سباق محموم بين الحرب الشمالية – الجنوبية وبين مساعي تبريد الجبهات
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
لو أخذنا الكلام العالي السقف بحرفيته لكل من قادة أركان الحرب في إسرائيل والأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله وجميع القائمين برسالة "التبليغ" لقلنا أن الحرب، التي يُسمع قرع طبولها من بعيد، ستقع حتمًا اليوم قبل الغد. أمّا إذا قرأنا ما بين سطور وخلفيات المساعي الدولية المتجاوبة مع الاتصالات التي يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الداخل والخارج لأمكننا القول إن الأمل في لجم إسرائيل عن تنفيذ ما تسعى إليه، وإن كانت تخشى الحرب، لا يزال متاحًا.
وعلى رغم أن المبادرات الديبلوماسية الدولية لا تأخذ في الاعتبار ما يُقال من على المنابر أو عبر الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فإنها لا تتوقف عنده طويلًا، لأنها تعرف جيدًا أن يُقال داخل الجدران الأربعة وفي الاجتماعات المغلقة، والتي لها طابع سرّي للغاية، غير ما يُقال في العلن. وهذا الحديث يشمل الوضع الجنوبي بالتحديد على وقع ما يتعرّض له قطاع غزة من حرب إبادة جماعية، خصوصًا في ضوء ما أعلنه السيد نصرالله عن "معركة حقيقية في الجنوب، إذ لسنا نخوض مباراة كرة قدم. وطبيعي أن يرتقي لنا شهداء". ولكن هذه المعركة، على رغم ما ينتج عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات، لم ترتقِ بعد إلى مرتبة الحرب الشاملة والواسعة كما هي الحرب على غزة، خصوصًا إذا ركب نتنياهو رأسه وأكمل خطته الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع في اتجاه صحراء سيناء كمرحلة أولى تكتمل حلقاتها باستهداف رفح، التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني. أمّا المرحلة الثانية والثالثة فتكتمل حلقاتها بتهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، وفلسطينيي الـ 48 إلى لبنان.
ولكن في المقابل فإن المجتمع الدولي الذي يريد أن يضغط بقوة على قادة الحرب في إسرائيل لوقف تنفيذ خطة التهجير هذه المترافقة مع حرب مدمرة لا يزال يسعى لتجنيب لبنان المصير نفسه الذي يلقاه قطاع غزة، وذلك في محاولة منه لإقناع "حزب الله" بالسير بصيغة حلّ مبدئية يمكن التأسيس عليها لمرحلة لاحقة تُترك لمفاوضات ما بعد تثبيت الترسيم البرّي، بما فيها قرية الماري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بعد أن يتخّلى عن فكرة "توحيد الساحات"، على رغم إصرار "حارة حريك" على ربط وقف المناوشات الحدودية بوقف الحرب على غزة.
فما لمسه الرئيس ميقاتي من خلال لقاءاته واتصالاته الدولية على هامش مؤتمر ميونيخ من تجاوب مع المساعي الرسمية، التي يبذلها لبنان لتجنيبه ما يمكن أن ينتج عن أي حرب واسعة، يؤشرّ إلى إمكانية التخّلي عن "مغامرة" الحرب، التي ستكون كارثية على الجميع. وهذا ما عكسه تصريح مستشار الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين عندما أكد أن بلاده تسعى لإبقاء الصراع في جنوب لبنان عند أدنى مستوى ممكن، مشدّداً على "أهمية عودة سكّان البلدات في الجنوب إلى منازلهم، وكذلك السكّان على الحدود الشماليّة لإسرائيل"، في الوقت الذي لا تزال باريس تعتقد بإمكانية تحقيق اختراق ما بخصوص خفض التوتر ومنع الحرب، التي قد تندلع في غفلة من الزمن، خصوصًا أن الوضع الميداني في ظل التراشق المتبادل بين المواقع الإسرائيلية ومواقع "المقاومة الإسلامية" بات ينذر بدرجة عالية من الخطورة، وأن كل يوم يمر على هذه الحال، تزداد فيه احتمالات الحرب الشاملة؛ ولهذا فإن القائمين بهذه المساعي لا يستطيعون انتظار توقف الحرب في غزة لإنجاز التهدئة على الحدود اللبنانية. ولذلك، فإنه من المستحسن أن يُعمل على فصل المسارين تمهيدًا لمرحلة تقديم الطروحات التشاورية، ومن ثم البناء عليها وصولاً إلى تأمين البنية التحتية لإطلاق المفاوضات الجدّية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
انتخابات أستراليا.. شبيه ترامب في ورطة| تقرير
مع اقتراب موعد الانتخابات الفيدرالية في أستراليا، تتزايد مخاوف المحافظين من تكرار ما وُصف بـ"نكسة ترامب" التي أطاحت بالآمال الانتخابية لحزب المحافظين في كندا قبل أيام، حيث فشل زعيمهم في تحقيق الأغلبية رغم التقدم المبدئي في استطلاعات الرأي.
وفي أستراليا، يقف زعيم حزب الأحرار، بيتر داتون، أمام تحدٍّ مشابه، وسط محاولات متكررة للتنصل من تشبيهه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
داتون، الشرطي السابق ووزير الدفاع والهجرة سابقًا، يسعى إلى الإطاحة برئيس الوزراء الحالي من حزب العمال أنطوني ألبانيزي، لكنه يواجه تآكلًا في شعبيته نتيجة الخطاب الشعبوي المتشدد، واتهامه بتأجيج "حروب ثقافية" حول الهجرة والهوية والتعليم، بالإضافة إلى مهاجمته لهيئة الإذاعة الأسترالية بوصفها "إعلام كراهية".
أطلق منتقدو داتون عليه لقب "ترامب تيمو" في إشارة إلى موقع التسوق الإلكتروني المعروف بتقليد المنتجات الرخيصة، فيما يرى مراقبون أن تشبيهه بترامب بات يضر أكثر مما يفيد، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي فرض رسوم جمركية جديدة أثّرت على الأسواق العالمية، وتسببت في تراجع قيمة المدخرات التقاعدية لبعض الأستراليين.
بل إن البعض داخل حزب الأحرار، بدعم من المليارديرة التعدينية جينا راينهارت، شجّعوا على استنساخ النهج الترامبي، بما في ذلك الشعارات الشعبوية وسياسات تقليص الوظائف الحكومية، لكن هذه المقاربة أثارت ردود فعل عكسية، خصوصًا بين الطبقة الوسطى والمسنين القلقين من اضطراب العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة.
بحسب محللين سياسيين، فإن الانعطافة المفاجئة في مزاج الناخبين الأستراليين تعود إلى تأثير السياسات الأمريكية الأخيرة التي صدرت عن ترامب، والتي أعادت خلط الأوراق. ويقول سايمون جاكمان من جامعة سيدني: "كان داتون على طريق الفوز.. ثم جاء ترامب، وبدأ الناخبون يعيدون التفكير."
في مناظرة انتخابية جرت في منتصف أبريل، بدا داتون متحفظًا حين سُئل عن رأيه في ترامب، مكتفيًا بالقول: “لا أعرفه، ولم ألتقه من قبل.”
رغم أن العلاقات المتوترة مع الصين كانت في صلب حملة حزب الأحرار عام 2022، إلا أن هذا الملف تراجع هذا العام. حتى المناورات الصينية الأخيرة قبالة سواحل أستراليا لم تحظَ بتغطية سياسية واسعة، مقارنة بالقلق المتزايد من تقلبات السياسة الأمريكية. ويرى خبراء أن ترامب بات يُنظر إليه كتهديد أكبر للنظام الدولي مقارنة بالصين.
النسخة الأوضح لمحاولة استغلال الشعبية الترامبية جاءت من رجل الأعمال كليف بالمر، الذي أطلق حزبًا جديدًا باسم "بوق الوطنيين"، متعهدًا بـ"إنهاء احتكار الحزبين وجعل أستراليا عظيمة مجددًا"، في تكرار مباشر لشعار ترامب.
لكن الخطاب لم يلقَ الصدى المتوقع، خصوصًا بين الشباب والمستقلين، الذين قد يلعبون دورًا حاسمًا في دفع الانتخابات نحو حكومة أقلية.
للمرة الأولى في التاريخ السياسي الحديث لأستراليا، تفوق أعداد الناخبين من جيل الألفية و"الجيل زد" على الفئات الأكبر عمرًا، وهؤلاء يميلون إلى خيارات تقدمية، ولا يخفون ازدراءهم للنظام السياسي التقليدي. ويقول الباحث شون راتكليف: “هؤلاء الناخبون لا يجدون سببًا حقيقيًا للحفاظ على النظام الحالي، وهم مستعدون للمغامرة بحكومة أقلية.”
بينما تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب العمال بزعامة ألبانيزي، لا يُرجّح أن يحصل على الأغلبية المطلوبة لتشكيل حكومة منفردة، مما يعني احتمالية ظهور تحالفات جديدة، أو مساومات سياسية مع الأحزاب الصغيرة والمستقلين.