أوقفوا الحرب .. وكل شيء قابل للترميم.
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
من قصص الحرب العبثية
(3)
==============
د. فراج الشيخ الفزاري
=========
حتي التشويه المعرفي الذي طال ثورة ديسمبر المجيدة وفرسانها..قابل للتصحيح والترميم والقبول برضا الجميع.
معظم الثورات العظيمة ظلمت نفسها.. وشردت قادتها وأكلت أبناءها..هكذا يقول التأريخ..والسودان ليس استثناءا.
بدأت ،تلك الثورة العظيمةبشعاراتها المتسامية بأن كل أهل السودان سواسية.
وكما يقول أهل الفكر الوجودي..سارتر..وكامو..وصمويل بيكيت ..وكافكا..فان داخل (العبث) توجد دائما ، هاديات كامنة تبشر وتؤشر نحو النظام والمعقولية..والمسؤولية الأخلاقية نحو الذات والمجتمع.
وما حدث طوال الفترة السابقة منذ حركة الخامس والعشرين من أكتوبر 2022.. مرورا بفترة العصور العشرة المظلمة .من غياب الوعي ..كان حدثا فضويا واستثنائيا بل وحربا عبثية
دمرت وأحرقت اليابس والأخضر..ولن تجد من يرغب في تكرارها أي وطني غيور علي بلده..
كل شعوب العالم مرت بفترات حرجة وعصيبة..بانزلاقات واخفاقات وجراحات مؤلمة...وخلافات حتي داخل البيت الواحد ،كما يحدث الآن في بلادنا الحبيبة...ثم تعافت واستردت رشدها واستفادت من تجاربها المرة والتطلع من جديد ...نحو المستقبل والحياة والغد المشرق للأجيال القادمة...
أه ...ثم اه..لو تدرون ماذا فعلت هذه الحرب اللعينة بأبناء السودان حتي وهم خارج أرض المعركة...في بلاد المهجر والاغتراب؟..وكيف طالتهم ألسنة الخراب والدمار في بنية وجودهم وكرامتهم بين الجاليات؟ وكيف ادمتني تلك العجوز السودانية بكلماتها الموجعة وهي ترافقني صدفة ونحن ندخل اسانسير احد المستشفيات عندما سألتني بشفاه مرتجفة وعيون غائرة علي طرفيها دموع الحسرة والألم..سألتني بتلك الحسرة والانكسارة: انت مقيم هنا...أم مثلنا من المشردين ؟
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
( مجلس شيوخ الجنوب العربي)نقطة نظام..الموضوع قابل للنقاش
وضاح اليمن الحريري
تتوالى اصداء قرار نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، بخصوص تشكيل لجنة تحضيرية، تعد لتشكيل مجلس شيوخ الجنوب العربي، منقسمة هذه الأصداء بين موقفين رئيسيين، الأول متسآل وناقد باهتمام للقرار، اما الثاني فمهاجم ومستفز من المجموعة الأولى، ليس دفاعا عن القرار او تبريرا وتوضيحا له، لكن بهدف اشعال معركة سياسية، مبنية على الضيق والرفض للرأي الآخر، تعصبا او لعدم انتباه، أن موضوع القرار، لا يتعلق بالحاضر او المستقبل، بقدر ما يتعلق بالماضي، باعتباره يوفر أدوات سياسية واجتماعية، يمكن الركون اليها لمعالجة بعض المشكلات السياسية القائمة، هذه الفرضية قد تبدو بأثر التجميل والتزيين، صحيحة، لكنها كأداة قد لا تحقق المرجو منها، لعدة أسباب أيضا.
كانت إحدى المقولات الهامة في النشاط النضالي السلمي، للحراك الجنوبي، هي مدنية هذا النضال، القائمة على مبدأ التصالح والتسامح وهو نفس المبدأ المتمثل في قاعدة بناء الميثاق الوطني الجنوبي، الذي ساهمت فيه القوى المشاركة في اللقاء التشاوري الجنوبي، مع أن هناك قوى جنوبية لم تلتحق باللقاء التشاوري، مما جعل الانتقالي يلتزم باستمرار الحوار معها.
هناك مسألة إضافية، لابد من الالتفات اليها، للتعامل معها بايجابية، يمكن النظر اليها من زاوية واسعة في رؤيتها وليست حادة، هي عدم تجيير النضالات الشعبية المتراكمة، لصالح تيار سياسي أو فئة بذاتها، بإثارة احتكاكات سياسية، مصدرها قرارات تؤخذ بناء على فرضيات التجيير الذي أشرنا له، بالأحرى فإن من يحمل الاستحقاق في هذه الحالة سيكون هو من ناضل، ليس كل من أكل على كافة موائد السياسة والمصلحة، خلال اللحظات التي كان يحمى فيها الوطيس.
المسألة اذن ليست شخصية بالمرة، كذلك لا تعني قوة سياسية او فئة اجتماعية او جهة مناطقية بذاتها بحيث تستهدف اقصائها. لأن الحديث هنا عن اثر القرار ومدى ما يخلقه من فرص تشبيك الروابط المدنية وقيمها وليس تمزيقها، اما الذين يتحسسون البطحات على رؤؤسهم فهذا شأن اخر يعنيهم لوحدهم او من يعتقدون ان وقت القطاف قد حان لهم فقط، كل ما يتم تناوله، بين الفريقين، في الأساس يجب الا يتجاوز اصول النقاش والحوار، بغض النظر اين يقف صاحب الرأي من موقفه، كما إنها مسألة يجب ان تكون خارج اطار التطبيل والمزايدة او الابتزاز السياسي، من هذا او ذاك.
إن التأسيس على بعد فئوي إجتماعي معين، تتأثر بأدواره اللاحقة فئات إجتماعية أخرى، إذا سرى تفويضه او بنائه كأداة سياسية للتحالف معها، سيشكل في طريقه عقبة أمام استحقاقات المواطنة على الأصعدة المختلفة بحسب الميثاق الوطني الجنوبي، ليس لأن الفئة المدللة بهذا القرار، دون غيرها، ستتسلط على رقاب العباد اجتماعيا وسياسيا، هذا غير صحيح، قد لايستطيعون ذلك أبدا، إنما لأن معايير التفضيل بين الفئات والشرائح الاجتماعية، التي قام على أساسها هذا التشكيل، يمكن أن نقول التمثيل، غير مفهومة وأخلت بشروط من الواجب أخذها في الحسبان، عند الارتكاز على فكرة الإرث الماضي، وشخوصه وادوارهم، أما عند الارتكاز على المستحدثين من هذه الفئة، ستبدو المشكلة أعظم، مع كثر المتربصين، بفرصة التواجد في السلطة والقبض على عناصر القوة، ايا كان موقعها وشكلها وادوارها التي ستلعبها.
عند هذه اللحظة المهمة، ليصمت من أراد وليبدي رأيه ويناقش الموضوع من اراد، بنية التدارك ودراسة الأمر بقدر كاف، من المسافة الزمنية، مابين التحضير والاعلان، لمعرفة الاثر والتبعات اللاحقة، إذا كنا نبحث، عن حل مناسب، يلبي شروط الشراكة والتوافق والبناء.
اذن حول ( مجلس شيوخ الجنوب العربي) وقرار تشكيل اللجنة التحضيرية لتأسيسه، الموضوع يصبح قابلا للنقاش والاخذ والرد وليس حتميا بالضرورة، استنادا الى أثره الذي سينجم والذي سينعكس مباشرة على الآخرين، بمقدار ما سيفوض به، نكررها بكل ثقة، لأنها باحتمال كبير للتحقق، ستقود الى مزيد من التمزيق والتصدع الجيوسياسي والاجتماعي، لهذا الجنوب، بحسب الارتباطات والمصالح.
تشتيت الجهود والقوى، بهذا التمييز المستعجل دونا عن بقية الفئات الاجتماعية، لن يأتي بأي محصلة، لها ثمار تقطف، إنما قد يوفر بنادق أكثر، لتهديد وتصفية الخصوم والمخالفين، لتدور عجلة التدمير الذاتي، من تلقاء نفسها، مستغلة ثغرة التهافت السياسي، بالبحث عن اي حل، ليتحمل المشكلة من يتحملها، مع فتح ابواب التشدق والمراهنات، على السقوط، أكثر منها على النجاح، لذا وجب التأكيد على هذه المسألة، ليدلي كل بدلوه، كي يظهر الغث من السمين، لأننا ما زلنا في بداية الطريق، الذي قد يراد له أن يكون أطول من اللازم.