ليبيا – قال محمد زيدان رئيس الوزراء الأسبق في الحكومة إن دلالة خروج المواطنين بعد مضي 13 عام على الثورة هي أن الحرية تحققت وضرورة تحقق فبراير حاضرة في وجدانهم بالرغم أنه لم يقدر في تخطيط من قاموا بإدارتها حساب الوقت وإعطاء الوقت الكافي لتقف الثورة على ساقيها وتتمركز وتنطلق انطلاقة صحيحة دون تعثر.

زيدان أشار خلال استضافته عبر تغطية خاصة أذيعت على قناة “ليبيا الأحرار” التي تبث من تركيا السبت وتابعته صحيفة المرصد إلى أنه في طبيعة الثورات التلقائية والاندفاعات وكل ما حدث من سلبيات وتحسب عليها الآن إن كانت الثقافة أن تدوس على الآخر لمجرد الاختلاف معه وترسخ هذه الفكرة في أذهانهم بالتالي كيف متوقع من هذه الأجيال التي تربت في هذا الأمر بين عشية وضحاها وفي لحظة من تغير النظام أن تتصرف بغير ما تعلمته بحسب قوله.

وأكد على أن دلالة خروج المواطنين لإحياء ذكرى الثورة هي أن وجدان الشعب الليبي مليء بما تراكم في ذاكرته ووجدانه من عام 1996 إلى 2011.

وأضاف: “لم يكن هناك أمن وأمان في تلك الحقبة وحتى أعضاء اللجان الثورية وأعضاء مجلس قيادة الثورة الذين تعرضوا الاشياء عندما يغضب عليه القذافي يركنه في بيته ويحرمه من كل المزايا، هذه عاشوها الناس كثيراً. الشباب الذين قاموا بالثورة هم الذين عاشوا في عهد معمر القذافي وهذه خبراتهم وتأهيلهم ونحن ضد كل ما حدث من سلبيات من استهداف جماعة النظام السابق دون وجه حق والاعتقالات التي تمت بطريقة عشوائية هذه حدثت لأن مقتضيات الثورة تفتضيها ويجب أن تصحح، لا أحد أرغم أن يعتدي على أحد وحرمات وحقوق وينبغي على الدولة أن تحل هذه المسائل ويعاقب من قام بالفعل وألا تضيع العدالة بالتقادم، ثورة فبراير لكل الليبيين”.

وأفاد أن فبراير اقتضتها ضرورة التطور التاريخي لحياة الشعب الليبي والدولة الليبية وما تم في عهد العقيد معمر من ممارسات وسياسية وإدارية للدولة والمجتمع أدى لحدوث فبراير، معتبراً أن فبراير لا يوجد لديها قيادة بل هي ثورة شعبية.

كما استطرد خلال حديثة: “الثورة قامت وبدلت النظام وإن كانت فبراير ثورة حقيقية وشعبية لابد أن يكون هناك نوع من العدل والإنصاف، ثوار فبراير بأسلحتهم ومجموعاتهم المسلحة تمت الكثير من الممارسات التي فيها ظلم للناس ويجب أن يكون هناك عدالة. لما القذافي استلم الدولة في الـ 69 كان في خزينة الدولة من المال وشرطة وجيش ونظام مصرفي ودولة قائمة تضاهي الدول الأوروبية في نظامها وعندما قامت فبراير الشرطة والمخابرات مهترئة والنظام الاقتصادي ناشز ولا تحكمه قواعد الدولة، آليات الدولة وإمكانياتها التي استلمتها فبراير لم تكن قادره على أن تلبي ما تقتضيه المرحلة”.

وأكد على ضرورة عدم اتباع تصرفات لا تحقق مصلحة البلاد مع أهمية أن تأخذ العدالة مجراها، مضيفاً “الآن نحن في مأزق، ثوار فبراير في يدهم سلاح وصادروا الدولة وإرادة وحقوق الشعب، هل ما نعيشه الان يشرف ويسر؟ فبراير قامت لها مبرراتها ونعتز بها وسنقف لها لأنها منعرج تاريخي مهم نقل الشعب الليبي من الإرادة المسلوبة لحرية الإرادة والفعل. لا إفلات من العقوبة لأن هذا حق أصيل للأفراد ينبغي لا يتم التفريط فيه لكن لا يثنينا عن الأمر العام وهو شأن الوطن والمجتمع والأمة بكاملها، كل من قتل يجب الا تضيع حقوقهم”.

وشدد في الختام أنه على الليبيين استعادة عقولهم وقدرتهم على التفكير فيما تقتضيه دولة القانون من نظام ونسق مع مراعاة الاعتبارات العامة واحترام حرية الاختلاف.

 

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

استفتاء 19 ديسمبر .. جذوة الثورة ما تزال حية

بالأمس مرت ذكرى قيام ثورة ديسمبر المجيدة التي أنهت أسوأ فترة استبدادية في تاريخ البلاد. إنها الثورة التي قدم فيها شبابنا تضحيات عظيمة في فترة كالحة أذاقت السودانيين كل العذاب. فضلاً عن ذلك فإن ما سمي المشروع الحضاري أضاع أكثر من ثلاثة عقود من عمر الدولة، حيث شهدنا كيف أنه تم توظيف الإسلام كأداة تجارية ضد الإسلام نفسه. ولا نحتاج لتذكير الناس أن نسخة الإسلام السياسي السودانية ساهمت في فصل جنوب السودان عن شماله، وخلقت طبقة إسلاموية سيطرت وحدها على مفاتيح السياسة، والاقتصاد، ومنابر الثقافة والإعلام، والخدمة المدنية، والقطاع الخاص، وغيرها من مجالات العمل في السودان. كل هذه السيطرة الاستبدادية تعززت منذ عشريتها الأولى بقبضة أمنية أداتها تعذيب المعارضين، وإغلاق كل المنافذ أمامهم دون الحظر بحياة كريمة.
وقد أدى هذا الوضع إلى هجرة معظم العقول السودانية، وما بقيت في الداخل لُوحقت بالمضايقة المنتظمة حتى قبل لحظات من سقوط نظام الحركة الإسلامية. وأثناء هذا الوضع تفشت المحسوبية، والفساد، وشراء ذمم الناس الضعيفين حتى انهارت مهنية الخدمات، والأجهزة العسكرية، والأمنية. وكذلك أفرزت سياسة الإسلاميين الاغتيالات السياسية، والإبادة الجماعية في دارفور، وقصف الأبرياء بالبراميل الحارقة في مناطق النزاع. ولعل هذه الحرب الدائرة الآن أكبر دليل على انهيار مؤسسات الدولة، وتفريغها من فاعليتها. بل إن هذه الحرب لا تنفصل من تأثير سياسة الإسلاميين السالب على النسيج الاجتماعي في الدولة، إذ استعانت بالمليشيات وسيلة للدفاع عن فساد نخبة المؤتمر الوطني.
إن ما فعله الإسلاميون ما قبل مفاصلتهم، وبعدها، لا يمكن إجماله في هذا الحيز. ولكن المهم القول هو إن الحركة الإسلامية قدمت أسوأ نموذج للاستبداد السياسي في التاريخ الحديث. ولذلك كانت ثورة ديسمبر فرصة للسودانيين لإثبات جدارتهم في إلحاق الهزيمة بأنظمتهم الديكتاتورية التي كلها ذهبت إلى مزبلة التاريخ ليكسو العار وجوه الذين أسّسوا لذلك النظام السياسي الفاسد، والقمعي، والقبيح.
إن استهداف ثورة ديسمبر بدأ منذ نجاحها بتدبير من قيادات في المكون العسكري ربطت بينهم والإسلاميين علاقات خفية. ورغم ما أبداه البرهان، وياسر العطا، وكباشي، وحميدتي، من انحياز مرحلي للثورة إلا أن عرقلتهم لتطلعات رئيس الوزراء وطاقمه، والمؤسسات الأخرى التي شغلها كوادر تحالف الحرية والتغيير كان أمراً ظاهراً ما أدى إلى شل حركة حكومة الانتقال الديمقراطي. ذلك حتى استطاعوا إحداث الانقلاب العسكري في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 والذي أنهى المرحلة الانتقالية. ومع ذلك لم ينثن الثوار أمام الآلة القمعية للانقلابيين، وقدموا نضالات غاية في التضحية في سبيل إفشال مخطط تقويض الثورة. وهكذا عجز الانقلابيون في تنفيذ مخططهم الذي بدأ باسترداد الأموال، والأملاك، التي تحكمت فيها لجنة إزالة التمكين، وإعفاء السفراء الذين تم استرجاعهم للخدمة المدنية، وعودة الممارسات القمعية ضد الإعلاميين، وحظر نشاط الحركة الجماهيرية.
جاءت الحرب كخيار أخير للقضاء على ثورة ديسمبر بتوافق البرهان، وأركان حربه مع الإسلاميين بقيادة علي كرتي، وقد أتاح هذا المناخ الاستبدادي الجديد الفرصة للإسلامويين، ودواعشهم، للظهور علناً لدعم الجيش في حربه المقصودة أصلاً ضد الثورة. وبمرور الأيام كشفت أبواق الحرب عن مكنون مقاصدها في استهداف رموز، وأحزاب الثورة، ولجان المقاومة، عبر حملة إعلامية مسعورة تواصل النهار بالليل حتى تخلق رأياً عاماً مشوهاً في رؤيته للحرب، وسير مجرياتها.
وتواصلت أكاذيب، وتلفيقات إعلاميي النظام السابق، وبعض الانتهازيين الذين تم استخدامهم لتزوير الوقائع، وعكس صورة مخالفة للهزائم المستمرة التي مني بها الجيش وتحويلها لانتصار زائف.
ومع ذلك لم تنجح الحملات الإعلامية السافرة التي صرف لها الإسلاميون بسخاء من نزع حلم استئناف الثورة من مخيلة، وأفئدة، غالب الشعب السوداني، والذي ظل يأمل إيقاف الحرب لتنتهي المآسي الإنسانية التي خلفها المشروع الحربي لعودة الإسلاميين للحكم، ومن ثم يضطلع المدنيين بأمر الحكم المدني، ويكتمل الانتقال الديمقراطي لتحقيق شعار الثورة: حرية، سلام، وعدالة، وإعادة بناء ما دمرته الحرب.
لقد مرت الذكرى السادسة لاندلاع ثورة التاسع عشر من ديسمبر 2018، وقد شغلت كل منصات التواصل الاجتماعي، حيث سيطر النشطاء والكتاب الثوريون على منشورات هذا اليوم، مسترجعين ذكريات من النضال المشهدي ضد نظام الحركة الإسلامية، ومؤكدين إصرارهم على هزيمة مشروع إجهاض الثورة التي أتت لتقطع مع عهد التيه والضلال، ومعبرين عن رفضهم لاستمرار الحرب بوصفها وسيلة إنتحارية لقتل حلم السودانيين في عهد ديمقراطي، وإسترداد كامل النظام السابق، وتأديب الثوار. ولكن هيهات فثورة ديسمبر انبثقت لتبقى جذوتها حية مهما طال أمد التآمر ضدها.

suanajok@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الشعب الجمهوري: رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة أكدت حجم المخاطر التي تُحاك ضد الوطن
  • عاجل. أحمد الشرع: لن نقبل بأي سلاح خارج نطاق الدولة سواء من الفصائل الثورية أو من قوات قسد
  • وقفة.. ثورة سوريا
  • في تذكّر ثورة في السودان غابتْ
  • السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي (1-2)
  • الغويل: بناء مستقبل ليبيا يبدأ برؤية وطنية شاملة وإرادة موحدة
  • هل كانت ثورة ام وهم الواهمين
  • استفتاء 19 ديسمبر .. جذوة الثورة ما تزال حية
  • سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية» .. أنصار البشير يتحدونهم بالنزول إلى الشوارع
  • بعد ستة سنوات من ديسمبر أرضية أكثر صلابة لتأسيس دولة، على مبادئ الوفاق