على الرغم من أن إندونيسيا أكبر دولة في منظمة التعاون الإسلامي، ويشكّل المسلمون 87.2% من سكانها البالغ عددهم 270 مليون نسمة، وعلى الرغم من أن للمبادئ الإسلامية دورا مهما في تشكيل النظام السياسي، وفي حركة المجتمع، فإن البلاد دستوريا لا تُعرَّف بأنها دولة مسلمة أو إسلامية، ولا يعدّ الإسلام دين الدولة؛ لأنها تأسست على ما يعرف محليا بـ "بانشاسيلا".

هُوية الجمهورية

عندما حصلت البلاد على استقلالها في 1945 عن الاستعمار الهولندي، وأُعلن قيام جمهورية إندونيسيا، توافق المؤسسون على 5 مبادئ تحكم النظام السياسي في البلاد، وهي التي أعلنها الرئيس المؤسس أحمد سوكارنو في خطاب عرف بخطاب "بانشاسيلا" وتعني باللغة السنسكريتية: "المبادئ الخمسة".

وتم التوافق على هذه المبادئ مراعاة للتنوع العرقي والديني الواسع في الأرخبيل، الذي يتكون من 13 ألف جزيرة، 7000 منها مأهولة، وينتشر فيها طيف من الأديان.

وتعترف الحكومة بالعقائد التالية: (مسلمون 87.2%، بروتستانت 7%، رومان كاثوليك 2.9%، الهندوسية 1.7%، أخرى 0.9% (تشمل البوذية والكونفوشيوسية). في حين لا يُعترف بالإلحاد معتقدا.

ويمكن تلخيص هذه المبادئ الخمسة كالتالي:

الإيمان بإله واحد. إنسانية عادلة ومتحضرة. وحدة أراضي الدولة في إندونيسيا. الديمقراطية في إدارة الدولة. العدالة الاجتماعية لجميع أفراد الشعب الإندونيسي. أعلام الأحزاب المشاركة في انتخابات 2024 في أحد شوارع جاكرتا (الأناضول) الدستور الإندونيسي

اعتمد دستور إندونيسيا في 1945 وظل ساري المفعول منذ ذلك الحين، باستثناء الفترة بين 1949 و1959. وقد عُدل 4 مرات بين 1998 و2002  كونه جزءا من الإصلاحات الديمقراطية بعد إسقاط نظام سوهارتو في 1998.

وقد ورثت إندونيسيا نظامها القانوني من حقبة الاستعمار الهولندي، ولا تزال العديد من مواده -مثل قانون العقوبات- سارية حتى اليوم. وللشريعة الإسلامية حضور في القانون الإندونيسي، خاصة في الأحوال الشخصية والميراث والزواج والطلاق وغيرها.

ومع ذلك لا تطبق إندونيسيا الحدود الشرعية، باستثناء إقليم آتشيه، الذي حصل على حكم ذاتي يسمح له بتطبيق الشريعة الإسلامية، بعد توقيع اتفاق سلام أنهى عقودا من الصراع المسلح مع الحكومة المركزية.

التحول الديمقراطي

كان إسقاط نظام سوهارتو في 1998 بعد ثورة الطلبة على خلفية الأزمة المالية التي ضربت دول جنوب شرق آسيا في 1997، هو نهاية نظام حكم البلاد منذ استقلالها في 1945، وبداية عملية التحول الديمقراطي.

وكان يوسف حبيبي، الذي خلف سوهارتو، قد دشن مرحلة التحول الديمقراطي خلال توليه منصب الرئيس لمدة 517 يوما فقط،. فقد أصدر قانون الصحافة لضمان حرية التعبير عبر وسائل الإعلام، التي كانت مقيدة حتى ذلك الحين، ورفع القيود المفروضة على الحق في تشكيل الأحزاب السياسية، كما دعم بشكل مثير للجدل تقرير المصير لشعب مقاطعة تيمور الشرقية، مما أدى إلى استقلال ذلك الإقليم عن إندونيسيا في 2002.

السلطة التنفيذية

نظام الحكم في إندونيسيا رئاسي، فالسلطات الواسعة بيد الرئيس الذي يُنتخب مباشرة من الشعب، فهو رئيس الدولة والحكومة، وهو الذي يعين الوزراء، ويوافق على التشريعات التي يعتمدها البرلمان، وله حق نقضها.

يتمتع الرئيس -أيضا- بسلطة إصدار مراسيم رئاسية لها تأثيرات سياسية، وهو المسؤول عن العلاقات الخارجية لإندونيسيا، على الرغم من أن المعاهدات تتطلب موافقة تشريعية، وهو كذلك القائد الأعلى للقوات المسلحة.

تتكون السلطة التنفيذية من الرئيس ونائب الرئيس ومجلس الوزراء. وتكون عملية اختيار الرئيس ونائبه بالانتخاب المباشر من الشعب، وتستمر ولايتهما 5 سنوات، يمكن تجديدها بالانتخاب لدورة ثانية فقط، لضمان التداول السلمي للسلطة. وأجريت أول انتخابات رئاسية مباشرة في 2004.

وبحكم أن 60% من سكان إندونيسيا يتركزون في جزيرة جاوا، وغالبيتهم العظمى من المسلمين؛ فإن منصب الرئيس ونائبه يكون حصرا من المسلمين، أما في المناصب السياسية الأدنى وفي الأقاليم الأخرى، فمن الممكن تولي تلك المناصب من غير المسلمين.

شروط الترشح للرئاسة يشترط في المرشح للرئاسة أن يحظى بتأييد رسمي من حزب سياسي، أو ائتلاف حزبي يشكل إما 20% من البرلمان المركزي، وإما 25% من الأصوات في الانتخابات السابقة. يشترط أن يكون عمره 40 عاما على الأقل (جرى تجاوزه من المحكمة الدستورية في انتخابات 2024 بسبب المرشح لمنصب نائب الرئيس غيبرين نجل الرئيس جوكووي)، وأن يكون مقيما في إندونيسيا لمدة 5 سنوات على الأقل، وألا تكون لديه جنسية أجنبية، سواء في وقت الانتخابات أو في أي وقت سابق. لا يشترط في المرشح الرئاسي أن يكون رئيسا لحزب سياسي، لكن جرت العادة أن يكون مدعوما من تحالف من الأحزاب السياسية. يحتاج المرشح الرئاسي إلى (50% + واحد) من الأصوات المدلى بها، وما لا يقل عن 20% من الأصوات في أكثر من نصف المحافظات الـ38 للفوز بالرئاسة. إذا لم يتمكن أي من المرشحين من تحقيق النسبة المطلوبة، تجري جولة إعادة للانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات.
مجلس الشعب الاستشاري الذي يضم مجلسي النواب والشيوخ (غيتي) السلطة التشريعية

السلطة التشريعية في إندونيسيا هي "مجلس الشعب الاستشاري"، وهو مكون من مجلسين، مجلس نواب الشعب (الغرفة الدنيا)، ومجلس الشيوخ، أو ممثلي الأقاليم (الغرفة العليا).

ويعدّ مجلس الشعب المسؤول عن تعديل أو حذف بعض المواد، أو أحكام الدستور بأغلبية ثلثي الأعضاء. ويتولى تنصيب الرئيس ونائب الرئيس، ويتمتع بسلطة عزل أي منهما إذا ارتكب انتهاكات محتملة لدستور في 1945 وقوانين الجمهورية أثناء ولايتهم.

يتكون مجلس نواب الشعب من 580 عضوا، ويتولى وضع القوانين وإقرارها، وإعداد الميزانية السنوية بالتعاون مع الرئيس، ويشرف على الأداء العام للشؤون السياسية، وينتخَب لمدة 5 سنوات من خلال الانتخاب الشعبي المباشر على قاعدة التمثيل النسبي.

ولا يسمح النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر والتنوع العرقي والديني عمليا لأي من الأحزاب بالحصول على الأغلبية في مقاعد البرلمان، وفي الغالب لا تزيد نسبة الحزب الأول في الانتخابات عن 25%، فتبقى الحاجة قائمة للتحالف مع أحزاب أخرى لتشكيل الائتلاف الحكومي.

الانتخابات التشريعية يشترط على الأحزاب السياسية للمشاركة في الانتخابات، أن تكون لها فروع في كل محافظة في إندونيسيا، وفي 75% من المدن في تلك المحافظات. يجب على الأحزاب المشاركة في الانتخابات أن يكون 30٪ على الأقل من قائمة مرشحيها من الإناث. يحتاج أي حزب سياسي إلى تأمين 4% من أصوات الناخبين (عتبة الانتخابات) لدخول البرلمان المركزي (580 مقعدا). ولا ينطبق هذا الشرط على برلمانات الأقاليم والمحافظات، فيكفي تأمين الأصوات اللازمة للفوز بالمعقد البرلماني فيها. يشترط في مرشحي مجلس الشيوخ ألا يكونوا أعضاء في أي حزب سياسي. وينتخب 4 أعضاء في مجلس الشيوخ عن كل إقليم (العدد الإجمالي للأقاليم 38). منذ انتخابات 2019 تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالتزامن، فيقترع كل ناخب في 5 أوراق مختلفة يضعها في 5 صناديق اقتراع، بالترتيب التالي: الأولى للرئيس ونائبه، والثانية للبرلمان المركزي، والثالثة لبرلمان الإقليم، والرابعة لبرلمان المحافظة، والخامسة لمجلس الشيوخ. تجري الانتخابات في 38 إقليما، و514 محافظة، و7277 بلدية، لانتخاب 20 ألف نائب في مختلف البرلمانات. كان أحد إنجازات إصلاحات ما بعد 1998 هو الحد من النفوذ السياسي للجيش، وإلغاء المقاعد البرلمانية المخصصة لممثلي الجيش، ومنع أفراد قوات الأمن العاملين من التصويت، أو الترشح للانتخابات. الرئيس جوكووي يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب الاستشاري بعد انتخابات 2019  (غيتي) السلطة القضائية

أعلى محكمة في النظام القضائي بإندونيسيا هي المحكمة العليا، ويعدّ حكمها نهائيا وغير قابل للاستئناف، وتنظر في الأحكام التي تصدرها المحاكم الأدنى. بينما تتولى المحكمة الدستورية، التي تأسست في 2003، البتّ في النزاعات حول تفسير الدستور، وما إذا كانت قرارات مجلس الوزراء والبرلمان تتماشى مع نصوصه. في حين تُحال القضايا القانونية العامة إلى المحاكم العامة، والمحاكم الإدارية، والمحاكم الدينية، والمحاكم العسكرية.

وتشرف لجنة قضائية على الحفاظ على سلوك الشرف ونزاهة القضاة الإندونيسيين؛ بسبب انتشار الفساد الذي يشمل في أحيان كثيرة قاعات القضاء.

الحكومات المحلية والإقليمية

تضم إندونيسيا 34 مقاطعة، مقسمة إلى 416 منطقة و98 مدينة. ولكل مقاطعة حاكم منتخب بشكل مباشر ومجلس إقليمي، كما ينتخب الحكام ورؤساء بلديات المدن بشكل مباشر.

في سنة 2000، انتقلت إندونيسيا من كونها نظاما مركزيا للغاية إلى نظام تتمتع فيه السلطات المحلية، على مستوى المقاطعات والمدن باستقلالية كبيرة وميزانيات في مجالات مثل الرعاية الصحية والتعليم والبيئة.

مؤسسات أخرى مهمة في الدولة

من مؤسسات الدولة المهمة، مجلس تدقيق حسابات الدولة والمجلس الاستشاري الأعلى، إذ يتولى مجلس تدقيق حسابات الدولة مراجعة وفحص الإجراءات المالية للحكومة، ويرفع تقريره إلى مجلس الشعب الاستشاري (البرلمان)، وهو الهيئة التي توافق على الإيرادات والنفقات المقدرة للدولة.

بينما يقدم المجلس الاستشاري الأعلى المشورة للرئيس عند الطلب، في المسائل المتعلقة بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية.

ويُرشَح أعضاء المجلس الاستشاري الأعلى من مجلس الشعب الاستشاري، ويعيّنهم رئيس الجمهورية لمدة 5 سنوات، ويبلغ عدد أعضاء المجلس الاستشاري الأعلى 45.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

حزب «المؤتمر»: مراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب تعكس الحرص على تحقيق العدالة

ثمن حزب المؤتمر برئاسة الربان عمر المختار صميدة عضو مجلس الشيوخ، توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي للنيابة العامة بمراجعة وضع المدرجين على قوائم الإرهاب، مؤكدًا أن هذه الخطوة تعكس حرص القيادة السياسية على تحقيق العدالة وضمان حقوق الأفراد بما يتماشى مع الدستور والقانون.

تعزيز مبادئ الشفافية واحترام حقوق الإنسان

وقال الحزب في بيان، إن هذه المراجعة تأتي في إطار تعزيز مبادئ الشفافية واحترام حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ دولة القانون والمؤسسات.

أوضح أن توجيه الرئيس السيسي للنيابة العامة يؤكد التزام الدولة بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز، ومراجعة القرارات بشكل دوري لضمان عدم وجود أي تجاوزات أو ظلم، وهو ما يعزز من ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.

أشار إلى أن المراجعة المستمرة لوضع المدرجين على قوائم الإرهاب تسهم في التأكد من صحة الإجراءات المتبعة، وتفتح الباب أمام من ثبتت براءتهم لإعادة دمجهم في المجتمع.

أضاف حزب المؤتمر، أن الدولة المصرية تعمل بجد على مكافحة الإرهاب من خلال تطبيق القانون على كل من يثبت تورطه في أعمال إرهابية أو دعمها، وفي نفس الوقت تحرص على عدم المساس بحقوق الأبرياء الذين قد يتعرضون للإدراج خطأً على تلك القوائم.

التوازن بين مكافحة الإرهاب وضمان حقوق الأفراد

وتابع بأن هذا التوازن بين مكافحة الإرهاب وضمان حقوق الأفراد يعكس التزام الدولة بتعزيز مبادئ العدالة الاجتماعية وسيادة القانون.

وطالب الحزب بدعم كل الجهود المبذولة لمراجعة القوائم بشكل دوري وبمنتهى الشفافية، مؤكداً أهمية استمرار العمل على تقوية المؤسسات القضائية والنيابية لضمان حماية حقوق المواطنين والحفاظ على أمن واستقرار البلاد.

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي: مصر بذلت جهدا كبيرا لتوفير بيئة مناسبة لتطوير الصناعة
  • الانتخابات الأمريكية وتأثيرها على النظام الإيراني: تحديات داخلية وخارجية
  • واتساب يعلن عن إيقاف دعم نظام KaiOS بدءًا من 2025: ما الذي يعنيه هذا للمستخدمين؟
  • برلماني: استبعاد 716 اسما من قوائم الإرهاب جاء بعد تحقيق الاستقرار السياسي والأمني
  • عضو بـ«النواب»: الرئيس السيسي يقدم نموذجًا في احترام الدستور والقوانين بدعمه للمرأة
  • ياماندو أورسي يفوز برئاسة أوروجواي ويتعهد بالحفاظ على سياسة البلاد المعتادة
  • عضو بـ«النواب»: مراجعة قوائم الإرهاب تحقق سياسة متوازنة بين الأمن والعدالة
  • عضو أمناء الحوار الوطني: مراجعة قوائم الإرهاب يرسخ مبادئ العدالة الشاملة
  • حزب المؤتمر: مراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب تعكس حرص الدولة على تحقيق العدالة
  • حزب «المؤتمر»: مراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب تعكس الحرص على تحقيق العدالة