الذكاء الاصطناعي.. هل ينقذ البشر من التغيرات المناخية؟
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
يشكل التغير المناخي أحد أهم التحديات الرئيسية التي تواجه البشرية في القرن الحالي، إذ بات يثير تساؤلات عن مستقبل كوكب الأرض، مما استدعى تضافر جهود العلماء والمهندسين والخبراء في مختلف التخصصات لتسخير معارفهم ومهاراتهم لابتكار حلول ناجعة لحماية الكوكب.
وتتوقع العديد من الدراسات البحثية الحالية أنه إذا لم تُتخذ إجراءات فورية لمعالجة آثار التغيرات المناخية، فإن الآثار الناتجة قد تؤدي إلى نقص الغذاء والماء في العقود القادمة وكذلك التأثير على صحة البشر.
ولهذا السبب، بدأت تتكاتف جميع الأطراف للعمل على ابتكار وتطبيق الخطوات الأساسية والتكيف للحد من هذه المخاطر المحتملة عبر الاعتماد على علم البيانات والتكنولوجيا الناشئة والابتكارية، ليظهر الذكاء الاصطناعي حلا واعدا يمكن أن يسهم بشكل كبير في مكافحة هذا التحدي.. فكيف يكون ذلك؟
التنبؤ بالظواهر المناخيةيقول الباحث في تحليل بيانات الأقمار الصناعية ونظم معلومات جغرافية عبد الله سكر في حديث مع "الجزيرة نت": إن توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال التغير المناخي يسهل من فهم الظواهر المناخية السابقة وتحليلها بشكل أسرع من الطرق التقليدية، كما يساعد في التنبؤ بالظواهر المناخية خلال السنوات القادمة، وفي المقابل هو ليس أداة سحرية ولكنها عامل مساعد ومؤثر في مواجهة الكثير من التحديات المناخية.
ويشارك سكر صورا التقطها بواسطة الأقمار الاصطناعية لمنطقة الأهوار في العراق في عامي 2020 و2022 تُظهر التغير المناخي الكبير والمتسارع الذي يصيب العراق، وصورا أخرى لنهر دجلة بسامراء العراق في نفس العامين تُظهر الجفاف في النهر وتراجع المساحة الخضراء في المنطقة، ويؤكد أنه عند استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه الحالات يمكن أن يفسر ويحلل هذه الصور ويعطي نتائج أفضل وأسرع، كما يمكن التنبؤ بالشكل الذي سيكون عليه النهر والأهوار في السنوات القادمة، وبالتالي يمكن السعي والعمل على التخفيف من حدتها والبحث عن حلول قبل فوات الأوان.
يُجمع الخبراء على أن مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في التغير المناخي عديدة، مثل الأعاصير والاحتباس الحراري، إذ يرى الأستاذ في النمذجة ومحاكاة الظواهر الكونية في جامعة الملك عبد الله لتكنولوجيا المعلومات في الأردن صالح الشرايعة، في حديث لـ"الجزيرة نت"، أنه يمكن من خلال المعلومات المغذية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التعرف على الأسباب وبالتالي تجنبها، وأيضا يمكن التنبؤ بها لتفادي كل تلك الكوارث، علما بأنه يوجد حاليا تقنيات استخدام الذكاء الاصطناعي مثل "ديب مايند" لشركة غوغل الذي يساعد على عدم أو تجنب اختلاط الكربون بعزله عن الغلاف الجوي.
ويضيف الشرايعة أن نتاجات استخدام الذكاء الاصطناعي يساعد على تطوير حلول ذكية صديقة للبيئة وتجنب الطرق التقليدية في إنتاج الطاقة التي لها أثر كبير في التغيرات المناخية والتي بدورها تؤثر سلبا في البيئة، وبالتالي يضع بين يدي صناع القرار المعلومات اللازمة لاتخاذ الخطوات اللازمة لصنع واتباع سياسات تحد من التغيرات المناخية التي تؤثر سلبا على كافة نواحي الحياة.
ويسرد الشرايعة المجالات التي يساعد الذكاء الاصطناعي في دراستها والتنبؤ بها مثل: احتباس الكربون والأعاصير والفيضانات والجفاف وحركة الرياح والتلوث البيئي وتراجع المساحة الخضراء على سطح الأرض، ويساعد في تفادي تأثير الأعاصير الكهرومغناطيسية على الغلاف الجوي الأرضي.
ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات في عدة قطاعات، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يساعد في صناعة النقل عبر تطوير أنظمة إدارة حركة مرور أكثر كفاءة، مما يقلل الازدحام واستهلاك الوقود.
وباستطاعة الذكاء الاصطناعي أن يتنبأ بوقوع الفيضانات، إذ طور فريق أبحاث غوغل نموذجا هيدرولوجيا عالميا يتيح التنبؤ بالفيضانات قبل سبعة أيام من وقوعها، وتُنشر هذه المعلومات عبر منصة "فلود هب"، كما تضاف أيضاً إلى "تنبيهات إس أو إس" في محرك بحث غوغل وخرائط غوغل. وهذه التكنولوجيا متوفرة في أكثر من 80 دولة حول العالم، وتخدم أكثر من 470 مليون شخص، ويساهم ذلك في توفير استجابة أفضل للكوارث الطبيعية.
الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددةيبرز دور الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة المتجددة كرفيق ومنقذ للبشر، كما يصفه أستاذ الذكاء الاصطناعي في الجامعة الأردنية إبراهيم الجراح، إذ يساهم في أن يدرك الإنسان المناخ الذي يعيش به ويسانده في مواجهة التحديات التي لا يمكن أن تخطر على باله.
وأكد الجراح في حديث لـ"الجزيرة نت" أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة المتجددة يساهم في الحصول على مؤشرات وتنبؤات مستقبلية تساعد في إنتاج طاقة الرياح التي تعتمد على تحليل بيانات ومعلومات الطقس، وإنتاج الطاقة الشمسية والتنبؤ بحجم الإنتاج بدقة كبيرة.
كما يساهم في زيادة كفاءة وجود عمل الطاقة المتجددة، ويمكن لخوارزمياتها أن تحسّن تشغيل وصيانة البنية التحتية للطاقة المتجددة، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة عمرها الافتراضي وخفض التكاليف الإجمالية، وذلك عبر التنبؤ بالوقت المحدد لصيانة المراوح التي تعمل في إنتاج طاقة الرياح أو مزارع الطاقة الشمسية من خلال طائرات من دون طيار التي يمكن أن تحلق فوق تلك المراوح، وفق الجراح.
وينتج عن توظيف تلك الخوارزميات التقليل من انبعاثات الكربون، مما يضمن استخدام الطاقة النظيفة إلى أقصى إمكاناتها، وبجانب ذلك تستخدم لتحسين كفاءة الاستخدام البيئي للموارد، عبر تشغيل وتطوير أنظمة وبنى تحتية ذكية تحد من هدر الطاقة.
حلول مبتكرة لمواجهة التغير المناخيقدمت منظمة العفو الدولية للعمل المناخي بعض الحلول التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للعمل المناخي في البلدان النامية -ومن ضمنها أقل البلدان نمواً والدول الجزرية الصغيرة النامية- تبدأ بتقنيات التكيّف المبتكرة.
وبالإمكان تحسين أنظمة الأغذية الزراعية وإدارة المحاصيل مع توقع الذكاء الاصطناعي أفضل أوقات الزراعة، وتقييم صحة التربة ومراقبة تفشي الآفات والأمراض، ويمكن للزراعة الدقيقة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أيضا تقليل استخدام المياه وتعزيز ممارسات الزراعة المستدامة وتعزيز إنتاج الغذاء. فعلى سبيل المثال، تستخدم الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية "إيغاد" الذكاء الاصطناعي لتعزيز التنبؤ القائم على التأثير من قبل مركز التنبؤات والتطبيقات المناخية في قطاعات الزراعة بشرق أفريقيا، وهو مفتاح الأمن الغذائي وسبل العيش والتنمية الاقتصادية.
وفيما يتعلق بأنظمة الطاقة المتجددة، يمكن تحسين الكفاءة والموثوقية من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تتنبأ بالطلب على الطاقة وتحسين عمليات الشبكة ودمج مصادر الطاقة المتجددة بسلاسة والحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتعزيز التحول نحو حلول الطاقة منخفضة الانبعاثات. وأحد الأمثلة ساعة الطاقة المتجددة العالمية، فهو أطلس مباشر يهدف إلى رسم وقياس تركيبات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق المرافق باستخدام صور الذكاء الاصطناعي والأقمار الاصطناعية، مما يسمح للمستخدمين بتقييم تقدم انتقال الطاقة النظيفة وتتبع الاتجاهات بمرور الوقت.
وإضافة إلى ذلك، هناك بعض التطبيقات العملية لكيفية نشر الذكاء الاصطناعي في مبادرات العمل المناخي، فمثلا يستخدم نموذج ديب مايند التابع لغوغل الذكاء الاصطناعي لتحسين أنظمة التبريد في مراكز البيانات، مما يقلل من استهلاك الطاقة والانبعاثات، وأدت أنظمة توصيات الذكاء الاصطناعي إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة في مراكز البيانات.
وتوظف مبادرة غوغل للذكاء الاصطناعي من أجل الأرض؛ الذكاء الاصطناعي لمواجهة تحديات تغير المناخ، بما في ذلك إزالة الغابات والتنبؤ بحرائق الغابات والاستجابة للكوارث.
أما في مجال تقليل الانبعاثات فقد عمل برنامج الذكاء الاصطناعي من أجل المناخ التابع لشركة مايكروسوفت على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي لتقليل الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة وحماية النظم البيئية.
وقامت منظمة أخرى مرتبطة بشركة "إنفيديا" ببناء نماذج محولات الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن توفر تنبؤات دقيقة ومركّزة للغاية حول الشمس والسحاب فوق المملكة المتحدة والتي تعمل على تحسين التنبؤات بالظروف الشمسية، وأدى هذا إلى تحسين الجيل بما يصل إلى ثلاثة أضعاف.
في النهاية، تكشف كل هذه المعطيات أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية متقدمة، وإنما أداة يمكن أن تنقذ الكوكب من خطورة التغير المناخي، إلا أن ذلك ما هو إلا معزز للعنصر البشري الذي تقع على عاتقه مسؤولية تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عليه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: استخدام الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی التغیرات المناخیة الطاقة المتجددة التغیر المناخی یساعد فی فی إنتاج یمکن أن فی مجال
إقرأ أيضاً:
مصر تستعد لإطلاق قمرين صناعيين لرصد تأثير التغيرات المناخية نهاية العام
القاهرة- أ ش أ:
أعلن الدكتور شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصريةاستعداد مصر لإطلاق قمرين صناعيين جديدين نهاية العام الحالي؛ لرصد تأثير التغيرات المناخية والتخفيف من آثارها السلبية، حيث تلعب تكنولوجيا الفضاء دورا أساسيا في مكافحة تلك التغيرات محل اهتمام العالم، وذلك في إطار خطة مصر لتوطين تكنولوجيا الفضاء.
وقال صدقي - خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم الأربعاء - "إن القمر الأول هو SPNEX لدراسة التغيرات المناخية وهو من نوع النانوسات ويستهدف قياس خصائص البلازما في طبقة الأيونوسفير، وتحسين دقة نموذج التنبؤ بخصائص طبقة الأيونوسفير وخصائص البلازما والتي لها أهمية كبيرة في طقس الفضاء والتغيرات المناخية".
وأضاف "أن القمر الثاني "قمر التنمية الإفريقي" هو معني بدراسة التغيرات المناخية من طراز أقمار نانوسات، ويتم تنفيذه بالتعاون مع 5 دول إفريقية هي كينيا، وغانا، وأوغندا، ونيجيريا وجنوب السوادن".
وأوضح أنه تم الانتهاء من تطوير كاميرا المراقبة المناخية بقيادة وكالة الفضاء المصرية وبالتعاون مع وكالة الفضاء الكينية، وبرنامج الفضاء الوطني الأوغندي، ومن المقرر الشهر المقبل وضعها على محطة الفضاء الدولية.
وتابع أنه بالتعاون مع البحرين تم إجراء اختبارات قمرها الصناعي المقرر إطلاقه في مارس المقبل في مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية بالوكالة، موضحا انه يجرى حاليًا العمل على تطوير منصة لإطلاق الأقمار الصناعية من مصر.
وأشار إلى أنه بالتعاون مع الصين والبحرين يجرى العمل على تطوير كاميرا لوضعها على سطح القمر خلال عام 2026، مؤكدًا أنه يجرى العمل على إعداد منطقة تكنولوجية على مساحة 12 ألف م2 داخل الوكالة كجزء من توطين صناعة الفضاء في مصر.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتور شريف صدقي التغيرات المناخية وكالة الفضاء المصريةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
هَلَّ هِلاَلُهُ
المزيدإعلان
مصر تستعد لإطلاق قمرين صناعيين لرصد تأثير التغيرات المناخية نهاية العام
© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
القاهرة - مصر
19 9 الرطوبة: 35% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك