بدأت في 19 فبراير عام 1915 عملية غزو مضيق الدردنيل التي أمر بها ونستون تشرشل وكان حينها في منصب وزير البحرية الحربية، وهي تعد الأكثر كارثية في الحرب العالمية الأولى.
جرت عملية الدردنيل الفاشلة تلك فيما كانت الحرب العالمية الأولى مشتعلة في أوروبا، بمبادرة من تشرشل وكان هدفها أبعد من المضيق، ويتمثل في الاستيلاء على القسطنطينية وتوجيه ضربة قاتلة للدولة العثمانية.
اختار البريطانيون لحملتهم على تركيا نقطة ارتكاز في "غاليبولي"، وهي شبه جزيرة تقع على سواحل بحر إيجة في أقصى غرب القسم الأوروبي لتركيا، وشارك في العمليات القتالية 489000 جندي وضابط، معظمهم من بريطانيا وفرنسا وأستراليا ونيوزيلندا.
استخف قادة الحملة البريطانيون بقدرات الجنود الأتراك، واعتقدوا أنهم في نزهة بحرية، وتجاهلوا بنزولهم على سواحل شبه جزيرة غاليبولي قدرات جيش الدولة العثمانية البشرية وكذلك الروح القتالية للجنود والضباط الأتراك، والدعم العسكري الألماني الكبير لحلفائهم الأتراك في تلك الحرب.
واصل قادة الحملة بإصرار إرسال الجنود لاحتلال مرتفعات شبه الجزيرة، وتضاعف عدد قواتهم حتى وصل إلى ما يقرب النصف مليون، فيما قاتل الجنود الأتراك ببسالة واستماتوا في الدفاع عن المنطقة.
ضابط تركي شاب يدعى مصطفى كمال باشا قاد فرقة أثناء القتال للدفاع عن "غاليبولي"، وكان هذا الضابط هو مصطفى كمال أتاتورك الذي أسس فيما بعد الدولة التركية الحديثة في عام 1923، يحرض جنوده على قتال الجنود الأستراليين الذين يواجهونهم قائلا: "أنا لا أمركم بالهجوم، أنا أمركم بالموت".
استمرت تلك الحملة الدموية والشرسة على مرتفعات "غاليبولي" 259 يوما، وفقد الحلفاء بين قتيل وجريح حوالي 252000 عسكري، نصفهم تقريبا من البريطانيين، فيما قتل حوالي 30000 من الأستراليين والنيوزيلنديين، ومني الفرنسيون أيضا بخسائر بشرية كبيرة.
في معارك الكر والفر على سفوح وهضاب "غاليبولي"، ونتيجة للقتال وللأوبئة التي انتشرت في أرض المعركة الموحلة، سقط للقوات التركية حوالي 186000 بين قتيل وجريح.
غادر المهاجمون في جنح الظلام خنادقهم في شبه الجزيرة، ونزلوا إلى الشاطئ وركبوا السفن عائدين من حيث أتوا، وانتهت تلك الحملة بهزيمة كارثية كبرى.
لجنة التحقيق في تلك الحملة الفاشلة للسيطرة على الدردانيل وغاليبولي، ألقت بمسؤولية الهزيمة القاسية على لورد الأميرالية الأول في ذلك الوقت، ونستون تشرشل، وتم استبعاده من الحكومة الائتلافية العسكرية، وكاد أن ينتهي مستقبله السياسي، إلا أن تشرشل الذي كان وصفه أنتوني إيدن، الذي خلفه في منصب رئاسة الحكومة البريطانية في عام 1955 بأنه "رجل استعراض لامع"، لم يستسلم ووجد طريقه من جديد للصعود إلى القمة، مضى إلى الجبهة الغربية برتبة عقيد، وتولى قيادة الكتيبة الأسكتلندية الملكية ليلمع صورته ببقائه بضعة أشهر في الخنادق.
تشرشل كان محظوظا فقد عاني من أحوال صحية سيئة منذ طفولته، ومع ذلك عاش إلى أن ناهز التسعين، كما أنه كان يوصف بأنه أسوأ تلميذ في المدرسة سلوكا، وكان سلوكه محط الانتقاد على الدوام طيلة حياته السياسية، ومع ذلك دخل التاريخ على الرغم من سقطاته وأخطائه الكثيرة التي كادت في أكثر من مناسبة أن تضع حدا لمستقبله.
من أمثلة ذلك، أن تشرشل كان تعرض لانتقادات شديدة حين كان وزيرا للداخلية قبيل الحرب العالمية الأولى، للأساليب القاسية التي اتبعها لقمع الاحتجاجات في ذلك الوقت.
الحادثة الأبرز عرفت بـ "البيت المحترق"، حين سرقت مجموعة من قطاع الطرق متجر مجوهرات في عام 1910، وقتل أفرادها خلال تلك العملية اثنين من رجال الشرطة.
بعد بضعة أيام اكتشفت الشرطة مخبأ المجرمين في منزل بشارع سيدني، وأثناء تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن اندلع حريق في المنزل، إلا أن تشرشل نهى عن إخماد الحريق، ونتيجة لذلك مات اللصوص احتراقا. وزير الداخلية لم يتعرض في تلك المناسبة لأكثر من التوبيخ من زملائه ومن مواطنيه.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: الآلاف من جنود الاحتياط يرفضون الخدمة العسكرية
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن تراجع ملحوظ في عدد جنود الاحتياط الذين يمتثلون لأوامر الاستدعاء من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي، حيث انخفض العدد بنسبة 20% في مناطق مثل غزة ولبنان.
اقرأ ايضاًتسوية مرتقبة على الجبهة اللبنانية.. ما أبرز بنود الاتفاق؟وأفادت الصحيفة، بأن آلاف الجنود من قوات الاحتياط قد بدأوا يرفضون الامتثال للخدمة العسكرية، مما يثير القلق داخل جيش الاحتلال.
وأوضحت الصحيفة، أن الجيش يعزو هذا التراجع إلى "ثمن الاستنزاف"، حيث يشير الجنود الرافضون إلى أنهم لا يرغبون في الوصول إلى مرحلة الانهيار التي تعرض لها زملاؤهم في وحدات سابقة.
من جانبها، أكدت مصادر عسكرية، أن نقص عدد الجنود يعد عاملا رئيسيا في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمليات العسكرية الإسرائيلية.
وقد بدأ التراجع في عدد الجنود الرافضين للخدمة مع تصاعد العمليات البرية في لبنان، مما يعكس حالة من الاستياء والتعب في صفوف جنود الاحتياط.
ويشعر الجيش الإسرائيلي بقلق متزايد إزاء هذه الظاهرة، التي قد تؤثر على قدرة الجيش على تنفيذ العمليات العسكرية بشكل فعال، لا سيما في ظل تصاعد التوترات في الجبهات الشمالية والجنوبية.
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)
وسام نصر الله كاتب وصحفيكاتب وصحفي متخصص في الشؤون السياسية والدولية، وعضو في نقابة الصحفيين الأردنيين واتحاد الصحفيين العرب. يعمل محررا في قسم الأخبار في "البوابة" منذ عام 2011، حيث يتابع ويحلل ويغطي أبرز الأحداث الإقليمية والدولية.
الأحدثترند "إسرائيل": الآلاف من جنود الاحتياط يرفضون الخدمة العسكرية شهداء وجرحى وحصار عائلات في "النصيرات".. وألمانيا تدعو "إسرائيل" لفتح معابر غزة مع اقتراب عرض أولى حلقات "المدينة البعيدة" المقتبس عن الهيبة .. تعرفوا على الشخصيات نتنياهو يعقد اجتماعاته في غرفة محصنة ويطلب تأجيل شهادته في قضايا الفساد أحمد عز يسخر من سؤاله عن الزواج.. وهذا ما تعلمه من "الزعيم" Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter