الخليج الجديد:
2024-10-05@01:08:58 GMT

لماذا زار أردوغان القاهرة؟

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

لماذا زار أردوغان القاهرة؟

لماذا زار أردوغان القاهرة؟

هل انقلب أردوغان على نفسه وشعاراته ومبادئه؟ لا لكنه منسجمٌ مع نفسه كثيراً، وهو ثعلبٌ سياسي يجيد فن اللعبة السياسية والمصالح.

مرحلة جديدة بعيداً عن الرهانات التركية في لحظة الربيع العربي، وترميم العلاقات مع الأنظمة العربية الرسمية المحافظة، مثل مصر والسعودية والإمارات.

لماذا زار أردوغان القاهرة وأنهى عقداً من الخصومة، والتقاء السيسي آخر حلقة من حلقات الانتقال التركي، بعد تحسين العلاقات مع كل من السعودية والإمارات؟

الأنظمة العربية الرسمية المحافظة كانت تعتبر تركيا مصدر تهديد، كحاضنة وداعمة للإسلام السياسي، بل عرّابة لهذا التيار الذي اعتبرته تلك الأنظمة تحدّياً رئيسياً لها.

تراجع كبير في شعبية تركيا والقناعة بمواقفها لدى الشارع العربي، بعد أن كانت استطلاعات الرأي تظهر سابقا شعبية جارفة لها ولأردوغان في شوارع عربية عديدة.

يمارس أردوغان التوازن بين ما يؤمن به من مبادئ ومقتضيات الواقع، بين ما يحلم به وما يمكنه تحقيقه، بين ما يضمر من مواقف وما يتطلبه الواقع وتقلباته من فقه سياسي مختلف.

بدأت الاستدارات التركية قبل أعوام باستقبال أردوغان رئيس الكيان الصهيوني وأحدثت صدمة كبيرة لدى الجماهير خاصة بعد انتقادات لاذعة كان يوجهها أردوغان لإسرائيل وجرائمها بفلسطين.

* * *

بعد ممانعة كبيرة وعناد متواصل، استجاب أخيراً الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لنصائح مستشاريه السياسيين والأمنيين، وقبل بزيارة القاهرة ولقاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ليتوّج التحوّلات الكبيرة في السياسات والمواقف التركية تجاه المنطقة العربية.

ويمضي في مرحلة جديدة بعيداً عن الرهانات التركية في لحظة الربيع العربي، وترميم العلاقات مع الأنظمة العربية الرسمية المحافظة، مثل مصر والسعودية والإمارات، التي كانت تعتبر تركيا بمثابة مصدر من مصادر التهديد، بوصفها حاضنة وداعمة للإسلام السياسي، بل عرّابة لهذا التيار الذي اعتبرته تلك الأنظمة تحدّياً رئيسياً لها.

بدأت الاستدارات التركية قبل أعوام، وقد نشر كاتب هذه السطور مقالاً قبل عامين بعنوان "الفقة السياسي الأردوغاني" تعليقاً على استقبال أردوغان رئيس الكيان الصهيوني، إسحق هرتسوغ، وما أحدثه ذلك من صدمة كبيرة لدى الجماهير، بخاصة بعد الانتقادات اللاذعة التي كان يوجهها أردوغان لإسرائيل وجرائمها في فلسطين.

وكانت الحكومة التركية قد طلبت قبل ذلك من إعلاميين مصريين مشهورين معارضين وقنوات فضائية بخفض سقف النقد ضد الرئيس السيسي، ما دفع عديدين منهم إلى الهجرة ومغادرة تركيا أو التخلّي عن برامجهم النقدية.

تراجعت، في الحرب الإسرائيلية على غزّة، مواقف أردوغان أكثر وأكثر، ولم يظهر كالعادة بصورة القائد الإسلامي الذي ينفجر غضباً في وجه إسرائيل ويرفع سقف الخطاب والنقد ويهاجم الكيان في العالم.

بل توارى كثيراً عن الأنظار، باستثناء بعض خطابات شعبوية داخلية لم تقدّم ولم تؤخّر كثيراً (رغم أنها أزعجت إسرائيل واحتجّت عليها)، وهو ما انعكس على استطلاع الرأي الذي أجراه أخيراً المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إذ أظهر تراجعاً كبيراً في شعبية تركيا والقناعة بمواقفها لدى الشارع العربي، في حين كانت استطلاعات الرأي تظهر خلال السنوات السابقة شعبية جارفة لها ولأردوغان في شوارع عربية عديدة.

كل ما سبق خلفية مهمة في الإجابة عن السؤال الرئيس: لماذا زار أردوغان القاهرة، وأنهى عقداً من القطيعة والخصومة، وربما التقاء السيسي آخر حلقة من حلقات الانتقال التركي، بعد تحسين العلاقات مع كل من السعودية والإمارات.

فالعقل السياسي في حزب العدالة والتنمية، الحاكم منذ أكثر من 20 عاماً في تركيا، وصل إلى قناعة، منذ أعوام، بانتهاء مرحلة الرهان على الربيع العربي، وبعدم جدوى الاستمرار في حلقات الصراع التي أوجدتها الاصطفافات التركية، وبضرورة ترجيح مصالح تركيا الواقعية على تلك الدفعة الروحية الأيديولوجية التي ولّدتها لحظة الربيع العربي.

خاصة أنّ أردوغان وجد نفسه مُحاصراً ومعزولاً من أطراف دولية وإقليمية عديدة، وهو بحاجة إلى تصفير مشكلاتٍ عديدة، وإنعاش الأوضاع المالية في تركيا والدخول في شراكات استراتيجية وتوافقات إقليمية بما يخدم مصالح تركيا الإقليمية.

باختصار، انتصر أردوغان السياسي البراغماتي على أردوغان الأيديولوجي، أو رجب طيب الذي تخلى عن هويته الأيديولوجية الإسلامية، وترك حزب الرفاه قبل 22 عاماً ليؤسّس حزب العدالة والتنمية البراغماتي، ويعلن الاعتراف بالعلمانية، ويعيد تعريف نفسه وحزبه في المشهد التركي على رئيس بلدية إسطنبول، أردوغان، الشاب الذي اعتُقل وسجن لأنّه ألقى قصيدة ضد الكمالية الأتاتوركية وتدافع عن الهوية التركية، ورجّحت حسابات تركيا الاستراتيجية والمصالح الحيوية والاقتصادية على مفهوم "الخلافة العثمانية الجديدة"، واستعادة الدور التركي في العالم الإسلامي.

هل يعني ذلك أنّ أردوغان انقلب على نفسه وشعاراته ومبادئه؟ ليس تبريراً، بل تفسير، أقول: لا، بل هو منسجمٌ مع نفسه كثيراً، وهو ثعلبٌ سياسي يجيد فن اللعبة السياسية والمصالح، بل والتوازن بين ما يؤمن به من مبادئ ومقتضيات الواقع، بين ما يحلم به وما يمكنه تحقيقه، بين ما يضمره من مواقف وما يتطلبه الواقع وتقلباته من فقه سياسي مختلف.

*د. محمد أبورمان باحث في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي، وزير أردني سابق

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا مصر إسرائيل العلمانية الربيع العربي زيارة القاهرة حزب العدالة والتنمية الربیع العربی العلاقات مع بین ما

إقرأ أيضاً:

المؤرخ عمرو دوارة يسرد رحلة المكرمين مع المسرح العربي بمهرجان القاهرة للمونودراما

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقد مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما، ندوته الأولى حول فن المونودراما، ورحلة مكرمي المهرجان مع المسرح، اليوم الأربعاء، بالمجلس الأعلى للثقافة، وبحضور رئيس ومؤسس المهرجان الدكتور أسامة رؤوف، وحاضر بالندوة المؤرخ المسرحي دكتور عمرو دوارة، ومشاركة من الناقد المسرحي أحمد خميس.

في البداية رحب الدكتور أسامة رؤوف، بالحضور، معربا عن سعادته بمشاركة المخرج والمؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة في ندوات المهرجان، وتقديمه لندوة حول رحلة ومسيرة المكرمين فى الدورة السابعة للمهرجان.

وألقى الدكتور عمرو دوارة، الضوء على فن «المونودراما» والتعريف به، موضحا أن المسرح بدأ تاريخيًا بالمونودراما، وعاد من جديد ليقدم وينتشر في بداية القرن الحادي والعشرين، فالمسرح الإغريقي في القرن السادس قبل الميلاد بدأ بالممثل الواحد، وذلك من خلال «ثسبيس»، ومن بعده إدخال الممثل الثاني والثالث، حتى وصل العرض المسرحي  للشكل المتعارف عليه.

وأوضح «دوارة» أن سبب عودة المسرحيين إلى تقديم «المونودراما» أن الإنسان في القرن الحادي والعشرين، بدأ يشعر بالوحدة والإغتراب، لذا يريد أن يعبر عن مشاعره في هذا العالم وعن حالته النفسية، ومشاعره الفردية وأزماته النفسية الكبيرة التي يعيشها وسط المجتمع، وسط هذا العالم، إضافة إلى أن هذا الفن يتسم بتكلفة إنتاج منخفض وممثل ومخرج فيمكن أن تقدم بيسر في أي مكان .

وأكد «دوارة» أن مصر قدمت المونودراما منذ عقود طويلة في رحلة الفن المصري، وأول دولة تقدم عروض للمونودراما في الوطن العربي، منها عرضًا للمخرج سمير العصفوري بقاعة 1979 م تسمى باسم «صلاح عبد الصبور»، وقدمنا أول مهرجان للمونودراما للجمعية المصرية للهواة المسرح عام 1984م

واستعرض «دوارة»، رحلة وتاريخ المكرمين، وخاصة الثلاثة المصريين الذي خاضوا رحلتهم مع المسرح المصري منذ عقود طويلة، فالنجمة نيللي أكثر المكرمين المصريين مشاركة في المسرح، وبدأت في رحلتها على المسرح  وقدمت الدلوعة 1969م، وقدمت العديد من العروض المسرحية بعد ذلك، منها : "سندريلا والملاح، كباريه، العيال الطيبين، الدنيا دولاب، عريس في إجازة" وغيرهم .

وعن النجم هاني رمزي، قال دوارة، إنه بدأ رحلته مع مسرحية «تخاريف» 1989 م واستكمل رحلته في عدة عروض مسرحية يعرفها الجمهور العام منها«ألابندا، كده أوكيه» وآخرهم مسرحياته «أبو العربي 2021»، ولكنه رغم مهارته وقدرته على تقديم المونوداما لكنه لم يقدمها.

أما النجمة إلهام شاهين، تحدث دوارة عن رحلتها قائلا: إنها بدأت رحلتها في السبعينيات بالقرن الماضي وقدمت العديد من المسرحيات من المحلية والعالمية منها «كاليجولا»، وقدمت المصيدة»، «بهلول في اسطنبول» 1995م وغيرهم من صنفي الدراما الكوميديا والتراجيديا.

وأكد دوارة، أن الفنانين المكرمين من الوطن العربي لهم أثرهم الكبير في مسرحهم المحلي والعربي، فالفنان غنام غنام مؤسسا لفرق مسرحية منذ بداياته، حيث شارك في فرقة «المسرح الحر» بالأردن وهو «رجل مسرح» بمعنى الكلمة، فشارك بالمسرح العربي ممثلًا ومؤلفًا ومخرجًا مسرحيًا ونشاطه المسرحي له تاريخ طويل وتجارب عديدة تمتد لعقود سابقة، وحصل على  الكثير من التكريمات والأوسمة والجوائز والمراكز الأولى في المهرجانات المحلية والدولية، واختياره يمثل تميزا كبيرا في المكرمين.

واستكمل«دوارة» أن المهرجان يكرم الفنان العراقي الدكتور جبار جودي، صانع السينوغرافيا المتميز، والداعم لجميع الفنانين من خلال كونه نقيبا للفنانين العراقيين، ويسعى دائمًا لانتشار وتقديم المسرح العراقي في المحافل المحلية والعربية والدولية، وله العدي من التجارب المسرحية المميزة.

وتابع دوارة: أن المهرجان يكرم الفنان التونسي محمد منير العرقي رئيس لجنة تنظيم أيام قرطاج المسرحية الدورة 25 لعام 2024، وناشط مسرحي عربي بارز، ومدير إدارة المسرح الفنون الركحية، وقد شارك «العرقي» في العديد من المهرجانات الدولية كعضو لجنة التحكيم، وأخرج للمونودراما «واحد منا» وقدم للمسرح «أنا والكونترباص و«سعدون 28»، وذلك مع نجوم الدراما في تونس وشارك في عدة فعاليات عالمية، كما شارك بالتمثيل فى العديد من المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية.

تقام الدورة السابعة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما، برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، في الفترة من 1 حتى 5 أكتوبر الجاري، ويشارك فيها عدد من الدول العربية والأجنبية هم: "مصر وفلسطين والمغرب والإمارات والسودان والأردن وتونس والعراق والجزائر وسلطة عمان والسعودية والكويت ولبنان وكندا واليونان وإسبانيا وكوريا وإيطاليا والمجر".

 

مقالات مشابهة

  • البخيتي يكشف سر خطير: لماذا استقبل النظام السعودي هذا الشيعي الرافضي؟ صورة
  • محافظ البنك المركزي يستقبل سفير تركيا وممثلي فروع المصارف التركية في العراق
  • بيراميدز يخوض معسكر خارجي في تركيا استعدادًا للموسم الجديد
  • ليبيا  تشارك بأعمال الملتقى العربي للسكري في القاهرة
  • أردوغان يحذر الاحتلال من عواقب اجتياح لبنان.. "عينا إسرائيل على تركيا"
  • المؤرخ عمرو دوارة يسرد رحلة المكرمين مع المسرح العربي بمهرجان القاهرة للمونودراما
  • تركيا بعد فلسطين ولبنان.. «أردوغان» يحذر الكيان الصهيوني من عواقب التوغل البري (تفاصيل)
  • أردوغان يحذر الاحتلال من عواقب اجتياح لبنان.. عينا إسرائيل على تركيا
  • تناقضات العلاقات التركية-الاسرائيلية
  • إعلام إسرائيلي: المجلس السياسي والأمني يدرس الرد على إيران بقصف منشآت نفطية