قوى جوبا المدنية والسياسية: أضغاث اتفاق سلام جوبا (أكتوبر 2020) (1-2)
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
ستغيب عنا أشياء ذات خطر إذا اقتصر تحليلنا للحرب القائمة في السودان على نزاع “جنرالين” سكرى بالسلطان، وأن نعلق نهايتها على جمعهما في حلال التفاوض والسلام. بدا لي أننا، بهذا التركيز الشديد على العسكريين، لربما فوتنا علماً أفضل بالحرب وسبل إنهائها. وهو علم سنحصل على أقباسه لو أخذنا صفوة السياسة والرأي أخذاً وبيلاً أيضاً.
وهذه كلمة عن أخذ هذه الصفوة أخذاً شديداً لما نراه من ارتباكها في تاريخ فشلها وتعثرها في أضابيره، في حين تظن أنها تحسن صنيعاً لإيقاف الحرب.
لا يدري المرء من أين طرأ طارئ اتفاق جوبا للسلام (أكتوبر 2020) بين الحكومة الانتقالية وحركات دارفور المسلحة للقوى السياسة والمدنية السودانية (الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية، الحراك الوطني، الحركة الشعبية لتحرير السودان، الجبهة الثورية، وتجمع قوى تحرير السودان، والطوائف الصوفية ورجالات الإدارة الأهلية ومجلس الكنائس السوداني) التي اجتمعت في جوبا الأحد الماضي وأصدرت بياناً بعنوان “رؤية تحقيق السلام والتحول الديمقراطي”. فجاء ذكر الاتفاق في موضعين منه. ففي الموضع الأول دعا البيان إلى وقف القتال وإنهاء الأعمال العدائية إنهاءً يقوم على “قواعد عسكرية فنية وفقاً لقانون الحرب والحياد الدولي (؟)، وإعلان جدة في الـ11 من مايو 2023، مع تضمين البروتوكولات الأمنية والإنسانية في اتفاق جوبا لسلام السودان”. ونادى البيان من جهة ثانية إلى حوار شامل حول جذور الأزمة السودانية، كما يقال، لا يستثني أحداً ومن ذلك “إيجاد حل عادل لقضية شرق السودان من خلال منبر تفاوضي خاص يشمل جميع الأطراف من دون إقصاء”.
فلم يأتِ البيان باتفاق جوبا في أول ذكره في غير ما مناسبة فحسب، بل جاء في ذكره الثاني بعاهة فيه ضرجت الساحة السياسية بالضجيج والدم. فمع أن “اتفاق جوبا” عرض للقضايا الأمنية والإنسانية في فصله السابع بإسراف (48 صفحة من 148)، إلا أنه رتب للسلام من حرب غير القائمة ليومنا. فجاءت حركات دارفور للسلام مع الحكومة الانتقالية في جوبا راضية مرضية بعد توقف العدائيات، ولم يبقَ من وقف إطلاق النار الدائم سوى آليات رقابة نفاذه. وخلص الاتفاق في جوبا إلى فقه تسريح بعض مسلحي الحركات ودمج غيرهم وحصر سلاح المحاربين وإيداعه الدولة. ودعا الاتفاق في جانب الإصلاح العسكري والأمني إلى دمج المسلحين و”الدعم السريع” في القوات المسلحة لتكون هذه القوات “بعقيدتها العسكرية الجديدة الموحدة التي تحمي الوطن والدستور، الجيش الوطني المهني الوحيد، ودمج كافة القوات الأخرى الموجودة في الأراضي السودانية في جيش وطني مهني واحد”.
ولا بد للمرء من أن يسأل هنا إن كان فقه “اتفاق جوبا”، الذي زكى بيان القوى السياسية والمدنية استصحابه في وقف الحرب القائمة، ذا بال. فالحرب بين القوات المسلحة و”الدعم السريع” لا تزال سجالاً ولم يعُد مطلب الدعم هو الدمج في القوات المسلحة بل نادى صريحاً بحلها هي نفسها في جيش مبتكر يراعي التنوع الاجتماعي السكاني.
أما طلب بيان القوى السياسية والمدنية أن يشمل الحوار الوطني الشامل حلاً لمشكلة شرق السودان، فمزعج جداً. فكيف خص البيان هذا الإقليم من البلد دون غيره بالذكر في مجمع وطني شامل للحوار حول أزمة الحكم والبحث عن مخارج منها؟ وكيف لهذا الإقليم اعتزال هذه الأزمة ليقع على الحل السعيد لمتاعبه في بند مستقل في الحوار؟ لا يخفى على المتابع لاتفاق جوبا وانعكاساته العصيبة على شرق السودان منذ التوقيع عليه، أو حتى قبل ذلك، أن صفوة القوى السياسية والمدنية إنما تتعثر في حبائله، مما يطعن في ملكتها في إنتاج أفكار على قدر الكارثة التي تكتنف السودان.
ومشكلة شرق السودان التي بحثت القوى السياسية والمدنية عن حل لوحدها براء من أزمة الحكم في البلد، حكاية شقية تعود لبوادر نبأ اتفاق الشرق. وبلغ من شقائها أن أسهدت صفوة مسلحي اتفاق جوبا فتنتابهم أضغاثاً.
عبد الله علي إبراهيم
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: شرق السودان اتفاق جوبا
إقرأ أيضاً:
الجالية السودانية بجنوب أستراليا تنظم فعالية “عافية السودان” دعماً للقوات المسلحة
نظمت الجالية السودانية في جنوب أستراليا فعالية خاصة تحت شعار “عافية السودان”، وذلك دعماً لقواتنا المسلحة وتضامناً مع وطننا الغالي و فرحة بالانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات المسلحة و القوات المشتركة و القوات المساندة.أقيمت الفعالية، في مركز سانت بيترز للشباب بمدينة أديلايد.وقد تحدث سعادة القائم بالأعمال بالإنابة في أستراليا، السيد أحمد صلاح بيومي، مهنئاً القوات المسلحة بالانتصارات الكبيرة التي حققتها مشدداً على أهمية دعم المشاريع التنموية في السودان وتطوير البنية التحتية، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب مشاركة فاعلة من الشباب السوداني.كما تناول في حديثه أهمية إعادة إعمار وتأهيل عدد كبير من المشاريع في السودان، داعياً الحضور إلى المشاركة بالرأي والأفكار والمقترحات التي من شأنها أن تسهم في دعم ومساعدة أهلنا في الداخل.وأعرب عن أمله في أن يري أبناء الجالية السودانية اكثر إسهاماً في المجتمع الاسترالي بما يعكس تطور وتميّز الجالية واندماجها في المجتمع لتمثيل السودان والمجتمع السوداني بشكل أفضل في صناعة القرار.من جانبه اكد د۔ ابراهيم محمد سليمان نائب رئيس المكتب التنفيذي للجالية على أهمية الوحدة والتكاتف بين أبناء الجالية لتحقيق أهدافهم المشتركة، مشيراً إلى أن مثل هذه الفعاليات تعزز الروابط بين أفراد المجتمع السوداني في الخارج، وتغذي روح التضامن والعمل الجماعي من أجل السودان.كما اكد ايضا علي ان فعاليات عافية السودان ستستمر بعون الله لاستقطاب المزيد من الدعم الشعبي من ابناء الجالية بجنوب استراليا للمساهمة في بناء الوطن واعادة الاعمار ودعم المتضررين۔كانت الفعالية فرصة للتعبير عن الانتماء والولاء للوطن، حيث عبّر الحضور عن أملهم في مستقبل أكثر إشراقاً للبلاد، تحت شعار “قلب واحد، وطن واحد”.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب