سؤال اليوم التالي والإجابة المفقودة فلسطينيًا
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
يتحدث الجميع عن اليوم التالي، وتنعقد اجتماعات إقليمية ودولية لبحث خيارات هذا اليوم المعضلة. وفي الوقت الذي يبدو السؤال مطروحًا في وجه الجميع، فإنّ محاولات الإجابة عنه تبدو هي الأخرى جادة في كل المستويات، رغم صعوبة اجتراحها في ظل التعقيد الحاصل في المشهد.
جرت اجتماعات أميركية ثنائية مع كل الفاعلين الإقليميين بالملف الفلسطيني؛ لدراسة خيارات ما بعد الحرب، وجميعها نقاشات تفترض نتيجةً محسومةً للحرب، وهي غزة بلا حماس.
إلا أن تجاهل الإصرار بيوم تالٍ بدون حماس يبدو هو الآخر نوعًا من الانفصال عن الواقع. فغزة تسير باتجاه مكانٍ غير قابل للعيش، ومفتوحٍ على كل شيء إلا الاستمرار الطبيعي للحياة كما كانت قبل "طوفان الأقصى" والحرب الرهيبة الحالية.
فبقدر ما هي وَاهِمة أهداف القضاء على حماس كفكرة، فإنّ مسألة القضاء على مقدراتها وبناها التنظيمية والعسكرية والمدنية حتى، ليست فكرةً غير واقعية.
تصورات غير مطروحةفي ظل هذا التعقيد، يبدو المشهد الفلسطيني مرتكزًا على أمنيتين: الأولى، تستمد حُلمها من صمود أسطوري للقطاع وفصائل المقاومة الفلسطينية هناك، وبيومٍ تالٍ يحمل معه انتصارًا ناجزًا على جيش الاحتلال.
والأخرى تبدو مستندة لآمالٍ معاكسة، بإمكانية إنهاء الواقع السابق في غزة، وإعادة الأمور لما قبل 2007. واللافت بين الأمنيتين، ضياع الإجابة الوطنية على موضوع اليوم التالي لغزة، الذي سيستدعي الجميع للوقوف أمام مسؤولياته، وربما سيعيد تعريف الموقع الوطني لكل طرف.
فلسطينيًا، لم يُطرح حتى اللحظة تفكير وطني جادٍ متجاوزٍ للأماني والتخيلات، ومرتبطٍ أكثر بالتطورات التي تصنع واقعًا يتراكم أمامنا كل يوم كجبل هائل من الأعباء والمسؤوليات والمشكلات التي لن تنعقد شروط حلها، حتى بانتهاء الحرب على أفضل السيناريوهات العسكرية بالنسبة لفصائل المقاومة.
نتحدث عن البنى التحتية المدمرة، وعن أحياءٍ مُسحت بأكملها، وبيوتٍ بعشرات الآلاف لم تعد إلا تلالًا من ركام. ونتحدث عن مشروع إعادة إعمار لن نرى ملامحه بدون تشكل إراداتٍ دوليةٍ وإقليمية له، وهذا قياسًا على الدمار الذي لم يزل قائمًا في أكثر من بلد مجاور منذ سنواتٍ بانتظار الانفراجات السياسية.
مسائل اليوم التالي لا تخصّ مستقبل حماس وحدها، بل مستقبل غزة كله، ومستقبل أبنائها، وبالتالي مستقبل القضية برمتها. تصورات اليوم التالي فلسطينيًا تبدو غير مطروحة. فالفاعل الفلسطيني الرسمي يظهر فقط في مقاعد المتفرجين والمنتظرين تسوية ما، ويسأل بين الحين والآخر عن دور متوقع له.
دبلوماسية عاجزةقبل أيام فقط صرّح وزير الخارجية الفلسطيني بضرورة توفير ممرات إنسانية آمنة للمدنيين في رفح. تصريحٌ بدا قادمًا من منظمة غير حكومية إسكندنافية، وليس من رأس الدبلوماسية الفلسطينية، التي غابت في الوقت الذي ينشغل العالم كله بما يجري في غزة. ثم تصريح للرئيس أبو مازن حول تحميل حماس مسؤولية إنجاز صفقة لتجنيب رفح مأساة قادمة.
في الجانب المقابل، لا تبدو حماس مهتمة بلقاء أبو مازن الذي يتجاوزه الجميع، بمن فيهم حلفاؤه، والولايات المتحدة التي تحدثت عن "سلطة فلسطينية متجددة،" ولا تجديد في سلطة يبقى أبو مازن رأسًا لها.
ورغم أن التجاوز هو أقلّ ما يستحقه أداء السلطة ومؤسساتها على مدار العقد ونصفٍ الماضيين من حصار غزة، فإن بدائل هذا التجاوز تغيب، وإن حضرت، فهي تدفع باتجاه عدمية أعمق، يحاول الجميع الهرب منها.
الانغلاق الداخلي الفلسطيني يبدو سحيقًا، وأقل دليل على ذلك أن الحرب الحالية بكل مهدداتها الوجودية لم توفر أرضية للانفراج بعد.
تحت هذه الظلال يسير مشروع التهجير إلى مراحل أكثر خطورة. الاحتلال يهدد رفح التي يجتمع فيها أكثر من نصف سكان غزة، والسلطة الفلسطينية تطالب بممرات إنسانية منها، فيما تجهز مصر منطقة للمخيمات الجديدة المتوقعة، بعد أن كان المأمول من الجيران العرب التأهب للدفاع عن حدودهم الوطنية بغير الخيم والجدران الإسمنتية في وجه اللاجئين.
يتعامل الجميع مع عملية رفح كأنها أمر واقع قادم، دون بذل أي جهد يذكر في مواجهتها، رغم تغيرات الموقف الدولي من استمرار حرب الإبادة على الفلسطينيين في غزة. وحدها فعلت جنوب أفريقيا، كما فعلتها وحيدةً قبل ذلك.
دبلوماسية الفلسطينيين عاجزةٌ على المستوى الخارجي، لكن ليس أقل من أن تكون هناك دبلوماسية داخلية ما تعمل من أجل اجتماع فلسطيني يناقش سؤال اليوم التالي بنفسٍ مسؤول. عنق الجميع على سكين الاحتلال، ليس فقط حماس.
نتنياهو أعلنها هو ويمينه المتطرف صريحةً ضد وجود السلطة الفلسطينية، رغم كل إرث حسن النوايا والخدمات المجانية في الضفة الغربية.
مشروع إصلاحيالتوحش الإسرائيلي يقود حربه ضد وجود الفلسطينيين كجماعة وطنية، ولا يهم مَن على رأسها، متعاونين كانوا أم مقاومين. وفي لحظة مصيرية كلحظة حرب الإبادة الحالية، نجد افتراقًا فلسطينيًا لا يشي إلا بعمق الأزمة الوطنية للفلسطينيين.
على هذه الأرض ما يستحق الاتفاق، وبغيره لن يكون ممكنًا تصريف التضحيات والبطولات المسطرة في غزة. تشير التجربة التاريخية المتأخرة للفلسطينيين إلى عجز في استثمار الزخم المقاوم في وجه الاحتلال.
وتبدو أسباب ذلك كثيرة، أهمها وأكثرها وضوحًا يتجلى في افتراق الطرق الداخلية للقرار الفلسطيني. هذه بحد ذاتها مسألة تستحقّ العناية، فالاستمرار بالتضحيات دون مسارات سياسية جامعة لتحويلها إلى منجزات على الصعيد الوطني هو تكريس للإحباط القائم دومًا على سؤال الجدوى.
لن تكون هناك حاجة في التذكير بموبقات طرف بعينه، وبتاريخه وحاضره. الاتفاق ليس هديةً تُمنح لطرف دون آخر، الاتفاق احتياج شعبي وسياسي ووطني. الاتفاق الداخلي هو المقاربة السياسية الوحيدة ربما، من أجل تخفيف وطأة اليوم التالي، بغض النظر عن نتائج الحرب النهائية.
الاتفاق هو الإجابة الفلسطينية الوحيدة عن سؤال اليوم التالي. ولكن اتفاق على ماذا؟ هذا جوهريٌ أيضًا بقدر الأهمية ذاتها للاتفاق نفسه. اتفاق على توحيد القرار الوطني، أو مقاربته من زوايا تجعل منه وطنيًا.
إن دخول حماس والجهاد الإسلامي إلى منظمة التحرير الفلسطينية هو إجابة معقولة في هذه المرحلة. وهي خطوة أساسية في استعادة هذا الإطار إلى دوره الوطني بعد تغييب قسري واحتكار غير عادلٍ ولا مسؤول.
لن يعني هذا بطبيعة الحال، أن دخول حماس والجهاد منظمة التحرير سيُصلح المنظمة، لكنه ضروري للبدء العملي بمشروع الإصلاح. فالأهم في هذه المرحلة، هو أن تُستعاد المنظمة إلى شعبها بضمّ كل قواه الوطنية والتمثيلية، وأن يذهب الفلسطينيون إلى اليوم التالي بإطار وطني لمواجهة تحديات ما بعد الحرب، واستثمار التضحيات والزخم العالمي لها.
حتى اللحظة، ورغم التوحّش الإسرائيلي، هناك عجز يقول بأن اليوم التالي للحرب هو يوم فلسطيني، إلّا إنْ أبى الفلسطينيون ذلك.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الیوم التالی فلسطینی ا فی غزة
إقرأ أيضاً:
بسبب "عندي سؤال".. بوسي تتصدر التريند
تصدر اسم المطربة بوسي محركات البحث جوجل خلال الساعات الماضية، وذلك بسبب تصريحاتها في بودكاست "عندي سؤال" مع محمد قيس المعروض عبر موقع الفيديوهات "يوتيوب".
سبب تصدر بوسي التريندكشفت بوسي عن بدايتها الفنية وأول أجر تقاضته، وقالت: "أنا أول ما اشتغلت، اشتغلت مع حد اسمه حسام أبو السعود ده كان فرقة موسيقية بتشتغل في الأفراح، ودايما شغله كان في بلد ديرب نجم بعد الزقازيق بشوية".
وأضافت بوسي:" أنا كنت ما بين فنان وفنان بقول أغنية، وكان وقتها كان ألبوم تامر حسني وشيرين، وكنت بغني حاجات لشيرين لإن هي العشق من زمان بحبها جدًا صوتها مفيش زيه، هي كتلة مشاعر وإحساس".
وتابعت: "ومدرستش الموسيقى وأخدت الخبرة من المسرح، وأول أجر كان 15 جنيه، ووقتها كان مبلغ، وقعدت مع الفرقة دي سنة، وبعدين اشتغلت صولو وبقى ليا اسمي، وأول يوم نزلت فيه وكنت باخد قد اللي بقالوا 10 سنين في الشغلانة".
واختتمت بوسي: "كنت أعلى أجر في الزقازيق، وبعدين نزلت شارع الهرم لأن موضة الدي جي ظهرت والناس بدأت تشوف أجور المطربين غالية، وده أسوأ قرار أخدته
آخر أعمال بوسيوكان اخر اعمال بوسي أغنية «بحبك أنا»، التي طرحتها على طريقة الفيديو كليب منذ 3 شهور، محققة الكثير من المشاهدات، بالتعاون مع شركة روتانا للإنتاج الفني، والأغنية من كلمات أمير شيكو، وألحان تايسون، وايضا أغنية تحمل اسم «زيه تاني»، وكان ذلك في شهر يناير الماضي، وهى من كلمات حسام حسن وألحان مدين وتوزيع وميكس وماستر يحيي يوسف.
كلمات أغنية زيه تاني لـ بوسيمش حيجي زيه ثاني قلبي لسه بيتخطف
لو إسمه جه في لساني ده صعب جدًا يتنسي
وده النسيان متخلقش في يوم عشاني
مش حيجي زيه ثاني قلبي لسه بيتخطف
لو إسمه جه في لساني ده صعب جدًا يتنسي
وده النسيان متخلقش في يوم عشاني
لو قلبي طاوعني مرة وميفكرش فيه
ألقى عيني تخوني تجري وتدور عليه
لو عمر غاب لو فين ما كان
لو قلبي طاوعني مرة وميفكرش فيه