اكتشاف آلية جديدة لـ "عجلة القيادة" في الدماغ
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
تكشف أحدث الدراسات في مجال علم الأعصاب عن فهم جديد للآلية المعقدة التي تحدث في الدماغ عندما نقوم بحركات بسيطة، مثل الانعطاف إلى اليسار أو اليمين.
إقرأ المزيدوفي الغالب، لا يفكر الناس في ما يحدث في الدماغ عندما نتحرك إلى اليمين أو اليسار، لكن هذه الحركة البسيطة يتم التحكم فيها في الواقع من خلال عملية معقدة، حيث اكتشف باحثون من جامعة كوبنهاغن، بقيادة البروفيسور المساعد جاريد كريغ والبروفيسور أولي كين، شبكة من الخلايا العصبية في أدمغة الفئران التي تنظم هذه الإجراءات التي تبدو سهلة.
ويسلط هذا الاكتشاف الضوء على الوظائف العصبية الأساسية ويبشر بالتدخلات العلاجية المستقبلية، وخاصة في حالات مثل مرض باركنسون.
الكشف عن آلية توجيه الدماغ
في إحدى الدراسات، اعتمد فريق البحث على النتائج السابقة المتعلقة بـ "عجلة القيادة" في الدماغ، وهي شبكة من الخلايا العصبية المحددة في جذع الدماغ المسؤولة عن توجيه الحركات اليمنى واليسرى أثناء المشي. ومع ذلك، فإن التفاعل المعقد بين آلية التوجيه هذه ومناطق الدماغ الأخرى، مثل العقد القاعدية (مجموعة من النوى تحت القشرية)، ظل بعيد المنال حتى الآن.
ويوضح البروفيسور كين: "لقد اكتشفنا الآن مجموعة جديدة من الخلايا العصبية في جذع الدماغ والتي تتلقى المعلومات مباشرة من العقد القاعدية وتتحكم في الدائرة اليمنى واليسرى".
وتعمل العقد القاعدية، المعروفة منذ فترة طويلة بدورها في التحكم في الحركة الإرادية، كحلقة وصل حاسمة في هذه الدوائر العصبية. ويتكهن الباحثون بأن الخلل الوظيفي في هذا المسار قد يساهم في ضعف الحركة المميز لمرض باركنسون، وهي حالة تتميز بنقص الدوبامين في الدماغ.
إقرأ المزيدويقول البروفيسور كريغ: "يواجه المصابون بمرض باركنسون صعوبات في الانعطاف إلى اليمين واليسار. وتقع شبكة الخلايا العصبية المكتشفة حديثا في جزء من جذع الدماغ المعروف باسم PnO. وهي الخلايا التي تتلقى الإشارات من العقد القاعدية وتضبط طول الخطوة أثناء قيامنا بالدوران، وبالتالي تحدد ما إذا كنا ننتقل إلى النقطة أم لا: اليمين أو اليسار".
وركزت الدراسة في المقام الأول على الفئران، حيث أن جذع دماغها (كتلة دماغية تصل بين الدماغ الأمامي والنخاع الشوكي) يشبه إلى حد كبير جذع الدماغ البشري.
ومن خلال دراسة الفئران التي تعاني من أعراض تشبه أعراض مرض باركنسون، تمكن الباحثون من إثبات الآثار العلاجية المحتملة للنتائج التي توصلوا إليها.
ويوضح كريغ: "واجهت هذه الفئران صعوبات في الدوران، ولكن من خلال تحفيز الخلايا العصبية PnO، تمكنا من تخفيف صعوبات الدوران".
ويشير الباحثون إلى أن احتمال الاستفادة من هذه الاكتشافات في التدخلات العلاجية البشرية يحمل وعدا كبيرا. وقد تستفيد تقنيات، مثل التحفيز العميق للدماغ (DBS)، المستخدمة بالفعل في علاج مرض باركنسون، من الفهم الأعمق للشبكات العصبية المعقدة في الدماغ.
ويقترح البروفيسور كين: "في النهاية، قد نكون قادرين على التفكير في التحفيز العميق للدماغ لدى البشر"،. ومع ذلك، فإن ترجمة النتائج من الفئران إلى البشر تمثل تحديات، خاصة فيما يتعلق بدقة التحفيز العصبي.
واستخدم الباحثون تقنيات علم البصريات الوراثي المتقدمة لمعالجة نشاط الخلايا العصبية في منطقة PnO.
وعلم البصريات الوراثي، وهو أسلوب متطور، يتضمن تعديل خلايا معينة في الدماغ وراثيا لجعلها حساسة للضوء، وبالتالي تمكين التحكم الدقيق في نشاط الخلايا العصبية.
وتقول نتائج الدراسة التي نشرتها مجلة Nature Neuroscience: "عندما قام الباحثون بتنشيط الضوء، أصبحت الفئران التي كانت قادرة فقط على الانعطاف إلى اليسار قادرة على المشي في خط مستقيم والانعطاف إلى اليمين".
المصدر: Interesting Engineering
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار الصحة الصحة العامة امراض بحوث تجارب دراسات علمية الخلایا العصبیة فی فی الدماغ
إقرأ أيضاً:
العشيرة.. دفء الانتماء لا نار العصبية
صراحة نيوز- بقلم / أ.د.بيتي السقرات/ الجامعة الأردنية
حين قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب»، كان في قوله تأكيد على صدق نبوته واعتزازه بأصله ونَسَبه، فهو من بني عبد المطلب، أحد فروع قريش الكبرى، لكنّ تأكيده هذا لم يكن مباهاة بالنسب أو العصبية، بل تعبيرًا عن الفخر بالانتماء الأصيل الذي يجمع بين الرسالة والقيم، ويؤكد أن النسب الشريف مقرون بالحق والثبات والإيمان.
وهذا المعنى العميق في الاعتزاز بالأصل والانتماء القيمي هو ما يعكس جوهر مفهوم العشيرة في المجتمع الأردني.
فالعشيرة ليست مجرد رابطة دم أو اسم، بل منظومة قيمية واجتماعية تقوم على الدفا والوفا، وعلى التكافل والتراحم، وعلى الوقوف مع الحق، وحماية النسيج المجتمعي من التشرذم والانقسام.
العشيرة الأردنية هي الامتداد الطبيعي للأصالة، وهي البذرة التي نبتت منها الدولة الأردنية الحديثة، فكانت على الدوام الرافعة والسند، وحاضنة القيم التي تربى عليها الأردنيون جيلاً بعد جيل.
ولذلك، لا يجوز أن تُشيطن العشيرة أو تُختزل في سلوكيات فردية أو مظاهر خاطئة، فالعشيرة ليست مثار جدل ولا أداة للاستقواء أو التعصب. بل هي منظومة وفاء وانتماء، نابعة من تاريخ من المروءة والشهامة والكرم والنخوة، تعزز الاستقرار، وتعمق الانتماء، وتشكل عماد البناء الاجتماعي والوطني.
إن تشويه صورة العشيرة أو تصويرها وكأنها رمز للهمجية أو التخلف هو جهل بحقيقتها ودورها، فالعشيرة الأردنية كانت وستبقى صمام الأمان للمجتمع، ومصدر الدفا الاجتماعي الذي يحفظ الناس في الشدة والرخاء، وهي الأصل الذي لا نستغني عنه ولا نقبل المساس به.
وقد عبّر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، عن مكانة العشائر الأردنية بقوله:
“العشائر الأردنية كانت وستبقى صمام الأمان للوطن، ورافعة الدولة الأردنية، وشريكة في مسيرة البناء والتحديث.”
كلمات جلالته تمثل بوصلة الانتماء الحقيقي، فالعشيرة الأردنية قلبًا وقالبًا مع الملك ومع ولي عهده الأمين، يعلنون الولاء والوفاء والانتماء الدائم، ويقفون صفًا واحدًا خلف الوطن في مواجهة كل محاولات الإساءة أو الفتنة أو زرع الشكوك بين أبناء المجتمع الواحد.
العشائر الأردنية ترفض العشائرية المميتة التي يُراد بها الاستقواء أو الإساءة أو إثارة الفتن، لأن العشيرة ليست وسيلة للنفوذ، بل عنوان للعطاء، وليست سلاحًا للتفرقة، بل جسرًا للوحدة.
هي نموذج للتماسك الاجتماعي، تستمد شرعيتها من تاريخها وقيمها، وتترجم ولاءها بالفعل لا بالقول، في العمل والعطاء والالتزام.
فالعشيرة الأردنية، التي بنت الدولة ووقفت في خندق الوطن منذ بدايات التأسيس، ستبقى صامدة على هذا النهج الأصيل:
دفا في العلاقات، وفاء في الانتماء، ونبلاً في الموقف، لا تسمح لأحد أن يشوه صورتها أو يقلل من دورها.
فهي الأصل الذي نحتمي به، والهوية التي نفخر بها، والدرع الاجتماعي والإنساني الذي يجمعنا على المحبة والاحترام، في ظل قيادة هاشمية حكيمة ومخلصة، تقود السفينة بثبات نحو المستقبل.