مصارف الإمارات.. محرك نمو الاقتصاد الوطني
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تسهم مصارف الإمارات بدور مهم في نمو وتنوع الاقتصاد الوطني، باعتبارها من أهم محركات النمو والنشاط الاقتصادي والشريك الرئيسي في النهضة الاقتصادية التي تشهدها الدولة.
وعلى مدار السنوات الماضية، تمكن القطاع المصرفي من توفير التمويلات للمشاريع التنموية العملاقة، كما ساهم في تعزيز التنويع الاقتصادي والاستثماري عبر التوسع الخارجي والانتشار عالمياً من أجل خدمة الاستثمار والتجارة الخارجية للدولة والشركات العابرة للحدود.
وقد أيقنت قيادة الدولة بأهمية القطاع المصرفي في دعم النمو الاقتصادي ولذا شهدت الإمارات عدداً من عمليات الدمج التي أثمرت كيانات مصرفية عملاقة أصبحت نموذجاً للنجاح في العمل المصرفي على المستوى العالمي خاصة بعد أن تم تصنيف تلك البنوك ضمن قائمة الأكثر أماناً عالمياً.
كما أثبت القطاع المصرفي في دولة الإمارات أنه السند الحقيقي في وقت الأزمات العالمية التي عصفت بأكبر الاقتصادات العالمية، حيث وفر المصرف المركزي للبنوك خطط الدعم والمساندة التي مكنت الأفراد والشركات المتضررة من عبور تداعيات جائحة «كوفيد- 19».
تمويل المشروعات
وتلعب بنوك الإمارات دوراً رئيساً في دعم القطاع الخاص في الدولة وتمويل المشاريع التنموية حيث ضخت البنوك العاملة بالدولة نحو 62.5 مليار درهم قروضاً وتسهيلات جديدة لعملائها من القطاع الخاص، خلال 12 شهراً، ليرتفع الرصيد الإجمالي إلى 1.236 تريليون درهم بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة مع 1.1737 تريليون درهم بنهاية سبتمبر 2022، بنمو بلغت نسبته 5.3%.
وبلغت حصة القطاع الصناعي والتجاري المقيم نحو 23 مليار درهم من التمويلات الجديدة خلال نفس الفترة، نظراً لانخفاض مستويات المخاطر في ظل استقرار الشركات وتحسن قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه موظفيها وتجاه الغير أيضاً، وليستحوذ قطاع الأفراد على حصة بلغت قيمتها 40 مليار درهم.
وبحسب المصرف المركزي، سجل إجمالي الودائع المصرفية نمواً بنسبة 0.7% مرتفعاً من 2.403 تريليون درهم في نهاية أغسطس إلى 2.42 تريليون درهم في نهاية سبتمبر، وذلك نتيجة ارتفاع في ودائع المقيمين بنسبة 1.8% نتيجة لزيادات في ودائع القطاع العام وودائع القطاع الخاص وودائع المؤسسات المالية غير المصرفية بنسب 9% و1.3% و20.1% على التوالي.
احتياطيات دولية
وتعكس التقارير الصادرة عن مصرف الإمارات المركزي، صلابة القطاع المصرفي في دولة الإمارات حيث ارتفع إجمالي الأصول المصرفية، شاملاً شهادات القبول المصرفية، على أساس شهري بنسبة 1.3% إلى 3.952 تريليون درهم في نهاية سبتمبر الماضي، مقارنة بنحو 3.901 تريليون درهم في أغسطس 2023.
وصاحب ذلك ارتفاع (صافي) الاحتياطيات الدولية الإجمالية للقطاع المصرفي بدولة الإمارات، (للبنوك والمصرف المركزي)، بقيمة 258 مليار درهم، خلال عام، وبنسبة نمو 33.1%، إلى 1.038 تريليون درهم بنهاية سبتمبر 2023، مقارنة مع 780 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2022.
وبلغ صافي الاحتياطيات الدولية للبنوك العاملة بالدولة 455 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة مع 355 مليار درهم في نهاية سبتمبر 2022، مسجلاً زيادة بقيمة 100 مليار درهم تقريباً خلال الفترة تعادل نمواً بنسبة 28%، ما يشير إلى حجم التدفق الكبير وغير المسبوق للسيولة الجديدة، ورؤوس الأموال للسوق الإماراتية، وهو ما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية والمالية للدولة في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في السوق الإماراتية عامة والقطاع المصرفي على وجه الخصوص. وزاد رصيد الاحتياطيات الإجمالية للبنوك العاملة بالدولة بنسبة 35.9% خلال 12 شهراً، لتبلغ 469.5 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة مع 345.6 مليار درهم في سبتمبر 2022، بزيادة 123.9 مليار درهم، ويعزى ذلك إلى الزيادة في نسبة متطلبات احتياطيات البنوك للودائع تحت الطلب التي ارتفعت إلى 11% اعتباراً من شهر أبريل 2023 مقارنة مع 7% سابقاً، وهو مؤشر على الارتفاع الكبير في أرصدة الودائع وتدفق السيولة إلى البنوك بالدولة.
استثمارات مصرفية
وأشارت بيانات «المركزي» إلى ارتفاع الاستثمارات الإجمالية للبنوك العاملة في دولة الإمارات (61 بنكاً) لأعلى مستوى في تاريخها عند 593.9 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023، مسجلة نمواً بنسبة 22.9% على أساس سنوي، ما يعادل زيادة بقيمة 110.6 مليار درهم، مقارنة مع رصيدها البالغ 483.3 مليار درهم في سبتمبر 2022.
ووفقاً لبيانات مصرف الإمارات المركزي، فإن البنوك العاملة بالدولة زادت استثماراتها في السندات المحفوظة حتى تاريخ الاستحقاق بنحو 100 مليار درهم خلال فترة المقارنة، ليرتفع رصيدها إلى 287 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023، بنمو 52.8% خلال 12 شهراً.
كما زادت البنوك استثماراتها في الأسهم بنحو 1.2 مليار درهم، ليرتفع رصيدها إلى 12.5 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة مع 11.3 مليار درهم في سبتمبر 2022، بنمو 10.3% خلال الفترة.
إلى ذلك، يبلغ إجمالي عدد الموظفين في القطاع المصرفي 37 ألفاً و394 موظفاً بنهاية سبتمبر الماضي، مقارنة مع عدد الموظفين البالغ 36.737 موظفاً بنهاية يونيو 2023.
مؤشر الثقة
سجلت المصارف الإماراتية معدل 84% لثقة العملاء في العام 2022 وفقاً لاستبيان مؤشر الثقة السنوي الذي يُجريه اتحاد مصارف الإمارات بالتعاون مع مؤسسة عالمية متخصصة.
وتفوّق أداء القطاع المصرفي في دولة الإمارات على المتوسط العالمي لمؤشر الثقة في القطاعات المصرفية عالمياً والذي بلغ 67% (مقابل 84% لدولة الإمارات) لتحلّ دولة الإمارات في المركز الثاني عالمياً والأول في آسيا وأفريقيا وأوروبا، متفوقةً بذلك على عدد من المراكز المالية العالمية المتطورة في مجال الخدمات المالية والمصرفية كسنغافورة وهونغ كونغ وتايوان وماليزيا وكندا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والصين واليابان وفرنسا وألمانيا.
ربحية القطاع المصرفي خلال الربع الثالث
تكشف تقارير المؤسسات الاستشارية العالمية، قوة أداء البنوك الإماراتية ونمو ربحيتها من الفترة المالية التالية ويظهر أحدث تقرير لـ«ألفاريز آند مارسال، الشركة العالمية المتخصصة في تقديم الخدمات الاستشارية، تحسناً في ربحية القطاع المصرفي في الدولة للربع الثالث من عام 2023، مدفوعاً بشكل رئيسي بزيادة الدخل من غير الفوائد وتراجع مخصصات انخفاض القيمة.
وذكر تقرير أداء القطاع المصرفي في دولة الإمارات للربع الثالث من عام 2023، أن القطاع المصرفي في الإمارات سجل تحسناً في الربحية بفضل الزيادة في إجمالي الدخل التشغيلي بنسبة 15.4% على أساس فصلي، وارتفاع الدخل غير الأساسي بنسبة 2.4% على أساس فصلي، وانخفاض مخصصات انخفاض القيمة (بنسبة -11.7% على أساس فصلي).
وقال التقرير الذي يحلل بيانات أكبر 10 بنوك مدرجة في دولة الإمارات، إن صافي دخل الفوائد شهد نمواً قوياً (بنسبة +5.5%) على الرغم من وصول معدل أسعار الفائدة المرجعية إلى ذروتها، كما شهدت القروض والسلف نمواً على أساس فصلي بنسبة 2.4%، مدفوعة في الغالب بتوسع قروض الشركات والبيع بالجملة بنسبة 2.5% على أساس فصلي.
وأشار إلى أن الودائع لأجل عالية التكلفة شهدت إقبالاً من العملاء نظراً لارتفاع أسعار الفائدة، ما أدى إلى ارتفاع النمو الإجمالي للودائع (بنسبة 5.1% على أساس فصلي)، ليتجاوز نمو القروض والسلف (الذي بلغ +3.9% على أساس فصلي)، لافتاً إلى نمو صافي هامش الفائدة بمقدار 8 نقاط أساس، وشهد معدل القروض المتعثرة تحسناً طفيفاً بمقدار 14 نقطة أساس ليصل إلى 5.1%.
واختتم التقرير بالتأكيد على قوة وصلابة رأس البنوك المحلية وتجاوزها للمعدلات العالمية المطلوبة لنسبة كفاية رأس المال حيث زادت النسبة من 17.6% في الربع الثاني من عام 2023 إلى 17.9% في الربع الثالث من العام الحالي.
كيانات مصرفية
نجحت دولة الإمارات في إتمام عدد من عمليات الدمج بين البنوك لإيجاد كيانات مصرفية عملاقة تشارك بفعالية في الطفرة الاقتصادية التي شهدتها الدولة عبر تمويل المئات من المشاريع العملاقة، وكذلك توفير الدعم للعملاء من الشركات والأفراد.
ومن أهم عمليات الدمج التي حدثت اندماج بنك «الخليج الأول» وبنك «أبوظبي الوطني» والذي أوجد بنك أبوظبي الأول الذي ساهم في دفع عجلة النمو قدماً في دولة الإمارات حيث يعمل على تعزيز التنويع الاقتصادي والاستثماري، ودعم طموحات رواد الأعمال وموظفيهم، ويدعم كذلك نمو القطاع الخاص في دولة الإمارات من الشركات الصغيرة أو المتوسطة أو الكبرى، ليطور بذلك قدرته على التوسع خارج الدولة. ويتمتع البنك بكل الإمكانيات التي تجعله الشريك المصرفي الاستراتيجي المستقبلي للحكومة وهيئاتها.
أكبر مجموعة مصرفية في الشرق الأوسط
أثمر اندماج بنكي «الإمارات»، و«دبي الوطني» بظهور مجموعة «بنك الإمارات دبي الوطني» كأكبر مجموعة مصرفية في الشرق الأوسط من حيث الأصول بنحو 698 مليار درهم في نهاية عام 2020 وبزيادة بنسبة 2% عن عام 2019، في حين بلغت قروض العملاء 444 مليار درهم، وإجمالي الودائع 464 مليار درهم.
ونجح البنك في التوسع خارجياً في 12 دولة، وهي مصر والهند وتركيا والمملكة العربية السعودية وسنغافورة والمملكة المتحدة والنمسا وألمانيا والبحرين وروسيا، ولديه مكاتب تمثيلية في الصين وإندونيسيا.
التوسع الخارجي
ولم يقتصر دور بنوك الإمارات على دعم الاقتصاد المحلي والشركات المحلية، بل تعداه إلى المشاركة في دعم الاستثمار والتجارة الخارجية، ولذا ركزت البنوك على التوسع الخارجي المرتبط بتوسع تجارة الدول المختلفة مع دولة الإمارات، مع التركيز على توفير الخدمات للشركات العابرة للقارات في الدول الخارجية التي تتواجد فيها البنوك المحلية حالياً.
ويعدّ بنك أبوظبي الأول أكبر بنك في دولة الإمارات وأحد أكبر وأكثر المؤسسات المالية أماناً في العالم، ويتمتع بمقومات استثنائية بفضل شبكة فروعه العالمية المنتشرة في خمس قارات، وبالتالي يتميز بعلاقاته الدولية، وخبراته الواسعة وقوته المالية لدعم الشركات المحلية والإقليمية والدولية التي تسعى لإدارة أعمالها محلياً وعالمياً.
ويوفر «أبوظبي الأول» التمويل التجاري عبر حلول للمستوردين والمصدرين خاصة بالتجارة التقليدية، ومنها استشارات خطابات الاعتماد، تحصيل الشيكات، حلول التمويل، تمويل سلسلة الإمداد المحلية والعالمية، إصدار خطاب الضمان، وتمويل سلسلة الإمداد (SCF)، إلى جانب تمويل سلسلة الإمداد المحلية والعالمية، وكذا حلول سداد مرنة.
كما يتواجد بنك المشرق حالياً في 12 دولة، ولديه وجود في أهم مراكز المال والأعمال في العالم، مثل نيويورك ولندن وهونج كونج ومومباي، فضلاً عن وجوده في عدد من الدول الخليجية والعربية.
التعامل مع الأزمات
لعبت بنوك الإمارات دوراً رئيساً في دعم الاقتصاد المحلي وتمكينه من التعامل مع تداعيات الأزمات التي عصفت بالاقتصادات العالمية.
ويعد موقف البنوك أثناء جائحة «كوفيدـ 19» من أهم وأنجح التجارب في مساندة الاقتصاد ودعم الشركات والأفراد خلال الأزمات.
وتمكنت البنوك من دعم الأفراد والشركات المتضررة من تداعيات الجائحة، ليستفيد من برنامج إعفاء القروض التابع لخطة الدعم أكثر من 321.5 ألف مستفيد، منهم 310 آلاف من الأفراد و10 آلاف من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، و1500 شركة من القطاع الخاص.
كما بلغ عدد العملاء المستفيدين من الدعم خارج نطاق خطة الدعم الاقتصادي الشاملة أكثر من 180 ألف عميل حصلوا على تأجيل قروض تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 8 مليارات درهم.
وكان مصرف الإمارات قد أعلن في عام 2020، عن طرح سلسلة من التدابير والإجراءات ضمن حزم التحفيز التي تمثل خطة دعم اقتصادي شاملة بقيمة 256 مليار درهم، ومنها الإعلان عن حزمة غير مسبوقة لدعم البنوك الإماراتية والفئات المتضررة، وحماية الاقتصاد من تداعيات تفشي وباء «كورونا» بقيمة 70 مليار دولار، شملت 55 مليار دولار كدعم سيولة من خلال تحرير متطلبات البنك المركزي، و13 مليار دولار دعماً للأفراد والشركات المتعثرة بسبب «كورونا».
كما أقر مجلس إدارة المصرف المركزي بتخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي من الودائع تحت الطلب بمقدار النصف لجميع البنوك (من 14 إلى 7%)، ما ساهم في تعزيز السيولة وضخ ما يقدر بنحو 61 مليار درهم، من السيولة في القطاع المصرفي يمكن استخدامها في دعم إقراض البنوك لقطاعات الاقتصاد الوطني، وإدارة السيولة لديها.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مصارف الإمارات الإمارات الاقتصاد الوطني القطاع المصرفی فی دولة الإمارات تریلیون درهم فی بنوک الإمارات درهم فی نهایة ملیار درهم فی القطاع الخاص سبتمبر 2022 بنسبة 2 فی دعم
إقرأ أيضاً:
ما حقيقة المخاوف بشأن الضرائب على أموال المودعين في المغرب؟
مراكش- في مكتبه بمدينة مراكش، يستقبل المحاسب الشاب رشيد مكالمة من أحد التجار الذين يتعامل معهم منذ سنوات، وهو منهمك في مراجعة بعض الملفات.
بصوت يشوبه بعض القلق، يسأله التاجر عن حقيقة فرض ضريبة جديدة على الودائع البنكية، مظهرا تردده في إيداع أمواله في أحد المصارف.
ويقول رشيد -للجزيرة نت- إن هذه الأسئلة تظهر مخاوف بعض التجار المغاربة، الذين يفضلون الاحتفاظ بأموالهم خارج النظام المصرفي، تجنبا لأي إجراءات ضريبية.
ويبرز أن حديث وسائل الإعلام عن نقص السيولة البنكية وارتفاع شراء الخزائن المالية، قد يكون له ما يبرره في ظل ما تشير إليه التقارير الرسمية من استمرار ارتفاع نسبة الأوراق النقدية المتداولة في الأسواق، في مقابل انخفاض المدخرات داخل المصارف.
خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أطلقت إدارة الضرائب المغربية حملة التسوية الطوعية للأشخاص الذاتيين بنسبة تحفيزية لا تتجاوز 5%، خاصة الموجودات المودعة في حسابات بنكية، أو المحتفظ بها في شكل أوراق بنكية.
ويلاحظ الخبير الاقتصادي يوسف كراوي الفيلالي -في تصريح للجزيرة نت- أن هذه الحملة شجعت بعض الأشخاص على التصريح بدخولهم، لكن بعد انقضاء الآجال القانونية نهاية سنة 2024، ساد تخوف لدى آخرين من فرض ضرائب على أرباحهم بأعلى نسبة وهي 37%.
من جانبه، يبرز المستشار القانوني والجبائي المحاسب المعتمد لدى الدولة عبد الصمد الإدريسي أن هذه الحملة -التي أطلقت بعد صمت طيلة السنة- تحولت إلى ضجة بسبب ضعف التواصل بين إدارة الضرائب والخاضعين للضريبة.
وحسب قانون المالية لسنة 2025، يعفى أي دخل لم يصل إلى 40 ألف درهم (4 آلاف دولار) سنويا من الضريبة، بينما تطبق نسبة مئوية تصاعدية عندما يتجاوز الدخل هذا المبلغ ابتداء من 10%، ثم 20% و30% و34% لتصل إلى 37% عندما يتعدى الدخل 180 ألف درهم (18 ألف دولار).
إعلانويشرح الإدريسي للجزيرة نت أن هذه المخاوف غير مبنية على أسس حقيقية، كما أنه لا يمكن بتاتا من الناحية القانونية اقتطاع ضريبة على مبالغ مودعة في البنوك، سواء من قبل أشخاص ذاتيين أو عاديين من دون الخضوع لإجراءات قانونية تمر بمجموعة من المراحل حسب المادة 216 من المدونة العامة للضرائب، المتعلقة بالفحص الإجمالي لوضعية الملزمين بالضريبة.
ويوضح أنه بعد رصد لحركة أموال من خلال شراء عقار أو وضع أسهم في شركة أو تحويل أموال من حسابات جارية إلى شركة مثلا، تقوم إدارة الضرائب بإشعار المعني بالأمر مرتين بضرورة تبرير طرق تحصيل هذه المبالغ، قبل أن يُطالب بأداء الضريبة المستحقة حسب جدول محدد مرتبط بالأرباح والذي قد يكون 10% أو 20%، وليس بالضرورة 37%. وبعد رسالة ثالثة تعد إنذارا، يحول الملف إلى الخزينة العامة لتطبيق التحصيل الجذري كما جاء في مدونة الديون العمومية.
يربط الخبراء بين حجم الودائع البنكية وتوفر السيولة لدى البنوك، وبين تدخل البنك المركزي من أجل الحفاظ على استقرار القطاع المالي.
وتظهر أرقام النشرة الشهرية لبنك المغرب (البنك المركزي المغربي) خلال 2024 تذبذبا في حجم السيولة يعكس التوترات المالية.
فعلى سبيل المثال، بعد ارتفاع السيولة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى حوالي 138.8 مليار درهم (13.8 مليار دولار)، عاد ليسجل بعض التراجع في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى 135.9 مليار درهم، في حين رفع بنك المغرب حجم تدخلاته ليصل إلى 152 مليار درهم (15 مليار دولار) لضمان هذا الاستقرار.
ويوضح الخبير الاقتصادي الفيلالي أن الأموال المتداولة وغير المودعة في المصارف، تتعلق أساسا بالاقتصاد غير المنظم وتمثل 30% من الاقتصاد المغربي، مشيرا إلى أن عدم إيداع هذه الأموال يؤدي إلى نقص في السيولة، في مقابل ارتفاع المخزن في البيوت والوحدات الصناعية السوداء.
إعلانويدعو المتحدث ذاته إلى اتخاذ إجراءات لتشجيع وسائل الدفع الرقمية للمساهمة في دخول الأموال إلى البنوك، ومن ثم الرفع من السيولة المالية.
ذكرت وزارة المالية أن مبالغ التسوية الطوعية للضرائب ناهزت حوالي 100 مليار درهم (10 مليارات دولار)، وهو ما اعتبره الخبير الاقتصادي زكريا فيرانو -في حديث للجزيرة نت- رقما مهما ساهم في إنعاش خزينة الدولة بحوالي 5 مليارات درهم ( 500 ألف دولار)، وساعد في توفير سيولة إضافية لدعم بعض القطاعات الاجتماعية والاستثمار في بعض القطاعات الاقتصادية.
وأضاف أن هذه الخطوة ستساهم أيضا في حلحلة بعض مشاكل الاقتصاد غير المنظم وتقليص التعامل بالأوراق النقدية المتداولة في السوق، الذي وصل إلى نحو 430 مليار درهم (43 مليار دولار)، حسب بيانات البنك المركزي المغربي.
ويرى الأكاديمي المغربي أن الإجراءات الضريبية لا يكون لها تأثير سلبي على الودائع البنكية، بما أن المساهمة الإبرائية لم تتعلق بإلزامية إيداع الأموال في المصارف ولا بإخضاع هذه الأموال للضريبة وهي ذات أصل اقتصادي أو مرتبطة بالادخار، ولكن بالتصريح الطوعي عن الأصول والأرباح الخارجة عن النطاق الضريبي من أجل الاستفادة من هذا التحفيز الضريبي (تطبيق نسبة 5%).
ولا توجد نصوص قانونية تلزم الأشخاص الذاتيين بوضع ودائعهم في البنوك، بل تلزمهم بالتصريح بأرباحهم وأداء الضريبة عنها.
من جهته، يؤكد الإدريسي أن الأموال المودعة تستعملها البنوك من أجل الوفاء بالتزاماتها، ومن أجل الإقراض وتحفيز الاستثمار، مشيرا إلى أن بقاءها خارج شبكة المصارف يؤثر على كل ذلك.
يشير تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة رسمية) إلى أن 60% و80% من القوى العالمة بالمغرب تزاول أنشطة تندرج ضمن الاقتصاد غير المنظم.
إعلانويبرز التقرير إلى أن هذا القطاع غير المنظم -الموسوم بالتملص من الالتزامات الاجتماعية والضريبية- يشكل معضلة حقيقية تؤثر سلبا على الإنتاج والتنافسية، مؤكدا أن السلطات العمومية أطلقت عديدا من البرامج الرامية إلى الإدماج المباشر أو غير المباشر لهذا القطاع في منظومة الاقتصاد المنظم، غير أن المبادرات المتخذة لم تكن كافية للحد مـن حجمه وتأثيراته السلبية.
ومن بين هذه المبادرات تشجيع مبادرة "المقاول الذاتي"، لكن 94% من هذه الفئة، والبالغ عددها 340 ألف شخص، لا يصرحون بدخولهم، حسب المسؤول الأول بالمديرية العامة للضرائب.
وفي هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي كراوي الفيلالي أن إدماج القطاع غير المنظم يجب أن يتم بسلالة عن طريق المصالحة الضريبة، بعيدا عن المنطق الزجري كما حدث في إجراء التسوية الضريبية، وذلك للحصول على مداخيل ضريبية إضافية تساهم في نمو الاقتصاد الوطني.
من جهته، يؤكد فيرانو أن إدماج الاقتصاد غير المنظم في الدورة الاقتصادية الرسمية يجب أن يتم عبر إصلاح عام وشامل، يبنى على 3 ركائز أساسية:
إقرار تحفيزات ضريبية وتبسيط الإجراءات الإدارية. إعادة النظر في منظومة عقود العمل داخل القطاع غير المنظم. إقرار منظومة ضريبية ذات طبيعة تنافسية.