أديس أبابا- تناولت القمة الأفريقية الـ37 لرؤساء وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، التي اختتمت أعمالها أمس الأحد، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، موضوعات عدة وملفات ساخنة ومهمة على المستويين الدولي والقاري، تصدرها التضامن مع غزة وإدانات إسرائيل.

وركزت أجندتها الداخلية على تحديات القارة من الأزمات الأمنية والصراعات والانقلابات، والتكامل، والإصلاح المؤسسي، والمناخ.

والسبت الماضي، بدأت القمة تحت شعار "تعليم أفريقي يواكب القرن الـ21″، بمشاركة 34 من قادة ورؤساء الدول والحكومات الأفريقية وبحضور عربي بارز تقدمه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في حين طُرد وفد إسرائيلي حاول التسلل لجلسات المجلس الوزاري الأربعاء الماضي.

34 من قادة ورؤساء الدول والحكومات الأفريقية شاركوا بالقمة وسط حضور عربي بارز (الجزيرة) غزة تتصدر المشهد

تصدر التضامن الأفريقي مع الشعب الفلسطيني وقضية غزة القمة الأفريقية، بينما واجهت إسرائيل منعا من حضور جلسات القمة الافتتاحية جراء عدوانها على قطاع غزة، تلتها الصراعات والأزمات والانقلابات رغم ما تنتظره الشعوب الأفريقية من قادتها من حلول أمنية وقرارات سياسية.

ووصف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي ما تتعرض له غزة بالإبادة الجماعية، وقال إن قرار محكمة العدل الدولية المتعلق بجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل "انتصار لكل الدول المساندة للقضية الفلسطينية".

وأكد فكي، في كلمة بالجلسة الافتتاحية، دعم موقف جنوب أفريقيا وضرورة تنفيذ قرارات العدل الدولية ووقف القتل في القطاع، وقال إن "غزة تتعرض للإبادة بشكل كامل ويُحرم شعبها من كل حقوقه".

وجاء في كلمة رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، في القمة "التحية لأفريقيا من أرض فلسطين، التحية من 28 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، شكرا للاتحاد الأفريقي الذي يسمع صوت الحق والحرية ويستضيف فلسطين على أعلى منصة أفريقية".

وأضاف "الاتحاد الأفريقي أصاب عندما منع أن يمنح الكيان الصهيوني صفة مراقب فيه ومنع تسلل ممثلين عنه إلى هذا المحفل العام الماضي".

والخميس الماضي، كشف مصدر دبلوماسي أفريقي -للجزيرة نت- أن الاتحاد منع وفدا إسرائيليا من دخول مقر المنظمة كان قد طلب عقد لقاءات مع مسؤولين أفارقة لطرح وجهة نظره حول تطورات الحرب في غزة.

وكان الوفد حاول حضور القمة الأفريقية الـ36 التي عُقدت بأديس أبابا عام 2023، قبل أن يرفض الاتحاد ذلك بسبب اعتراض دول أفريقية عدة تتقدمها جنوب أفريقيا والجزائر.

القمة الأفريقية رحبت بتدابير العدل الدولية المؤقتة والعاجلة ضد إسرائيل (الجزيرة) مقررات داعمة

كما تمحورت مقررات القمة حول الوضع في فلسطين وجاءت داعمة للقضية الفلسطينية ومنددة بالأعمال الإسرائيلية الوحشية ضد شعب غزة.

وطالبت القمة في بيانها الختامي، أمس الأحد، بإجراء تحقيق دولي مستقل في استخدام إسرائيل أسلحة محظورة دوليا في حربها بغزة وفي انتهاكها القانون الدولي الإنساني باستهداف المستشفيات، والمراكز الطبية، والمؤسسات الإعلامية وطالبت برفع الحصار الجائر المفروض على القطاع.

ورحبت في مقرراتها الختامية -التي حصلت عليها الجزيرة نت- بالتدابير المؤقتة العاجلة التي أمرت بها العدل الدولية ودعت إلى ضرورة امتثال إسرائيل بالتزاماتها لمنع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبتها عليها.

ورحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -في بيان لها- ببيان القمة الختامي "الداعي إلى وقف العدوان على شعبنا وسياسة العقاب الجماعي"، في حين وصفه مراقبون بالقوي والمعبر عن الموقف الأفريقي في دعم الشعب الفلسطيني وقطاع غزة ضد العدوان الإسرائيلي.

وقال الصحفي والباحث في شؤون الاتحاد الأفريقي أحمد إبراهيم، للجزيرة نت، إن بيان القمة الأفريقية يُعد نصرة حقيقة وتضامنا مع الشعب الفلسطيني، وإن الاتحاد ظل يدعم القضية الفلسطينية العادلة وأثبت -عبر بيان قمته- أنه لا يزال على العهد.

من جهة أخرى، القارة التي تحاصرها التحديات الأمنية وتطاردها التغييرات غير الدستورية، شغل قادتها الإصلاحات المؤسسية للاتحاد، ووضع السلام والأمن في أفريقيا، مرورا بتغير المناخ والتعليم.

وأولى القادة في هذه القمة اهتماما خاصا بالتعليم والتدريب مع التركيز على موضوع "تعليم أفريقي يواكب القرن الـ21: بناء أنظمة تعليمية مرنة لزيادة الوصول إلى التعلم الشامل مدى الحياة والجودة والملاءمة من أجل أفريقيا".

مخاوف

وسلط رئيس المفوضية موسى فكي الضوء على بعض المخاوف الحاسمة التي تواجه القارة، بما فيها السلام وعدم الاستقرار السياسي والمؤسسي وتغير المناخ وعجز الإدارة الاقتصادية وتحديات التكامل والفقر وتهميش النساء والشباب في عمليات التنمية والقيادة.

وشدد -في كلمته- على الحاجة الملحة لتعامل الدول الأعضاء بشكل استباقي مع هذه القضايا، مؤكدا أهميتها في تحقيق تطلعات أجندة 2063 من أجل أفريقيا متحولة ومزدهرة.

وأشار إلى التقدم المحرَز في الإصلاحات المؤسسية والخطوات التي تم تحقيقها في التكامل الإقليمي، من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وصندوق السلام، والمواقف الأفريقية المشتركة بشأن تغير المناخ، وإصلاح الحوكمة العالمية، وتمويل بعثات حفظ السلام الأفريقية، وانضمام الاتحاد الأفريقي الملحوظ إلى منتدى مجموعة العشرين.

والقمة التي انتقلت رئاستها الدورية من رئيس جزر القمر غزالي عثماني إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، غاب عنها لأول مرة منذ أكثر من 4 قمم أفريقية، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في حين كان ضيف شرفها الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.

كما شهدت غياب 6 دول أفريقية تم تعليق عضويتها على خلفية انقلابات، وهي الغابون والنيجر، وقبلهما مالي وغينيا والسودان وبوركينا فاسو، منذ عامي 2021 و2022 .

ولايزال شبح الإرهاب والانقلابات والأزمات يطارد القارة، حيث قال مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، بانكول أديوي، إن الوضع الأمني في القارة مقلق بسبب انتشار العنف والتطرف والإرهاب والتغيرات غير دستورية، مؤكدا عدم التسامح مع الانقلابات.

وأوضح أديوي، خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الأحد، أن الاتحاد الأفريقي يعمل ضمن إستراتيجية متعددة تخاطب جذور الإرهاب بالساحل الأفريقي، وملفات أمنية وسياسية عديدة تؤرق الأفارقة. ولفت إلى خلاف أديس أبابا ومقديشو وأكد أنهم يعملون مع حكومتي الصومال وإثيوبيا لإيجاد حل للأزمة.

وتطرق إلى الأزمة في السودان وقال إنها تأتي على رأس أولويات الاتحاد الأفريقي هذا العام، وإنهم يعملون مع "إيغاد" والأمم المتحدة لإيجاد حل لها من خلال فريق رفيع المستوى يبدأ عمله فورا بعد القمة بمشاركة جميع أصحاب المصلحة في السودان لإنهاء الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی القمة الأفریقیة العدل الدولیة

إقرأ أيضاً:

اتحاد المغرب العربي بعد 36 عام إلى أين؟

ترتبط الشعوب المغاربية بعلاقات اجتماعية وتاريخية عميقة، بما فيهم الساسة، ويشتركون في العديد من العادات والتقاليد التي تبرز الروابط الثقافية بين موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، وليبيا.

فالتاريخ يثبت التنقلات والإقامة بين الدول بلا حدود، من المغرب وبلاد شنقيط، والجزائر وليبيا، وتونس، بحيث أصبحوا مواطنين في هذه الدول، والكفاح المشترك في وجه الاستعمار الفرنسي والإيطالي، نذكر منها أحداث ساقية سيدي يوسف بين تونس والجزائر، التي ارتكبت فيها المستعمر الفرنسي، بقصف القرية وسقط فيها 76 شهيدا من المدنيين من النساء والأطفال، التوانسة والجزائريين، و148 جريح.. ومعركة “إيسين” بين ليبيا والجزائر عام 1957، ضد المستعمر الفرنسي ،والتي امتزج فيها الدم الليبي والجزائري! والدعم المغربي للثورة الجزائري، والدعم التونسي والدعم الليبي للثورة الجزائرية.. هذه الروابط تساهم في خلق هوية مغاربية مشتركة رغم التحديات السياسية والاقتصادية التي قد تواجه هذه الدول.

أهم الأسس التي تربط الشعب المغاربي

1- اللغة العربية واللغة الأمازيغية هما اللغتان الرئيسيتان في معظم الدول المغاربية، وهو ما يعزز الترابط بين شعوب المنطقة.

كما أن اللهجات المحلية في هذه الدول تتشابه إلى حد كبير، مما يسهل التواصل والتفاهم بين الناس في حياتهم اليومية.

2- الإسلام هو الدين الرئيسي في كل دول المغرب العربي، مما يشكل قاعدة ثقافية ودينية مشتركة بين شعوب المنطقة.

3- التاريخ المشترك بين شعوب المغرب العربي في تاريخ طويل من الحضارات التي تعاقبت على المنطقة، مثل الحضارة الأمازيغية، الفينيقية، الرومانية، الإسلامية، والاستعمار الأوروبي، حيث امتزجت الدماء في مواجهة الاستعمار، من خلال الدعم بالسلاح والتبرعات والاحتضان والدعم السياسي بين الحكومات والشعوب.

4- الجغرافيا والمصير المشترك تتميز المنطقة بوحدة جغرافية تسهل التواصل والتبادل الاقتصادي والاجتماعي، كما تواجه تحديات تنموية وأمنية مشتركة.

الاقتصاد والتكامل الإقليمي

هناك محاولات لتعزيز التعاون الاقتصادي من خلال اتحاد المغرب العربي، رغم التحديات السياسية التي تعوق تحقيق تكامل فعلي.

محاولات مغاربية وحدوية

بذلت مساعي لإنشاء الاتحاد المغاربي في عدة مناسبات، فكان أول لقاء في مؤتمر “طنجة” المغربية بمشاركة أحزاب الاستقلال المغربي والحزب الدستوري التونسي وجبهة التحرير الجزائرية، إلى أول مؤتمر للأحزاب المغاربية، تجدد اللقاء بعد استقلال الدول المغاربية وأسست اللجنة الاستشارية للمغرب العربي عام 1964، والتي كانت تهدف إلى تقوية العلاقات الاقتصادية بين دول المغرب العربي.

استمرت المحاولات من خلال إبرام معاهدات:

بيان “جربة ” بين تونس وليبيا عام 1974. اتفاقية حاسي مسعود هي اتفاقية تعاون وُقِّعت بين ليبيا والجزائر في 28 يوليو 1971، وتهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والاقتصاد. معاهدة مستغانم هي اتفاقية تعاون وُقِّعت بين ليبيا والجزائر عام 1983، وتهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، خاصة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

تأسيس اتحاد المغرب العربي

جاء اجتماع “زرالدة” الجزائرية بين قادة دول المغرب العربي عام 1988، والذي يُعتبر بيان زرالدة خطوة أساسية نحو تأسيس اتحاد المغرب العربي، وجاء لقاء مراكش بين قادة المغرب، الجزائر، موريتانيا، وتونس، ليبيا، الذي توج بتوقيع معاهدة اتحاد المغرب العربي في 17 فبراير 1989، بهدف تحقيق التكامل الاقتصادي والتنسيق السياسي بين دول المنطقة.

تجميد مؤسسات الاتحاد المغاربي

لقد ألقت الخلافات والتباينات السياسية بين دول الاتحاد، بتداعياتها، وأهمها الخلاف بين المغرب والجزائر، بسبب “قضية الصحراء”، وقد تراوح العلاقات بين فترات تحسن وفتور، مع كل تغيير سياسي في الجزائر، وبذلك أصبحت هذا الملف هو العقبة الكائدة في سبيل تفعيل دور الاتحاد، وضعف بقية الدول المغاربية في حل لهذا الخلاف، وتحديدا مؤسسة الاتحاد بشكل حيادي، وكذلك جامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي ومنظمة العمل الإسلامي، وكذلك دور الدول الخليج التي ترتبط بعلاقات مع البلدين.

دور الاقتصادي للاتحاد المغاربي

يمثل الكيان المغاربي مكانة مهمة اقليما ودوليا ، ويحتل موقع استراتيجي يربط قارات العالم في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وبوابة مهمة تربط المشرق والمغرب العربي، وأوروبا بقارة إفريقيا جنوبا، وتعداد سكاني يبلغ 120 مليون نسمة، ويحتل مساحة 6 مليون كيلومتر مربع بنسبة 40% من الوطن العربي، وتبلغ صادراتها 47.53 مليار دولار تشكل 17.8% من صادرات الوطن العربي . وتمتلك الدول المغاربية ثروات متنوعة وهائلة، النفط والغاز – الفوسفات – الذهب والحديد – الزيوت – الأسماك ..المنتجات الزراعية، وصناعات تقليدية وصناعة السيارات والمعدات الصناعية والزراعية، صناعة السياحة، وتمتلك الأيادي العاملة المهرة.

بإمكان الدول المغاربية تزيد من التعاون الاقتصادي مع محيطها العربي، وأن تكون رافد للعمل الاقتصادي العربي المشترك في جميع المجالات، كمنافس للكيان كالاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد على الأيادي العاملة المغاربية، وكذلك مع مجموعة بريكس والاسيان، وأمام الاتحاد المغاربي المحيط الافريقي الذي تلعب فيها الدول المغاربية دورا سياسيا وتاريخيا عندما دعمت استقلال الدول الإفريقية، وساهمت في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، وأخيرا الاتحاد الإفريقي، لدول الاتحاد المغاربي دورا كبير تعزيز الكيان الإفريقي اقتصاديا وسياسيا، ليأخذ مكانتها بين التكتلات الدولية.

التوتر بين الجزائر والمغرب

أمام الدولتين فرصة تاريخية والتزامات أمام شعوب الاتحاد وبمعية بقية الدول المغاربية، ومساعدة ليبيا في حل أزمتها، لكي تعود لمواصلة دورها في محيطها العربي والمغاربي والإفريقي!.

ومن أجل إعطاء الكيان المغاربي الذي لم تكتشف بعد إمكانياتها التي تعطيها الدور الحقيقي في عربيا وأفريقيا ودوليا، سياسيا واقتصاديا والانطلاق نحو التنمية المستدامة.

أيضا هناك معطى يمكن التأسيس عليه، ويتمثل في الروابط الاجتماعية والثقافية والدينية بين الشعوب المغاربية والتي تنتظر الفرصة لتواصل وتحقيق والتعاون.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • اتحاد المغرب العربي بعد 36 عام إلى أين؟
  • شراكة بين الاتحاد للطيران والخطوط الإثيوبية
  • كرة يد.. الاتحاد الأفريقي يعلن الأندية المشاركة في بطولة السوبر
  • موتسيبي لأبوريدة: أتطلع لاستمرار دوركم القيادي في خدمة الكرة الأفريقية والعالمية
  • الحد الأدنى للأجور: ما هي الدول الأوروبية التي شهدت أعلى الزيادات؟
  • المغرب يبصم برئاسته لمجلس السلم الأفريقي على مبادرة دبلوماسية لعودة ست دول علقت عضويتها
  • اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي
  • مدبولي: مصر من أوائل الدول التي وقعت على أهداف التنمية المستدامة عام 2015
  • تعهدات من أمبيكي لـ”عقار” بخصوص عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي
  • الطرابلسي: معالجة ملف الهجرة تتطلب تعاون الاتحادين الأفريقي والأوروبي