زين العابدين صالح عبد الرحمن
في واحدة من كتابات المفكر المغربي عبد الاله بلقزيز عن عمليتي " الإصلاح و النهضة" يقول عن ذلك ( أن الخلاف في استخدام المصطلحين في كل من أوروبا و الوطن العربي.. في أوروبا هناك علاقة بين الفكر و الإنتاج المعرفي و المجتمع.. و هناك حاملا بين الذين ينتجون المعرفة و الفكر و المجتمع .
أن الغائب في الساحة السياسية السودانية هو بالفعل غياب الحامل للفكر و المعرفة، و الذي يحول كليهما إلي تطبيق في الواقع، و إلي ممارسة يتبين من خلالها صلاحية الفكر، و أيضا اختبار للمعرفة. أن غياب الحامل ليس هو وليد اللحظة أو الفترة الانتقالية، أنما بسبب ضعف العناصر التي تم تقديمها في فترة الثلاثين عاما التي حكمتها الإنقاذ، و بسبب غياب الديمقراطية و المساحة المحدودة للحرية. هذه الفترة أيضا صاحبتها صراعات داخل المنظومة التي كانت تحكم " عضوية المؤتمر الوطني" حيث ظهرت عبر بروز لمراكز القوى داخل المنظومة الحاكمة، حيث أصبح الولاء هو سيد الموقف، و بالتالي كان يتم استبدال عناصر تمتلك الخبرة و المعرفة بعناصر تفتقد لكليهما، و لكنها كانت تظهر الولاء. هذا الصراع أثر سلبا على أداء النظام الحاكم و على مؤسسات الدولة التي أصبح يصعد لها عناصر ليست بالكفاءة المطلوبة، أيضا كان له انعكاس سالب في الحريات و خاصة حرية التعبير و الصحافة و الإعلام، حيث كانت تمنع عناصر من الكتابة و التعليق و حتى عن تقديم الأفكار الصائبة. فكان النقد لا يؤخذ بأنه محاولة للإصلاح، و لكن محاولة لتكسير عظام الطرف الأخر، الأمر الذي أثر بصورة كبيرة على مجمل العملية السياسية في البلاد..
هذه المسالة لم تكن قاصرة فقط على النظام الحاكم، بل انعكست على مجمل القوى السياسية، فكلما كان يشتد الصراع داخل السلطة كانت تستعين بشخصيات أخرى من الأحزاب الأخرى و تقدم لهم كل المغريات، و ظلت الهجرة من الأحزاب إلي المؤتمر الوطني، كل ذلك كان له أثر سالبا على الأحزاب السياسية، و في نفس الوقت كانت تضيق الحريات على المجموعة التي يعتقد إنها مخالفة، و تمارس عليها ضغوطات.. و كان قيادت المؤتمر الوطني متمثلة في البشير و المجموعة التي يأتي بها إلي القصر، و المجموعة التي يتم تعينها في قمة هرم الحزب الحاكم، إلي جانب قيادة جهاز الأمن والمخابرات.. جميعها كانت لا تشعر بالأمان في ظل الصراع المحموم، لذلك كثرت المؤامرات الداخلية. هذا القلق كان يشعر البشير أنه يحتاج لقوى اسناد سياسي من أحزاب بعينها خاصة " الاتحادي و الأمة" لذلك أكثر الأحزاب تأثرا سلبيا بعملية الصراع الذي كان دائرا داخل المنظومة الحاكمة.. الأمر الذي خلق بروز قيادات ضعيفة من الناحيتين الفكرية و المعرفية، حيث ظلت محكومة برغبة واحدة كيف تستطيع تقديم أفضل سلوك لإظهار الولاء و الطاعة لكي تحافظ على مواقعها. و في الجانب الأخر أنها عجزت أن تقدم عناصر ذات قدرات و رؤى تساعد على الإصلاح و تطوير و تحديث أحزابها.. و كلمة الإصلاح نفسها أصبحت غير مطلوبة داخل الحزب الحاكم، و دلالة على ذلك كيف رفض الاحتجاج الذي قدمته مجموعة " غازي صلاح الدين" عن كمية القتل في ثورة سبتمبر 2013م، حيث تم ممارسة ضغط على المجموعة حتى غادرت من الحزب الحاكم، هذا الحالة تبين أن الصراع داخل المنظومة الحاكمة كانت تتحكم فيه الرغبات شخصية ،و لم تكون في مصلحة الوطن و المواطن.
أن الصراع الذي كان يحدث داخل الحزب الحاكم و حتى مؤسسات الدولة كان يرمي بظلاله على القوى الأخرى، التي صعدت إليها عناصر أيضا متواضعة القدرات بعد حالات الانشقاقات الي حدثت فيها، و خروج العديد من العناصر المجتهدة و التي تجمع بين الفكر و المعرفة و التجربة. هذا هو الذي جعل الثورة تتفجر من خارج المؤسسات الحزبية، و حتى بعد سقوط النظام فشلت أن تدفع بعناصر تصبح حاملا للمعرفة و الفكر و كيفية تزظيفها من أجل التغيير و إدارة الأزمة بالصورة التي تجعلهم محافظين على توازن القوى.. و لكن للأسف أنهم أول ما خسروا الشارع الذي يخلق توازن القوى..
معلوم أن اتساع الحرية يساعد على الإبداع في المجتمع، و على الإنتاج الفكري الذي يساعد على عملية التغيير. جاءت الأحزاب إلي الساحة السياسية لا تحمل معها غير شعارات عجزت حتى على تنزيلها في الواقع.. فالقضية ليست صراع بين قوى سياسية مختلفة في أطروحاتها الفكرية، أنما في العقل الذي يدير الصراع لمصلحة الوطن و ليس للمصلحة الحزبية و الجهوية الشخحصية.. و رغم الحرب الدائرة الآن لم يقدم مشروعا سياسيا بهدف كيف يحكم السودان لكي يصبح محورا للحوار بين كل القوى السياسية، أنما السعي المحموم هو من أجل السلطة.. و في نفس الوقت أن القوى السياسية جميعها خرجت تبحث عن السلطة في عواصم العالم، و ليس مع الشعب السوداني الذي أكتوى بنيران الحرب و الغلاء و الفقر و النزوح.. و فكرة المقاومة الشعبية هي فكرة تولدت من رحم معاناة لجماهير بهدف حماية انفسهم و ممتلكاتهم.. و هي الأداة التي يجب الرهان عليها، لأنها هي التي سوف تشكل مستقبل السودان السياسي.. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: داخل المنظومة الحزب الحاکم
إقرأ أيضاً:
التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم
قام بروفيسور محمد حسن دهب وزير التعليم العالي والبحث العلمي يرافقه عدد من قيادات الوزارة بزيارة إلى ولايتي كسلا والقضارف للوقوف ميدانياً على وضع الجامعات في الولايتين والتأكد من استمرارية الدراسة وتنفيذ المشروعات المستقبلية،
وبدأت الزيارة بولاية القضارف، حيث اجتمع الوزير بالإدارة العليا لجامعة القضارف بحضور والي الولاية الفريق ركن محمد أحمد حسن أحمد وعدد من اعضاء لجنة أمن الولاية ومدير الجامعة بروفيسور ابتسام الطيب الجاك وعدد من المسؤولين المحليين.
وخلال اللقاء، اطمأن الوزير على سير الدراسة وخطط الجامعة المستقبلية، مشيداً بدور حكومة الولاية في دعم الجامعة ومساندتها لمواصلة الدراسة وتنفيذ مشروعاتها التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية للجامعة، وأكد الوزير أن زيارته تأتي للتأكد من أن الجامعة تعمل بكفاءة عالية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، مؤكدًا على أهمية التعاون بين الجامعة والحكومة لتحقيق الاستقرار الأكاديمي والتطوير المستمر.
وأكمل الوزير زيارته إلى ولاية كسلا، حيث وصل إلى مطار كسلا برفقة عدد من مديري الإدارات العليا بالوزارة وكان في استقباله نائب والي الولاية، عمر عثمان آدم، ومدير جامعة كسلا بروفيسور أماني عبد المعروف بشير، ووزير التربية والتعليم بالولاية، ماهر الحسين، إضافة إلى عدد من أعضاء هيئة التدريس والعمداء بالجامعة.
واستهل الوزير زيارته بعقد اجتماع مع لجنة عمداء الجامعة وخلال الاجتماع، تم التأكيد على استقرار الجامعة وإسهاماتها في تعزيز التعليم العالي في المنطقة، كما تم تسليط الضوء على أهمية إرسال رسائل إيجابية إلى المجتمع المحلي والدولي، تؤكد أن السودان قادر على مواصلة نشاطه الأكاديمي والبحثي رغم الحرب.
هذا وتأتي هذه الزيارات في إطار الجهود المستمرة لدعم التعليم العالي والبحث العلمي والتأكيد على أن السودان لا يزال يسعى للارتقاء والتقدم رغم التحديات.
وفي اجتماعه بمديري ومنسقي الجامعات والكليات الأهلية والخاصة المستضافة بجامعة كسلا، أكد بروفيسور دهب حرص وزارته على مستقبل الطلاب، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وأشاد بالجهود المبذولة من قِبَلْ إدارات هذه الجامعات والكليات في تهيئة البيئة الدراسية وتحقيق الاستقرار الأكاديمي مؤكداً أن الجامعات والكليات المستضافة والتي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان لن يفتح لها باب القبول العام القادم.
سونا