مؤامرة إخوانية غربية أم ثورة شعب؟
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
مؤامرة إخوانية غربية أم ثورة شعب؟
ولّد القمع نقمة عارمة لدى السوريين على اختلاف توجهاتهم السياسية، لذلك حاولوا بمختلف الوسائل تنظيم الاحتجاجات المطالبة بالتغيير.
لم يستسلم السوريون لحكم الأسد الأب الشمولي بل ظلوا ينتقدون، ويدعون إلى التغيير الذي يضمن الحرية والكرامة لجميع السوريين، ويحقق العدالة بينهم.
الحقيقة المؤكدة أن السوريين الأحرار لن يعودوا بأي شكل إلى حظيرة العبودية تحت سلطة آل الأسد الفاسدة المفسدة المستبدة، ولن تقنعهم أي قوة بهذه العودة.
مع انطلاقة الثورة السورية في 15 مارس 2011، لم يكن للإخوان المسلمين في بداية الأمر ثقل كبير في الحراك الشعبي. لكن لاحقاً انقسمت القوى الأخرى في المعارضة السورية على ذاتها.
هناك من يصور الموضوع كمؤامرة إخوانية غربية لإضعاف الأنظمة العسكرية في دول عربية جمهورية، اعتمدت غالبيتها أيديولوجية قومية لإسباغ مشروعية على انقلاباتها، وتفردها بالسلطة عقودًا بالحديد والنار.
* * *
ما نقرأه ونسمعه هنا وهناك حول دور الإخوان المسلمين في انتفاضات وثورات الربيع العربي، يندرج معظمه ضمن خانة تبرئة الذات وإراحة الضمير بخصوص التقصير الذي كان في ميدان دعم الشعوب العربية في البلدان التي شهدت الموجة الأولى من موجات الربيع العربي، وهي الانتفاضات التي لم تهدأ رغم كل التضحيات التي كانت وما زالت.
فهناك من يحاول أن يصور الموضوع وكأنه مؤامرة إخوانية غربية الغاية منها إضعاف الأنظمة العسكرية في الدول العربية الجمهورية، وهي الأنظمة التي اعتمدت غالبيتها الأيديولوجية القومية لإسباغ قسط من المشروعية على انقلاباتها، وتفردها بالسلطة على مدى عقود بالحديد والنار.
ولكن ما يهمنا هنا هو الوضع السوري باعتباره يمس مصير شعبنا وبلدنا، ومصير أجيالنا المقبلة.
فقبل الثورة لم يكن لتنظيم الإخوان السوري وجود فعلي في اللوحة السياسية السورية الداخلية. ربما كان هناك أفراد من أعضاء التنظيم، أو أوساط شعبية متعاطفة مع التنظيم، ولكن القيادات السياسية بكل مستوياتها كانت خارج البلاد.
ولم يكن هناك تنظيم إخواني فاعل له دور وازن في العمل السياسي المعارض داخل الوطن، وذلك بعد الضربة القاصمة التي وجهها حافظ الأسد التي التنظيم في بداية ثمانينات القرن المنصرم، وتمكنه في الوقت ذاته من تدجين معظم الأحزاب الأخرى الشيوعية منها والقومية ضمن “الجبهة الوطنية التقدمية” التي كان قد شكلها عام 1972.
هذا إلى جانب تمكن الأجهزة الأمنية من زرع العديد من العناصر المرتبطين معها ضمن قيادات الأحزاب الكردية التي كانت أصلاً أحزاباً مطلبية، لا تستهدف تغيير النظام، ولم تكن لديها خططاً واضحة حول المشاركة في الحكم؛ ولكن مع ذلك، من عادة الأنظمة الشمولية التحسّب لكل الاحتمالات.
ورغم كل القمع والتعسف لم يستسلم السوريون للحكم الشمولي الذي فرضه الأسد الأب عليهم، بل ظلوا ينتقدون، ويدعون إلى التغيير الذي يضمن الحرية والكرامة لجميع السوريين، ويحقق العدالة بينهم؛ ودفعوا ضريبة ذلك سنوات طويلة من السجن والنفي والتشرد، والأمثلة كثير جداً في هذا المجال تستعصي على الحصر.
كان ذلك في الوقت الذي كانت فيه معظم الدولة العربية والإسلامية منفتحة على نظام حافظ الأسد الذي كان قد نسج في الوقت ذاته الخيوط الوثيقة مع النظام الإيراني، ووضع حجر الأساس لاحتواء لبنان، وتهديد دول الجوار، وأحاط نفسه بشبكة حماية واسعة من العلاقات مع الدول الغربية والشرقية، ومع إسرائيل نفسها.
كل هذا كان يتم تحت غطاء من الشعارات التمويهية التضليلية التي كان يرفعها بنبرة عالية الغرض منها التغطية على الواقع الرث الذي تمثّل لاحقا في سلطة بشار الأسد، وهي السلطة التي ترسخت بفعل التزام الحرس القديم بتعليمات ولي نعمتهم، وتحت وطأة تهديدات الحرس الجديد الذي كان مستعداً لفعل أي شيء من أجل تأمين عملية توريث الجمهورية.
كل ذلك ولّد نقمة عارمة لدى السوريين على اختلاف توجهاتهم السياسية، لذلك حاولوا بمختلف الوسائل تنظيم الاحتجاجات المطالبة بالتغيير، كما عقدوا المنتديات. ولأول مرة حدث انفتاح داخلي لافت بين القوى السورية العامة، لا سيما العربية والكردية منها.
وكان التواصل بين معارضي الداخل والخارج، بمن فيهم قيادات الإخوان المسلمين في الخارج، وذلك بغية بناء جبهة وطنية شعبية واسعة، تضم مختلف التيارات السياسية السورية، ومن سائر المكونات المجتمعية السورية.
وذلك بهدف دفع السلطة نحو القبول بإجراء الإصلاحات، والقطع مع أحكام الطوارئ، وإلغاء المادة الثامنة من الدستور الذي فرضه حافظ الأسد على السوريين عام 1973، وهي المادة التي كانت تلزم السوريين بالقبول بحزب البعث قائداً للدولة والمجتمع بصورة لا علاقة لها بالانتخابات.
كانت القوى السورية المعارضة على قناعة بإمكانية بناء تحالف وطني عريض يكون الإخوان مجرد طيف من أطيافه السياسية لا أكثر؛ وكانوا يستلهمون في ذلك التجارب الناجحة التي شهدتها سوريا نفسها بعد الاستقلال. أو يستندون إلى واقع التدين السوري المعتدل، وعدم انسجامه مع شعارات الإسلام السياسي المتطرف.
ومع انطلاقة الثورة السورية أواسط 15 مارس 2011، لم يكن للإخوان المسلمين في بداية الأمر الثقل الكبير في الحراك الشعبي. ولكن الذي حدث لاحقاً هو أن القوى الأخرى في المعارضة السورية كانت منقسمة على ذاتها (إعلان دمشق وهيئة التنسيق مثالاً) وغير قادرة بطروحاتها وحجمها وترهلها على أن تكون في مستوى التحديات، لذلك كان التعويل على الحراك الشبابي غير المنظم.
ورغم المساعي التي كانت من أجل إيجاد الصيغة المناسبة للنشاطات والفعاليات الشبابية المطالبة بالتغيير في التنسيقيات، إلا أن الأخيرة ظلت خاضعة بهذا الشكل أو ذاك لتأثيرات المعارضة التقليدية التي كانت عاجزة كما أسلفنا عن اتخاذ المبادرة، وطرح نفسها بوصفها القيادة الجامعة المعترف بها من قبل السوريين.
واستمر الوضع هكذا في الأشهر الأولى من الثورة السورية (مرحلة السلمية)؛ وكانت الضغوط المتزايدة من قبل المؤيدين للثورة والمشاركين فيها لتشكيل جسم وطني سوري يكون بمثابة قيادة الثورة السورية، وعنوانها، والمدافع عن أهدافها في المحافل الدولية، فكان تشكيل المجلس الوطني السوري في 12 أيلول/سبتمبر 2011.
وكان الحرص من قبل مؤسسي المجلس على الجمع بين ممثلي مختلف الانتماءات المجتمعية التوجهات السياسية السورية. وكان التعامل مع الإخوان ضمن إطار هذا التوجه الوطني الجامع الذي كان المجلس ينطلق منه.
إلا أن الذي حصل هو أن قوى إقليمية ودولية دخلت على الخط، وزودت قوى سلفية جهادية بالأموال والعتاد والسلاح والتقنيات الإعلامية، فكانت ظاهرة العرعور التي برزت واختفت فجأة، كما كانت ظاهرة جيش الإسلام وأحرار الشام وجبهة النصرة وغيرها من التنظيمات الجهادية الإسلاموية التي كانت تتكاثر كالفطر من دون معرفة المجلس الوطني وخارج نطاق إرادته، وبعيداً عن سياساته وتوجهاته، وإنما كان كل فريق أو فصيل يتبع تعليمات وأوامر الممولين.
هذا في حين أن المجلس كان يحاول ضبط الأمور الميدانية عبر توحيد المنشقين العسكريين من الضباط وضباط الصف والجنود ضمن تشكيل وطني، غير أن تلك المحاولات باءت بالفشل نتيجة عناد بعض الضباط المنشقين من جهة، وتدخلات بعض القوى الإقليمية والدولية.
وفي مرحلة العسكرة بدأت أخطاء الإخوان المسلمين تظهر إلى العلن، حينما شكلوا القوى العسكرية الخاصة بهم ومن دون إعلام المجلس أو أخذ توجهاته بعين الاعتبار.
كنا نسمع بهذه التشكيلات والدروع كغيرنا. وقد كرّس هذا الأمر مناخ التوجس وعدم الثقة بين الإخوان وإعلان دمشق بالدرجة الأولى، ثم تبلور الموقف ليصبح الموضوع موضع خلاف عبثي بين "العلمانيين" و "الإسلاميين" وهو الخلاف الذي كان يستثمر فيه بعضهم.
ولكنه كلّف الثورة السورية المغدورة الكثير، وما زال السوريون يدفعون التكاليف الباهظة لتلك الخلافات ومآلاتها؛ التي تفاقمت نتيجة القراءة الخاطئة للواقع السوري ودوره في سياق المعادلات الإقليمية والدولية.
وتكاملت الأخطاء بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع جهود السلطة التي اعتمدت، بالتشاور مع الراعي الإيراني، استراتيجية إبعاد سائر المكونات المجتمعية السورية ما عدا المكون العربي السني عن الثورة، وإغراق هذه الأخيرة بالقوى المتطرفة أو المتظاهرة بالتطرف، وذلك لإلصاق تهمة التشدد والإرهاب بالثورة.
وبالتناغم مع هذه التوجهات السلطوية تم إطلاق سراح مجموعة من الإسلاميين؛ كما تم تصنيع الكثير من المتشددين بجهود مخابراتية، وظهرت جبهة النصرة، واكتملت اللعبة بظهور "داعش" الكوكتيل المخابراتي الذي استثمرت فيها الأجهزة المخابراتية الإقليمية والدولية، المعنية بالموضوع السوري.
وكان كل ذلك لعرقلة الثورة السورية، وتسويد صفحتها. هذا في حين أن الفصائل المعنية كانت وبالا على الثورة وعلى السوريين.
ومن منا لا يتذكر الجهود التنسيقية التي كانت بين تلك الفصائل الإرهابية وقوات “حزب الله” والسلطة في أكثر من موقع، حين أن قوى عسكرية إسلاموية محسوبة على الثورة كانت تمتلك كل الامكانيات المطلوبة لدخول دمشق القريبة منها جغرافياً، ولكنها لم تفعل لأسباب خاصة ما زال السوريون في انتظار بيانها.
الوضع السوري الراهن معقد للغاية، وقد كان أكثر تعقيداً خلال السنوات الأولى من الثورة، لذلك لا يمكن اختزاله بجرة قلم، والقول بأن الإخوان كانوا السبب، بقصد تبرئة ساحة من كانوا السبب في إضعاف السوريين الباحثين عن الحرية والكرامة والعدالة. واليوم، ها هم السوريون، وبعد مرور 13 عاماً على انطلاقة ثورتهم، أكثر إصراراً على تحقيق أهدافهم.
بقي أن نؤكد مجدداً حقيقة لم، ولن، نشكك فيها في أي يوم، وهي أن السوريين الأحرار لن يعودوا ثانية، وبأي شكل من الأشكال إلى حظيرة العبودية في ظل سلطة آل الأسد الفاسدة المفسدة المستبدة، ولن تتمكن أي قوة من إقناعهم بضرورة أو واقعية مثل هذه العودة.
*د. عبد الباسط سيدا كاتب وأكاديمي سوري
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الثورة السورية الأنظمة العسكرية الدول العربية ثورة شعب الإخوان المسلمين ثورات الربيع العربي الثورة السوریة المسلمین فی التی کانت الذی کان التی کان لم یکن
إقرأ أيضاً:
بعد صدور مذكرتي توقيف بحقه.. هل يحاكم بشار الأسد على جرائمه بحق السوريين؟.. تقارير حقوقية توثق العثور على مقابر جماعية لنحو 100 ألف جثة بدمشق.. أبرز المسارات لمثول قادة النظام أمام الجنائية الدولية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
"بسبب قتيل واحد أصدرت جهات قضائية فرنسية مذكرتين لتوقيف الرئيس السوري السابق بشار الأسد"، فماذا عن 100 ألف قتيل وجدوا في مقابر جماعية في مناطق متفرقة من سوريا في أعقاب سقوط نظام الأسد؟ .. السؤال المُلح يجذب معه الكثير من التساؤلات حول كيفية محاكمة نظام الأسد على جرائمه بحق السوريين.
من النهاية إلى البداية.. مذكرات توقيف بشار الأسدقبل دقائق معدودة.. أصدرت محكمة فرنسية مذكرة توقيف جديدة صدرت ضد الرئيس السوري السابق بشار الأسد، بشبهة التواطؤ في جرائم حرب في قصف لمدينة درعا في العام 2017 أوقع قتيلا مدنيا يحمل الجنسيتين الفرنسية والسورية، على ما أفاد مصدر مطلع لفرانس برس.
وقالت الوكالة الفرنسية: "أصدرت قاضيتا تحقيق فرنسيتان، أمس الإثنين، مذكرة توقيف بحق بشار الأسد"، وهي المذكرة الثانية لتوقيف قائد النظام الذي يعيش في روسيا، بعد أن منحته موسكو حق اللجوء "لدواعٍ إنسانية".
جاءت مذكرة التوقيف الأولى من قضاة فرنسيين في دائرة مكافحة الجرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية في باريس، وتستهدف الرئيس السوري السابق الذي أطيح به في ديسمبر 2024، وذلك بناء على طلب من النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب (بنات).
وأكدت نيابة مكافحة الإرهاب الفرنسية إن بشار الأسد لم يعد في منصبه ولا يتمتع بحصانة شخصية تحميه من أي ملاحقة قضائية أمام محاكم أجنبية بموجب ممارسة في القانون الدولي تستند إلى احترام السيادة المتبادل، وصدرت مذكرة التوقيف في ختام تحقيقات خلصت إلى أن صلاح أبو نبوت وهو مواطن سوري فرنسي يبلغ 59 عاما وأستاذ لغة فرنسية سابق، قتل في السابع من يونيو 2017 جراء قصف منزله بمروحيات تابعة للجيش السوري.
كيف يحاكم بشار الأسد على جرائمه ضد الإنسانية؟في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، كشفت العديد من التقارير الحقوقية والإعلامية عن العثور على مقابر جماعية خارج العاصمة السورية دمشق، وتضم نحو 100 ألف جثة لأشخاص تقول التقارير إن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد مسؤول عن تعذيبهم وقتلهم.
وشددت التقارير على أن نظام الأسد انتهج سياسة التعذيب بحق كل من يعارضه، وكانت منطقة القطيفة الواقعة على بعد 40 كيلومترا من العاصمة السورية دمشق واحدة من أبرز الأماكن التي تضم عدة مقابر جماعية استخدمها النظام السابق على مدى سنين للتخلص من معارضيه، وذلك ضمن سياسة ممنهجة منذ عام 2011 عندما اندلعت ثورة شعبية مطالبة بتغيير النظام.
الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية تحدد مسارات محاكمة الأسدبحسب منظمات حقوقية ومسؤولين في الأمم المتحدة، فإن البداية الحقيقية لمحاكمة بشار الأسد تأتي من تحريك الدعاوى المناسبة أمام المحاكم المختصة بالتحقيق في مثل هذه الانتهاكات، ومن ثم بدء التحقيق في الجرائم المنسوبة إليهم.
في هذا الشأن، أكدت أليس جيل إدواردز، مقررة الأمم المتحدة المعنية بمناهضة التعذيب، أن نظام الأسد ارتكب جرائم التعذيب بحق آلاف المعتقلين والسجناء، وهذه الأساليب شملت الصعق بالكهرباء والاعتداءات الجنسية، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة أعدت سجلا كاملا بهذه الاتهامات، وتضمن الوقائع والأمثلة التي قام بها الأسد، كما أشارت إلى أنها التقت ممثلين عن المحكمة الجنائية الدولية من أجل إحقاق العدالة وتعويض الضحايا والناجين.
وناشدت إدواردز" المجتمع الدولي للتحرك بشكل عاجل إلى إنشاء محكمة عليا لنظر جرائم نظام الأسد ومحاكمة المسؤولين الضالعين في هذه الجرائم أو تسليمهم إلى سوريا.
وتكمن الخطوة الأساسية في محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم في تحريك الدعاوى المناسبة أمام المحاكم المختصة بالتحقيق في مثل هذه الانتهاكات، ومن ثم بدء التحقيق في الجرائم المنسوبة إليهم.
تقارير حقوقية توثق جرائم نظام الأسدمنذ عام 2011، نشطت العديد من المراكز الحقوقية والبحثية الساعية لتوثيق الجرائم التي ارتكبها النظام السوري بقيادة بشار الأسد بحق المدنيين السوريين الذين خرجوا مطالبين بمعيشة أفضل، ومن بين هذه المنظمات الحقوقية الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي أصدرت تقريرًا أكدت فيه أنه على مدى 14 عامًا منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، عملت الشبكة على توثيق العديد من الجرائم وسلسلة الأوامر التي لا يمكن تنفيذها إلا عن طريق مباشر من بشار الأسد، مثل عمليات القصف والقتل واستخدام البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في سوريا.
وأكد فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تصريحات تلفزيونية، إن هناك "أطنانا من الأدلة التي توثق مئات آلاف الحوادث، إضافة إلى آلاف الوثائق من النظام نفسه، ومن ثم "ليس لدينا شك في أنه ستتم محاسبة بشار الأسد وإدانته بالأدلة، وذلك عبر محاكمة عادلة ولن نقبل أن يتعرض للتعذيب أو يتم إخفاؤه قسريا كما فعل مع عشرات آلاف السوريين".
ودعت الشبكة السلطات السورية الجديدة للإسراع في وضع دستور جديد للبلاد، لأن الدستور الحالي وضعه النظام على نحو ينتهك حقوق الإنسان، كما أنه يجمع كل السلطات في يد السلطة التنفيذية التي يمثلها الرئيس، مضيفة :" يتوجب أيضًا تعديل وضع المحاكم في سوريا، فهي غير مؤهلة ولا يوجد لديها اختصاص بالنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تورط فيها الأسد، لأنه عمليا كان رئيس المجلس الأعلى للقضاء وينوب عنه وزير العدل، كما يعين قضاة المحكمة الدستورية العليا، فتصبح كلها سلطة دكتاتورية مطلقة.
وأوضحت أن الخطوة الثالثة اللازمة لمحاكمة بشار الأسد تكمن في مصادقة السلطات الجديدة على اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية، مما يدخل سوريا ضمن اختصاص هذه المحكمة، وبالتالي تتفاعل مع الجرائم التي ارتكبت في سوريا ومحاسبة المسؤولين عنها.
ويؤكد خبراء القانون الدولي أنه يشترط لمحاكمة بشار الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية توقيع كل من سوريا وروسيا على "ميثاق روما" الذي على أساسه شُكلت المحكمة الجنائية الدولية عام 1998، وعدم التوقيع على هذا الميثاق يمثل عقبة أمام خضوع نظام بشار الأسد لاختصاصات هذه المحكمة، ومن ثم اللجوء إلى مسارات أخرى لمعاقبة مرتكبي الجرائم في حق السوريين.