* ثلاثةُ قرونٍ تحكِي ملحمةَ كفاحٍ لرموزِ بناءٍ، كانُوا يفكِّرُونَ خارجَ الصُّندوقِ حقًّا، لمْ يكنْ همُّهم حدودَ الذَّاتِ الضَّيقِ، أو مصالحَ آنيَّةً، بلْ كانَ أفقُ تفكيرِهم أكبرَ من حدودِ واقعٍ محيطٍ، لا يدعمُ أبدًا طموحَ البناءِ، والوحدةِ.
* ثلاثةُ قرونٍ بدأهَا الإمامُ محمد بن سعود -رحمه الله- بأفقٍ لا محدودٍ مِن لمِّ الشَّتاتِ، وبسطِ الأمنِ، ووحدةِ الصفِّ، زعيمٌ سبقَ عصرَهُ بكلِّ مَا تعنيهِ العبارةُ من معنى، الإصرارُ، والطُّموحُ، وإرساءُ قواعدِ بناءٍ قادمٍ؛ ليكونَ كمَا هُو فخرُ سعوديَّةِ اليوم ذات المكانةِ، والشَّأنِ.
* إنَّ الاحتفاءَ بيومِ التَّأسيسِ احتفاءٌ بمسيرةٍ تاريخيَّةٍ عظيمةٍ، كانَ فيها ولهَا عبر أطوارِ مراحلِهَا الثَّلاث قادةٌ رموزٌ، خرجُوا من نطاقِ الأنَا، ومحدوديَّةِ الذَّاتِ، إلى حيث شموليَّة الهدفِ، وسمو المقصدِ، فلا أسمَى، ولا أعظمَ من بناءِ وطنٍ وُلد عملاقًا في محيطٍ من النِّزاعاتِ، وأمواجٍ متلاطمةٍ من الأطماعِ، التي يموجُ بهَا عالمُ البقاءُ فيه للأقوَى.
* نعم، فلَا مجالَ أنْ تخرجَ بإعلانِ ميلادِ دولةٍ عظيمةٍ، رغمَ خضمِ هذِهِ الجمع من أطماعِ القوى المتنازعةِ إلَّا أنْ تكونَ (قويًّا)، ولَا أعظم من قوةٍ وقودهَا (الإيمانُ)، ومدارهَا (الوحدةُ)، وقصدهَا ومقصدهَا لمُّ الشَّتاتِ، وسموُّ غايتِهَا بسط (الأمنِ)، الغايةُ التي تمثِّل منطلقًا أصيلًا نحوَ الحياةِ، والتَّنميةِ، وأنْ تكونَ كما هُو العالم تقدُّمًا ورقيًّا، وكما هُو طُموح صناعةِ كلِّ معطياتِ اللِّحاقِ بهم.* إنَّ الاحتفاءَ بيومِ التَّأسيسِ هُو دعوةٌ مفتوحةٌ لقراءةِ مسيرةِ ثلاثةِ قرونٍ من (التَّضحياتِ)، ثلاثة قرونٍ من ماضٍ عريقٍ، وإرثٍ ضخمٍ، له في كلِّ محطَّةٍ من محطَّاتِ كتابةِ تاريخِهِ شواهد حاضرة تنبئُ بكلِّ معانِي الفخرِ، بما سطَّره قادةُ هذِه البلادِ منذُ التَّأسيسِ إلى يومنَا هَذَا من ملاحمِ الكفاحِ، والإصرارِ، ومَوَاطنِ النَّجاحِ، والإنجازِ، الَّذي نتفيأُ اليومَ ظلالَهُ، وطنا (ما مثله بهالدنيا بلد).
* حقيقةً يعيشُها أبناءُ الوطنِ المخلصُونَ، ويشيدُ بها كُتَّابُ التَّاريخِ المنصفُونَ، ويفخرُ، ويفاخرُ بها أجدادُ، وآباءُ وصيتهم (الوطن)، فكانَ الأبناءُ نعمَ الأبناء، للوطنِ أوفياء، وعند ندائِهِ يولبُّون النِّداءَ، يدٌ تبنِي، وأُخْرى تحرسُ، وبينهما فضاءٌ لا محدود من فخرٍ:
فوق هام السُّحب وإنْ كنتِي ثَرَى
فوق عالي الشُّهب يا أغلَى ثَرَى
ومع كلِّ فرحةِ وطنٍ، دامَ عزُّكَ يا وطن.. وعلمِي وسلامتكم.
خالد مساعد الزهراني – جريدة المدينة
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة محاكاة ليوم تحرير فلسطين العظيم الذي نراه قريبًا
#عودة #الفلسطينيين إلى #شمال_غزة محاكاة ليوم #تحرير_فلسطين العظيم الذي نراه قريبًا
كتب م. #علي_أبوصعيليك
سيبقى مشهد عودة مئات آلاف الفلسطينيين إلى أراضيهم في شمال غزة يوم الإثنين الموافق السابع والعشرين من كانون الثاني عام 2025 خالدًا في الذاكرة الحية لجميع الأحرار في العالم في مشهد إعجازي لشعب تعرض لجحيم الإبادة الجماعية على مدار أكثر من خمسة عشر شهرًا على يد كل قوى الصهيونية العالمية وسط صمت عالمي مطبق مثير للاشمئزاز.
غطى الفلسطينيون ساحل غزة وشارع الرشيد في مشهد مهيب بعد أيام قليلة من وقف إطلاق النار وهم سعداء جدًا بعودتهم إلى أراضيهم على الرغم من تدمير بيوتهم تمامًا بواسطة جيش الاحتلال الصهيوني ومرتزقته الذين استخدموا القنابل التي زودتهم بها أكبر القوى الإمبريالية في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، حتى وصل حجمها ما يزيد عن مئة ألف طن من القنابل بمتوسط 50 كيلوغراما لكل شخص في غزة، وهو رقم يفوق جميع الأرقام المسجلة في التاريخ البشري لجميع الحروب في أرقام توثق مدى وحشية الصهيونية العالمية التي ينتسب لها كبار الشخصيات المؤثرة في العالم على رأسهم أبرز قيادات الولايات المتحدة الأمريكية المسؤول الأول والمباشر عما جرى للشعب الفلسطيني من إبادة جماعية.
مقالات ذات صلة غزة هي الانسانية 2025/01/28كان هناك تساؤل متكرر في وسائل الإعلام مصدرة الصهاينة أنفسهم ومنهم وزير الخارجية الأمريكي السابق الصهيوني بلينكن عن اليوم التالي بعد توقف الحرب حيث تم تسويق فكرة بتر حركة “حماس” على نطاق واسع حتى في بعض الإعلام العربي المتصهين، وبالتالي البحث عمّن يدير القطاع بعد ذلك وتم تداول العديد من السيناريوهات وصلت بأن يرفض المجرم نتن-ياهو أن يدير القطاع لا حماس ولا حتى “سلطة التنسيق الأمني” التي ارتمت تمامًا في الحض الصهيوني.
ولكن في غزة شعب يصنع المعجزات، التي بدأت من لحظة وقف إطلاق النار وانتشار الشرطة الفلسطينية في القطاع قدر الإمكان وهو المشهد الأول الذي شًكًّل مع أفراح الغزاويين الصدمة الأولى للصهاينة الذين انتظروا رؤية شعب مكسور مذلول ولكن هيهات!
جاء المشهد التالي في مراسم تبادل الأسرى حيث ظهرت قوات المقاومة الفلسطينية في أبهى صورة عسكرية أذهلت حتى أقرب المقربين للمقاومة وأرعبت كل الصهاينة وأعوانهم حتى وصل بالإعلام الصهيوني أن يتساءل عن التضليل الإعلامي الذي تم ممارسته عن حقيقة الانتصارات خلال الحرب، وبلغ المشهد ذروته في ثاني عملية تبادل أسرى في ميدان فلسطين وسط غزة الذي أخرجته المقاومة الفلسطينية بطريقة جسدت حقيقة المنتصر في الحرب بين المقاومة والاحتلال، حيث جسد المقاوم الفلسطيني انتصاراته على الصهيونية العالمية بكل وضوح أمام كل وسائل الإعلام من خلال الأخلاق أولًا وهي الرسالة الأساسية التي أوصى بها سيد الخلق محمد ﷺ.
وجاء المشهد الأكثر إعجازية بعودة مئات آلاف الفلسطينيين الذين تم إجبارهم على النزوح جنوبًا خلال حرب الإبادة، حيث عادوا دفعة واحدة وغطوا شارع الرشيد على ساحل غزة وسط معنويات عالية على الرغم من شدة المصاب الذي ألم بهم وهنا نتحدث عن الانتصار الأكبر وهو الذي تحقق في معركة الوعي بحيث قالها الفلسطيني بكل وضوح: لا نكبة بعد اليوم.
بعد هذه المشاهد نعرج على ما قاله المتعجرف الأمريكي ترامب بأنه يريد نقل أهالي قطاع غزة تارَة إلى أندونيسيا وتارة أخرى إلى الأردن ومصر وكأنه الإله المخلص الذي يمتلك التحكم بكل شيء وعلى الجميع أن يقدم له السمع والطاعة ليس في فلسطين فحسب بل في جميع أنحاء الكون، ولكن الشعب الفلسطيني الذي يقاوم من أجل التحرير منذ ما يزيد عن ست وسبعين عامًا وقد واجه خلاها من هم أشد إجرامًا من ترامب والنتن وصبر في مواجهة حرب إبادة جماعية لن يقف عاجزًا عن مواجهة كل مخططات التطرف الصهيوني حتى لو تخلى عنه أشقاؤه.
لم تشهد فلسطين منذ النكبة عام 1948 يومًا مشهودًا كما شهده قطاع غزة يوم السابع والعشرين من كانون الأول 2025 وهو المشهد الأسطوري الذي نراه يحاكي يوم التحرير المنتظر لكامل الأراضي الفلسطينية المحتلة من النهر إلى البحر، وليس وفق المفهوم المبتذل الرخيص لحل الدولتين المزعوم والذي يتناقض مع الموروث العربي والديني الذي لا يتسامح مع القتل العمد، فلا يمتلك أي تنظيم سياسي أو دولة مهما علا شانها أن تقرر نيابة عن الشعب الفلسطيني الذي روت دماء خيرة أبنائها وبناتها الأرض المقدسة من أجل التحرير الكامل ولا حسب.
كاتب أردني
aliabusaleek@gmail.com