قائد لوتون: عدت من الموت بعد توقف قلبي
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
استعاد توم لوكير قائد لوتون، ذكريات واقعة انهياره على أرض الملعب خلال مباراة بورنموث، يوم 16 ديسمبر/كانون أول الماضي.
قائد لوتون: عدت من الموت بعد توقف قلبيوقال لوكير، البالغ من العمر 29 عاما، إنه مات حرفيا بعد توقف قلبه لمدة دقيقتين و40 ثانية.
الزمالك والإسماعيلي في قمة مرتقبة بدوري NILE 2024.. كل ما تريد معرفته عن المباراة تشكيل الإسماعيلي المتوقع أمام الزمالك في الدوري المصريوأكد أن عودته مجددا للملاعب، من أجل استكمال مسيرته مع كرة القدم، أمر خارج عن سيطرته، علمًا بأنه عانى من انهيار آخر خلال مباراة كوفنتري سيتي في مايو/آيار من العام الماضي.
وصرح اللاعب الويلزي عبر قناة سكاي سبورتس "لقد كان يوما عاديا وكنت بحالة جيدة تماما، وهو ما أثار قلقي بشكل أكبر".
وأضاف "لقد سقطت في منتصف الملعب وأعتقدت أنني سأكون على ما يرام، ولكن لم أكن كذلك بل استيقظت أثناء تلقي العلاج من المسعفين، وأدركت أن ما يحدث مختلف تماما عن الواقعة الأولى في مايو/آيار".
وأشار قائد لوتون "في المرة الأولى شعرت أنني استيقظت من حلم، بينما في المرة الأخيرة عدت من العدم".
وتابع "لاحظت حالة الذعر والهلع على المحيطين بي داخل الملعب، لم أكن قادرا على الكلام أو الحركة، وكنت أحاول فهم ما يحدث، وأتذكر أنني أعتقدت أنني سأموت في الملعب".
ونوه "في النهاية تمكنت من الكلام، وشعرت أنني على ما يرام وبالارتياح الشديد، لأنني كنت على قيد الحياة".
وأكد توم لوكير أن عائلته عاشت لحظات أصعب، حيث كان والده متواجدا في مدرجات الملعب، بينما كانت زوجته حاملا في شهرها السابع.
وكشف أيضا "لقد أخفى شقيقي، الأمر عن والدتي وقام بإيقاف الراديو التي كانت تتابع عليه المباراة، وذلك أثناء ذهابها لتحضير كوب شاي بعد أن سجل بورنموث هدفا".
وختم تصريحاته "لقد سألته (لماذا؟) وفي النهاية اضطر لأن يبلغها بأنني سقطت مرة أخرى في الملعب".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: لوتون تاون الدوري الانجليزي البريميرليج قائد لوتون توم لوكير قائد لوتون
إقرأ أيضاً:
طوبى لمن يعرف كيف يكتب الحياة بالموت
المشهد الأخير للشهيد يحيى السنوار وهو يقابل الموت وحيدًا بشجاعة منقطعة النظير، على مقربة من جيوش سبع وخمسين دولة إسلامية منها اثنتان وعشرون دولة عربية، بقدر ما أثار الحزن على ضياع وشتات الأمة، أثار تساؤلات حول مصدر تلك الشجاعة، من أين استمدها؟ وما الأسباب التي أوصلته إلى تلك الدرجة من الصفاء وهو الستيني الذي بُترت يده اليمنى، ولكنه قاوم الألم ولم يشعر به، فقاتل بكلِّ ما ملك حتى رمى المسيّرة التي جاءت لتصوره بتلك العصا الخشبية، وكأنه غير مصاب؟
ذات مرة قال الفيلسوف ميشيل دي مونتين أحد فلاسفة عصر النهضة الأوروبي: «لو أنني مؤلف كتب لكتبتُ كتابًا عن عدة وفيات، وعلقتُ عليها»، ربما إعجابًا منه ببعض الأشخاص الذين قابلوا الموت بشجاعة؛ فماذا كان سيقول لو عاش وشاهد كيف استقبل السنوار الموت، وكيف قاتل حتى الرمق الأخير؟! حتمًا لم يكن السنوار يخشى الموت، ولم يتمنّ غير ذلك وهو يقود حركة مقاومة ضد محتل غاشم، وهو ما أكده بنفسه في مقطع فيديو انتشر كثيرًا عقب استشهاده، يعود لثلاث سنين خلت، يقول فيه: «أكبر هدية يمكن أن يقدّمها العدو والاحتلال لي هي أن يغتالني، وأن أقضي شهيدًا على يده، أنا اليوم عمري 59 سنة، في الحقيقة أفضّل أن أستشهد بالـ إف16 على أن أموت بكورونا أو بجلطة أو بحادث طريق أو بطريقة أخرى مما يموت به الناس. في هذا السن اقتربتُ من الوعد الحق وأفضّل أن أموت شهيدًا على أن أموت فطيسة».
ونحن كبشر نخاف من الموت بالفطرة، وقد نُعجب - مثل الفيلسوف ميشيل دي مونتين - بمن واجه الموت بشجاعة، ونتساءل كيف وصل هؤلاء إلى هذه المرتبة، وقد نتمنى - رغم جُبننا - أن نصل إلى ما وصلوا إليه من إيمان ويقين وقوة وثبات، ولكن هيهات لأمثالنا أن يصلوا إلى تلك المرتبة، ونحن نعيش في بحبوحة ولم نختبر المعاناة، كما عاناها الفلسطينيون الذين يستقبلون الموت في كلِّ نفَس يتنفسونه في حياتهم، وصرنا نعتقد أنّ تحمّل الحياة مهما كانت، أفضل من مواجهة الموت، كما قال شكسبير على لسان هاملت في مسرحيته: «الخوف من الموت - ذلك البلد المجهول الذي لا يعود منه المسافر أبدًا - يُحيّر إرادتنا، ويجعلنا نُؤثر تحمل المكروه الذي نعرفه على الهرب منه إلى المكروه الذي لا نعرفه».
لقد أراد الله أن يشاهد العالم اللحظات الأخيرة للشهيد السنوار؛ ولو لم تنتشر تلك اللقطات، لكان جيش الاحتلال قد ألف مسرحية من نسج خياله، تصف البطل بأنه جبان وأنه كان خائفًا مختبئًا ومرتبكًا؛ تمامًا مثلما فعل موفق الربيعي مستشار الأمن العراقي السابق عندما صرح بُعيد إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بلحظات بأنه كان مرتبكًا وخائفًا، قبل أن تظهر لقطة الفيديو التي دحضت تلك الأكاذيب، لأنّ الصورة دائمًا أبلغ من الكلام.
وإذا كانت المشاهد الأخيرة للسنوار قد ألهمت الكتّاب والشعراء، فإنّ مواجهة صدام حسين للموت بشجاعة ألهمت العالم، وغيّرت نظرة الكثيرين حوله. وأنا هنا لستُ بصدد الحديث عن صدام حسين، هل كان جيدًا أو سيئًا، طيّبًا أو شريرًا، ولا ألوم بالتالي أهالي ضحايا عهده في موقفهم منه، فما يعنيني في مقالي هذا، هو كيف واجه الرجل الموت بشجاعة، والصيحاتُ المذهبيةُ البغيضة تحيط به من كلّ صوب، من أناس ملثمين وخائفين، وصوتٌ يقول له: «إلى جهنم وبئس المصير»، فإذا هو يرد متسائلًا: «هي هاي المرجلة؟». لقد أبدى الرجل شجاعة نادرة قبيل التفاف حبل المشنقة حول رقبته، ونطق الشهادة وهو يصعد إلى منصة الإعدام، ونطقها ثانية قبل التفاف حبل المشنقة على رقبته، وفي الثالثة لم يكملها بعد أن أتممت عملية الإعدام، في مشهد بطولي جعل صحيفة «ذي ديلي تلغراف» البريطانية تقول: «إنّ صدام حسين واجه الموت والجلاد بتحد كبير، وذلك للدرجة التي كان يبدو فيها وكأنه يؤدي دورًا في مشهد موت بطولي»، وبقي الرجل حتى لحظاته الأخيرة يردّد ما آمن به، وهتف «تسقط أمريكا» و«فلسطين حرة عربية»، وغير ذلك من العبارات التي ردّدها طوال حكمه للعراق.
ومثل السنوار، لم يكن يعلم صدام حسين أنّ المشهد الأخير له في الدنيا سينتشر في العالم، ممّا يعطي قيمة كبرى للمشهدين، مع يقيننا أنّ التمثيل في هذه اللحظات من المستحيلات، لو فرضنا أنّ الرجلين يعلمان أنّ المشهد سينتشر، ولكن الدلالة الواضحة للمشهدين هي أنّ الرجلين تصالحا مع نفسيهما وكانا صادقين فيما يؤمنان به. وتلك السكينة التي ظهر بها الرئيس صدام حسين حيّرت الغربيين خاصة جلاديه من الأمريكان، فقدّم قسم علم النفس التخصصي في معهد «ويست فيرجينيا» تحليلا نفسيًا لهدوء الرجل وثباته، وعدة تفسيرات لذلك، منها أنّ الشجاعة التي تحلى بها من جراء جينات وراثية نادرة، ومنها عوامل إيمانية جعلته ثابتًا، بينما عزت تحليلات أخرى المسألة إلى طبيعة نشأته البدوية غير المترفة التي أثرت في تكوين شخصيته، وغيرها من التفسيرات التي كانت تستند على تحليلات دقيقة لدوافع النفس البشرية التي مهما أجادت التمثيل والثبات فهي حتماً ستنهار أمام رهبة الموت.
وبما أنّ مسألة النهايات ومواجهة الموت تستهويني، وقرأتُ كثيرًا عما كتب عن الموت، ولا أملّ من مشاهدة المشهد الأخير للسنوار ولصدام، فإني احتفظتُ ضمن أوراقي ما كتبه صديقي سليمان المعمري في جريدة عُمان، عقب إعدام الرئيس صدام حسين تحت عنوان «بعض السقوط عُلُوٌّ»، فقد وصف المشهد قلميًّا بدقة، ممّا جعل المقال - في رأيي - من ضمن أفضل ما كتب. يقول: «العمر لحظة».. هكذا كتب يوسف السباعي ذاتَ يوم، وهكذا جسّد بطلُ هذه الكتابة هذه العبارة كأحسن ما يكون التجسيد.. مَنْ يتذكّر الآن من مريديه ومبغضيه على حد سواء غير تلك اللحظة الفارقة، لكأنه ما عاش إلا ليصل لتلك اللحظة؛ هامة منتصبة تسقط بشموخ.. سقوطه يدوّي فيسمعه كلُّ ذي أذن، وكلُّ ذي عين يراه (..) لو أنّ عرّافًا أنبأه أنه سيملأ الدنيا ويشغل الناس حيًّا ميتًا هل كان سيصدق؟ الحبلُ المعقودُ جيدًا أصدق أنباءً من الرصاص.. والهاتف النقال أصدق من الفيديو.. وسدنة اللغة عكفوا على البحث عن تعريف جديد للسقوط.. بعض السقوط عُلُوّ.. معظم العلوّ سقوط.. ما طار طير وارتفع.. مَنْ سيُنبئهم أنهم وقَعُوا قبل أن يقع.. هو يمشي في الشوارع الآن، يوزع نظراتِه على أكشاك الباعة والمقاهي، ويدخن سيجاره الكوبي الفاخر الذي أهداه إليه صديقُه جيفارا (..) يقترب منه ملثمان فيفصلان رأسه عن جسده فيعيده بيده ويقول هازئا: «لستُ أنا، لا أحب الموت في السر»».
منذ نعومة أظافرنا تعلمنا أنه «لا شماتة في الموت»، ولكن الأمة التي تستمع إلى أكثر من مليون خطبة أسبوعيًّا هي أكثر الأمم شماتة في الأموات، وهي أكثر الأمم التي أساءت لأبطالها ورموزها، وكان ذلك جليًا، عندما شمت البعض بموت صدام حسين، وشمت البعض بموت هنية، كما شمت الآخرون بموت نصر الله وبموت يحيى السنوار، ولم يدر هؤلاء أنه «من يَشْمتْ بميت فهو ميّت، وإن كان يزعم أنه حي ورئتُه تسرق هواءَ الطيبين» كما قال سليمان. وفي النهاية لكلّ شخص لحظته، فطوبى لمن يعرف كيف يكتُبُ الحياةَ بالموت.
زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»