لتجنب استفزاز الولايات المتحدة.. رسائل إيرانية سرية لـمحور المقاومة
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
تخشى إيران إثارة مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وتحث المليشيات المرتبطة بها في منطقة الشرق الأوسط، على ضبط النفس لتجنب أي تصعيد مع الجيش الأميركي، وفق ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين.
وعندما شنت القوات الأمريكية ضربات على الجماعات المدعومة من إيران في اليمن وسوريا والعراق، حذرت طهران "علنا" من أن جيشها مستعد للرد على أي تهديد، ولكن في السر، يحث كبار القادة الإيرانيين، المليشيات المرتبطة بهم بـ"توخي الحذر"، وفقا لمسؤولين لبنانيين وعراقيين تم اطلاعهم على المحادثات ولم تكشف "واشنطن بوست" عن أسمائهم.
ويقول مسؤولون أميركيون إن الرسالة ربما يكون لها "بعض التأثير".
وقال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته : "ربما أدركت إيران أن مصالحها لا تخدم من خلال السماح لوكلائها بقدرة غير مقيدة على مهاجمة القوات الأميركية وقوات التحالف".
واتخذت إدارة الرئيس الأميركي، جو بادين، نهجا حذرا مماثلا مع طهران، فقد استهدفت القوات الأميركية وكلاء إيران في العراق وسوريا، لكنها لم تضرب الداخل الإيراني.
رسائل لـ"محور المقاومة"وللتأكيد على التوجيه الجديد، أرسلت إيران قادة عسكريين ودبلوماسيين في جميع أنحاء المنطقة للقاء المسؤولين المحليين وأعضاء الميليشيات.
وفي حديثه لـ"واشنطن بوست"، قال مسؤول عراقي له علاقات وثيقة مع القوات المدعومة من إيران هناك: "إن إيران تبذل قصارى جهدها لمنع توسع الحرب والتصعيد من الوصول إلى نقطة اللاعودة".
وبعد أيام من إعلان "كتائب حزب الله" مسؤوليتها عن الهجوم الذي أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين في الأردن على الحدود مع سوريا، وصل قائد عسكري إيراني إلى بغداد الشهر الماضي للقاء قادة الفصيل العراقي المسلح.
وضغط القائد على "كتائب حزب الله" لإصدار بيان للإعلان عن "تعليق الهجمات على الأهداف الأميركية".
وقال المسؤول العراقي إن زعماء الفصيل العراقي المسلح، لم يكونوا راضين عن التعليق، لكنهم استجابوا لطلب الدولة التي قامت بتدريب وتسليح قواتهم، في إشارة إلى إيران.
ومع ذلك، كشفت تغييرات لاحقة عن "حدود نفوذ طهران"، فبعد الضربات الأميركية، غيرت "كتائب حزب الله العراقية"، موقفها، وتعهدت "بضربات مؤلمة وهجمات واسعة النطاق".
وتشكل الجماعات المدعومة من إيران ما يسمى "محور المقاومة"، وهو تحالف من الميليشيات المسلحة التي تضم حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وكتائب حزب الله في العراق وسوريا.
وتستخدمها طهران تلك المليشيات لنشر نفوذها في جميع أنحاء المنطقة وتكون بمثابة خط دفاع أمامي ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.
وعلى الرغم من أن إيران تمول وتدرب تلك المليشيات، إلا أن هذه المجموعات تعمل بشكل مستقل وخارج جهاز الأمن الرسمي في طهران.
وقد سمح لهم هذا الترتيب بتعزيز أهداف السياسة الإيرانية مع عزل طهران عن المسؤولية المباشرة.
وفي العلن، أشاد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بالمجموعات خلال زيارة قام بها مؤخرا إلى لبنان ووعد بمواصلة دعمهم.
لكن في السر، اعتمد المبعوثون الإيرانيون نبرة أكثر اعتدالا، فقد أشادوا بـ"تضحيات حزب الله"، لكنهم حذروا من أن الحرب مع إسرائيل ستقود لعواقب وخيمة في المنطقة.
وجماعة حزب الله، التي أسسها الحرس الثوري الإيراني في عام 1982، بمثابة نموذج للجماعات الأخرى المدعومة من طهران في أنحاء المنطقة، كما تقدم المشورة أو التدريب لبعض هذه الجماعات، وفق وكالة "رويترز"..
ويُنظر إلى جماعة حزب الله على نطاق واسع على أنها أقوى من الدولة اللبنانية، وتصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
والتقى مسؤولون إيرانيون بأعضاء من حزب الله هذا الشهر في لبنان.، وكانت رسالة طهران للجماعة: "نحن لسنا حريصين على إعطاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أي سبب لشن حرب أوسع على لبنان أو في أي مكان آخر".
وقال المسؤولون الإيرانيون لقادة حزب الله إن "محور المقاومة ينتصر"، لكنهم حذروا من أن هذه المكاسب قد تضيع إذا فتحت إسرائيل جبهة أخرى في لبنان.
وكشف عضو حزب الله الذي تحدث لـ"واشنطن بوست" عن ملخص الرسالة الإيرانية للجماعة، وكان مفادها "نتنياهو محصور في الزاوية الآن.. لا تعطيه مخرجا.. دعونا لا نعطيه فائدة شن حرب أوسع نطاقا، لأن ذلك سيجعله منتصرا".
وفي العراق، كانت الرسالة مختلفة بعض الشيء، وقال المسؤولون الإيرانيون إن تجدد الصراع في البلاد يهدد بإضعاف الزخم وراء محادثات الانسحاب العسكري الأميركي من البلاد.
وتنتشر القوات الأميركية بواقع 2500 جندي في العراق ضمن إطار تحالف دولي تقوده واشنطن لمحاربة تنظيم داعش.
وسعت إيران منذ فترة طويلة إلى إخراج القوات الأميركية من المنطقة، وسوف تنظر طهران إلى الانسحاب من العراق باعتباره "نصرا كبيرا".
وقد أعرب المسؤولون الأميركيون عن انفتاحهم على سحب بعض القوات من العراق، لكنهم أضافوا سرا أن "الحكومة العراقية تبدو قلقة بشأن الانسحاب الكامل ويبدو أنها تريد استمرار المساعدة في مواجهة فلول تنظيم داعش".
ويبدو أن الرسائل الإيرانية "كانت فعالة"، ورغم الهجمات شبه يومية عبر حدود إسرائيل مع لبنان، فإن زعيم حزب الله، حسن نصر الله، لم يصل إلى حد إعلان الحرب.
وتشن جماعة حزب الله المسلحة هجمات شبه يومية على أهداف إسرائيلية على الحدود بين لبنان وإسرائيل منذ الثامن من أكتوبر، مما أدى إلى أعنف تبادل لإطلاق النار بين الخصمين منذ أن خاضا حربا واسعة النطاق في عام 2006.
الحوثي "لم يتراجع"ولم تعط إحدى الجماعات المدعومة من إيران أي إشارة عن التراجع، وعطلت جماعة الحوثي في اليمن، والتي تصنفها واشنطن كجماعة إرهابية، التجارة العالمية من خلال مضايقة السفن التجارية عبر البحر الأحمر.
وتؤثر هجمات الحوثيين على الملاحة وتسببت بارتفاع كلفة التأمين لشركات الشحن، ما أجبر كثيرين إلى تجنب هذا الطريق الحيوي الذي تمر عبره 12 بالمئة من التجارة البحرية العالمية.
ومنذ 19 نوفمبر، ينفذ الحوثيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، ولمحاولة ردعهم، شنت القوات الأميركية والبريطانية ضربات على مواقع تابعة لهم منذ 12 يناير.
وينفذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات يقول إنها تستهدف مواقع أو صواريخ ومسيرات معدة للإطلاق.
وإثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون استهداف السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافا مشروعة"، وفق ما ذكرته وكالة "فرانس برس".
وقال كينيث فرانك ماكنزي، وهو جنرال متقاعد من مشاة البحرية أشرف على العمليات الأميركية في جميع أنحاء الشرق الأوسط كرئيس للقيادة المركزية الأميركية من عام 2019 إلى عام 2022: "بالتأكيد، أرحب بحقيقة أن الهجمات قد توقفت على ما يبدو".
وأضاف: "لكننا نعلم من التجربة الصعبة أن وضع الردع في الشرق الأوسط أمر يجب إعادة النظر فيه وتحديثه باستمرار".
وتساءل عما إذا كان من الممكن أن تحبط الولايات المتحدة بعض الهجمات إذا ردت عليها بشكل أسرع وبقوة أكبر.
وحتى لو وجهت طهران وكلاءها إلى "التراجع"، فهذا لا يعني أنهم يسيطرون على الجميع، وفق حديثه.
وكلما طال أمد الحرب في غزة، أصبح من الصعب على إيران والولايات المتحدة تجنب التصعيد، حسبما تشير "واشنطن بوست".
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في إسرائيل في السابع من أكتوبر الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 28985 فلسطينيا، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة 68883، وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، الأحد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المدعومة من إیران الولایات المتحدة القوات الأمیرکیة البحر الأحمر الشرق الأوسط واشنطن بوست فی العراق حزب الله
إقرأ أيضاً:
إيران تحتج ضد تهديدات ترامب
أرسلت إيران -اليوم الاثنين- مذكرة احتجاج رسمية إلى سويسرا، التي تدير المصالح الدبلوماسية الأميركية في طهران، ردا على تهديدات الرئيس دونالد ترامب باستهداف أراضيها.
وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني -اليوم- باستدعاء القائم بأعمال سفارة سويسرا لدى طهران إلى وزارة الخارجية، على خلفية استمرار "العدوان الإسرائيلي" في قطاع غزة وتهديدات ترامب بشن هجمات على إيران.
وأشار التلفزيون الإيراني إلى أن تقديم مذكرة احتجاج إلى الدبلوماسي السويسري في طهران تضمنت تحذير الولايات المتحدة من أي "تصرفات معادية" لإيران.
وأكدت طهران في مذكرة الاحتجاج "إبلاغ سويسرا بأن إيران سترد بحزم وفورا على أي هجوم محتمل من الولايات المتحدة"، في حين أفاد الدبلوماسي السويسري أنه سيبلغ الجانب الأميركي بالأمر "على الفور"، وفق الإعلام الإيراني.
المرشد الإيراني: الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يهددان بمهاجمة #إيران لكنهما سيتلقيان ردا قويا pic.twitter.com/4bCWOTpUkr
— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 31, 2025
وفي وقت سابق اليوم، توعد المرشد الإيراني علي خامنئي برد قوي على تهديدات الولايات المتحدة وإسرائيل بمهاجمة إيران.
وقال خلال خطبة صلاة عيد الفطر في طهران إن "واشنطن والكيان الصهيوني يهددان بمهاجمة إيران لكنهما سيتلقيان ردا قويا".
إعلانوأضاف أن ما وصفه بالكيان الصهيوني يبيد الناس ولا يزال يرتكب جرائم الإبادة الجماعية في غزة، مشيرا إلى أنه ارتكب مؤخرا مجازر راح ضحيتها 20 ألف طفل.
وأشار المرشد الإيراني إلى أن "الكيان الصهيوني يتم أعمال من وضعوا أيديهم على المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية" وأن "الإرهاب الذي يمارسه مباح بالنسبة لقوى الهيمنة"، وفق تعبيره.
بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم "لن نخضع للتهديد ولن نسمح لأي طرف بمخاطبتنا بلغة القوة والأعداء سيندمون على تهديدهم".
وأضاف أن "الادعاء بأن الهجوم على اليمن مقدمة للاعتداء علينا ليس جديدا وسمعنا تهديدات من قبل".
وأمس الأحد، هدد ترامب بفرض عقوبات إضافية على إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، مؤكدا أن واشنطن ستقرر بشأن الرسوم الجمركية الإضافية على إيران بناءً على ما إذا كانت ستتوصل إلى اتفاق أم لا بالخصوص.
وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قال -أمس الأحد- إن بلاده رفضت عقد مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة ردا على رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن برنامج إيران النووي.
وفي 12 مارس/آذار الجاري، أفادت تقارير بتسليم الإمارات، رسالة من ترامب إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، في حين ردت طهران على الرسالة عبر سلطنة عمان.
وفي مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس، يوم 7 مارس/آذار الجاري، ذكر ترامب أنه بعث رسالة إلى خامنئي قال فيها: "آمل أن تتفاوضوا لأن دخولنا عسكريا سيكون شيئا مروعا".