خراب سوبا
الباقر العفيف
رشا عوض كنداكة وفأس وتكسر ألف رأس
نواصل هذه السلسة بعد انقطاع تطاول لأسباب صحية. وافترع هذه الحلقة بالإنحناء احتراما وتبجيلا للكنداكة رشا عوض التي ملأت الدنيا وشغلت الناس. نشرت الوعي وتصدت بصلابة لمكائد تحالف النقيضين، اليمين الكيزاني الرجعي واليسار الطفولي الجذري. إنها زرقاء يمامتنا التي رأت بوضوح الفتنة التي أدخلتنا فيها تلك الفئة المجرمة التي بعد أن أماتت ضمائرها موتا طقسيا جماعيا شرعت في إماتة شعبنا بشتى سبل الموت السريع والبطيء والمباشر وغير المباشر، فأجاعته وملأته بالخوف وشرَّدته في الآفاق حتى هام على وجهه، وصار حاله ما تحكيه الآية الكريمة "وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت".
وأثناء نشرها لهذا الوعي تقوم الكنداكة رشا بإعادة تعليم المتعلمين و"المثقفين" بزعمهم، و"عتاة الأكاديميين" الذين غامت عليهم الرؤية، وانبهمت أمامهم السبل، و"راح ليهم الدرب في الموية". فصاروا يخبطون خبط عشواء ويحطبون بليل. وخابط العشواء سائر بلا دليل من فكر أو عقل، صوره لنا القرآن أبلغ تصوير حين قال "أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمَّن يمشي سويا على سراط مستقيم"، وحاطب الليل ربما جمع الثعابين والعناكب مع الحطب وحملها جميعا فأصبح كمن يحمل نعشه على كتفه. ويكفي للتدليل على أن "القلم ما بزيل بلم"، القول أن بروفيسور كبير، كالدكتور عشاري، اشترى كذبة موت حميدتي، وصار يكررها بإصرار إلى ظهر المرحوم وهو يحوم بين الدول، وليت هذا يصيب البروفيسور العتيق بهاء السكت، كما يعبر بشرى الفاضل، فيسكت ولو إلى حين. هذا هو حال مؤيدي مليشيا الكيزان الداعين لاستمرار الحرب المتغافلين عن آلام الشعب.
تتصدى الكنداكة رشا للعصابة الكيزانية عديمة الأخلاق بسلاح الاستقامة وقول الحق في وجه القوة دون خوف أو طمع. يدفعها قلب كبير تؤرقه أهوال الحرب ومنظر جثث لم تجد من يواريها الثرى فنهشتها الكلاب، وأهوال أطفال أبرياء يرتجفون مرعوبين من أصوات الصواريخ والراجمات والدانات، وآهات أمهات مكلومات فقدن الأزواج وفلذات الأكباد. وشقاء مرضى السكري والفشل الكلوي والسرطان الذين تعذبوا ومات الكثيرون منهم نتيجة انعدام الدواء. وعذابات الذين تقطعت بهم السبل فلا يجدون ما يسد رمقهم، أو من يضمد جراحهم، وها هو البرهان يعلن للعالم أجمع حكمه عليهم بالموت جوعا وإغلاق طرق إيصال الإغاثة أمامهم. وآهات النازحين مرة ومثنى وثلاث، الذين أدركتهم الحرب حيثما هربوا، ونكبة عدد غير معروف من النساء والفتيات المغتصبات والمختطفات اللائي يمتن في كل لحظة ألف ألف مرة.
عندما تنادي رشا بوقف الحرب فهي إنما تقاتل "في سبيل هؤلاء "المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا". وقد جعل الله لهم من لدنه هذه الكنداكة العظيمة من ضمن من جعل من الأولياء والنصراء، فهبت لنصرتهم "متحزمة ومتلزِّمة" غير عابئة ببذاءات الكيزان والفلول ومن ساندهم من صغار العقول. يسندها منطق واضح وضوح شمس الظهيرة، وفصاحة في البيان لا تمضغ الكلمات أو تمضمضها. فشرعت تقرع بسياط الحق الأبلج أباطيل دعاة الحرب اللجلج، فزهقتها وجعلتها هباء منثورا.
التصدي لغثاء جيوش الظلام
نجحت رشا أيما نجاح في كشف أكاذيب الكيزان، وفضح خزيهم وتناقضاتهم وإجرامهم. وكذلك واجهت جيوشهم الجرارة من الذباب الإلكتروني، ومن الأجراء والمكريين من بائعي الأقلام "والزمان مسغبة"، والوجلين أصحاب القلوب الواجفة من مقدمي السبوت "والدنيا ما مضمونة". بالإضافة لحلفائهم الجدد من أهل اليسار الطفولي، والجذريين، ومبغضي الحرية والتغيير الذين صار بغضهم لها مرضا ما منه فكاك. وفيما يلي سأتناول نموذجا من كل فئة من هذه الفئات.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
السودان يضم نصف سكان العالم الذين يواجهون جوعا كارثيا
كشف برنامج الغذاء العالمي، أمس الأحد، أن السودان يضم نصف سكان العالم الذين يواجهون جوعا كارثيا، فيما بين المجلس النرويجي للاجئين إن الأزمة في هذا البلد، أسوأ من أزمات أوكرانيا وغزة والصومال مجتمعين، وأكد البرنامج الأممي، زيادة عملياته في جميع أنحاء السودان، كجزء من جهود توسيع النطاق للوصول إلى ملايين الأشخاص في المناطق الأكثر احتياجا وعزلة في السودان.
وقال إن أكثر من 700 شاحنة تحمل مساعدات غذائية للبرنامج في طريقها إلى المجتمعات المحلية في أنحاء السودان، وتستهدف إطعام 1.5 مليون شخص لمدة شهر واحد.
وأوضح أن السودان يضم نصف سكان العالم الذين يواجهون جوعا كارثيا (المستوى الخامس للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي).
وزاد، يعاني ما يقدر بنحو 4.7 مليون طفل دون سن الخامسة، والنساء الحوامل والمرضعات، من سوء التغذية الحاد، مما يؤكد الحاجة إلى تقديم المساعدات دون انقطاع والدعم الدولي المستمر.
في السياق، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن ما يقرب من واحد من كل ثلاثة في السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد جرّاء النزاع الدائر منذ أبريل /نيسان 2023.
وأضاف أن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، لافتا إلى أن “أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا إلى الداخل والخارج منذ بداية الصراع”.
إلى ذلك، قال إيان إيجلاند الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، إن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمعين.
وأوضح في حوار مع وكالة الأنباء الألمانية بعد زيارته لمنطقة دارفور غرب السودان ومناطق أخرى “حياة 24 مليون شخص على المحك في السودان”.
كما أضاف: “نحن ننظر لعد تنازلي قوي نحو المجاعة واليأس وانهيار حضارة بأكملها”.
وأكد أن الصراعات مثل الدائرة في أوكرانيا والشرق الأوسط لا يجب أن تصرف الانتباه عن معاناة المواطنين في السودان.
وأضاف: “إذا اتفقنا أن حياة الإنسان ذات قيمة متساوية في أي مكان في العالم، إذن ستكون السودان على قمة قائمة الأمور المهمة الآن”. وأوضح أنه شهد تداعيات الصراع، المستمر منذ 600 يوم.
وقال إنه رأى في الكثير من المناطق، ومن بينها مناطق كان يعمل فيها المجلس سابقا ” دلالات واضحة للغاية على وقوع حرب مروعة. منزل بعد منزل ومنطقة بعد منطقة، تعرضت للحرق والدمار والنهب”.
وحذر من أن الوضع “على وشك الانفجار” مثلما حدث عام 2015، عندما عبر الملايين من اللاجئين من مناطق مزقتها الحرب، بما فيها سوريا، البحر المتوسط، ووصلوا إلى عتبات الدول الأوروبية.
وقال “لا أعتقد أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي والدول الاسكندنافية وفرنسا يرغبون في ذلك”.
وأضاف أن الاستثمار في السودان لن يساعد فقط في إثناء المواطنين عن السعي نحو فرص أفضل في أماكن أخرى، ولكن أيضا هو ” الأمر الوحيد” الذي يتوافق مع القيم والمصالح الأوروبية.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان العام الماضي، دخل السودان دوامة حرب مستعرة خلفت آلاف القتلى وملايين النازحين، إلى جانب عمليات تخريب واسعة طالت المشاريع الزراعية والبنية التحتية مما أدى إلى واقع اقتصادي ومعيشي في غاية التردي والسوء.
الخرطوم – «القدس العربي»: