مصارف الإمارات.. محرك نمو الاقتصاد الوطني
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تسهم مصارف الإمارات بدور مهم في نمو وتنوع الاقتصاد الوطني، باعتبارها من أهم محركات النمو والنشاط الاقتصادي والشريك الرئيسي في النهضة الاقتصادية التي تشهدها الدولة.
وعلى مدار السنوات الماضية، تمكن القطاع المصرفي من توفير التمويلات للمشاريع التنموية العملاقة، كما ساهم في تعزيز التنويع الاقتصادي والاستثماري عبر التوسع الخارجي والانتشار عالمياً من أجل خدمة الاستثمار والتجارة الخارجية للدولة والشركات العابرة للحدود.
وقد أيقنت قيادة الدولة بأهمية القطاع المصرفي في دعم النمو الاقتصادي ولذا شهدت الإمارات عدداً من عمليات الدمج التي أثمرت كيانات مصرفية عملاقة أصبحت نموذجاً للنجاح في العمل المصرفي على المستوى العالمي خاصة بعد أن تم تصنيف تلك البنوك ضمن قائمة الأكثر أماناً عالمياً.
كما أثبت القطاع المصرفي في دولة الإمارات أنه السند الحقيقي في وقت الأزمات العالمية التي عصفت بأكبر الاقتصادات العالمية، حيث وفر المصرف المركزي للبنوك خطط الدعم والمساندة التي مكنت الأفراد والشركات المتضررة من عبور تداعيات جائحة «كوفيد- 19».
تمويل المشروعات
وتلعب بنوك الإمارات دوراً رئيساً في دعم القطاع الخاص في الدولة وتمويل المشاريع التنموية حيث ضخت البنوك العاملة بالدولة نحو 62.5 مليار درهم قروضاً وتسهيلات جديدة لعملائها من القطاع الخاص، خلال 12 شهراً، ليرتفع الرصيد الإجمالي إلى 1.236 تريليون درهم بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة مع 1.1737 تريليون درهم بنهاية سبتمبر 2022، بنمو بلغت نسبته 5.3%.
وبلغت حصة القطاع الصناعي والتجاري المقيم نحو 23 مليار درهم من التمويلات الجديدة خلال نفس الفترة، نظراً لانخفاض مستويات المخاطر في ظل استقرار الشركات وتحسن قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه موظفيها وتجاه الغير أيضاً، وليستحوذ قطاع الأفراد على حصة بلغت قيمتها 40 مليار درهم.
وبحسب المصرف المركزي، سجل إجمالي الودائع المصرفية نمواً بنسبة 0.7% مرتفعاً من 2.403 تريليون درهم في نهاية أغسطس إلى 2.42 تريليون درهم في نهاية سبتمبر، وذلك نتيجة ارتفاع في ودائع المقيمين بنسبة 1.8% نتيجة لزيادات في ودائع القطاع العام وودائع القطاع الخاص وودائع المؤسسات المالية غير المصرفية بنسب 9% و1.3% و20.1% على التوالي.
احتياطيات دولية
وتعكس التقارير الصادرة عن مصرف الإمارات المركزي، صلابة القطاع المصرفي في دولة الإمارات حيث ارتفع إجمالي الأصول المصرفية، شاملاً شهادات القبول المصرفية، على أساس شهري بنسبة 1.3% إلى 3.952 تريليون درهم في نهاية سبتمبر الماضي، مقارنة بنحو 3.901 تريليون درهم في أغسطس 2023.
وصاحب ذلك ارتفاع (صافي) الاحتياطيات الدولية الإجمالية للقطاع المصرفي بدولة الإمارات، (للبنوك والمصرف المركزي)، بقيمة 258 مليار درهم، خلال عام، وبنسبة نمو 33.1%، إلى 1.038 تريليون درهم بنهاية سبتمبر 2023، مقارنة مع 780 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2022.
وبلغ صافي الاحتياطيات الدولية للبنوك العاملة بالدولة 455 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة مع 355 مليار درهم في نهاية سبتمبر 2022، مسجلاً زيادة بقيمة 100 مليار درهم تقريباً خلال الفترة تعادل نمواً بنسبة 28%، ما يشير إلى حجم التدفق الكبير وغير المسبوق للسيولة الجديدة، ورؤوس الأموال للسوق الإماراتية، وهو ما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية والمالية للدولة في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في السوق الإماراتية عامة والقطاع المصرفي على وجه الخصوص. وزاد رصيد الاحتياطيات الإجمالية للبنوك العاملة بالدولة بنسبة 35.9% خلال 12 شهراً، لتبلغ 469.5 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة مع 345.6 مليار درهم في سبتمبر 2022، بزيادة 123.9 مليار درهم، ويعزى ذلك إلى الزيادة في نسبة متطلبات احتياطيات البنوك للودائع تحت الطلب التي ارتفعت إلى 11% اعتباراً من شهر أبريل 2023 مقارنة مع 7% سابقاً، وهو مؤشر على الارتفاع الكبير في أرصدة الودائع وتدفق السيولة إلى البنوك بالدولة.
استثمارات مصرفية
وأشارت بيانات «المركزي» إلى ارتفاع الاستثمارات الإجمالية للبنوك العاملة في دولة الإمارات (61 بنكاً) لأعلى مستوى في تاريخها عند 593.9 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023، مسجلة نمواً بنسبة 22.9% على أساس سنوي، ما يعادل زيادة بقيمة 110.6 مليار درهم، مقارنة مع رصيدها البالغ 483.3 مليار درهم في سبتمبر 2022.
ووفقاً لبيانات مصرف الإمارات المركزي، فإن البنوك العاملة بالدولة زادت استثماراتها في السندات المحفوظة حتى تاريخ الاستحقاق بنحو 100 مليار درهم خلال فترة المقارنة، ليرتفع رصيدها إلى 287 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023، بنمو 52.8% خلال 12 شهراً.
كما زادت البنوك استثماراتها في الأسهم بنحو 1.2 مليار درهم، ليرتفع رصيدها إلى 12.5 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة مع 11.3 مليار درهم في سبتمبر 2022، بنمو 10.3% خلال الفترة.
إلى ذلك، يبلغ إجمالي عدد الموظفين في القطاع المصرفي 37 ألفاً و394 موظفاً بنهاية سبتمبر الماضي، مقارنة مع عدد الموظفين البالغ 36.737 موظفاً بنهاية يونيو 2023.
مؤشر الثقة
سجلت المصارف الإماراتية معدل 84% لثقة العملاء في العام 2022 وفقاً لاستبيان مؤشر الثقة السنوي الذي يُجريه اتحاد مصارف الإمارات بالتعاون مع مؤسسة عالمية متخصصة.
وتفوّق أداء القطاع المصرفي في دولة الإمارات على المتوسط العالمي لمؤشر الثقة في القطاعات المصرفية عالمياً والذي بلغ 67% (مقابل 84% لدولة الإمارات) لتحلّ دولة الإمارات في المركز الثاني عالمياً والأول في آسيا وأفريقيا وأوروبا، متفوقةً بذلك على عدد من المراكز المالية العالمية المتطورة في مجال الخدمات المالية والمصرفية كسنغافورة وهونغ كونغ وتايوان وماليزيا وكندا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والصين واليابان وفرنسا وألمانيا.
ربحية القطاع المصرفي خلال الربع الثالث
تكشف تقارير المؤسسات الاستشارية العالمية، قوة أداء البنوك الإماراتية ونمو ربحيتها من الفترة المالية التالية ويظهر أحدث تقرير لـ«ألفاريز آند مارسال، الشركة العالمية المتخصصة في تقديم الخدمات الاستشارية، تحسناً في ربحية القطاع المصرفي في الدولة للربع الثالث من عام 2023، مدفوعاً بشكل رئيسي بزيادة الدخل من غير الفوائد وتراجع مخصصات انخفاض القيمة.
وذكر تقرير أداء القطاع المصرفي في دولة الإمارات للربع الثالث من عام 2023، أن القطاع المصرفي في الإمارات سجل تحسناً في الربحية بفضل الزيادة في إجمالي الدخل التشغيلي بنسبة 15.4% على أساس فصلي، وارتفاع الدخل غير الأساسي بنسبة 2.4% على أساس فصلي، وانخفاض مخصصات انخفاض القيمة (بنسبة -11.7% على أساس فصلي).
وقال التقرير الذي يحلل بيانات أكبر 10 بنوك مدرجة في دولة الإمارات، إن صافي دخل الفوائد شهد نمواً قوياً (بنسبة +5.5%) على الرغم من وصول معدل أسعار الفائدة المرجعية إلى ذروتها، كما شهدت القروض والسلف نمواً على أساس فصلي بنسبة 2.4%، مدفوعة في الغالب بتوسع قروض الشركات والبيع بالجملة بنسبة 2.5% على أساس فصلي.
وأشار إلى أن الودائع لأجل عالية التكلفة شهدت إقبالاً من العملاء نظراً لارتفاع أسعار الفائدة، ما أدى إلى ارتفاع النمو الإجمالي للودائع (بنسبة 5.1% على أساس فصلي)، ليتجاوز نمو القروض والسلف (الذي بلغ +3.9% على أساس فصلي)، لافتاً إلى نمو صافي هامش الفائدة بمقدار 8 نقاط أساس، وشهد معدل القروض المتعثرة تحسناً طفيفاً بمقدار 14 نقطة أساس ليصل إلى 5.1%.
واختتم التقرير بالتأكيد على قوة وصلابة رأس البنوك المحلية وتجاوزها للمعدلات العالمية المطلوبة لنسبة كفاية رأس المال حيث زادت النسبة من 17.6% في الربع الثاني من عام 2023 إلى 17.9% في الربع الثالث من العام الحالي.
كيانات مصرفية
نجحت دولة الإمارات في إتمام عدد من عمليات الدمج بين البنوك لإيجاد كيانات مصرفية عملاقة تشارك بفعالية في الطفرة الاقتصادية التي شهدتها الدولة عبر تمويل المئات من المشاريع العملاقة، وكذلك توفير الدعم للعملاء من الشركات والأفراد.
ومن أهم عمليات الدمج التي حدثت اندماج بنك «الخليج الأول» وبنك «أبوظبي الوطني» والذي أوجد بنك أبوظبي الأول الذي ساهم في دفع عجلة النمو قدماً في دولة الإمارات حيث يعمل على تعزيز التنويع الاقتصادي والاستثماري، ودعم طموحات رواد الأعمال وموظفيهم، ويدعم كذلك نمو القطاع الخاص في دولة الإمارات من الشركات الصغيرة أو المتوسطة أو الكبرى، ليطور بذلك قدرته على التوسع خارج الدولة. ويتمتع البنك بكل الإمكانيات التي تجعله الشريك المصرفي الاستراتيجي المستقبلي للحكومة وهيئاتها.
أكبر مجموعة مصرفية في الشرق الأوسط
أثمر اندماج بنكي «الإمارات»، و«دبي الوطني» بظهور مجموعة «بنك الإمارات دبي الوطني» كأكبر مجموعة مصرفية في الشرق الأوسط من حيث الأصول بنحو 698 مليار درهم في نهاية عام 2020 وبزيادة بنسبة 2% عن عام 2019، في حين بلغت قروض العملاء 444 مليار درهم، وإجمالي الودائع 464 مليار درهم.
ونجح البنك في التوسع خارجياً في 12 دولة، وهي مصر والهند وتركيا والمملكة العربية السعودية وسنغافورة والمملكة المتحدة والنمسا وألمانيا والبحرين وروسيا، ولديه مكاتب تمثيلية في الصين وإندونيسيا.
التوسع الخارجي
ولم يقتصر دور بنوك الإمارات على دعم الاقتصاد المحلي والشركات المحلية، بل تعداه إلى المشاركة في دعم الاستثمار والتجارة الخارجية، ولذا ركزت البنوك على التوسع الخارجي المرتبط بتوسع تجارة الدول المختلفة مع دولة الإمارات، مع التركيز على توفير الخدمات للشركات العابرة للقارات في الدول الخارجية التي تتواجد فيها البنوك المحلية حالياً.
ويعدّ بنك أبوظبي الأول أكبر بنك في دولة الإمارات وأحد أكبر وأكثر المؤسسات المالية أماناً في العالم، ويتمتع بمقومات استثنائية بفضل شبكة فروعه العالمية المنتشرة في خمس قارات، وبالتالي يتميز بعلاقاته الدولية، وخبراته الواسعة وقوته المالية لدعم الشركات المحلية والإقليمية والدولية التي تسعى لإدارة أعمالها محلياً وعالمياً.
ويوفر «أبوظبي الأول» التمويل التجاري عبر حلول للمستوردين والمصدرين خاصة بالتجارة التقليدية، ومنها استشارات خطابات الاعتماد، تحصيل الشيكات، حلول التمويل، تمويل سلسلة الإمداد المحلية والعالمية، إصدار خطاب الضمان، وتمويل سلسلة الإمداد (SCF)، إلى جانب تمويل سلسلة الإمداد المحلية والعالمية، وكذا حلول سداد مرنة.
كما يتواجد بنك المشرق حالياً في 12 دولة، ولديه وجود في أهم مراكز المال والأعمال في العالم، مثل نيويورك ولندن وهونج كونج ومومباي، فضلاً عن وجوده في عدد من الدول الخليجية والعربية.
التعامل مع الأزمات
لعبت بنوك الإمارات دوراً رئيساً في دعم الاقتصاد المحلي وتمكينه من التعامل مع تداعيات الأزمات التي عصفت بالاقتصادات العالمية.
ويعد موقف البنوك أثناء جائحة «كوفيدـ 19» من أهم وأنجح التجارب في مساندة الاقتصاد ودعم الشركات والأفراد خلال الأزمات.
وتمكنت البنوك من دعم الأفراد والشركات المتضررة من تداعيات الجائحة، ليستفيد من برنامج إعفاء القروض التابع لخطة الدعم أكثر من 321.5 ألف مستفيد، منهم 310 آلاف من الأفراد و10 آلاف من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، و1500 شركة من القطاع الخاص.
كما بلغ عدد العملاء المستفيدين من الدعم خارج نطاق خطة الدعم الاقتصادي الشاملة أكثر من 180 ألف عميل حصلوا على تأجيل قروض تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 8 مليارات درهم.
وكان مصرف الإمارات قد أعلن في عام 2020، عن طرح سلسلة من التدابير والإجراءات ضمن حزم التحفيز التي تمثل خطة دعم اقتصادي شاملة بقيمة 256 مليار درهم، ومنها الإعلان عن حزمة غير مسبوقة لدعم البنوك الإماراتية والفئات المتضررة، وحماية الاقتصاد من تداعيات تفشي وباء «كورونا» بقيمة 70 مليار دولار، شملت 55 مليار دولار كدعم سيولة من خلال تحرير متطلبات البنك المركزي، و13 مليار دولار دعماً للأفراد والشركات المتعثرة بسبب «كورونا».
كما أقر مجلس إدارة المصرف المركزي بتخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي من الودائع تحت الطلب بمقدار النصف لجميع البنوك (من 14 إلى 7%)، ما ساهم في تعزيز السيولة وضخ ما يقدر بنحو 61 مليار درهم، من السيولة في القطاع المصرفي يمكن استخدامها في دعم إقراض البنوك لقطاعات الاقتصاد الوطني، وإدارة السيولة لديها.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مصارف الإمارات الإمارات الاقتصاد الوطني القطاع المصرفی فی دولة الإمارات تریلیون درهم فی بنوک الإمارات درهم فی نهایة ملیار درهم فی القطاع الخاص سبتمبر 2022 بنسبة 2 فی دعم
إقرأ أيضاً:
ما تأثير العقوبات الأمريكية على رئيس البنك المركزي بصنعاء على القطاع المصرفي؟
أثار قرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على رئيس البنك المركزي في صنعاء، الموالي لجماعة الحوثيين، وعدد أخر من الكيانات المصرفية، تساؤلات عدة عن تداعيات وتأثيرات هذا القرار على القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت قبل أيام عن فرض عقوبات على عدد من الكيانات والمسؤولين في جماعة الحوثي بينهم هاشم المداني المعين رئيسا للبنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، بتهمة "غسيل الأموال لصالح جماعته وتسهيل وصول الأموال إليها".
تحجيم دور الحوثي المصرفي
وفي السياق، قال الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي، وفيق صالح، إن إدراج محافظ البنك المركزي بصنعاء على لائحة العقوبات من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، يحمل دلالات هامة، كونها تأتي لأول مرّة منذ حدوث الانقسام النقدي والمصرفي، الذي كرسته مليشيا الحوثي بصورة نهائية في أواخر 2019.
وأضاف صالح في تصريح خاص لـ"عربي21" أن هذه العقوبات وفقاً لما أعلنته الخزانة الأمريكية " تُمثل جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى شل الموارد المالية للحوثيين" وهو ما يعكس تغيير لافت في الموقف الأمريكي تجاه الأزمة باليمن، خصوصاً على مستوى الأوضاع الاقتصادية والمالية.
وأشار "هذه العقوبات أعتقد أنها سيكون لها تداعيات مباشرة على تحجيم الدور الذي تقوم به جماعة الحوثي في التأثير على القطاع المصرفي والأوضاع النقدية في البلد بشكل عام".
وتابع الصحفي الاقتصادي اليمني: "كما ستضع القطاع المصرفي والبنوك التجارية التي تتواجد مراكزها الرئيسية في صنعاء، أمام تحديات جديدة، حيث من المحتمل أن تزيد الضغوطات التي تواجهها هذه البنوك خصوصا مع استمرار الانقسام النقدي والمصرفي، وإصرار الحوثيين على استخدام سياسات مالية ومصرفية تضع القطاع المصرفي تحت مقصلة العقوبات والعزلة الدولية".
وبحسب صالح فإن هذه العقوبات التي طالت الكيانات المالية للحوثي، "قد تعزز من دور البنك المركزي اليمني في عدن المعترف به دولياً في إدارة السياسة النقدية"، موضحا أنها تشكل دفعة مساندة قوية للسلطات النقدية في الحكومة الشرعية، لاتخاذ أي خطوات في إطار مهامها وأنشطتها لإعادة ضبط الوضع النقدي والمصرفي، وإصلاح الإختلالات التي تعرضت لها المنظومة المصرفية، بفعل الانقسام وازدواج القرارات.
شل الموارد المالية للجماعة
من جانبه، رأى الباحث الاقتصادي اليمني، وحيد الفودعي، أن الخطوة الأمريكية ليست مجرد إجراء عقابي بل جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى شل الموارد المالية للجماعة الحوثية ومحاسبة من يسهم في استمرار الحرب والدمار في اليمن.
وقال الفودعي في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك" إن هذه العقوبات تسلط الضوء على ضرورة تعاون دولي أوسع لمكافحة الأنشطة المالية غير المشروعة التي تغذي الحروب والنزاعات في المنطقة، ولتعزيز الأمن والاستقرار لشعوبها.
وحول مدى تأثير قرار العقوبات الأمريكية على البنوك التي تعمل في صنعاء، أكد على أن هذه البنوك تعمل تحت مظلة أو بتوجيهات من البنك المركزي في صنعاء، فإن التداعيات المحتملة قد تكون متعددة الأبعاد.
وتابع الفودعي بأن البنوك التجارية والمصارف التي تعمل في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تواجه بالفعل ضغوطًا معقدة نتيجة الانقسام السياسي والاقتصادي في اليمن، وقد يؤدي هذا القرار إلى تعميق عزلتها الدولية.
وذكر أن "أي تعاملات مالية مع الأفراد أو الكيانات المدرجة على لائحة العقوبات قد تضع هذه البنوك في دائرة الاشتباه، مما يعرضها لخطر فقدان ارتباطها بالنظام المصرفي الدولي".
وأضاف الباحث الاقتصادي اليمني أن الأنظمة المالية العالمية تتطلب الالتزام الصارم بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأي انتهاك لهذه المعايير قد يؤدي إلى فرض قيود إضافية أو حتى عقوبات على هذه البنوك".
كما لفت أيضا إلى أن التعاون بين هذه البنوك والبنك المركزي في صنعاء، الذي يُتهم بالضلوع في أنشطة غير مشروعة، قد يجعلها عرضة للتدقيق الدولي.
وإذا تبين وفقا للفودعي "إن هذه البنوك تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تنفيذ سياسات مالية تخدم مصالح الجماعة الحوثية أو تُستخدم كأدوات لتمرير الأموال المشبوهة، فقد تواجه إجراءات صارمة تشمل تجميد أصولها أو الحد من تعاملاتها مع البنوك الدولية".
وعلى المستوى المحلي، أوضح الباحث الفودعي أن هذا القرار قد يؤدي إلى تعقيد العمليات المصرفية في صنعاء، مما يزيد من التحديات التي تواجهها البنوك في ظل بيئة اقتصادية هشة.
ولفت إلى أن التعاملات التجارية قد تتأثر نتيجة انخفاض الثقة وزيادة القيود، مما ينعكس سلبًا على العملاء المحليين والشركات التي تعتمد على البنوك للحصول على التمويل أو تسهيل التجارة، وفق قوله.
كما شملت العقوبات الأمريكية "هاشم إسماعيل المداني"، محافظ البنك المركزي الموالي للحوثيين في صنعاء، الذي اعتبرته الوزارة "المشرف الرئيسي على الأموال المرسلة إلى الحوثيين من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وقد تعاون مع المسؤول المالي الحوثي المدعوم من فيلق القدس، الجمل، لإجراء أنشطة تجارية لصالح الحوثيين".
ومن بين الأشخاص المشمولين بالعقوبات " أحمد محمد حسن الهادي"، وهو مسؤول مالي كبير يقوم بالتنسيق وتسهيل نقل الأموال الحوثية نيابة عن جماعته.
وبحسب الخزانة الأمريكية فإن الحوثيين استخدموا شركات خدمات مالية مقرها صنعاء تحت سيطرتهم لنقل مبالغ كبيرة والالتفاف على العقوبات منها "شركة محمد علي الثور للصرافة (الثور للصرافة)"، التي قامت بجلب تحت إشراف المسؤول المالي الحوثي المدرج على قائمة الولايات المتحدة الأمريكية عبد الله الجمل، ملايين الدولارات نيابة عن شبكة الجمل إلى اليمن لتمكين عمليات غسل الأموال مع فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وبالمثل، وفقا للوزارة "قام خالد الحزمي وشركته العامة (الحزمي للصرافة) بتحويل أموال إلى شركة دافوس للصرافة والتحويلات المالية (دافوس للصرافة) الخاضعة لسيطرة الجمل والمدرجة على قائمة الولايات المتحدة الأمريكية (دافوس للصرافة) في أوائل عام 2024 لتغطية أصول دافوس للصرافة الخاضعة للعقوبات ومساعدة شبكة الجمل في الالتفاف على العقوبات.
وأضافت الخزانة الأمريكية أن الحوثيين استخدموا أيضا شركات الخدمات المالية للوصول إلى التمويل في الخارج، استخدمت شبكة الجمل أيضًا العملات المشفرة للالتفاف على العقوبات.
وتابعت : "اليوم، أضاف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية خمسة عناوين محفظة يستخدمها الجمل وشبكته إلى قائمة الأشخاص المحظورين والمواطنين المعينين خصيصًا لتعطيل هذه التدفقات المالية".
وفي وقت سابق الشهر الحالي أدرجت واشنطن رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين، عبدالقادر المرتضى في قائمة العقوبات المفروضة على الأفراد والكيانات المتورطة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، عن فرض عدد جديد من العقوبات ضد شبكات تجارية تابعة لحركة "أنصار الله"، وتنظيم "حزب الله" اللبناني، وذلك في "إطار السعي إلى زيادة الضغوط على إيران وأذرعها".
وأوضحت الوزارة، عبر بيان لها حينئذ، أنّ "العقوبات استهدفت شركات وأفرادا وسفنا متّهمة بالتورّط في شحن سلع إيرانية، بما في ذلك النفط والغاز المسال، إلى اليمن والإمارات نيابة عن شبكة تابعة لمسؤول مالي حوثي".