تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.. العقوبة أمريكية والمعاناة يمنية
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
يخشى اليمنيون أن يشكّل تصنيف واشنطن جماعة الحوثيين "إرهابية" أعباءً إضافية إلى جملة الأزمات التي يعانيها بلدهم في ظل وضع إنساني كارثي يتزامن مع قلة الموارد وغلاء المعيشة وتدهور العملة المحلية.
والجمعة، أعلنت الولايات المتحدة، أن تصنيف جماعة الحوثي اليمنية "منظمة إرهابية" دخل حيز التنفيذ.
وفي 16 يناير /كانون الثاني الماضي أعلنت واشنطن تصنيف الجماعة منظمة إرهابية عالمية، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ بعد 30 يوما، ردا على هجماتها في البحر الأحمر ضد السفن التجارية.
وقالت الخارجية الأمريكية في بيان نشر على منصة إكس: "دخل اليوم (الجمعة) حيز التنفيذ تصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية دولية، ردا على هجماتها المستمرة على السفن المدنية في البحر الأحمر".
وردا على ذلك، قال متحدث الجماعة، محمد عبد السلام، في بيان على منصة إكس إن "قرار التصنيف يعكس جانبا من نفاق أمريكا المكشوف والمفضوح".
وأضاف أن واشنطن تريد عبر القرار "الإضرار باليمن دعما لإسرائيل وتشجيعا لها لمواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة".
وأكد عبد السلام الاستمرار في "منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي ويرفع الحصار عن غزة".
و"تضامنا مع قطاع غزة" الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أمريكي، يستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن بالبحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.
ودخل التوتر في البحر الأحمر مرحلة تصعيد منذ استهداف الحوثيين في 9 يناير/ كانون الثاني الجاري سفينة أمريكية بشكل مباشر، بعد أن كانوا يستهدفون في إطار التضامن مع الفلسطينيين سفن شحن تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.
تأثير على المواطنين
الخبير الاقتصادي اليمني محمد قحطان، يرى أن القرار الأمريكي بتصنيف الجماعة إرهابية "لن يكون له تأثير عليها، وبالتالي هي لا تكترث بالقرار ولا تعيره اهتماما".
ويقول قحطان في حديثه للأناضول: "تأثير القرار سيكون على عامة الشعب، وسيؤدي إلى رفع تكاليف التأمين والنقل البحري من اليمن وإليها".
ويشير إلى أن اليمن دولة استهلاكية وتعتمد بصورة تامة على الواردات السلعية من العالم الخارجي.
وتعني هذه التبعات أن المواطنين في اليمن سيكونون أمام مرحلة جديدة من ارتفاعات أسعار السلع الأساسية المستوردة من الخارج، وضعف العملة المحلية.
والشهر الماضي، قال وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك إن "اليمن من أكثر الدول تضررا بسبب الأعمال الإرهابية للمليشيات الحوثية في البحر الأحمر وباب المندب".
وأضاف: "تقلصت نسبة الشحنات التجارية الواردة إلى موانئ البحر الأحمر وزادت تكاليف الشحن والتأمين، ما يهدد بتقويض الأمن الغذائي وتفاقم الوضع الإنساني والمعيشي لليمنيين".
وبحسب قحطان: "القرار من شأنه أن يصعد الصراع بين الحوثيين والدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، وبالتالي المزيد من الخسائر للاقتصاد اليمني وتدهور الوضع الإنساني، فضلًا عن انعكاسات ذلك على جهود السلام".
والأسبوع الماضي، شهد الريال اليمني تراجعا أمام العملات الأجنبية، هو الأكبر منذ نحو عامين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وذكرت مصادر مصرفية في العاصمة المؤقتة عدن، لمراسل الأناضول، أن "الريال اليمني سجل تدهورا كبيرا بواقع 1628 ريالا للدولار الواحد في تعاملات الأحد، وهي أدنى مستوى للعملة المحلية منذ أكثر من عامين".
ويتابع قحطان: "القرار سيعيق عودة الصادرات اليمنية من النفط والغاز، الأمر الذي يضعف قدرة الحكومة اليمنية على مواجهة التزاماتها نحو الإنفاق العام بحكم أن الدولة كانت قبل الحرب تعتمد في تمويل الموازنة العامة بنسبة تقدر بأكثر من 70 بالمئة من إجمالي الموارد المالية المخصصة للإنفاق العام".
ويوضح: "سيكون من الصعوبة بمكان أن تعيد الحكومة صادراتها من النفط والغاز إلى الخارج، حيث يقدر حجم الصادرات 90 بالمئة من إجمالي الصادرات اليمنية، ما يعني المزيد من التدهور الاقتصادي لبلد لا تنقصه المنغصات".
وتعتبر صادرات اليمن من الطاقة مصدر الدخل الأبرز للبلاد، وبدونه لن تتمكن الحكومة من دفع أجور موظفين الدولة، والتزاماتها تجاه مؤسساتها.
معاناة دائمة
الصحفي المهتم بالشؤون الاقتصادية رشاد علي الشرعبي، يقول للأناضول، إن الشعب اليمني في معاناة دائمة ومستمرة "منذ انقلبت جماعة الحوثي على الشرعية الدستورية في البلاد منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014".
ويضيف: "ما أقدمت عليه جماعة الحوثي من اعتداءات في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، ضد السفن التجارية، حتى وإن كان تحت لافتة خادعة هي نصرة غزة، إلا أنها ضاعفت معاناة اليمنيين بشكل لافت".
ويذكر أن التصعيد العسكري في البحر الأحمر أدى إلى ارتفاع أسعار تأمينات السفن وتكاليف النقل البحري بأكثر من 100 بالمئة، ومن يتحمل ثمن وتبعات ذلك هو الشعب اليمني ليس سواه.
وبحسب بيانات منظمة التجارة العالمية، زادت كلفة رحلات سفن اتخذت طريق رأس الرجاء الصالح، جنوب دولة جنوب إفريقيا، بنسبة 177 بالمئة، بسبب المدة الأطول، وزيادة استهلاك الوقود، والمخاطر الإضافية.
وحول تصنيف واشنطن الحوثيين جماعة إرهابية وضرب مقراتها، يرى الشرعبي أن الولايات المتحدة أقدمت على ذلك "لأجل مصالحها الخاصة والحفاظ على سفنها وسفن إسرائيل التي تقتل الشعب الفلسطيني وتسعى لتهجيره من أرضه".
وعلى ذات المنوال يعتقد الكاتب الصحفي سعيد الصوفي، أن "القرار لن يؤثر على جماعة الحوثي.. هم مستفيدون من أية تداعيات تطرأ منذ بدأ الانقلاب على الدولة في 2014".
أما ما يتعلق بأثر تداعيات القرار على الجانب الاقتصادي، يقول الصوفي: "سيكون أثر ذلك كبيرا على عامة الشعب اليمني، الذي يعيش أسوأ مرحلة اقتصادية ومصنف ضمن الدول الأشد فقرا".
القرار سيزيد هجمات الحوثيين
يعتقد رئيس تحرير صحيفة "اليوم الثامن" صالح أبو عوذل، أن "القرار سيستغله الحوثيون في التحشيد لهجمات أكبر في البحر الأحمر، ولن تكون له جدوى على الواقع ما لم يكن هناك تحرك جدي على الأرض عسكريا، من خلال إطلاق عملية عسكرية لاستعادة ميناء الحديدة، غرب البلاد أولا".
ويضيف أبو عوذل للأناضول: "استمرار التصعيد العسكري في البحر الأحمر ستكون له آثار سيئة على حياة الناس بشكل عام، ويفاقم من الوضع الإنساني الكارثي الذي تعاني منه البلاد".
وللخروج من تلك الأزمة، يقول: "من المهم أن تدرك أمريكا أنه لا قضاء على الحوثيين والتطرف والإرهاب بشكل عام إلا بقطع يد مموليهم، والعمل على عودة تصدير النفط والغاز لتغطية العجز في موازنة الدولة، وتجفيف منابع الفساد في الحكومة الشرعية ذاتها".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن مليشيا الحوثي أمريكا ارهاب فی البحر الأحمر جماعة الحوثی
إقرأ أيضاً:
معهد أمريكي يُحذّر من الأثر البيئي لحملة الحوثيين ضد الشحن بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
اعتبر معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) اعتداءات الحوثيين على حركة الملاحة في البحر الأحمر أعمال متعمدة لتلويث البحر وتدمير البيئة.
وقال المعهد في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه "في حين تصدرت الاعتبارات الأمنية والاقتصادية استراتيجيات الولايات المتحدة وأوروبا لمواجهة الحوثيين، فإن الاستهداف المتعمد للسفن التجارية من قبل الحوثيين يمثل تهديداً بيئياً غير مسبوق للبحر الأحمر وخليج عدن".
وحذر المعهد من مخاطر التلوث البيئي في البحر الأحمر جراء استهداف الحوثيين سفن النفط الخام. وقال إن "هجمات الحوثيين على حركة النقل البحري تعد أعمالًا متعمدة لتلويث البيئة البحرية، حيث يستخدمون ناقلات النفط وناقلات البضائع السائبة كسلاح لتحقيق أجندتهم السياسية والعسكرية.
نظام بيئي هش
وحسب التحليل فإن البحر الأحمر يعد منطقة بحرية ذات خصائص محيطية وبيئية فريدة. يمتد البحر الأحمر لمسافة 1200 ميل تقريبًا بين ممرين ضيقين - قناة السويس شمالًا ومضيق باب المندب جنوبًا. يُشكّل عمقه الكبير وموسمي الرياح الموسمية في المنطقة نمطًا مثاليًا لدوران المياه. تُوفّر درجة حرارة سطح البحر الأحمر الدافئة، إلى جانب ارتفاع ملوحته، بيئة مثالية لمئات من أشكال الحياة المائية ومجموعة واسعة من الموائل.
وفق التحليل تُعدّ الشعاب المرجانية في المنطقة، التي تضم حوالي 1200 نوع من الأسماك وأكثر من 350 نوعًا من المرجان، من أغنى النظم البيئية البحرية في العالم وأكثرها مرونة في مواجهة تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يُولّد التنوع البيولوجي البحري الكبير في البحر الأحمر تدفقات إيرادات بملايين الدولارات لقطاعي السياحة وصيد الأسماك في الدول الساحلية. غالبًا ما تُغفل موائل البحر الأحمر، مثل المروج البحرية وبحيرات المانغروف والمستنقعات المالحة، وهي بالغة الأهمية للرفاهية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية، إذ تُسهم في عزل الكربون، ومكافحة تآكل السواحل، وتعزيز الحفاظ على التنوع البيولوجي.
ومع ذلك، فإن التوسع الحضري السريع للمناطق الساحلية، والصيد الجائر، وتلوث حركة المرور البحرية، تُهدد بشدة هذه الموائل الهشة. وبينما يدعم نمط دوران المياه الفريد في البحر الأحمر بيئة بحرية صحية وحياة مائية غنية، إلا أنه قد يُصبح فخًا مميتًا في حالة المخاطر البيئية. وفق التحليل
الحوثيون كمجرمين بيئيين
"في 18 فبراير/شباط 2024، أصاب صاروخ باليستي حوثي مضاد للسفن ناقلة البضائع السائبة "إم في روبيمار" التي ترفع علم بليز، مما تسبب في بقعة نفطية بطول 18 ميلًا. أدت مخاطر انفجار حمولة السفينة وهجمات الحوثيين على عمليات القطر إلى تأخير مهام الإنقاذ. يقول التحليل.
وأشار المعهد الأمريكي إلى أنه وبعد اثني عشر يومًا، غرقت السفينة قبالة ساحل المخا. وتُشكل سفينة البضائع السائبة الغارقة، التي ترسو على عمق حوالي 330 قدمًا، تهديدًا بيئيًا مزدوجًا. أولًا، غرقت وهي تحمل حوالي 200 طن من زيت الوقود الثقيل و80 طنًا من الديزل البحري.
وأوضح أن بقع الزيت تشكل تهديدات متتالية للمجتمعات الساحلية والحياة البرية المائية والنظم البيئية شديدة الحساسية، مثل جزر فرسان اليمنية وأرخبيل دهلك الإريتري. ثانيًا، كانت السفينة تنقل حوالي 22000 طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم. وعلى الرغم من أن عنابر الشحن لا تزال مغلقة، فإن تسربًا هائلاً من الأسمدة إلى مياه البحر الأحمر من شأنه أن يُسبب ازدهارًا واسع النطاق للطحالب مع عواقب وخيمة على النظام البيئي بأكمله، بما في ذلك نفوق الأسماك على نطاق واسع وتلوث مياه البحر.
يضيف التحليل "دفع التخريب الحوثي لناقلة النفط المسجلة في اليونان "إم تي سونيون" البحر الأحمر إلى شفا كارثة بيئية على مستوى المنطقة. بعد مهاجمة ناقلة النفط في 21 أغسطس 2024، فجّر الحوثيون شحنات ناسفة فوق فتحات خزانات النفط الخاصة بالسفينة مرتين، مما تسبب في عدة حرائق، لكنهم فشلوا في إحداث أي خرق إضافي لهيكل السفينة.
ومع ذلك، ومع ارتفاع درجة حرارة النيران في هيكل السفينة، وفق التحليل خرج النفط الخام من خزانات الشحن عبر أنظمة التهوية على شكل أبخرة زيتية شديدة الاشتعال، مما أدى إلى تأجيج الحرائق وتسبب في تسربات نفطية محدودة بالقرب من خط مياه السفينة. بعد ترك السفينة مشتعلة لأكثر من أربعة أسابيع، سمح الحوثيون لعملية "أسبيدس" التابعة للاتحاد الأوروبي ببدء عملية إنقاذ، والتي نجحت في محاولتها الثانية في سحب "سونيون" إلى مياه آمنة. لو اخترق الحوثيون هيكل السفينة المزدوج، متسببين في تسرب 150 ألف طن من النفط الخام على متنها، لكانوا قد تسببوا في خامس أكبر تسرب نفطي في التاريخ.
وتابع "على الرغم من أن الحوثيين وافقوا في النهاية على عملية الإنقاذ التي قادها الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم سعوا عمدًا إلى التسبب في كارثة بيئية. تُعدّ هجمات الحوثيين على حركة النقل البحري أعمالًا متعمدة لتلويث البيئة البحرية، حيث يستخدمون ناقلات النفط وناقلات البضائع السائبة كسلاح لتحقيق أجندتهم السياسية والعسكرية".
درس ناقلة النفط صافر
وزاد معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) "في حين أن نطاق ووتيرة الهجوم البحري الحوثي الأخير غير مسبوقين، فقد حوّل الحوثيون مياه البحر الأحمر مرارًا وتكرارًا إلى ساحة معركة من خلال استهداف البنية التحتية للطاقة الساحلية السعودية والسفن التجارية.
وقال إن استخدام ناقلة النفط صافر كسلاح يعد مثالًا بارزًا على استخدام الحوثيين لخطر الكوارث البيئية كورقة مساومة لتحقيق غايات استراتيجية.
تهديد وشيك
واستطرد "على الرغم من عدم وقوع كارثة بيئية واسعة النطاق حتى الآن، إلا أن أي هجمات حوثية مستقبلية تحمل في طياتها خطرًا كبيرًا يتمثل في إحداث تلوث شامل، مما قد يُلحق أضرارًا لا رجعة فيها بمنطقة البحر الأحمر".
ورجح التحليل أن يواصل الحوثيون استغلال حركة الملاحة البحرية لأغراضهم الخاصة طالما أن ذلك يخدم أجندتهم.
وطبقا للمعهد فإن عمليات الإنقاذ وجهود التنظيف تستغرق وقتًا طويلاً وتكلف الكثير، كما أن الدول المطلة على البحر الأحمر غير مجهزة بما يكفي لتقديم استجابات كافية وسريعة للكوارث البيئية وحدها.
ودعا معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود المشتركة لتعزيز قدرات دول المنطقة على الاستجابة للكوارث والتخفيف من آثارها واستعادة النظم البيئية.
وقال "على سبيل المثال، يمكن للدول الغربية دعم عمل "بيرسجا"، المنظمة الإقليمية لحفظ بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وهي منظمة حكومية دولية تُركز على الحفاظ على الحياة البحرية، وتضم جميع الدول المطلة على البحر الأحمر باستثناء إسرائيل. منذ عام 1995، تُعدّ "بيرسجا" منطلقًا لجهود الحفاظ على البيئة البحرية الإقليمية من خلال إدارة مشاريع مشتركة لحماية البيئة البحرية والساحلية، وتنظيم دورات تدريبية وورش عمل".