عربي21:
2025-03-20@14:35:09 GMT

إلى أين تقود المعارضة المصرية الأمة؟

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

تظل مصر "رمانة ميزان الأمة" الذي يشير لموقعها الحضاري رفعة أو انتظارا حتى حين، كانت كذلك خلال التحديات الكبرى عبر التاريخ وستظل حتى تعود لها مكانتها.. من هنا جاء دور ثورة 25 يناير، ومن قبل محاولة النهضة التي حاولت البعثات التي أرسلها محمد علي إرساء أبرز ملامحها؛ خاصة مع ازدهار تلاميذها في الفكر والفن والعلوم في القرن الماضي، وهو ما تلاقى مع الطرف اليانع من ثمار المجدد الإمام حسن البنا، فأحدث صورة تحاكي نموذجا مصغرا لما نتمنى أن تكون الكنانة عليه في مستقبل مشرق للأمة ولقلبها مصر.

.

ولكن -وآه من قسوة لكن في مثل هذا السياق المُنتظر لكثير من الإشراق- أصيبت مصر والأمة بخيبة أمل مرهقة أضنت أرواح الملايين؛ لعدم قدرة المخلصين على حسن إدارة دفة الحكم أو الدفع باستمراره ثوريا، وكان أن اختلطت الأرواق والتصورات والمفاهيم، فظن كل طرف وطني أن أوان تمكينه أوشك أن يتحقق، وانتظروا جني الثمار في وقت كان يمثل مخاضا مرهقا يتطلب المزيد من الثبات ودفع المندسين والأغبياء.

وبعد عشر سنوات وأشهر ثلاثة من تراجع محاولة المد الثوري في مصر، وبالتحديد في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، استعر صراع الأمة الوجودي الحضاري اليوم مع الكيان الصهيوني، فقد جاء السبق الحمساوي مباغتا من حيث أراد العدو الاحتفاظ بالمفاجأة، وبالتالي معلنا عن بدايات زوال الصهاينة عن فلسطين، وإن استغرق الأمر سنوات وعقودا، لكن استواء الصراع مع العدو ورغبة الأخير في التخلص من المقاومة وبيئتها الحاضنة التي خَيّل إليه مرضه وتعجرفه أنها في غزة أولا.. هذا الاستواء الصراعي الوجودي لم يواكبه للأسف المرير نضج أو حتى شبهه من جانب المعارضة المصرية أو مقاومي النظام السلميين.

قادت مصر منارة الإفاقة للأمة بالبعثات في القرن التاسع عشر، استوى زرعها في القرن التالي، جاء البنا بمنارة تصور لنهضة يقودها الدين؛ أصاب في بعضها وأخطأ في الآخر، ولم يجد منهجه مجددا من بعده للأسف، وعاشت الكنانة تبعات الموقفين الرائدين طويلا وأضاءت شموع الحياة والدين، وإن لم يخل الأمر من أخطاء وخطايا باهظة التداعيات.

تلفتت الأمة منذ سنوات باحثة عن دور رائد مركزي جديد لمصر، لكن عِظم الموقف وعدم القدرة على مواجهة التحدي في 2012م بما يناسبه من تجرد وتفانٍ في تقديم مصلحة الوطن والأمة على النفس؛ قاد لانتكاسة شاملة أدت لمحاولة محو كل ما كان من دور محوري. ويكفي ما نراه من هجمة على كل ثابت ومركزي مصري يتجاوز الحد من حرية الأفراد البارزين في الوطن؛ بمحاولة تكبيله لما شاء الله بقيود يصعب التحرر منها لسنوات طويلة مقبلة.

أما المستبدون الطغاة فلا فائدة من مخاطبتهم ولا نفع من تمني إفاقة لهم، وأما الجانب الآخر من المشهد فمن اللائق تذكيره بدور تاريخي إن غاب عنهم قام به آخرون، وتلقفتهم من بعد ألسنة التاريخ بمعاول هدم وانتقاد، ويبقى -أمام المتخاذلين- أنهم لم يحسنوا لا أمام ربهم ولا ضمائرهم ولا رفاقهم المضارين ولا أمتهم، يُضاف لهذا أن عشرات السنوات تنتظر ليأتي قادرون على الإمساك بزمام مبادرة من بعد!

إن أولئك الذين ارتكنوا للمنافي إن لم يكن لهم أن يراجعوا أنفسهم؛ فإن ليلا طويلا لا يُنتظر منه أن يلف مصر بلدهم فقط؛ بل الأمة كلها، وإن عناوين للآمال وتحققها ستوأد لآلاف الليالي والنهارات المقبلة، وهم يتحملون وزر ذلك للأسف.

إننا حين نتخلى عن الدور المناط بنا في وقت حاجة بل تراجع للأمة لا نخيب الآمال فينا فحسب، حينما نفضل عليها أنفسنا وحاجاتنا التي غالبا ما لا تكون ملحة، وإنما نسقط أنفسنا في هاوية ما لها من قرار، ونسيء لذواتنا ونحكم عليها بأن تجمع بين عداوة الحق وإنكار فضل كل الذين تمنوا ألا نفعل بها هذا، وما أكثر مضاري الأمة في غزة قبل مصر وعموم الوطن العربي الإسلامي، ثم إننا ملاقو الله يوم القيامة فمُسائلنا ويا له من سؤال، ويا لها من حياة طويلة يهدرها البعض -على الأقل- بالقليل الدنيوي!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر المعارضة مصر المعارضة الثورة الاستبداد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ما دور العلماء وكيف ينبغي أن تكون علاقتهم بالحكام؟

وحول هذا الموضوع، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة السجدة: "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ ۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ" (الآية 24).

وعن دور علماء المسلمين عبر العصور المختلفة في أداء هذه المهمة الجليلة، يقول الدكتور عبد العظيم إن الله سبحانه وتعالى جعل مهمة بلاغ الدين وتعليم الناس وتقديم النموذج والأسوة والقدوة رسالة ووظيفة الأنبياء، وكان العلماء في الأمم وفي المراحل السابقة تحت إمرة الأنبياء، الذين كانوا هم القادة الحقيقيين.

ولما بعث الله سبحانه وتعالى النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وقدر أن تنتهي النبوة وترتفع، جعل علماء الأمة هم ورثة الأنبياء. وقد قال صلى الله عليه وسلم إن" العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر" أخذ سهما من سهام النبوة.

وبعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، أصبحت وظيفة العلماء أن يملؤوا شيئا من الفراغ الذي تركه في الأمة وأن يقوموا ببعض وظائف النبوة.

ويعدد وظيفة العلماء في قيادة الناس إلى إنكار المنكر وإلى منع الفساد في الأرض، وإلى إقامة الدين ونظامه العام، ويقول إن العلماء إذا غرقوا في المسائل الفرعية وضيّعوا القضايا الأصلية، تركوا واقع الأمة الحضاري ونهضتها ووحدتها ومنع سرقة ثرواتها لخصومها.

إعلان

وتتجاوز عبودية العلماء لله سبحانه وتعالى -كما يقول الدكتور عبد العظيم- إقامة الصلوات وأداء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت إلى تحمل الأمانة الكبرى التي ورثوها عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وبينما يتسلط الأمراء والحكام على الناس، جعل الله سبحانه وتعالى للعلماء ولاية على قلوب الناس وعقولهم، مشيرا إلى أن العلماء في الأمة الإسلامية ليسوا مجرد أفراد متناثرين، بل مؤسسة اعتبارية اسمها مؤسسة العلماء، وتتجلى في الأمة بأشكال مختلفة، صورة المذهب أو العالم الكبير أو الشيخ والمريد.

ويبيّن أستاذ الفقه الإسلامي -في حديثه لبرنامج "الشريعة والحياة في رمضان"- أنه خلال مراحل التاريخ الإسلامي، كان منوطا بالعالم أن يكون رقيبا للأمة على الحكام، وعينها الباصرة ولسانها ويدها الطائلة في الإنكار على الحكام إذا انحرفوا أو أفسدوا، ولم يخذلوا الأمة فيما انتدبته لهم.

فتنة كبرى

ولما جاءت هيمنة الدولة والحكام على مؤسسات العلماء وسلبت منهم استقلاليتهم وحولتهم إلى موظفين عموميين دخلت الأمة -يتابع الدكتور عبد العظيم- في فتنة كبرى وصار من العلماء من يباهي بأنه موظف عند الدولة يتقاضى راتبه منها.

وكان العلماء في السابق فطنا لمسألة أن العالم لا يجب أن يكون من أدوات الحاكم، ويضرب الدكتور عبد العظيم مثالا على ذلك بالإمام مالك الذي دعاه أبو جعفر المنصور إلى قصره ليسمع منه العلم، فرد عليه بالقول: "العلم يؤتى إليه ولا يأتي.. من يريد يتفضل إلى مجالسنا ويسمع من العلم..".

ويتأسف أستاذ الفقه الإسلامي لكون العلماء في هذا الزمن صاروا تابعين أحيانا للحكام وأحيانا للأحزاب أو المدارس أو التيارات الفكرية التي نشؤوا فيها أو تربوا عليها، و"أحيانا تكون تبعية العالم للرأي العام الضاغط".

والعالم المسلم هو الذي قال الله سبحانه وتعالى في حقه في سورة الأحزاب: "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا (الآية 39).

إعلان

ويذكّر الدكتور عبد العظيم بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قد أنذر كل عالِم وحذره حين أخبر أن أول من تُسعّر بهم النار يوم القيامة 3 أشخاص، وأن من هؤلاء الثلاثة عالِما تعلم العلم وقرأ القرآن فيوقفه الله يوم القيامة للحساب.

19/3/2025

مقالات مشابهة

  • المعارضة التركية تدعو لمزيد من الاحتجاجات في إسطنبول
  • المعارضة تركيا تدعو لمزيد من الاحتجاجات في إسطنبول لإخراج إمام أوغلو
  • الميز القداسي بين رئيسي حزب الأمة اللواء والإمام (4)
  • يوم الفرقان في مواجهة الطغيان
  • أوزغور أوزال: لن نستسلم!
  • العالم العربي ولحظة الخطر الحقيقية
  • الأمة العربية.. موت يتجدد وصمت يطول
  • ما دور العلماء وكيف ينبغي أن تكون علاقتهم بالحكام؟
  • إهانة رجال الشرطة تقود لاعتقال صاحب سوابق بفاس
  • على خطى شفيع الأمة..