في الأسبوع قبل الماضي، عقد منتدى التنمية الخليجي، وهو تجمع من بنات وأبناء الخليج المهمتين بدراسة قضايا التنمية، وهو أهلي وغير سياسي، عقد لقاؤه الثاني والأربعون في الرياض، وكان العنوان المطروح للنقاش هو (مجتمع المعرفة والثقافة والتنمية)، وقدمت فيه مجموعة من الأوراق البحثية المتميزة، متوافرة لمن يرغب في الشبكة العنكبوتية.
في العادة يدور نقاش بين الحضور في القضايا المطروحة، وسار النقاش في الهوية، هل يمكن الاحتفاظ بكل عناصر الهوية في وضع العالم اليوم المتأثر ببعضه بعضاً، وأيضاً الولوج إلى العصر الحديث في الوقت نفسه؟ لفت النظر أحد الزملاء الذي قال (إن اليابان وكذلك الصين) احتفظت بكل عناصر هويتها، وأيضاً دخلت العصر بكل ما يتطلب من حداثة، هذه الفكرة ليست خاصة بالزميل، وهو مثقف معروف، ولكنها تكاد تكون عامة بين شريحة واسعة من المثقفين والمتعلمين العرب! وتكاد تكون مسلمة لا جدال حولها! أن الهوية (ثابتة لا تتغير)! إلا أنها بعيدة عن الحقيقة، فكل من اليابان والصين وكوريا الجنوبية، وكل الدول والمجتمعات التي حققت التنمية والحداثة، تخلت عن هامش وازن من ثقافتها التقليدية، وفي العموم تبنت ممارسات واسعة جاءت من الخارج فيها الكثير من التفصيلات، وهي بشكل عام فكرة (إقامة الدولة المدنية القانونية بمؤسساتها)، والقانون هنا لا يفرض من فوق، بشري أو إلهي، بل هو قانون أو قوانين صادرة عن الناس، ومحققة لمصالحهم، وبهذه الفكرة العميقة والشاملة دخلت تلك المجتمعات الحداثة.
وفي اليابان، تخلى المجتمع عن عبادة الإمبراطور، وعن السمع والطاعة لتلك المؤسسة القديمة التي اسمها الإمبراطورية اليابانية أو حتى الأسرة المنزهة، كما تخلت عن الطبقية في المجتمع الياباني التقليدي، وتبنت العمل طريقاً إلى التنمية والتصنيع الحديث، واحتفظت بلغتها، ولكن في الوقت نفسه طورتها، كما استفادت من قيم قديمة في المجتمع الياباني مثل الإخلاص في العمل، والولاء للشركة أو المصنع، وتخلت عن قيم كانت تؤمن بها، مثل تفوق الأمة اليابانية على الأمم الأخرى.
وفي الصين القديمة كانت تعتقد بأنها متقدمة، وأن أي فكرة قادمة من الخارج أفضل منها، حتى وقعت نسبة كبيرة من أراضيها للاستعمار الغربي، وبعد ذلك تبنت فكرة مهمة كتب عنها كل من درس الصين الحديثة، وهي أن أي فكرة جديدة نافعة تعارضها ممارسة قديمة، ويسقط الصينيون الممارسة القديمة إلى الفكرة الجديدة، وتكفي الإشارة إلى وضع المرأة الصينية، من (القدم الذهبية) التي توضع في قالب منذ الطفولة، كدليل على الجمال، إلى نظام المحظيات، وكل ذلك تغير جذرياً، فلم يعد جزءاً من الثقافة الصينية اليوم.
لقد أرسلت الصين عدداً كبيراً من أبنائها إلى الغرب مبكراً، كما اعتمدوا (الكفاءة) في تنظيمهم الإداري، فالترقي في الحزب الصيني الحاكم اليوم يخضع لعدد من الاختبارات في مسابقة مع زملائه ومنافسيه، من القرية إلى الناحية إلى المدينة إلى الإقليم ثم إلى الدولة، فلا يصل إلى هرم السلطة شخص أو أشخاص قفزوا إلى السلطة من مكان مجهول، بل أثبتوا قدراتهم في القيادة، ذاك هو نظام الكفاءة، الذي جعل من الصين اليوم أكبر دولة تحوز براءات اختراع في معظم العلوم الحديثة، فالعلم الطريق الصحيح للكفاءة، ولا يوجد في العالم إلا علم واحد، العلم الحديث، ولذلك فإن نتاج الصناعة الصينية يكتسح الأسواق.
وكل من اليابان والصين احتفظتا بلغتيهما، ولكن في الوقت نفسه واءمتهما مع العلم الحديث، كما عظمتا الممارسات التقليدية التي تساعد على التنمية والتطور، وتجاوزتا القيم والسلوكات التقليدية المعطلة للتنمية، ولذلك فإن المقارنة السريعة والسطحية وهي (الاحتفاظ بالتفاحة وأكلها في الوقت نفسه) والتي يفكر فيها بعضنا تحتاج إلى مراجعة، فكرة المساواة أمام القانون بين المواطنين رجال ونساء، والدولة المدنية العادلة ومركزية العلم، هي عناصر لا بديل لها للتقدم في الحضارة، والاحتفاظ بما يناقضها تحت عنوان (الحفاظ على الهوية) هو الامتناع عن ولوج العصر، فلا بد من الاعتراف بأن في ثقافتنا العربية عناصر معطلة للتنمية علينا البحث عنها ومحاولة تغييرها!
محمد الرميحي – جريدة البيان
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی الوقت نفسه
إقرأ أيضاً:
تعرف على جدول منافسات كأس العالم للخماسي الحديث
كشف الاتحاد المصري للخماسي الحديث برئاسة المهندس شريف العريان، عن جدول كأس العالم للرجال والسيدات والتي تستضيفها القاهرة، خلال الفترة من 25 فبراير الحالي وحتى 1 مارس المقبل بالجامعة الأميركية.
وتعد هذه البطولة أولى بطولات سلسلة كأس العالم بالموسم وتشهد مشاركة 450 لاعبا ولاعبة، كما تعتبر أول بطولة على مستوى الكبار تشهد تطبيق نظام الموانع بدلا من الفروسية التي ألغيت بعد أولمبياد باريس 2024.
ويشارك منتخب مصر في منافسات البطولة بفريق كامل مكون من 12 لاعبا ومثلهم من اللاعبات نظرا لأنها البلد المستضيف للمنافسات، وتضم قائمة اللاعبين” مهند شعبان، معتز وائل، محمد حسام، أسامة زكي، مصطفى أبو عامر، عمر عامر ، محمد حاتم، أحمد أسامة عبد الحميد، مازن شعبان، سيف سليمان، علي إيهاب ومحمد تامر".
فيما تضم قائمة اللاعبات كلا من “فريدة أبو هاشم، ملك إسماعيل، جنا عطية، زينة عامر، جنة وليد ، سارة عمرو، عاليا عنايت، للي فرج، كارمة هانى، هبة الله عمرو، شهد عادل وريتاج علاء".
ومن المقرر أن يتم عقد الأجتماع الفني لتصفيات الرجال والسيدات في الثامنة مساء الإثنين الموافق 24 فبراير، على أن تبدأ المنافسات صباح يوم الثلاثاء 25 فبراير بتصفيات فردي السيدات، وسيكون جدول المجموعة الأولى على النحو التالي "التاسعة صباحا مسابقة السلاح، ثم الموانع، ثم السباحة وتختتم المنافسات بمسابقة ليزر- رن".
فيما سيكون جدول المجموعة الثانية كالآتي "9.30 صباحا الموانع، ثم السباحة، ثم السلاح وأخيرا مسابقة ليزر – رن".
وتبدأ تصفيات فردي الرجال يوم الأربعاء الموافق 26 فبراير الجاري، وسيتم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين، على أن يكون جدول كل مجموعة مثل ما كان عليه في تصفيات السيدات.
وسيعقد الاجتماع الفني للدور نصف النهائي التاسعة مساء الأربعاء، على أن ينطلق الدور قبل النهائي للسيدات، عند الساعة 11.05 ظهر الخميس 27 فبراير بمسابقة السلاح "النقاط الإضافية" للمجموعة الأولى على أن تتوالى باقي المسابقات خلال 90 دقيقة من البداية، وستبدأ المجموعة الثانية منافستها عند الساعة 3.05 عصرا بمسابقة السلاح أيضا على أن تتوالى باقي المسابقات خلال 90 دقيقة من أول مسابقة.
وينطلق الدور قبل النهائي للرجال صباح الجمعة 28 فبراير، في نفس الموعد مثل قبل نهائي السيدات وبنفس النظام والترتيب للمجموعتين الأولى والثانية.
ويقام نهائي الرجال والسيدات صباح السبت 1 مارس القادم، حيث تبدأ فترة التسخين للسيدات عند التاسعة صباحا وتبدأ المسابقة عند الساعة 10.05 صباحا وسيتم تسليم الميداليات للسيدات عند الساعة 12.15 ظهرا، ويبدأ نهائي الرجال بعمليات التسخين عند الساعة الواحدة ظهرا وتبدأ المسابقة الساعة 2.05 عصرا وسيتم تسليم ميداليات الرجال الساعة 4.15 عصرا.