لجريدة عمان:
2025-02-07@01:47:28 GMT

«بيت العجائب» إنْ حكى أسراره

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

«بيت العجائب» إنْ حكى أسراره

التاريخ العماني كائن ديناميكي لا ينتهي، ثري وغني بالأحداث، يولّدها في اللحظة التي يريد، يستطيع أن يفاجئ الجميع بالكثير من الحقائق عندما يفتح سجلاته أو الطرق والمسالك التي سار عبرها خلال قرون غابرة ولكنها عامرة بالأحداث والتأثير. قوة حضور هذا التاريخ تجعلك تشعر وكأن القصة قد بدأت للتو، أو أن الراوي ما زال لم ينته بعد من روايته لحدث كان قد وقع البارحة؛ ولذلك هو ممسك بكل تفاصيله، ممسك باللحظة نفسها التي وقع فيها الحدث فيحضرها بكل تفاصيلها وشخوصها.

. فيما التاريخ نفسه مستمر نحو المستقبل في مسيرة سرمدية لا تتوقف أبدا.

كان هذا الشعور بقوة حضور التاريخ العماني وسطوة تأثيره وبنائه الحضاري حاضرا في أحداث الفيلم العالمي الوثائقي الذي أنتجته وزارة الإعلام الذي حمل عنوان «بيت العجائب». ورغم أن الجزء الأول من الفيلم يدور حول شخصية السيد سعيد بن سلطان فإن المخرج الألماني قد اختار «بيت العجائب» ليكون هو الراوي لتفاصيل الفيلم وقصة الإسهام الحضاري للعمانيين في زنجبار وشرق إفريقيا.

إن أهمية الفيلم تكمن في عدة نقاط، وإذا كان المتابع لا يستطيع تجاوز الإمكانيات العالية والعالمية التي أُنتج بها الفيلم من جميع النواحي وتلك جوانب فنية، فإن الأهمية الكبرى تكمن في المضمون الذي سعى جاهدا لإبراز قصة المساهمة الحضارية للعمانيين في زنجبار وفي عموم شرق إفريقيا عبر قرون طويلة في التاريخ كان ذروته خلال حكم السيد سعيد بن سلطان.

لقد قاد الازدهار الاقتصادي الذي أنتجته عبقرية العمانيين في زنجبار وشرق إفريقيا إلى نفوذ سياسي عماني واسع حول شرق إفريقيا إلى جنة من جنان الأرض، وبنى فيها ثقافة قوية ودولا شامخة بكل المعطيات قبل ظهور التدخل الاستعماري الأوروبي، الذي لا يدخل منطقة إلا فتتها ونهب خيراتها.

يعيد الكثيرُ من المؤرخين العلاقات بين عُمان وشرق إفريقيا إلى القرون الأولى للإسلام، وبالتحديد إلى القرن السابع حيث كانت البدايات الأولى للتواصل بين عُمان وشرق إفريقيا، ولكن خلال القرن التاسع عشر أصبح الوجود العماني هناك واضحا بشكل يطغى على كل شيء عداه، خاصة عندما اتخذ السيد سعيد بن سلطان زنجبار عاصمة ثانية لسلطنته المترامية الأطراف وبالتحديد في عام 1832. لم تكن تلك الخطوة الاستثنائية للسيد سعيد سياسية فقط، ولكنها كانت استراتيجية أيضا؛ حيث كانت زنجبار مركزًا لطرق التجارة التي تربط المحيط الهندي، ما جعلها منطقة لا تقدَّر بثمن لعُمان في مرحلة مجد الإمبراطورية العمانية.

وفي ذلك الزمن العماني الجميل شهدت زنجبار وساحل شرق إفريقيا أكبر ازدهار اقتصادي في تاريخها على الإطلاق، حيث كانت زراعة وتجارة القرنفل والعاج مربحة بصورة كبيرة، وأدخل العمانيون طرق ريّ جديدة ومزروعات جديدة تحولت لاحقا إلى سبب في ثراء زنجبار كلها.

ولم تكن زنجبار هي المنطقة الوحيدة التي شهدت ازدهارا اقتصاديا في ظل الحكم العماني بل سرى الأمر على البر كله وساعد النفوذ العماني في تطوير شبكات التجارة الممتدة إلى الداخل الإفريقي.

ويمكن أن يُفهم ذلك الازدهار ليس فقط من الإدارة العمانية الفعّالة وتعزيز التجارة وطرقها.. ولكن أيضا من استقرار الدولة والعدل الذي كان يسود تحت ظلها.

إن حكاية الوجود العماني في زنجبار وشرق إفريقيا تاريخ قادر على أن يكون ملهما للجميع ويملك سبل أن يبقى حيا وخالدا أبدا.. وما زال الكثير من فصوله قادرا على أن يلهم كتّاب التاريخ وصنّاع السينما وصنّاع السياحة، إنه ببساطة حضارة متكاملة صنعها العمانيون بوهج وتألق.. وإذا كان بيت العجائب قد بدأ السرد في الفصل الأول من الفيلم فإن هناك فصولا كثيرة قابلة لأنْ تكون أكثر إثارة في المرحلة القادمة، وما زال هناك الكثير من الشواهد التي يمكن أن تحكي تفاصيل أكبر من موقعها كشاهد على التاريخ.

وإذا كان الفيلم قد أبهر الحضور خلال عرضه الأول فمن الحق أن توجَّه التحية لوزارة الإعلام التي بذلت كل طاقاتها على مدى المرحلة الماضية من أجل أن توثّق جزءا مهما من التاريخ العماني وتسهم في تعظيمه وإبرازه عبر فيلم خرج من محليته ليتحوَّل إلى فيلم عالمي قادر على المنافسة في كل مكان يُعرض فيه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وشرق إفریقیا بیت العجائب فی زنجبار

إقرأ أيضاً:

القطاع العقاري العماني يشهد نموا ملحوظا ودورا محوريا في تنويع الاقتصاد الوطني

مشروعات المدن المستدامة تواصل جذب المستثمرين

2.4% نمو الأنشطة العقارية، ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ترتفع إلى 691 مليون ريال

تقرير - أمل رجب

ترصد الإحصائيات المساهمة الملموسة للأنشطة العقارية في نمو الناتج المحلي لسلطنة عُمان، وتواصل مشروعات التطوير الحضري والمدن المستدامة جذب استثمارات جديدة تعزز هذا النمو وتزيد مساهمة القطاع العقاري في تنويع مصادر الإيرادات العامة للدولة، وارتفعت القيمة المتداولة للعقار في سلطنة عُمان من 2.6 مليار ريال عُماني في عام 2023 إلى 3.4 مليار ريال عُماني خلال عام 2024، بزيادة 29%، وحسب بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان، بلغت مساهمة الأنشطة العقارية في الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بنهاية سبتمبر 2024 نحو 691 مليون ريال عُماني، وارتفعت مساهمتها بنسبة 2.4% مقارنةً مع نفس الفترة من عام 2023، مما يشير إلى استمرار نشاط القطاع العقاري، كما ارتفعت الرسوم المحصلة للتصرفات العقارية خلال عام 2024 بنسبة 6.4% لتصل إلى 69 مليون ريال عُماني.

وفي إطار دعم نمو القطاع وزيادة جاذبيته لدى المستثمرين، يشهد القطاع تطورات مهمة تشمل بدء العمل في المشروعات الكبرى ضمن تنفيذ الاستراتيجية العمرانية، واستعداد القطاع لتطور تشريعي جديد من خلال قانون التنظيم العقاري الذي بدأت دورته التشريعية تمهيدًا لإصداره خلال الفترة المقبلة، ويواكب القانون التطورات الحالية في القطاع والمستجدات في التوجهات الاستثمارية العالمية، كما يستهدف زيادة مساهمة القطاع العقاري في النمو الاقتصادي، وتنظيم العلاقة بين مختلف أطراف المتعاملين في القطاع، وتحديث أطر الإجراءات والمعاملات العقارية داخل سلطنة عُمان، ويندرج تطوير القانون العقاري ضمن التحديث المستمر للأطر القانونية والتشريعية، والتوسع في الخدمات الرقمية المحفزة للاستثمار والمعززة لتنافسية الاقتصاد العُماني، بما يواكب تنفيذ "رؤية عُمان 2040" والتطور المتواصل في بيئة الأعمال في كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية.

وتضمن التطوير في القطاع العقاري تدشين "قاعة الخدمة الممتازة"، التي تُعنى بتقديم باقة من الخدمات للمستثمرين والمطورين العقاريين، إلى جانب منصة "أملاك" الإلكترونية التي تقدم خدمات متعلقة بمجالات الأراضي والسجل العقاري والتخطيط العمراني ونظم المعلومات الجغرافية والتطوير العقاري والإسكان الاجتماعي، وكذلك منصة "تطوير" المعنية بطرح الفرص الاستثمارية، وتأتي هذه المنصات ضمن جهود ترقية وتسهيل الخدمات للمستفيدين، وفي إطار برنامج التحول الرقمي للخدمات الحكومية.

ويُعد بدء تنفيذ مشروعات الاستراتيجية العمرانية نقلة جديدة في القطاع العقاري، إذ تسهم في توسع منظومة المدن المستدامة، وتعد مدينة السلطان هيثم أحد أهم المشروعات التي بدأ تنفيذها، حيث توفر نمط حياة عصريًا وفق أعلى المعايير، واجتذبت استثمارات كبيرة من القطاع الخاص لتطوير أحيائها.

ومع بداية عام 2025، تترقب الأوساط العقارية والاستثمارية انعقاد اللقاءات الإعلامية لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، والتي سيتم خلالها إعلان تطورات تنفيذ الاستراتيجية العمرانية، التي شهدت تقدمًا كبيرًا خلال العام الماضي، مع توقيع حزمة اتفاقيات التطوير والشراكة لمشروع مدينة السلطان هيثم للمرحلة الأولى (2024-2030م)، ومشاريع المدن المستقبلية للإسكان والتخطيط العمراني مع الشركاء الاستراتيجيين، بقيمة استثمارية تجاوزت مليار ريال عُماني، وشهد العام الماضي تقدمًا في الأعمال الإنشائية للمرحلة الأولى من مشروع مدينة السلطان هيثم، وبدء تطوير الأحياء الجديدة في المدينة التي تتجاوز مساحتها 5 ملايين متر مربع، ومن المتوقع أن تستوعب أكثر من 39 ألف نسمة، وتشمل أكثر من 7 آلاف وحدة سكنية.

وتمتد الاستراتيجية العمرانية في عدد من المحافظات من خلال توقيع اتفاقيات المخططات الهيكلية في ولاية عبري وولاية الرستاق وولاية صور، إلى جانب مشاريع رئيسية في محافظة مسقط، منها مشروع "الخوير داون تاون"، وتطوير الواجهة البحرية، وتعد الاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية من الممكنات الرئيسة لتحقيق مستهدفات "رؤية عُمان 2040"، حيث تهدف إلى تحقيق توازن التنمية في بعدها المكاني في كافة المناطق والمحافظات، وتوجيه الاستثمار والتنمية بما يحقق التكامل بين الأنشطة التنموية، ويوفر الحوافز اللازمة لتعزيز الازدهار الاجتماعي والاقتصادي، مع الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.

ويتضمن تنفيذ الاستراتيجية العمرانية سبعة أهداف رئيسية تشمل مدنًا ومجتمعات مرنة ملائمة للعيش تحافظ على الهوية العُمانية، والاستجابة لتغير المناخ والتكيف مع آثاره والتخفيف منها، والنمو والتنوع الاقتصادي استنادًا إلى مقومات كل محافظة، والاستخدام المستدام للموارد، بما في ذلك إنتاج الطاقة المتجددة وكفاءة إدارة المياه والنفايات، وحماية وتعزيز البيئة من خلال إدارة التأثيرات البيئية في المناطق الحساسة، وتحقيق الأمن الغذائي وكفاءة إدارة الموارد المائية، فضلًا عن نظام نقل مستدام يعزز وسائل بديلة للتنقل، مثل المشي واستخدام الدراجات الهوائية، وتوفير بنية أساسية تتسم بالصمود والاستدامة.

مقالات مشابهة

  • القطاع العقاري العماني يشهد نموا ملحوظا ودورا محوريا في تنويع الاقتصاد الوطني
  • البنك المركزي العماني يكشف عن مجموعة من المبادرات الرقابية والتنظيمية المبتكرة
  • خبير جيولوجيّ لبنانيّ ينشر خريطة للزلازل التي ضربت شرق المتوسط عبر التاريخ... هكذا علّق عليها
  • سيكتب التاريخ ان الصياد هو المتحرك الذي أفترس متمردي الدعم السريع وسلبهم الحياة
  • المجلس العماني للاختصاصات الطبية يحتفل بتخريج 144 طبيبا ويكرم المجيدين
  • البحار العماني أحمد بن ماجد يلتقي الملكة حتشبسوت
  • حل لغز الغبار المشع الذي جاء إلى أوروبا من إفريقيا
  • حرم السلطان العماني تستقبل الفنانة ماجدة رومي
  • غلطته مع أبستين ولقاءاته المشتعلة مع ترامب.. بيل غيتس يفتح صندوق أسراره
  • دور الاتفاقيات التجارية في تنمية الاقتصاد العماني والتحديات المصاحبة