موقع النيلين:
2025-01-07@06:16:31 GMT

الشغف هو الأمل

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT


لعل مصر لا تمتلك ثلث آثار العالم مثلما تعلمنا في كتب التاريخ ونحن صغار، لكنها دون جدال تمتلك السحر وعبق التاريخ في كل زاوية وكل جدار، فمصر هي تلك الخطوات والمسارات والأصوات التي كتبها التاريخ على مدار عقود طويلة..

مصر هي مسار العائلة المقدسة..هي صوت صهيل الخيول في معارك طيبة..ومذاق الزيتون في بساتين سيناء.

.هي ضوء المشاعل في طريق الكباش..وشعاع القمر الذي يخطو بخفة فوق جدران معابد الأقصر وأسوان..

هذه هي مصر التي علمتني أن أرتاد شوارعها وأحبو بين صفحات تاريخها لتسكن جوانحي ووجداني..مصر التي تعلمنا منذ نعومة أظافرنا أن حبها هو العنوان، وعشقها هو الملاذ والمآوى..

قادتني قدماي إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بدعوة كريمة من الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذي للمتحف..المكان الذي يختلف في شكله ومضمونه عن أي مكان آخر في مصر، فهو بحق وجهة حضارية عظيمة..

إصطحبتني فتاة أنيقة ومتحدثة لبقة إلى جولة بين أروقة المتحف، مع إصرار الدكتور غنيم بدخولي مراكز ومعامل الترميم داخل المتحف، إنصعت إليه ولم أكن متحمسة في البداية، إلا أن حالة الإنبهار والفخر التي تسللت إلى مسامي أثناء الجولة كانت كفيلة لمعرفة سبب إصراره..

فقد أيقنت أن هذا المركز هو أهم ما في المتحف، بعد أن إستمعت إلى شرح القائمين على المركز في مختلف القطاعات، من ترميم المخطوطات والجلود والخزف والأحجار والمومياوات،

في رحلة طويلة مُنظمة تبدأ من إستلام القطعة الأثرية بعد خروجها من باطن الأرض إلى إعادتها ببراعة وفهم إلى هيئتها الأولى بعد جهد جهيد لتُعرض في المتحف..

تحدثت طويلا مع المسئولين عن عملية الترميم وسألتهم عن تفاصيل عملهم والصعوبات التي تواجههم، ولماذا دون غيرها إلتحقوا بقسم الترميم، ففوجئت أن الإجابة ببساطة تتلخص في كلمة واحدة هي:

“الشغف”

تعجبت من الكلمة.. وعدت أسألهم من جديد: “هل كان مجموع الثانوية العامة هو السبب؟”

كانت إجابة الجميع واحدة برغم إختلاف الوجوه..إجابة مُفادها: “الآثار هي العشق الأول..سكنتنا التفاصيل وأصبح التحدي الحقيقي أمامنا هو جمع القطع المبعثرة المكسورة وترميمها لإعادتها إلى هيئتها الأولى هي مسئوليتنا تجاه وطننا”.

خرجت من هناك وكلي فخر وسعادة، ليصبح يقيني أن هناك مصريون يذوبون عشقا في تراب هذا البلد..وأن الحل الحقيقي لكل المشاكل التي تجابهنا في الوقت الحالي هو البحث عمن لديهم شغف تجاه هذا البلد لنوليهم المسئولية، ولسوف يتحملون المسئولية بدافع حب..

وما أكثر هؤلاء..

الشباب الذين نزلوا إلى الشوارع عقب الثورة لينظفون الأرصفة ويعيدون طلائها يمتلكون الشغف..

المصريون الذين خرجوا إلى الجبانات والشوارع في محاولة جادة لتوثيق المقابر القديمة والأماكن الأثرية التي تعرضت للإزالة يمتلكون الشغف..

الشاب الذي يمد يده في منطقة أثرية لمساعده سائح لا يعرفه بمعلومة أو شربة ماء..يمتلك الشغف..

خريجي الفنون الجميلة الذين يرسمون الجرافيتي على جدران العشوائيات المتهدمة والبيوت القديمة لإعطائها من روحهم أمل وحياة يمتلكون الشغف..

جمعيات المجتمع المدني والشباب الذين يجوبون النجوع والكفور لتوصيل المياه إلى بيوت غير القادرين وتسقيف منازلهم يمتلكون الشغف..

هؤلاء هم أبناء مصر القادرين على تحمل المسئولية من واقع حب..أما من يجلسون في موقع المسئولية ولا يمتلكون تجاه الوطن أي مشاعر تدفعهم لتنحية مصالحهم وإعلاء المصلحة العامة، فهؤلاء سيظلون أبدا منتفعين من مناصبهم دون أن يقدموا شئ وستبقى الدولة عالقة مثل الدين في رقابهم إلى يوم الدين..

لازال قلبي يئن وأنا في زياراتي المتكررة للمساجد والأبنية التي تم ترميمها دون وعي أو دراية، لتصبح مثل عروس متعجلة لتشطيب شقة الزوجية!..الحجر الذي فاق عمره عمر الزمان وتم طلائه باللون الأصفر تحت مسمى الترميم يحتاج إلى إعادة نظر لأنه قبيح..والقبح لم يليق أبدا أن يكون عنوان مصر الجميلة!.

نحن نمتلك المقومات التي تجعل مصر أهم دولة سياحية في المنطقة بل وفي العالم كله، ونمتلك السواعد التي تعي جيدا كيف تُدير وتطور وترمم لإعادة رونق الأشياء دون المساس بجوهرها وقيمتها..فلماذا لا يتم الإستعانة بهؤلاء؟

إننا في مرحلة تحدي حقيقي ولم يبقى أمامنا سوى الإتكال على من يعشقون هذه الأرض الطيبة علهم يزرعون وفاء وحب ليحصدون الأمل..

فهل من مُجيب؟!.

رشا سمير – بوابة الفجر

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: حسن الظن بالله يجلب الأمل في كل الأحوال

أكد الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أهمية حسن الظن بالله عز وجل في حياتنا اليومية، خاصة في الأوقات التي يواجه فيها الإنسان تحديات وصعوبات، مشيرًا إلى أن التفاؤل بالخير والاعتماد على الله هو مفتاح النجاح والراحة النفسية.

وقال أمين الفتوى: "كل من يستيقظ في الصباح ويشعر بالتحدي في عمله أو رزقه عليه أن يكون حسن الظن بالله عز وجل، مهما كانت التحديات أو الابتلاءات التي يواجهها، فالله سبحانه وتعالى جميل، والجمال لا يأتي إلا بالجمال، وما يحدث لنا في الحياة، حتى وإن بدا صعبًا، هو جزء من رحمة الله وعنايته."

وأوضح: "حتى لو ظن الإنسان أن ما يحدث له فيه ضرر أو شر، فإعلم أن الله يختبرنا لحكمة عظيمة. وما يراه البعض شرًا، قد يكون خيرًا في المستقبل."

كما استشهد بأبيات شعرية قال فيها الشاعر:

إذا هممت بفعل أمر فاجعل التوكل مركبك العبور  
وإذا عصاك الدهر يومًا فسل المولى لتيسير الأمور  
لا تجزع لضيق الرزق أبدًا يرزق العصفور من بين النسور  
كن شاكرا ما دمت حيًا واعلم بأن أيام الدنيا تدور  
واعلم بأن الله يعلم نظر العين وما تخفي الصدور.

مقالات مشابهة

  • أمين الفتوى: حسن الظن بالله يجلب الأمل في كل الأحوال
  • ما مصير اللبنانيين الذين اختطفهم الجيش الإسرائيلي في الجنوب؟ معلومة تُعلن
  • الإعلام العبري: “الحوثيون” الذين لم نكن نعرفهم باتوا يتصدرون الإعلام
  • السيسي: المصريون يمتلكون حجم ضخم من الوعي يمكنهم من التعامل مع الأحداث بالداخل والخارج
  • هل نفتح باب الأمل بعد سوريا أم نواربه؟!
  • ما الحالات التي تنتفى فيها المسئولية الطبية بالقانون الجديد؟
  • «مسبار الأمل» يرصد قمة جبل أوليمبوس في المريخ
  • تدشين حملة 1-1 لدعم مرضى السرطان
  • تحذير من المرور لأصحاب المركبات الذين لم يراجعوا لتثبيت لوحاتهم المنجزة
  • قائد شباب بلوزداد: الفوز على الأهلي أعاد لنا الأمل في دوري الأبطال