ترامب الذاهب... ترامب الآتي
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
ترامب الذاهب... ترامب الآتي
برع ترامب في اختيار الشعار الجاذب لكتلة واسعة من الناخبين في بلاده، والمتمثل في ما يصفه بإعادة العظمة إلى أميركا، التي يرى أنها فقدتها.
كابَر ترامب في الإقرار بهزيمته، ورفض الاعتراف بنتائج الانتخابات، وما زالت يواجه اتهامات بالتحريض على الهجوم على مبنى "كابيتول".
هزيمة ترامب لا تعني أن الترامبية إلى زوال، فترامب عنوان لمرحلة مأزومة في أميركا، وليس هو من صنع الأزمة، وإنما الأزمة جاءت برجل مثله رئيساً.
الانطباع السائد يرجّح عودته إلى البيت الأبيض وربما مؤكدة، خصوصاً إزاء الصورة الضعيفة والمتردّدة لمنافسه الديمقراطي الرئيس الحالي بايدن.
إعلان ترامب أثار الجدل وفزع حلفاء واشنطن، أخيراً، حين قال إنه سيشجّع روسيا على مهاجمة بلدان منضوية في "الناتو"، إذا لم تدفع ما عليها لميزانية الحلف.
"أميركا أولًا".. هكذا يردّد داعياً لاهتمام أكبر بالوضع الداخلي، وتحرير أميركا، ما أمكن، من التزامات خارجية يراها مرهقة ماليّاً، تجاه حلفاء واشنطن في حلف الناتو.
فوز ترامب مرجّح ومخاوف خصومه كبيرة، لكن حتى إنْ حُرم حقّ الترشّح بأمر القضاء، فالترامبية لن تنتهي لأن الأمر يتعلق بميل شعبوي كاسح يجتاح الغرب كله، لا أميركا وحدها.
الغرب أمام منعطف كبير بدأت علاماته وتجلياته، الملموسة، في الظهور، سواء على مستوى كل بلد، أو على مستوى الغرب الشامل، ونشهد ظهور نسخٍ أخرى من ترامب، بمفردات الخطاب نفسه بدول مختلفة.
* * *
لم تكن فرص الرئيس الأميركي السابق، الجمهوري دونالد ترامب، بالفوز في الانتخابات التي فاز فيها الرئيس الحالي، الديمقراطي جو بايدن، قليلة.
يومها حصد ترامب ما يفوق سبعين مليون صوت من الناخبين، وهو عددٌ لم يحقّقه حتى بعض من فازوا في انتخاباتٍ رئاسية سابقة، وظلّ الوضع في الدوائر الموصوفة بالمتأرجحة مبعث قلقٍ لبايدن والديمقراطيين حتى آخر اللحظات، قبل الإعلان النهائي للنتائج، حتى إن محلّلين بارزين يومها تنبّأوا بأنّ هزيمة ترامب لن تكون كاسحة، لأن الشعب الأميركي أصبح منقسماً أيديولوجياً أكثر من أي وقت مضى.
يومها، كابَر ترامب في الإقرار بهزيمته، ورفض الاعتراف بنتائج الانتخابات، وما زالت تُواجهه اتهاماتٌ بالتحريض على الهجوم على مبنى "كابيتول". ويومها أيضاً قيل إن هزيمة ترامب لا تعني أن الترامبية إلى زوال، فترامب عنوان لمرحلة مأزومة في أميركا، وليس هو من صنع الأزمة، وإنما الأزمة جاءت برجل مثله رئيساً.
بل إن محللين تنبّأوا، في حينه، وقبيل الانتخابات الأخيرة بقليل بما حدث بالفعل، وظلّ السبعون مليوناً الذين منحوه أصواتهم، خصوصاً من البيض، ضعيفي التعليم، متمسّكين بالأفكار التي يروّجها، وربما أكثر من ذي قبل، بل ازدادت أعدادهم، لذا فإن رأب الصدع عسير.
برع ترامب في اختيار الشعار الجاذب لكتلة واسعة من الناخبين في بلاده، والمتمثل في ما يصفه بإعادة العظمة إلى أميركا، التي يرى أنها فقدتها.
"أميركا أولًا"... هكذا يردّد داعياً إلى إيلاء الاهتمام الأكبر بالوضع الداخلي، وتحرير أميركا، ما أمكن، من التزامات خارجية يراها مرهقة ماليّاً، سواء تجاه حلفاء واشنطن في حلف الناتو، من خلال فرض شروط صعبة لإبقاء الدول الأوروبية تحت حماية المظلة الأميركية، أو تجاه المنظمات الدولية التي أظهر ويظهر تجاهها كثير من الازدراء.
والأمر نفسه يقوله عن الاتفاقات المبرمة مع الدول الأخرى، مشكّكًا في فكرة العولمة ذاتها وداعياً إلى التفات أميركا إلى وضعها الداخلي والاهتمام بمعيشة مواطنيها، فضلاً عن تعزيز الشعبوية والتطرّف والعنصرية ومناوأة المهاجرين.
هذا ما يكرّره ترامب اليوم في حملته الانتخابية الرئاسية الحالية للوصول إلى البيت الأبيض ثانيةً مرشّحاً أوفر حظاً عن الحزب الجمهوري، وإذا لم تحدُث مفاجآت غير محسوبة، كصدور حكم قضائي أو أكثر يحول دونه ومواصلة الترشّح للرئاسة، فإن هناك انطباعاً سائداً إلى أن عودته إلى البيت الأبيض مرجّحة، وربما مؤكدة، خصوصاً إزاء الصورة الضعيفة والمتردّدة لمنافسه الديمقراطي الرئيس الحالي بايدن.
يُركّز معارضو ترامب في حملتهم المضادّة عليه، على أن ما مارسه من نهج في فترة رئاسته الأولى، وما سيواصل السير عليه في حال إعادة انتخابه، سيخرّب العلاقات الدولية أكثر مما هي عليه حاليّاً، وسيؤدي إلى خسارة القيادة والنفوذ، وهذا ما تجسّد في إعلانه المثير لا للجدل وحده، وإنما أيضاً لفزع حلفاء واشنطن، حين قال، أخيراً، إنه سيشجّع روسيا على مهاجمة بلدان منضوية في "الناتو"، إذا لم تدفع ما عليها لميزانية الحلف.
وصف الرئيس بايدن تصريح ترامب بأنه "مروّع وفاقد للصواب"، فيما حذّر الأمين العام لحلف الأطلسي، ينس ستولتنبيرغ، من أن هذه التصريحات تقوّض الأمن الجماعي للدول الغربية كافة، بما فيها الولايات المتحدة نفسها، والأمر نفسه قاله مسؤولون أوروبيون كبار، وإنْ بعباراتٍ أو صياغات مختلفة.
وبدأ بعضهم في الدعوة، مجدّداً، إلى أن تولي أوروبا عناية خاصة بأمنها المستقل بعيداً عن الاعتماد الكلي على واشنطن، وهي دعوة قديمة، لكننا لم نشهد خطواتٍ نحو الأخذ بها، ولن يكون هذا متيسّراً بسهولة.
علماً أن الولايات المتحدة تمتلك عشرات القواعد وآلافاً من عديد قواتها العسكرية الفاعلة في دول أوروبية، مثل إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا وتركيا، وقد ارتفع هذا العدد بعد الحرب الأوكرانية، خصوصاً في دول البلطيق وبولندا.
فوز ترامب ثانيةً مرجّح، ومخاوف خصومه من هذا كبيرة، لكن حتى إنْ حُرم حقّ الترشّح بأمر من القضاء، فإن الترامبية لن تنتهي. ولا يتعلق الأمر باسم صاحبها، بل بميل شعبوي كاسح يجتاح الغرب كله، لا الولايات المتحدة وحدها.
هذا الغرب أمام منعطف كبير بدأت علاماته، لا بل وتجلياته، الملموسة، في الظهور، سواء على مستوى كل بلد، أو على المستوى الغربي الشامل، وها نحن نشهد ظهور نسخٍ أخرى من ترامب، بمفردات الخطاب نفسه، في أمكنة مختلفة.
*د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الغرب أميركا بايدن ترامب الشعبوية حلف الناتو العنصرية الحزب الجمهوري حلفاء واشنطن ترامب فی
إقرأ أيضاً:
أميركا تشن هجوما جوبا وبحريا على الحوثيين
سرايا - ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة بدأت، السبت، تنفيذ ضربات عسكرية واسعة النطاق ضد عشرات الأهداف في اليمن في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وفقًا لتقارير إخبارية محلية ومسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، وذلك في بداية ما وصفه المسؤولون الأمريكيون بأنه هجوم جديد ضد المسلحين.
وأصابت الضربات الجوية والبحرية التي أمر بها الرئيس ترامب، رادارات ودفاعات جوية وأنظمة صواريخ وطائرات بدون طيار، في محاولة لفتح ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر التي عطلها الحوثيون لأشهر بهجماتهم الخاصة.
وكانت إدارة بايدن قد نفذت عدة ضربات مماثلة ضد الحوثيين، لكنها فشلت إلى حد كبير في استعادة الردع في المنطقة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن القصف، وهو أهم عمل عسكري في ولاية السيد ترامب الثانية، يهدف أيضًا إلى إرسال إشارة تحذير إلى إيران.
وتقول الصحيفة إن ترامب يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي، لكنه ترك احتمال العمل العسكري مفتوحًا إذا رفض الإيرانيون المفاوضات.
وأوضح المسؤولون الأمريكيون أن الغارات الجوية ضد ترسانة الحوثيين، المدفون جزء كبير منها عميقًا تحت الأرض، قد تستمر لعدة أيام، وستزداد شدتها ونطاقها تبعًا لرد فعل المسلحين.
وقد واجهت وكالات الاستخبارات الأمريكية صعوبات في الماضي في تحديد مواقع أنظمة أسلحة الحوثيين، التي ينتجها المسلحون في مصانع تحت الأرض وتلك التي تصل من إيران.
وكان الحوثيون قد أعلنوا، الثلاثاء، استئناف حظر عبور السفن الإسرائيلية، وذلك عقب انتهاء المهلة التي منحتها لإسرائيل لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
جاء ذلك في بيان مصور مساء الثلاثاء، للمتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، نشره على حسابه بمنصة إكس، قائلا إن قواتهم "تؤكد استئناف حظر عبور كافة السفن الإسرائيلية في منطقة العمليات المحددة بالبحرين الأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن".
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #ترامب#إيران#المنطقة#نيويورك#أمريكا#العمل#بايدن#الدفاع#غزة#الورد#الرئيس#اليمن
طباعة المشاهدات: 1275
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 15-03-2025 09:38 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...