#العقل_زينة د. #هاشم_غرايبه
يبذل الملحدون جهودا مضنية في تفسير الظواهر الطبيعية بإنكار أنها من تدبيرالعليم الحكيم، فيلجؤن الى القول أن الكائن بذاته هو الذي طور تلك القدرات الباهرة، مثل تعليلهم عدم تأثر الذئاب التي تعيش في منطقة “تشيرنوبل” بالسرطان جراء الإشعاعات النووية، بأنها قد طورت بذاتها سبل الوقاية منها.
                
      
				
ولما أن ذلك التفسير لا يقنع العقل، فكيف لها ذلك، فيما الإنسان بقدراته البحثية والعلمية عاجز عنها!؟.
هذا دليل على أن المكذبين بالدين لا يتبعون العقل، بل يخضعونه لأهوائهم.
في القرآن الكريم أكثر من 1300 آية كونية، تُبين بعضا مما خلقه الله وقدره بصورة موجودات كونية، جميعها لم تكن البشرية قد وصلت لمعرفتها.
الملاحظة المهمة أن أغلب مواضيع القرآن قد بينتها السنة تفسيراً وشرحا وتفصيلا، فيما نجد أن هذه الآيات، ليس هنالك من أحاديث مفسرة لها.
وإذا ما علمنا أن الله تعالى قد أطلع النبي صلى الله عليه وسلم على الكثير من آياته: ” لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى” [النجم:18]، فلماذا لم يُعلِمِ الناس بما أعلمه الله من تلك المعارف؟.
الجواب أنه لو فسر الظواهر الطبيعية والسنن الكونية على حقيقتها، لن يصدقه أحد آنذاك، بل قد يعود كثير من المؤمنين عن إيمانهم.
ولو كان بحسب ما تستوعبه العقول في ذلك الزمان، لما تقبله البشر فيما بعد عندما تتوسع معارفهم.
لذا ترك كل تلك الآيات القرآنية التي تحمل اعجازا علميا بلا تفسير، ووجّه الصحابة والفقهاء الى التفسير الظاهري، أي بمقتضى التفسير اللغوي، مرجئا التفسير الأصح الى أن يتطور علم البشر في قادم الزمان فيفهمونها، ويفسرونها بحسب مقاصدها.
هنا يكمن الإعجاز العلمي، أي حمل اللغة القرآنية للمعارف الصحيحة مبطنة بالمعاني التي لم تكن مفهومة زمن التنزيل، لكنها ستفهم فيما بعد بشكل أصح عندما يتقدم الفهم البشري، رغم ثبات النص.
سأعرض أحدها وهي العامل المسؤول عن تحديد جنس المولود.
كانت المعارف البشرية زمن التنزيل تعتبر الأنثى هي المسؤولة عن تكوّن ما في بطنها، فيقولون عند اختيار الزوجة، هذه أمها ولود للذكور وتلك تلد الإناث.
فجاءت الآية الكريمة: “وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى . مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى” [النجم:45 ،46] ، لتحدد أن ما يحكم كون المولود ذكراً أم أنثى هو النطفة الذكرية.
هذه المعلومة لم تكن معروفة زمن النزول، ولو جاءت الآية بصيغة مباشرة تدل على ذلك بشكل صريح، لما تقبلها مفهوم ذلك الزمان.
لكن الإعجاز في الصياغة جعل السابقين يفهمونها بما لا يتناقض مع معارفهم، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم مأمورا من الله تعالى أن لا يفسرها لهم، فقد ترك لهم أن يفسروها ظاهريا، وإنما لم يصحح فهمهم، كما أنه لم يُقرُّهم على ذلك بحديث يصبح فيما بعد منقوضا عقليا بمعارف قادمة.
فتطلب الأمر عشرة قرون حتى اكتشف العالِم “ديغراف” البويضة، وبعدها أصبح تفسير الآية يعني أن الحوين في النطفة الذكرية يلقح البويضة فتخصب وتتحول الى جنين.
وعندما تقدم علم الأجنة واكتشفت مراحل نمو الجنين فهموا معنى الآية الكريمة: “..ثُمّ خَلَقْنَا النّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَاالْعَلَقَةَ مُضْغَةً..”.
وعندما تمكن العلماء من تحديد الكروموزومات، وجدوا أن الكروموزوم المسؤول عن تحديد جنس الجنين هو المسمى (XY)، وموجود فقط في الحوين الذكري، عندها فهموا لماذا جاء ذكره تعالى لجنس المولود مرتبطا بالمني وليس البويضة “مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى”.
وعندما اكتشف عالم الأجنة الكندي “كيث مور” عام 1986 (الذي أسلم بعدها) أن تكوين العظم في الجنين سابق لتكوين العضلات بعكس ما كان متفقا علميا عليه، فهم البشر مدلول قوله تعالى: “فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا”.
وبعد ذلك اكتشف العلماء أن الخلايا الجذعية هي عبارة عن خلايا أُمّ، قابلة للتحول الى أي نوع من الخلايا، وهي تتكون في المرحلة الجنينية وتبقى كما هي، فيما تتحول باقي الخلايا الى الأنسجة المعروفة، عندها فهموا المعنى في قوله تعالى: “مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ”، فالمخلقة هي الخلايا التي كونت الأنسجة وغير المخلقة هي التي بقيت جذعية.
بهذا نفهم لماذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفسر الآيات القرآنية؟، بل تركها للتفسير المتجدد، كلما تقدم البشر فهما وعلما.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
الشهادة.. ذلك هو الفوز العظيم
يمانيون| بقلم: إبراهيم الهمداني
 مما لا شك فيه، أن مقام الشهادة، هو أعلى مقامات التشريف الإلهي، وأنهى محطات الفوز العظيم، الذي يختص الله تعالى به، من يشاء من عباده، المجاهدين في سبيله، حين يختم لهم بالشهادة، في مسيرتهم الجهادية، ومسار عطائهم الكبير، وهو الذي تفضل عليهم – ابتداءً – بالتوفيق لنيل شرف الجهاد، وتكرم عليهم – انتهاءً – بالفوز بمقام الشهادة على الناس، بين يديه يوم القيامة، فهم حجة الله تعالى على أعدائه، الذين كفروا به وصدوا عن سبيله، وهم بشارته لأوليائه وأنصاره، من إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم، بالفوز برحمته ورضوانه، كون الجهاد هو معيار اختبار حصول الإيمان الحقيقي أو عدمه، وبناء عليه يميز الله الخبيث من الطيب، ويقيم حجته على عباده، ويتجلى عدله في القضاء بينهم، بما يستحقون من الثواب والعقاب الأبدي.
 إن الكتابة في هذا السياق، تصبح بالغة المشقة والتعقيد، لأن مفردات اللغة المحدودة، تحاول توصيف أعلى مقامات العظمة، وأرقى نماذج العطاء، في سياقها الوجودي الإنساني، وفي أبعادها القيمية والأخلاقية والروحية، وهو ما نلمسه عند مقاربة مقام الشهداء العظماء، حيث تقف الأقلام عاجزة، والقرائح متبلدة، وتعلن اللغات إفلاسها، والبلاغات بؤسها، أمام عظمة الحضور الشامخ، وفيض العطاء الباذخ، الذي لا يبلغه قول، ولا يحيطه وصف، ولا يرقى إليه بيان، ولا تعدو الكتابة عنهم، كونها محاولات متعثرة على طريق البوح، ولعل تلك هي أولى كرامات الشهداء، الذين يتحولون إلى أيقونات خالدة، تأسر من حولها بعظمة حضورها وعطائها الدائم، وتغمر الزمان والمكان بقداسة نهجها، ولذلك كانت الكتابة – وما زالت – أكثر وطأة ومشقة، في حضرة القداسة العظمى، ومقام الشهداء الكرام الأبرار.
 من خلال ذلك المستوى المتقدم، من الوعي الإيماني والإدراك واليقين، بعظمة مقام الجهاد والشهادة، انطلق يمن الإيمان والحكمة، يمن المسيرة القرآنية، مسارعاً في مساره الجهادي، استجابة لله تعالى ورسوله والقائد العلم، في مواجهة وردع ومقارعة، قوى الظلم والطغيان والاستكبار العالمي، وقد سطر اليمن العظيم – قيادة وجيشاً وشعباً – أروع ملاحم البطولات، وقدموا أعظم القرابين وجليل التضحيات، باذلين أرواحهم رخيصة لله وفي سبيله، ودفاعاً عن المستضعفين من النساء والولدان، في اليمن وغزة ولبنان، الذين جعلتهم قنابل وصواريخ العدوان، رصيداً تراكمياً هائلاً، في حساب مجازرها وإجرامها.
 وقد تسابق أبناء الشعب اليمني، إلى جبهات العزة والكرامة، بكل جهودهم وجهادهم، مجاهدين بأنفسهم وإمكاناتهم، متفانين في التضحية بما هو أكثر من النفس، ولو امتلكوا ما هو أغلى من أرواحهم، لجادوا به في سبيل الله دون تردد، وهم – بلسان الحال – يعتذرون إلى الله تعالى سلفا، إنهم إنما باعوا منه، ما هو في ملكه أصلا، وإنهم ما قدموا في سبيله، إلا أقل القليل مقابل ما جاد به عليهم، فقدموا أنفسهم مجللة بالاعتذار والحياء، وجعلوا عطاءهم وتضحياتهم في سبيل الله، مظنَّة التقصير والنقص، أمام جلال مقام الشهادة، وشرف الاصطفاء الإلهي والفوز العظيم.
 عظُم اللهُ في نفوسهم، فصغر ما دونه، وصغرت قوى الإجرام الاستكبارية، التي تصف نفسها أنها كبرى، وعزَّت نفوسهم عليهم، فلم يبيعوها إلا بالجنة، وحين تعددت سُبل ومعاني التضحية عند غيرهم، انتظمت قلوبهم في سبيل الله الواحد، وتشربت أرواحهم ثقافة الشهادة المقدسة، فلم يكبلهم الموت، كما كبَّل غيرهم، ولم يخشوا الفناء، ليقينهم أنهم إلى الخلود سائرون، ولم يحزنهم فراق أو رحيل، لأنهم إنما انتقلوا إلى ضيافة الله سبحانه وتعالى، الغامرة بالسعادة والفرح، المجللة بالتكريم الإلهي العظيم، والحياة الأبدية في كنف الرعاية الإلهية، وهم “أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله”، وقد اجتمع لهم الأمن والسعادة والحياة الأبدية والنعيم المقيم، ولذلك تراهم “يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون”، ونظرا لما عايشوه من التكريم والضيافة والرعاية الإلهية، على أعلى المستويات، فهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم، من إخوانهم وأبنائهم ومن يليهم، على ذات النهج الجهادي والموقف الاستشهادي العظيم، وما بين قوله تعالى: “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا”، وقوله تعالى: “ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات”، جاء النهي عن مجرد الظن والتوهم – ناهيك عن القول – بحقهم، إنهم أموات، لأن حالهم وواقعهم، يشهد أنهم أحياء يرزقون، يحيون في النعيم المقيم، على أعلى وأرقى المستويات، ومقام عظيم ودرجات عالية، من الفلاح والسعادة والفوز العظيم، بالإضافة إلى ذلك، تنعكس ثمار تضحية الشهيد، على واقع الحياة والمجتمع، بالعزة والكرامة والقوة والنصر المبين، ليبقى الشهداء هم رموز الطهر والنقاء، والتضحية والعطاء اللامحدود، وأيقونات السمو الأخلاقي والروحي والقيمي، في مقام القدوة المثلى، لمن بعدهم من الأمم والأجيال.
 جلسة تحفيزية من ممدوح عيد للاعبي بيراميدز قبل لقاء التأمين الأثيوبي
جلسة تحفيزية من ممدوح عيد للاعبي بيراميدز قبل لقاء التأمين الأثيوبي