الجزيرة:
2025-02-01@09:46:34 GMT

سؤال اليوم التالي والإجابة المفقودة فلسطينيًا

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

سؤال اليوم التالي والإجابة المفقودة فلسطينيًا

يتحدث الجميع عن اليوم التالي، وتنعقد اجتماعات إقليمية ودولية لبحث خيارات هذا اليوم المعضلة. وفي الوقت الذي يبدو السؤال مطروحًا في وجه الجميع، فإنّ محاولات الإجابة عنه تبدو هي الأخرى جادة في كل المستويات، رغم صعوبة اجتراحها في ظل التعقيد الحاصل في المشهد.

جرت اجتماعات أميركية ثنائية مع كل الفاعلين الإقليميين بالملف الفلسطيني؛ لدراسة خيارات ما بعد الحرب، وجميعها نقاشات تفترض نتيجةً محسومةً للحرب، وهي غزة بلا حماس.

فبالرغم من كونه افتراضًا لا يستند إلى راهنيّة الحال ومأزقه، فهو لا منطقي؛ نظرًا لتجذّر حماس في المشهد العام الفلسطيني ووعيه الشعبي، خاصةً بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

إلا أن تجاهل الإصرار بيوم تالٍ بدون حماس يبدو هو الآخر نوعًا من الانفصال عن الواقع. فغزة تسير باتجاه مكانٍ غير قابل للعيش، ومفتوحٍ على كل شيء إلا الاستمرار الطبيعي للحياة كما كانت قبل "طوفان الأقصى" والحرب الرهيبة الحالية.

فبقدر ما هي وَاهِمة أهداف القضاء على حماس كفكرة، فإنّ مسألة القضاء على مقدراتها وبناها التنظيمية والعسكرية والمدنية حتى، ليست فكرةً غير واقعية.

تصورات غير مطروحة

في ظل هذا التعقيد، يبدو المشهد الفلسطيني مرتكزًا على أمنيتين: الأولى، تستمد حُلمها من صمود أسطوري للقطاع وفصائل المقاومة الفلسطينية هناك، وبيومٍ تالٍ يحمل معه انتصارًا ناجزًا على جيش الاحتلال.

والأخرى تبدو مستندة لآمالٍ معاكسة، بإمكانية إنهاء الواقع السابق في غزة، وإعادة الأمور لما قبل 2007.  واللافت بين الأمنيتين، ضياع الإجابة الوطنية على موضوع اليوم التالي لغزة، الذي سيستدعي الجميع للوقوف أمام مسؤولياته، وربما سيعيد تعريف الموقع الوطني لكل طرف.

فلسطينيًا، لم يُطرح حتى اللحظة تفكير وطني جادٍ متجاوزٍ للأماني والتخيلات، ومرتبطٍ أكثر بالتطورات التي تصنع واقعًا يتراكم أمامنا كل يوم كجبل هائل من الأعباء والمسؤوليات والمشكلات التي لن تنعقد شروط حلها، حتى بانتهاء الحرب على أفضل السيناريوهات العسكرية بالنسبة لفصائل المقاومة.

نتحدث عن البنى التحتية المدمرة، وعن أحياءٍ مُسحت بأكملها، وبيوتٍ بعشرات الآلاف لم تعد إلا تلالًا من ركام. ونتحدث عن مشروع إعادة إعمار لن نرى ملامحه بدون تشكل إراداتٍ دوليةٍ وإقليمية له، وهذا قياسًا على الدمار الذي لم يزل قائمًا في أكثر من بلد مجاور منذ سنواتٍ بانتظار الانفراجات السياسية.

مسائل اليوم التالي لا تخصّ مستقبل حماس وحدها، بل مستقبل غزة كله، ومستقبل أبنائها، وبالتالي مستقبل القضية برمتها. تصورات اليوم التالي فلسطينيًا تبدو غير مطروحة. فالفاعل الفلسطيني الرسمي يظهر فقط في مقاعد المتفرجين والمنتظرين تسوية ما، ويسأل بين الحين والآخر عن دور متوقع له.

دبلوماسية عاجزة

قبل أيام فقط صرّح وزير الخارجية الفلسطيني بضرورة توفير ممرات إنسانية آمنة للمدنيين في رفح. تصريحٌ بدا قادمًا من منظمة غير حكومية إسكندنافية، وليس من رأس الدبلوماسية الفلسطينية، التي غابت في الوقت الذي ينشغل العالم كله بما يجري في غزة. ثم تصريح للرئيس أبو مازن حول تحميل حماس مسؤولية إنجاز صفقة لتجنيب رفح مأساة قادمة.

في الجانب المقابل، لا تبدو حماس مهتمة بلقاء أبو مازن الذي يتجاوزه الجميع، بمن فيهم حلفاؤه، والولايات المتحدة التي تحدثت عن "سلطة فلسطينية متجددة،" ولا تجديد في سلطة يبقى أبو مازن رأسًا لها.

ورغم أن التجاوز هو أقلّ ما يستحقه أداء السلطة ومؤسساتها على مدار العقد ونصفٍ الماضيين من حصار غزة، فإن بدائل هذا التجاوز تغيب، وإن حضرت، فهي تدفع باتجاه عدمية أعمق، يحاول الجميع الهرب منها.

الانغلاق الداخلي الفلسطيني يبدو سحيقًا، وأقل دليل على ذلك أن الحرب الحالية بكل مهدداتها الوجودية لم توفر أرضية للانفراج بعد.

تحت هذه الظلال يسير مشروع التهجير إلى مراحل أكثر خطورة. الاحتلال يهدد رفح التي يجتمع فيها أكثر من نصف سكان غزة، والسلطة الفلسطينية تطالب بممرات إنسانية منها، فيما تجهز مصر منطقة للمخيمات الجديدة المتوقعة، بعد أن كان المأمول من الجيران العرب التأهب للدفاع عن حدودهم الوطنية بغير الخيم والجدران الإسمنتية في وجه اللاجئين.

يتعامل الجميع مع عملية رفح كأنها أمر واقع قادم، دون بذل أي جهد يذكر في مواجهتها، رغم تغيرات الموقف الدولي من استمرار حرب الإبادة على الفلسطينيين في غزة. وحدها فعلت جنوب أفريقيا، كما فعلتها وحيدةً قبل ذلك.

دبلوماسية الفلسطينيين عاجزةٌ على المستوى الخارجي، لكن ليس أقل من أن تكون هناك دبلوماسية داخلية ما تعمل من أجل اجتماع فلسطيني يناقش سؤال اليوم التالي بنفسٍ مسؤول. عنق الجميع على سكين الاحتلال، ليس فقط حماس.

نتنياهو أعلنها هو ويمينه المتطرف صريحةً ضد وجود السلطة الفلسطينية، رغم كل إرث حسن النوايا والخدمات المجانية في الضفة الغربية.

مشروع إصلاحي

التوحش الإسرائيلي يقود حربه ضد وجود الفلسطينيين كجماعة وطنية، ولا يهم مَن على رأسها، متعاونين كانوا أم مقاومين. وفي لحظة مصيرية كلحظة حرب الإبادة الحالية، نجد افتراقًا فلسطينيًا لا يشي إلا بعمق الأزمة الوطنية للفلسطينيين.

على هذه الأرض ما يستحق الاتفاق، وبغيره لن يكون ممكنًا تصريف التضحيات والبطولات المسطرة في غزة. تشير التجربة التاريخية المتأخرة للفلسطينيين إلى عجز في استثمار الزخم المقاوم في وجه الاحتلال.

وتبدو أسباب ذلك كثيرة، أهمها وأكثرها وضوحًا يتجلى في افتراق الطرق الداخلية للقرار الفلسطيني. هذه بحد ذاتها مسألة تستحقّ العناية، فالاستمرار بالتضحيات دون مسارات سياسية جامعة لتحويلها إلى منجزات على الصعيد الوطني هو تكريس للإحباط القائم دومًا على سؤال الجدوى.

لن تكون هناك حاجة في التذكير بموبقات طرف بعينه، وبتاريخه وحاضره. الاتفاق ليس هديةً تُمنح لطرف دون آخر، الاتفاق احتياج شعبي وسياسي ووطني. الاتفاق الداخلي هو المقاربة السياسية الوحيدة ربما، من أجل تخفيف وطأة اليوم التالي، بغض النظر عن نتائج الحرب النهائية.

الاتفاق هو الإجابة الفلسطينية الوحيدة عن سؤال اليوم التالي. ولكن اتفاق على ماذا؟ هذا جوهريٌ أيضًا بقدر الأهمية ذاتها للاتفاق نفسه. اتفاق على توحيد القرار الوطني، أو مقاربته من زوايا تجعل منه وطنيًا.

إن دخول حماس والجهاد الإسلامي إلى منظمة التحرير الفلسطينية هو إجابة معقولة في هذه المرحلة. وهي خطوة أساسية في استعادة هذا الإطار إلى دوره الوطني بعد تغييب قسري واحتكار غير عادلٍ ولا مسؤول.

لن يعني هذا بطبيعة الحال، أن دخول حماس والجهاد منظمة التحرير سيُصلح المنظمة، لكنه ضروري للبدء العملي بمشروع الإصلاح. فالأهم في هذه المرحلة، هو أن تُستعاد المنظمة إلى شعبها بضمّ كل قواه الوطنية والتمثيلية، وأن يذهب الفلسطينيون إلى اليوم التالي بإطار وطني لمواجهة تحديات ما بعد الحرب، واستثمار التضحيات والزخم العالمي لها.

حتى اللحظة، ورغم التوحّش الإسرائيلي، هناك عجز يقول بأن اليوم التالي للحرب هو يوم فلسطيني، إلّا إنْ أبى الفلسطينيون ذلك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الیوم التالی فلسطینی ا فی غزة

إقرأ أيضاً:

بدء وصول 110 أسيرًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال إلى منازل عوائلهم

بدأ وصول الأسرى الفلسطينيين المحررين من سجون الاحتلال إلى منازل عوائلهم، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في خبر عاجل.

وأفادت القناة أن الاحتلال أطلق سراح 110 أسرى فلسطينيين ضمن الدفعة الثالثة من صفقة التبادل بالمرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار

وكشف مسؤول إسرائيلي عن صدور أوامر لحافلات الأسرى الفلسطينيين بالعودة إلى السجون، وفي المقابل، أفادت مصادر من حركة حماس بأنهم يتابعون مع الوسطاء عرقلة إسرائيل لعملية الإفراج عن الأسرى.

هيئة البث الإسرائيلية تعلن موعد الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.. تفاصيل إصابة 14 فلسطينياً في اعتداء إسرائيلي على ذوي الأسرى المُحررين

رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعرب عن قلقه الشديد إزاء مشاهد إطلاق سراح المحتجزين، مطالبًا بضمان عدم تكرار هذه الأحداث.

وأشارت إذاعة جيش الاحتلال إلى أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف أكد لأهالي المحتجزين التزامه بإعادة ذويهم ومتابعة المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار.

من جهة أخرى، وصل وفد من الصليب الأحمر إلى خان يونس لتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي موزيس ضمن الدفعة الثالثة من صفقة التبادل، وفقًا لما أفادت به قناة "القاهرة الإخبارية".

ومن المقرر أن تطلق حركة "حماس" اليوم الخميس سراح 3 رهائن إسرائيليين و5 تايلانديين من أمام منزل القائد السابق للحركة يحيى السنوار في خان يونس جنوبي قطاع غزة.

الرهائن الإسرائيليون الذين سيتم إطلاق سراحهم هم المجندة آغام بيرغر (20 عامًا) والمدنيان أربيل يهود (29 عامًا) وغادي موشيه موزيس (80 عامًا). كما أكدت إسرائيل أنه سيتم الإفراج عن الرهائن التايلانديين الخمسة، دون ذكر أسمائهم. ولا يزال هناك ثمانية رهائن تايلانديين في غزة، بالإضافة إلى مواطن نيبالي وآخر تنزاني.

وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية أنها تستعد "عمليًا ولوجستيًا" لعملية إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين وفق إطار صفقة التبادل، موضحة أنه سيتم نقل المعتقلين من سجن عوفر إلى نقطة الإفراج في الضفة، والبقية إلى معبر كرم أبو سالم.

وتوقعت هيئة البث الإسرائيلية أن تقوم "حماس" بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأجانب على ثلاث دفعات، مشيرة إلى أن المجندة بيرغر قد يتم الإفراج عنها عند منصة أقامتها "حماس" في مخيم جباليا.

هذا وقد نشرت وسائل إعلام فلسطينية صورًا وفيديوهات من التحضيرات التي تجريها "حماس" لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، حيث يتواجد عناصر من "كتائب القسام" في موقع تسليم الرهائن وحول منزل السنوار.

كما تم إضافة دفعة إضافية من الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم اليوم الخميس، بالإضافة إلى ثلاثة آخرين من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت، إلى الجدول الزمني بعد حل الخلاف حول عدم تمكن "حماس" من إطلاق سراح الرهينة أربيل يهود في المجموعة السابقة.

مقالات مشابهة

  • الإفراج عن 183 أسيرًا فلسطينيًا ضمن الدفعة الرابعة من صفقة التبادل
  • العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب
  • غدًا.. تحرير 90 أسير فلسطيني من سجون الاحتلال مقابل 3 إسرائيليين
  • حماس: الحركة ستواصل حكم غزة حتى يتم العثور على بديل فلسطيني
  • "دولة ناشئة" في غزة.. سياسي إسرائيلي يقدم خطة اليوم التالي
  • بدء وصول 110 أسيرًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال إلى منازل عوائلهم
  • ‏مصدر فلسطيني: الصليب الأحمر الدولي أبلغ حماس أن إسرائيل ستفرج عن الأسرى الفلسطينيين اليوم
  • 110 أسير فلسطيني يتنفس هواء الحُرية
  • أسعار الدواجن تفاجئ الجميع.. بكم الفراخ البيضاء في السوق للمستهلك اليوم؟
  • اليوم التالي لحرب غزة.. بوادر تفكك الائتلاف الحكومي الإسرائيلي