غزة لوحة تبدعها إرادة الصمود
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
صدر حديثاً في عمان ورام الله، الجزء الأول من كتاب “ماذا يحدث في غزة؟”، وهو من إعداد سليم النجار ووداد أبو شنب.
الكتاب الذي أهدي إلى شهداء فلسطين، يتضمن 36 مقابلة مع مفكرين وكتاب وخبراء وأكاديميين من معظم الدول العربية من بينها المغرب، بالإضافة إلى دول إسلامية أخرى، حاولوا جميعهم محاولة الإجابة عن السؤال الكبير الذي يحمله عنوان الكتاب.
وحرص المعدان على مقابلة شخصيات عربية بارزة مثل سعاد الصباح من الكويت وعلي محافظة وهند أبو الشعر من الأردن، بالإضافة إلى بعض الشخصيات الفلسطينية المتواجدة في غزة والتي حاولت أن تقدم الإجابة العملية والصورة الحقيقية التي لا يسعى الكتاب لحفظها وأرشفتها لأجيال مقبلة سمعت ولم تر وتعاصر، بل لدراستها وإعادة فهمها كما كتب سليم النجار على غلاف الكتاب.
وتنوعت الرؤى وتعددت الآراء في هذه المقابلات، لكن القاسم المشترك فيها جميعاً كان غزة فكانت العنوان وكل التفاصيل تؤدي إليها.
رئيس رابطة الكتاب الأردنيين الشاعر أكرم الزعبي يرى أن ما تقوم به آلة القتل الصهيونية في غزة منشؤه” نظرة دونية للآخر باعتباره “حيوانا بشريا” يجوز قتله دون أي إحساس بالذنب أو الخطيئة…”.
هذا وقد أكد الروائي الفلسطيني نسيم قبها أن “حرب غزة تعول عليها أمريكا للتهجير” وأن “حرب غزة ستطول قليلا، والحرب البرية التي يهدد بها نتنياهو كل يوم ستتأخر قليلا، لأنه لا يريد حرب شوارع غير معتاد عليها” .
أما الروائي الأردني سعيد الصالحي فقد تطرق إلى تحوّل الشعب الفلسطيني إلى حقل تجارب لأحدث الأسلحة الغربية وفصّل في هذا تحت عنوان “شعوبنا العربية حقل تجارب لأحدث أسلحتهم”.
الكاتب المغربي محمد بنيس شدد بدوره على أن طوفان الأقصى “فعل ساحق ومعجز، إن المقاومة الفلسطينية في مركز ما سيأتي، لا ريب، سيتضاعف عدد الأعداء والعملاء مثلما سيظهر مناصرون” .
الكاتب الأردني هارون الصبيحي في مقالته التي تحمل عنوان “اقتلني شكرا” أكد أن” ما حدث يوم (7) أكتوبر هو رد بسيط جدا على (75) عاما وأكثر من المجازر والتشريد والقهر والطغيان الذي مورس على الشعب الفلسطيني…”. وأن طوفان الأقصى هو الرد الطبيعي على كل الفظائع التي ارتكبها العدو عبر عشرات السنين.
وهذا وقد رأى رئيس تحرير مجلة كل العرب الباريسية الكاتب اللبناني علي المرعي أن ” طوفان الأقصى نتيجة لا مبادرة”، وأن ” إيران لن تتدخل في الصراع الدائر” …وأن استبسال المقاتلين في غزة سيؤدي إلى متغيرات ستؤثر على مستقبل الوضع في الشرق العربي بما فيها قضية فلسطين، أنها ستكون إيجابية في حال قدرة المقاتلين على المنازلة في المعارك البرية” .
وركز الكاتب الفلسطيني محمد اللحام على خذلان القانون الدولي والمواثيق الأممية للشعب الفلسطيني عبر تسليط الضوء على وضع الصحفيين في غزة وأوضح أنهم في سبيل التأقلم مع الواقع الجهنمي في غزة أخذوا يقللون “قدر الإمكان من شرب الماء والسوائل، والاكتفاء بوجبة واحدة تحسبا لصعوبة إيجاد مرحاض…فإذا كان هذا حال الصحفيين في غزة الذين كفل لهم القانون الدولي والمواثيق الأممية الحماية وحرية العمل، فما بالكم بحال الشعب الأعزل، الذي يتعرض للذبح أمام الشاشات…؟” .
كما أكد الكاتب الفلسطيني عصمت منصور- عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين أن كيان العدو عمل على “شيطنة المقاومة ومقارنتها بداعش”، حتى يبدو أمام العالم بأنه في حرب على الإرهاب، وأشار منصور إلى أن “هنالك من يوفر الحماية لتنفيذ المجازر من أجل التهجير القسري” في غزة، كما أن “شبح التهجير انتقل إلى الضفة الغربية”، وأن كل هذا ينبع “من الرغبة في الانتقام، وردع حركة حماس وإيقاع أكبر أذى ممكن بحقها وبحق جمهورها…”.
وتحت عنوان (غزة اليوم عصر جديد) أشارت الدكتورة الأردنية هند أبو الشعر إلى أن طوفان الأقصى أصبح بوصلة الحدث العالمي، وأن “ما يحدث في غزة عصر جديد، يدين العالم، ويؤكد أن العدالة لا تعيش في هذا العصر، وأن غزة ستصنع من الركام عالم الغد” .
وتحت عنوان (أكتوبر تاريخ لا ينسى) أوضحت اللبنانية الدكتورة جمانة ديب بغدادي من جامعة الجنان أن النفاق العالمي والكيل بمكيالين قد كشفته الأحداث الدائرة في غزة، وتساءلت قائلة:” أين تلك الأبواق التي تنادي بحقوق الإنسان؟” .، وأعربت عن اعتقادها بأن “هناك اتفاقاً مسبقاً لإبادة أهل غزة”، كما شددت على أن ما يحدث في غزة هو “معركة الحق ومقاومة المحتل والتحرر والعودة…” .
أما الكاتب منذر كامل اللالا، فأشار إلى أن ما يحدث في غزة قد وحد الشعب الفلسطيني بالكامل، فالكل يقف في صف المقاومة، والكل يثق بالنصر “، هذا الفعل الذي جرى ويجري ليس محطة عابرة، وليس سطرا في حكاية، بل هو بدقة متناهية إيمان بالتحرير…”.
أما الكاتبة المغربية الزهرة الرميح، فقد أوضحت في مقالتها أن ما يحدث من دمار ومجازر وقتل بالجملة في غزة ما هو إلا “وصمة عار في جبين الإنسانية” ، وعلى الرغم من ذلك “فما قامت به المقاومة في غزة وما تقوم به حتى الآن سيغير مجرى التاريخ، وستبقى غزة رمزا للعزة والكرامة والبطولة.
ومن الكويت قلعة الصمود العربي في وجه التطبيع، أطلت الدكتورة سعاد محمد الصباح في قصيدة نثرية تحمل عنوان ” خطوات على تراب غزة”، أكدت من خلالها أن ما حدث في غزة عبارة عن مخاض لأمة كانت تنتظر ولادة جيل الأقصى:
“الطائر الذي طالما انتظرناه
بعدما كدنا نشك في قدرتنا على الإنجاب” .
وأن هذا الجيل الجديد الذي خرج ليدافع عن المسجد الأقصى:
“قد أنهى شيخوختنا الجسدية،
وأنهى مواسم القحط والجفاف
والتصحر في أرواحنا، وحمل إلينا رائحة
المطر.. ورائحة الربيع” .
الكاتب الأردني إسماعيل أبو البندورة، أشار إلى أن “ما يحدث في غزة في هذه اللحظات الحرجة يعتبر مرحلة فاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية”، فعلى الرغم من جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في غزة، إلا أن طوفان الأقصى قد أظهر للعالم أجمع “أن فئة صغيرة يمكن أن تهزم فئة باغية وكبيرة” .
الدكتورة نهلة جمال- عضو اتحاد كتاب مصر من جامعة عين شمس، رأت أن ما يحدث في غزة يعكس بالضرورة “أيديولوجيا الكراهية عند الصهاينة”، فكل هذا القتل والدمار والخراب والتهجير وحرق الأخضر واليابس لا يخرج إلا عن كاره حاقد، وهذا يؤكد أيضا فكرة التمييز العنصري، و”ازدواجية المعايير عند الصهاينة”، فللصهيوني حقوق، أما “الغوويم” أو الأغيار فلا حقوق لهم.
القاص والروائي البحريني أحمد المؤذن أشار في مقالته التي تحمل عنوان “استراتيجيات جديدة تحت سماء غزة” إلى أن ما يحدث اليوم في غزة دليل على “تحول مسار القضية الفلسطينية”، من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم لاسترداد الحق الشرعي، كما أن طوفان الأقصى قد حول دولة العدو إلى عبء على الجميع، فهاهم كل الداعمين للعدو يبدون كداعمين “لآخر بؤرة فصل عنصري في هذا العالم تتمسك بالبقاء والإجرام ومحاربة الإنسانية” .. وفي نهاية المقالة أكد المؤذن أن التاريخ سيكتب” نصرا مؤزرا لكل لكل هؤلاء الذين وقفوا أمام غطرسة المحتل وداعميه” .
كذلك تطرق الكاتب والإعلامي الأردني محمد محمود البشتاوي إلى أن كثيراً مما يُنقل من غزة لا يعدو كونه فبركات إعلامية، مثل “أكذوبة قطع رؤوس طفل إسرائيلي” الذي بثته القنوات الصهيونية وكررته من خلفها وسائل الإعلام الغربية، وبيّن البشتاوي الجذور التاريخية لهذا الكذب والتلفيق، وشدد الكاتب على ضرورة التذكير والتركيز “على مجازر ما قبل قيام “إسرائيل” على يد عصابات صهيونية، اتبعت نفس السياسة التي تقوم عليها في العدوان المتواصل على غزة”، فوضع الأمر في سياقه التاريخي يجعل الصورة أوضح.
وحمل الكتاب رسالة من الكاتبة أمل اليازجي في غزة بعنوان “رسالة أخيرة”، وهي أشبه بالوصية وأبعد ما تكون عن الرسالة، فأمل لم تنع نفسها وإنما نعت كل من تخاذل وشيعت كل محايد إلى مثواه الأخير.
وفي الكتاب أيضاً، يستعرض محافظة قصة فلسطين الحديثة بدءاً من هجرة اليهود وحتى طوفان المقاومة، آراء علمية وتاريخية وإنسانية، ضمها الجزء الأول من الكتاب لكتّاب جمعتهم ووحدتهم الإنسانية التي يفتقدها ساسة الكيان الصهيوني وصنّاع قراره، على الرغم من أن الفلسطيني يدفع ثمناً غالياً في هذه المعركة، كما ذكر مروان علان في مقالته.
ومن الجدير بالذكر أن الجزء الثاني من كتاب “ماذا يحدث في غزة؟” في مراحل الإعداد الأخيرة، وسيصار إلى طباعته وتوزيعه خلال الأسابيع القادمة من العام الحالي 2024م.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی أن طوفان الأقصى ما یحدث فی غزة أن ما یحدث إلى أن
إقرأ أيضاً:
الكاتب البريطاني سومرست موم .. لماذا أصبح جاسوسا؟
في مثل هذا اليوم، 16 ديسمبر 1965، رحل الكاتب البريطاني الشهير سومرست موم، الذي جمع بين الشهرة الأدبية وحياة مثيرة مليئة بالصراعات والتساؤلات.
برغم إنتاجه الأدبي الغزير وشهرته كواحد من أعظم الكُتاب البريطانيين في القرن العشرين، يبقى السؤال حول كونه جاسوسًا للحكومة البريطانية أحد أبرز الألغاز في سيرته.
طفولة مأساويةوُلد سومرست موم في باريس عام 1874 لعائلة دبلوماسية؛ حيث كان والده يعمل في السفارة البريطانية.
عاش طفولة هادئة ومدللة، لكن فقدانه لوالديه في سن مبكرة – والدته وهو في السادسة، ووالده بعد عامين – شكّل منعطفًا حاسمًا في حياته، إذ انتقل للعيش مع راعي كنيسة، هذه التجارب المبكرة انعكست في أعماله الأدبية لاحقًا.
البداية الأدبيةبدأ موم دراسته في الطب، لكنه لم يكملها، حيث انجذب إلى الكتابة الأدبية. قدّم أول رواياته وهو في الثالثة والعشرين من عمره، لكنه برز ككاتب مسرحي بعد نجاح مسرحيته “الليدي فريديريك” عام 1907.
هذا النجاح فتح له أبواب الطبقات الراقية في المجتمع البريطاني وساعده على تحقيق شهرة كبيرة.
قمة النجاح والتدهور الشخصيفي ثلاثينيات القرن الماضي، أصبح موم من بين أكثر الروائيين البريطانيين ثراءً، مما مكّنه من عيشغ حياة مرفهة والتقرّب من شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء ونستون تشرشل، لكن على الصعيد الشخصي، عانى من أزمات عاطفية وزوجية، خاصة مع زوجته سيري ويلكام، التي وصفها كتاب سيرته بأنها كانت شديدة الطموح والتطلب، مما دفعه إلى الهروب المتكرر عبر السفر والكتابة.
حياة الجاسوسيةخلال الحرب العالمية الأولى، انضم موم إلى هيئة الصليب الأحمر وتعاون مع الحكومة البريطانية كجاسوس، يروي كتاب “الحياة السرية لسومرست موم” تفاصيل هذه المرحلة المثيرة من حياته، التي تتشابك فيها الأدب مع السياسة.
السنوات الأخيرةأمضى موم سنواته الأخيرة في جنوب فرنسا، حيث عاش حياة الرفاهية بعيدًا عن صخب لندن.
خلال تلك الفترة، كان يومه يتوزع بين الكتابة، القراءة، السباحة، ولعب الجولف. ومع ذلك، ظل حضوره الأدبي قويًا عبر أعماله التي ألهمت أجيالًا من الكتّاب والقراء.