمة الفعلية أو "متقاعدين" يشغلون مناصب في القطاع الخاص. في المقابل، تتولى أجهزة المخابرات فرض رقابة شديدة على البلاد والشعب، مع هيمنة جهاز المخابرات العامة، الكيان العسكري المكلف بتنفيذ عمليات داخل مصر وخارجها.
"إيجار" غزة
وأوضحت الصحيفة أنه بمجرد عودته إلى البيت الأبيض؛ قرر دونالد ترامب تعليق جميع أشكال المساعدات الخارجية، باستثناء الدعم المقدم لإسرائيل وكذلك لمصر. ويعود الفضل في استثناء نظام السيسي من القرار إلى بند في معاهدة السلام الموقعة سنة 1979 بين إسرائيل ومصر تحت إشراف الولايات المتحدة يقضي بمنح دعم عسكري سنوي لإسرائيل يناهز حجمه ملياري دولار وثلثي هذا المبلغ لمصر.
وطيلة أكثر من أربعة عقود من الزمن، ظل الجنرالات المصريون يعتبرون أن هذا المبلغ حق مكتسب لهم رافضين تخصيص حتى جزء منه إلى تنمية البلاد. وغالبًا ما يُعاد استثمار هذا المبلغ في شراء المعدات الأمريكية، مما يتيح للقاهرة الحصول على دعم الصناعيين المعنيين في واشنطن الذي يشكلون "مجموعة ضغط".
وتشيد مجموعة الضغط هذه بمساهمة نظام السيسي في الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ سيطرة حماس عليه في حزيران/ يونيو بعد فوزها في الانتخابات2007. مع استمرار تراجع نفوذ بلاده في الأزمات الإقليمية، من ليبيا والسودان إلى اليمن تزداد العائدات التي يجنيها السيسي من استمرار الحرب في غزة.
ولهذا السبب يبالغ نظام السيسي بشأن أهمية المفاوضات المفترض تنظيمها في القاهرة، سواء بين إسرائيل وحماس أو بين الفصائل الفلسطينية. إن الحوار الفلسطيني الداخلي بشأن تسليم السلطة التي تتقلدها حماس إلى غزة متوقف منذ ستة عشر شهراً، دون الوصول إلى أي صيغة قابلة للتطبيق. في المقابل، المحادثات الجادة الوحيدة بشأن الهدنة في غزة، والتي ترتب عنها إعلان الهدنة الحالية، كانت تحت إشراف قطر.
أرباح كبيرة
وذكرت الصحيفة أن عدم فاعلية أجهزة الدولة المصرية على الرغم من الكفاءات والخبرات التي تمتلكها هو نتيجة تطبيق قرارات سياسية على أعلى مستوى. في الواقع، تسمح الأزمة الفلسطينية بإحياء المشهد الدبلوماسي والإعلامي في القاهرة، التي تراجع دورها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر الحصار المفروض على غزة فرصًا متعددة للمخابرات العسكرية وعميلها إبراهيم العرجاني، الزعيم البدوي الذي لم يكتفِ فقط بتجنيد ميليشيا كبيرة لدعم الجيش المصري في سيناء، بل يسيطر فعليًا على عمليات الدخول والخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح.
وبينت الصحيفة أنه حتى حدوث الهجوم الإسرائيلي على رفح في آيار/مايو 2024، والذي نتج عنه غلق المعبر المصري؛ تمت مطالبة كل فلسطيني يرغب في الفرار من الحرب بدفع مبالغ تصل إلى آلاف الدولارات. بالإضافة إلى ذلك، فرض العرجاني ومجموعته على الشاحنات المتجهة نحو غزة، دفع ضرائب تناهز عشرات الملايين من الدولارات شهريًا. إلى جانب ذلك، تم إنشاء شركة أمنية باسم "الأقصى"، مكلفة بحماية الشاحنات داخل قطاع غزة، بتكلفة باهظة.
وأوردت الصحيفة أن الهدنة السارية في غزة منذ 19 كانون الثاني/ يناير أدت إلى إعادة الفتح الجزئي لمعبر رفح، مما أعاد تنشيط شبكات التهريب التابعة لإبراهيم العرجاني، حيث تم فرض رسوم تصل إلى عشرين ألف دولار على كل شاحنة تجارية.
وبفضل العلاقة التي تجمعه مع محمود السيسي، نجل الرئيس ونائب رئيس جهاز المخابرات العسكرية أصبح العرجاني شخصية فوق القانون. بالإضافة إلى ذلك، تتكفل شركته "الأقصى" بتوفير المرتزقة المكلّفين بمراقبة عمليات العبور بين شمال وجنوب قطاع غزة.
وتحرص المخابرات المصرية على عدم التواجد فعليًا داخل قطاع غزة خدمة لمصالحها، بحيث يستفيد نظام السيسي من استمرار تدهور الوضع في غزة، عن طريق مواصلة ابتزاز المدنيين الذين يحاولون المغادرة وفرض الرسوم على الشاحنات التي تدخل القطاع.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن فهم الدوافع العميقة لسياسة النظام المصري في غزة أمر ضروري لتقييم مدى قدرته على التصدي لـ"رؤية" دونالد ترامب، التي تقوم على تهجير سكان قطاع غزة وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".