من دون شكّ تُعتبر الغارة التي نفّذتها طائرة مسيّرة إسرائيليّة على سيارة في بلدة جدرا، قلل ايام، تطوّراً خطيراً جدّاً، لأنّ العدوّ توسّع في رقعة إستهدافاته إلى منطقة جديدة، أغلب سكانها من المسيحيين، وهي من ضمن المناطق القريبة جدّاً من تلك التي تخضع لنفوذ الحزب "التقدميّ الإشتراكيّ"، ما رأى فيه مراقبون أنّ الحادثة مُمكن أنّ تُؤثّر على علاقة الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط بـ"حزب الله"، في ظلّ المعارك الدائرة في جنوب لبنان، منذ 8 تشرين الأوّل الماضي.


 
ولا يُخفى على أحد أنّ همّ جنبلاط هو حماية المناطق الدرزيّة من أيّ صراع، وخصوصاً إذا كان يتعلّق بتمدّد الحرب إلى لبنان. ويُذكّر المراقبون أنّ جنبلاط من أبرز القيادات المُعارضة التي نجحت في أنّ تكون مُقرّبة في الوقت عينه من "الثنائيّ الشيعيّ" من جهّة، ومن المعارضين السياديين مثل "القوّات اللبنانيّة" من جهّة أخرى. ويُضيفون أنّ رئيس "التقدميّ" السابق أعلن منذ اليوم الأوّل دعمه لـ"المقاومة الإسلاميّة"، إضافة إلى تأييده للصمود الفلسطينيّ في الحروب الإسرائيليّة على غزة، وعلى أيّ مكان آخر في فلسطين.
 
وإذ يتخوّف جنبلاط من توسّع الحرب لتطال الأراضي اللبنانيّة كافة ، وخصوصاً الدرزيّة، ولا يزال "حزب الله" يدعو لعدم الوقوع في فخّ إسرائيل، باستدراجه إلى أيّ حربٍ، لأنّ لبنان لا يستطيع تحمّل تبعاتها إقتصاديّاً، غير أنّه يبدو بحسب المراقبين أنّه مستعدّ لها، وخصوصاً وأنّ العدوّ مستمرّ بتدمير كل ما يجده أمامه في غزة، وهو يعمل على السيطرة على منطقة رفح، ما سيُؤدّي حكماً إلى استشهاد الكثير من المدنيين الفلسطينيين، وربما قد تشتدّ المعارك في الجنوب، وقد تشهد مناطق أخرى عمليّات إغتيال، لأنّ القادة الفلسطينيين وهؤلاء في "المقاومة"، قد يسلكون طرقات غير خاضعة لسيطرة "الثنائيّ الشيعيّ"، للتمويه وعدم إستهدافهم.
 
وعند الحديث عن إستعداد جنبلاط للحرب، يقول المراقبون إنّ المقصود أنّ الأخير لن يتوانى في دعم المواطنين الجنوبيين، وفي فتح منازل الجبل أمامهم، إلى حين التوصّل لتسويّة في المنطقة، تُعيد الهدوء والإستقرار إلى غزة وفي لبنان. ولكن بحسب المراقبين، فإنّ الحرب لم تقترب من نهايتها، لأنّ الدمار كبير جدّاً في غزة، والعدوّ انتقل إلى تدمير رفح، أيّ أنّ الفلسطينيين لا مكان يذهبون إليه بعد الآن، وقد اقتربت تل أبيب من تهجيرهم.
 
ويرى المراقبون أنّ هناك خطراً إذا استمرّت الحرب لوقت طويل، من أنّ يستخدم "حزب الله" طرقات المناطق الدرزيّة للتنقل، بهدف الوصول إلى جبهات القتال في الجنوب، ما سيضع بلدات أخرى في الشوف في مرمى النيران الإسرائيليّة، وقد يكون هذا الأمر إمتحاناً للعلاقة بين المختارة وحارة حريك، إذا كان أمن الدروز مُهدّداً.
 
وتجدر الإشارة إلى أنّه في العام 2021، قام "حزب الله" بقصف إسرائيل بالصواريخ من منطقة حاصبيا، ما أدّى إلى حالة من التوتّر بين الأهالي هناك، والمواطنين الشيعة، لرفض الدروز المناصرين لجنبلاط، بأنّ تُستخدم أراضيهم لاستهداف مواقع العدوّ. ويلفت المراقبون في هذا السياق، إلى أنّه إذا اشتدّت الحرب بين "الحزب" وإسرائيل، قد تقوم "المقاومة" باستعمال مناطق أخرى لتوجيه الضربات ضدّ المراكز والمستوطنات الإسرائيليّة، وبلدات قضاء حاصبيا تُعتبر نقاطاً إستراتيجيّة لذلك، عندها، قد يكون لجنبلاط كلام آخر مع "حزب الله".
 
وبعد إستهداف السيارة في جدرا، تضامن الحزب "التقدميّ" فوراً مع سكان البلدة، ومع رئيسها الأب جوزيف القزي، وأوفد نائبه بلال عبدالله إلى هناك، من باب الوقوف إلى جانب جميع أهالي الشوف والجبل، والحرص على إبعاد المعارك عن قراهم.
 
ويُشير المراقبون إلى أنّ جنبلاط سيظلّ داعماً لأعمال "حزب الله" العسكريّة وبقيّة الفصائل المُشاركة مع "المقاومة" في الجنوب، إلى حين إنتهاء الحرب، مع التركيز والتشديد على عدم إستعمال مناطق الجبل ضدّ العدوّ الإسرائيليّ، لأنّه في حال توسّع الإشتباكات، ستكون هذه البلدات ملاذاً وملجأً لسكان ليس فقط الجنوب، وإنّما الضاحيّة الجنوبيّة. من هنا، يقول المراقبون إنّ على "الحزب" إدراك أهميّة تحييد مناطق كثيرة عن الصراع في حال إنفجار الأوضاع الأمنيّة، لأنّها ستكون حاضنة لبيئته الهاربة من العدوان الإسرائيليّ. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

WP: عملية السلطة في جنين لها علاقة بالحصول على دور في غزة بعد الحرب

سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الضوء على العملية الأمنية التي تنفذها أجهزة السلطة في جنين، مؤكدة أن لها علاقة بالحصول على دور في قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة منذ أكثر من 14 شهرا.

وقالت الصحيفة في تقرير أعده الصحفيون ميريام بيرغر وهايدي ليفين وسفيان طه، إن "السلطة الفلسطينية والمسلحين الذين يسيطرون على مخيم جنين يخوضون معركة مفتوحة نادرة"، موضحة أنه "خلال الأسبوعين الماضيين كان المسلحون في جنين يخوضون معركة مفتوحة نادرة مع عدو داخلي".

السلطة تسعى لحكم غزة
وذكرت الصحيفة أن السلطة أطلقت أكبر عملية مسلحة لها منذ ثلاثة عقود، لإحباط المقاومة المتنامية في الضفة الغربية، مشددة على أنها "تحاول إثبات قدرتها على إدارة الأمن في المناطق المحدودة من الضفة الغربية التي تسيطر عليها، في حين أنها تسعى لحكم قطاع غزة بعد الحرب".

ولفتت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استبعد عودة السلطة إلى غزة، مضيفة أن "شخصيات رئيسية في ائتلافه اليميني المتطرف دفعت إلى ضم جزء أو كل الأراضي الفلسطينية، لكن في الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار، وافقت إسرائيل على السماح للسلطة بتولي إدارة معبر رفح لفترة قصيرة".

ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم أجهزة السلطة أنور رجب، أن "العملية في جنين تهدف إلى استعادة المخيم عبر استهداف الخارجين عن القانون، والذين ينشرون الفوضى والاضطرابات ويضرون بالسلم الأهلي"، على حد قوله.


ونوهت إلى أن أجهزة السلطة قتلت 13 فلسطينيا بينهم ثمانية في جنين، منذ حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة بتاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2023.

من جانبه، تحدث صبري صيدم مستشار رئيس السلطة محمود عباس وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح لصحيفة "واشنطن بوست"، قائلا: "لا نريد أن نرى قطرة دم واحدة تُراق. ما نود تحقيقه هو حالة من الهدوء، والجلوس مع الفصائل المختلفة والاتفاق على الطريق إلى الأمام".

بينما قال مسؤول فلسطيني مقرب من عباس، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن رئيس السلطة الفلسطينية قرر المضي وعدم التراجع في جنين.

وبحسب الصحيفة، فإنه بعد مرور أسبوعين على الحملة الأمنية، فلا يزال المسلحون يتجولون بحرية في مخيم جنين. وتدوي أصوات إطلاق النار ليلا ونهارا. وقد أوقفت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين الدراسة في المدارس، وأغلقت الشركات أبوابها.

غضب متصاعد
وسمع مراسلو صحيفة "واشنطن بوست" ما بدا وكأنه إطلاق نار قادم من سطح المستشفى. وقال إن الرصاص أصاب مدخل الطوارئ واخترق نافذة أحد المكاتب، وإن المرضى والموظفين خائفون للغاية من القدوم إلى المستشفى.

ولفتت الصحيفة إلى أن الغضب ارتفع تجاه قوات الأمن في الضفة الغربية، مبينة أن أجهزة السلطة، التي تحاصرها قوات الاحتلال الإسرائيلي، تعمل في مساحة متقلصة باستمرار، وبموجب الاتفاقيات الأمنية، ولا يجوز لها التدخل لوقف عنف المستوطنين الإسرائيليين أو الغارات العسكرية القاتلة.

ويرى العديد من الفلسطينيين أن "هذه الأجهزة هي عبارة عن مقاولين من الباطن لإسرائيل وأداة عباس للفساد وقمع المعارضة الداخلية".

وذكرت "واشنطن بوست" أن أجهزة السلطة هي من بين الخيوط الأخيرة التي تربط اتفاقات أوسلو، التي تم توقيعها في تسعينيات القرن العشرين لإنشاء دولة فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس المحتلة. وفي العقود التي تلت ذلك، وسعت إسرائيل سيطرتها على الضفة الغربية ورسختها، ما أدى إلى تآكل اختصاص السلطة.

مقالات مشابهة

  • هآرتس : الجيش الإسرائيلي يستعد للبقاء في جنوب لبنان
  • الجيش الإسرائيلي يطلق النار على قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان
  • ‏وزير الدفاع الإسرائيلي: سنلاحق قادة الحوثيين في صنعاء وكل مكان في اليمن
  • ‏مصادر طبية في غزة: ارتفاع حصيلة الحرب على غزة إلى 45338 قتيلا و107764 جريحا منذ 7 أكتوبر 2023
  • WP: عملية السلطة في جنين لها علاقة بالحصول على دور في غزة بعد الحرب
  • ‏وزير الخارجية الإسرائيلي يوجه البعثات الدبلوماسية في أوروبا للسعي لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية
  • اليمن في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي ولا أحد مستعد لإسناده
  • خروقات الاحتلال الإسرائيلي للهدنة تهدد استقرار جنوب لبنان
  • جنبلاط يثير الجدل في لبنان
  • اعلام القوات: بعد خراب البصرة يطالبون السياديين بالتحرُّك