بحلول التاسع عشر من شباط/فبراير، يكون قد مر ثلاثة شهور منذ بدء العمليات اليمنية في البحر الأحمر ضد السفن المرتبطة بإسرائيل، التي تنفذها القوات التابعة لجماعة “أنصار الله” في سياق الانتصار للمظلومية الفلسطينية، وفق بيانات الجماعة، ليبقى السؤال قائمًا: ما المشروعية القانونية لهذه العمليات؟ وهو السؤال الذي يتطلب إجابة وفق رؤية قانونية واضحة يفهمها العالم.

 

وأكد المحامي والباحث اليمني، عبد الرحمن عبد الله المؤلف أهمية قراءة ومعرفة مدى المشروعية القانونية للعمليات اليمنية التي تنفذها قوات جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) في البحر الأحمر ضد السفن المرتبطة بإسرائيل والسفن البريطانية والأمريكية؛ في سياق التعاطي مع العالم باللغة التي يفهمها؛ وهي لغة القانون الدولي؛ مؤكدًا في سياق قراءة بحثية للقانون الدولي؛ قانونية ما تقوم به قوات الجماعة، وأن ما يقوم تحالف “حارس الازدهار “غير قانوني باعتباره مخالفا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والمعاهدات الدولية.

 

كما أكد “أن ما تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا في عملياتهما ضد اليمن هو اعتداء سافر على أراضي دولة عضو في الأمم المتحدة مستقلة وذات سيادة وحرب بالوكالة عن العدو الصهيوني”.

 

وخلص في ورقة بحثية قدّمها لندوة بصنعاء، إلى أن العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة اليمنية (التابعة للجماعة) في البحر الأحمر شرعية وقانونية بموجب القانون الدولي واتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها واستنادًا إلى قرار محكمة العدل الذي (طالبت فيه محكمة العدل الدولية، الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ كافة الإجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة، مؤكدة أنه لا يمكن قبول طلب إسرائيل برد الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا.

 

وقال “المحكمة في قرارها الأولي الصادر، شددت على ضرورة أن تتخذ إسرائيل كل ما بوسعها لمنع جميع الأعمال التي تتضمنها المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وخاصة المتعلقة بقتل أعضاء من جماعة أو إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بهم أو إخضاعها، عمدًا، لظروف معيشية يُراد بها تدميرها كليا أو جزئيا”.

 

واستطرد: “وأكدت المحكمة إدراكها تمامًا المأساة الإنسانية في غزة وشعورها بقلق عميق إزاء الخسائر في الأرواح، موضحة ولايتها القضائية للبت في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، ولا يمكن قبول طلب إسرائيل رد الدعوى في القضية المرفوعة من جنوب إفريقيا.

 

وتابع عبد الرحمن المؤلف: “ولفتت المحكمة إلى أن الشعب الفلسطيني هو مجموعة محمية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، وأن بعض الحقوق التي تسعى جنوب أفريقيا إلى الحصول عليها منطقية، مؤكدة إقرارها بحق الفلسطينيين بقطاع غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية”.

 

إجراءات فورية

 

وقال: “وشددت المحكمة على إسرائيل اتخاذ إجراءات فورية لتوفير الخدمات الأساسية المطلوبة في حالة الحرب للفلسطينيين الذين يعانون من ظروف صعبة، ومنع تدمير الأدلة حول ارتكاب إبادة جماعية، ورفع تقرير إلى المحكمة حول التدابير خلال شهر واحد”.

 

وأضاف المؤلف: “وقد وضحت المادة الثانية من اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الإبادة الجماعية، وبما نصه: المادة 2(في هذه الاتفاقية، تعني الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:

 

(أ) قتل أعضاء من الجماعة.

(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.

(ج) إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يـُراد بهـا تـدميرها المادي كلياًّ أو جزئياًّ.

(د) فرض تدابير تستهدف الحـؤول دون إنجـاب الأطفـال داخـل الجماعة.

(هـ) نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

مادة (3) يعاقب على الأفعال التالية:

(أ) الإبادة الجماعية. وهذا ما يقوم به الكيان الصهيوني.

(ب) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية. وهذا ما تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا وأغلب الدول الغربية.

(ج) التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية.

(د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية.

(هـ) الاشتراك في الإبادة الجماعية.

وقال إن ذلك ما ينطبق على الوضع الراهن في غزة وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

جرائم الإبادة الجماعية

 

واستطرد: واستنادًا إلى نصوص المادتين (5، 12) من اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وبما نصه: المادة رقم (5) (يتعهد الأطراف المتعاقدون بأن يتخذوا، كلٌ طبقاً لدستوره، التدابير التشريعية اللازمة لضمان إنفاذ أحكام هذه الاتفاقيـة، وعلى وجه الخصوص النص على عقوبات جنائية ناجعة تنزل بمرتكبي الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة). المادة رقم (12) (لأي طرف متعاقد في أي حين، أن يجعل انطباق هذه الاتفاقية يشمل جميع الأقاليم التي يكون الطرف المتعاقد المذكور مسؤولاً عـن تسيير علاقاتها الخارجية، أو يشمل أياً من هذه الأقاليم، وذلك بإشعار يوجهه إلى الأمين العام للأمم المتحدة).

 

وخلص إلى أنه “بناء على ذلك فجميع عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر شرعية وقانونية؛ لأنها تهدف لوقف ولمنع الإبادة الجماعية الحادثة الفلسطينيين في عموم الأراضي الفلسطينية وفي غزة خاصة”.

 

وأضاف: “وفي المقابل نجد كل ما تقوم به الولايات المتحدة عبر ما يسمى بتحالف حارس الازدهار مخالف لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والمعاهدات الدولية للأسباب الآتية:

 

-شكلت الولايات المتحدة هذا التحالف بمعزل عن منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ولم يصدر قرار دولي بتشكيله. وبالتالي فليس له شرعية قانونية أو دولية. -أن الولايات المتحدة عبر هذا التحالف تهدف إلى عرقلة ومنع القوات المسلحة اليمنية من تنفيذ القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ممثلة في اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وقرار محكمة العدل الدولية لوقف جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة وفي غزة.

 

-إن ما تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا هو اعتداء سافر على أراضي دولة عضو في الأمم المتحدة مستقلة وذات سيادة وحرب بالوكالة عن العدو الصهيوني. عقد مجلس الأمن الدولي عدة اجتماعات بهدف إصدار قرار لوقف الحرب في غزة ومنع الإبادة الجماعية، وقد صوتت الدول الأعضاء في مجلس الأمن لصالح تلك القرارات. واتخذت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو لإجهاض تلك القرارات ومنع تمريرها. وبذلك وجدت الولايات المتحدة نفسها معزولة في مجلس الأمن الدولي.

 

-توجه عدد من الدول إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على قرار دولي بوقف الحرب في غزة ومنع الإبادة الجماعية للفلسطينيين. وقد صوتت جميع دول العالم لصالح القرار في حين عارضت القرار عشر دول منها الولايات المتحدة وبريطانيا وجزر السيشل وجزر مارشال وجزر توغو. وهذا يعني أن جميع دول العالم تؤيد قرار وقف الحرب ومنع الإبادة الجماعية؛ وبالتالي فهي تؤيد جميع الجهود والأعمال الهادفة إلى تحقيق ذلك. بما فيها ما تقوم به القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر”.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الحوثي البحر الأحمر أمريكا اسرائيل الولایات المتحدة وبریطانیا القوات المسلحة الیمنیة منع الإبادة الجماعیة فی البحر الأحمر الأمم المتحدة فی غزة

إقرأ أيضاً:

أزمة البحر الأحمر تكشف الانقسام الأطلسي بين الناتو والاتحاد الأوروبي

يمن مونيتور/قسم الأخبار

كشف تقرير حديث لمركز الأمن البحري الدولي، أعدته الباحثة آنا ماتيلد باسولي، عن تفاصيل أزمة البحر الأحمر التي أظهرت انقسامات عميقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

التقرير أشار إلى أن الاختلافات في الرؤى الاستراتيجية بين الطرفين أدت إلى تعقيد الجهود المشتركة لمواجهة التهديدات في المنطقة.

بدأت الأزمة مع إطلاق الولايات المتحدة لعملية “حارس الرخاء” في ديسمبر 2023، والتي هدفت إلى الرد على هجمات الحوثيين على الشحن العالمي. ومع ذلك، سرعان ما انسحبت معظم القوات البحرية الأوروبية للانضمام إلى عملية “أسبيدس” بقيادة الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى انقسام غير مسبوق في الالتزامات عبر الأطلسي.

وأوضح التقرير أن هذا الانقسام أدى إلى تقويض الجهود المشتركة بثلاث طرق رئيسية: أولاً، حرَم عملية “حارس الرخاء” من الأصول البحرية الأوروبية، حيث أرسلت دول مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا سفنها لدعم “أسبيدس”. ثانيًا، كشف عن توجه أوروبي نحو الاستقلال الاستراتيجي، حيث فضل الأوروبيون العمل بشكل منفصل عن القيادة الأمريكية. ثالثًا، أظهر عدم اعتراف الولايات المتحدة بالاتحاد الأوروبي كفاعل أمني مستقل، مما أدى إلى تفاقم سوء الفهم بين الجانبين.

وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تركز على نهج هجومي لمواجهة التهديدات البحرية وحماية المصالح الاستراتيجية، بينما يتبع الأوروبيون نهجًا دفاعيًا يهدف إلى حماية خطوط الشحن التجاري. هذا الاختلاف في الرؤى أدى إلى تآكل الثقة بين الحلفاء التقليديين.

كما سلط التقرير الضوء على المشكلات التي تواجه العلاقات الأطلسية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لا تزال تنظر إلى أوروبا من منظور حلف الناتو، بينما يتطلع الأوروبيون بشكل متزايد إلى الاتحاد الأوروبي لتعزيز أمنهم.

وأضاف أن الدفع نحو الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي ليس رد فعل على سياسات إدارة ترامب فحسب، بل هو نتيجة لعدوانية أمريكية متجددة.

في النهاية، دعا التقرير إلى توحيد الجهود عبر الأطلسي، مؤكدًا أن استراتيجية متكاملة للناتو هي الحل الوحيد لإنهاء الأزمة. كما حذر من أن استمرار الانقسام قد يؤدي إلى فشل الجهود المشتركة، مما يعرض المصالح الأمنية للطرفين للخطر.

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • كيف تطورت الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن؟
  • الحوثيين يستهدفون حاملة طائرات أمريكية.. والبحرية تعلن سقوط طائرة عن متنها
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على سفن شحن ومالكيها بسبب دعم الحوثيين
  • كيف يستخدم الاحتلال الإسرائيلي المحرقة لارتكاب الإبادة الجماعية في غزة؟
  • الإبادة الجماعية مستمرة.. 53 ألف شهيد و118 ألف جريح في غزة
  • ارتفاع عدد ضحايا الإبادة الجماعية في غزة
  • غارات أمريكية على سفينة إسرائيلية مُحتجزة لدى الحوثيين في اليمن
  • موقع مركز الأمن البحري الدولي: “أزمة البحر الأحمر فضحت انعدام الثقة بين واشنطن وأوروبا”
  • وقفة بألمانيا للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • أزمة البحر الأحمر تكشف الانقسام الأطلسي بين الناتو والاتحاد الأوروبي