جدل كبير بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمارتيل، أطلقه أستاذ بهذه الكلية، بعدما اتهم زميلا له، بسرقة 80 صفحة من محاضراته، وإخفائها في أطروحة دوكتوراه.

عبد العزيز الطريبق، وهو أستاذ محاضر في هذه الكلية، أنجز في الماضي بحثا بالفرنسية، حول الصحافة الوطنية في الشمال خلال الحماية الإسبانية، لنيل دبلوم الدراسات العليا في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، سنة 1998، ثم أصدر كتابا في الموضوع، بالفرنسية كذلك، مشتقا من هذا البحث الجامعي، وذلك سنة 2017.

وعلاوة على ذلك، كما يقول، أخرج من بحثه بعض الأجزاء وترجمتها للعربية قصد تدريسها في سلك الماستر بالمعهد العالي فهد للترجمة بطنجة، وسلمها لطلبته منذ أكثر من عشر سنوات.

ما حدث بحسب الطريبق، أن من أصبح زميله الآن، أستاذا في الكلية، هو من كان طالبا عنده في ذلك الماستر: أنس اليملاحي. واحد من الوجوه الصاعدة في تطوان، نائب لرئيس جماعتها، وهو قيادي محلي بارز بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قام بكل بساطة، بـ”نقل حرفي لما يفوق ثمانين صفحة أثث بها أطروحته لنيل الدكتوراة (حوالي الثلث) ووضعها على شكل باب ثالث هو الأهم في بحثه”، كما يتهمه الطريبق. مشددا  “تكفي إطلالة واحدة على أطروحة اليملاحي ومقارنتها بدروسي التي كنت أدرسها وأسلمها لطلبتي، للتأكد من ذلك”.

أدان الطريبق “هذه السرقة”، مطالبا بـ”اعتذار لم يصله” من لدن زميله.

على خلاف رواية الطريبق، ينفي اليملاحي بشدة، الاتهامات الملقاة على كاهله. بشكل مختصر، فإن الطريبق “لم يقدم لطلبة مدرسة الملك فهد ما مجموعه 80 صفحة على شكل محاضرات”. موضحاأن “الدروس التي يتحدث عنها الأستاذ غير منشورة لا في كتاب ولا في مجلة علمية حتى نتمكن من الاعتماد عليها وتوثيقها” في بحث جامعي.

محبطا من زميله، يعتبر اليملاحي الاتهامات ضده بـ”الزائفة.. والكيدية كذلك”.

توسعة للمناقشات الجارئية بخصوص هذه القضية، ننشر في هذه المادة، النص الكامل لعبد العزيز الطريبق، وأيضا لجواب زميله أنس اليملاحي.

نص:

عبد العزيز الطريبق 

سأنطلق بداية من المقال المنشور في موقع إلكتروني مغربي يوم الأحد 11 فبراير 2024 تحت عنوان “سرقة علمية فاضحة لأستاذ بجامعة تطوان… استولى على دروس الأستاذ الطريبق وضمها إلى أطروحة بعنوان “السياسة الاستعمارية الإسبانية وعلاقتها بالصحافة 1912-1956”. وهو مقال يدخل في صلب اهتمامي لأنه يهم المغرب بلدي، وتطوان مسقط رأسي ومدينتي، كما يهمني شخصيا لأن البحث الأصلي الذي قرصنه الأستاذ الجامعي المعني هو بحثي.

لقد سبق لي أن أنجزت بحثا بالفرنسية، حول الصحافة الوطنية في الشمال خلال الحماية الإسبانية، لنيل دبلوم الدراسات العليا في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، سنة 1998، ثم أصدرت كتابا في الموضوع، بالفرنسية كذلك، مشتقا من هذا البحث. الجامعي، وذلك سنة 2017. وعلاوة على ذلك أخرجت من بحثي بعض الأجزاء وترجمتها للعربية شخصيا قصد تدريسها في سلك الماستر بالمعهد العالي فهد للترجمة بطنجة، وسلمتها لطلبتي منذ أكثر من عشر سنوات، ومن بين هؤلاء الطالب، آنذاك، أنس اليملاحي المقصود بالمقال أعلاه وبالقرصنة.
يتطرق المقال بدقة لما وقع من نقل وسرقة. والحقيقة أن اكتشاف هذا الأمر لا يتطلب كثير عناء لأن النقل لم يشمل فكرة او فقرة أو صفحة، بل هو نقل حرفي لما يفوق ثمانين صفحة أثث بها الباحث أنس اليملاحي أطروحته لنيل الدكتوراة (حوالي الثلث) ووضعها على شكل باب ثالث هو الأهم في بحثه. تكفي إطلالة واحدة على أطروحة أ. اليملاحي ومقارنتها بدروسي التي كنت أدرسها وأسلمها لطلبتي، للتأكد من ذلك. فلا يتعلق الأمر باقتباس موسع ولا “بتطريز” على أفكار وردت في بحثي، بله نقل حرفي، كما يقال “كوبيي-كولي” …. لن أقف عند كون أنس اليملاحي لم يذكر اسمي ضمن البيبليوغرافيا التي ذيل بها ما كتبه، فهذا لا يغير من الأمر شيئا، فالنقل الحرفي الواسع ثابث سواء ذكر اسمي أم لم يذكره.
بعد نشر المقال، وهو مطابق للواقع، انتظرت أن يخرج الأستاذ أنس اليملاحي للناس باعتذار واضح من تلقاء نفسه، ، بل دفعت بي “المثالية” إلى حد الاعتقاد بأنه سيعتذر وسيستقيل من منصب أستاذ جامعي ناله بأطروحة منقولة.
لكنه لم يفعل، بل فضل الصمت العمومي، في حين حاول الاتصال بي عبرالفايس والواتساب. أما أنا فلم أرغب في الدخول معه في أية مناقشة بزنطية، لأن مشكله ليس معي، بل مع الناس، مع المجتمع، مع الدولة. فهو غش وأحرز منصبا بديبلومه مما حرم المنصب على من هم أفضل منه. ثم إنه بصنيعه هذا أبان عن ضعف تكوينه الثقافي والأخلاقي، فكيف له أن يدرس في مستوى عال كالجامعة؟
إذن فالمطلوب منه، فعلا، هو التوجه للناس بالاعتذاز، بمن فيهم، ربما، الآساتذة المشرفين ومؤسسة الجامعة… أما أنا فلن أفيده في شيء.
كان بإمكاني أن آصمت وأردد تلك القولة المبتذلة “أنت في المغرب، فلا تستغرب” وأغض الطرف عن الموضوع على اعتبار أن “الغش” أصبح متداولا. لكنني لست من النوع الذي يتجاهل مغرب الناس المجتهدين والمكدين، ولا من النوع الذي يصمت أمام حدث كهذا يمس مجال الثقافة ويرتبط بتكوين الأجيال اللاحقة، كما انه يسلب أشخاصا مجدين حقهم.
علي السيد أ. اليملاحي الاعتذار والاستقالة الفورية عله يصلح  بعضا مما أفسده. وعلى الجهات الجامعية المعنية التدخل الفوزي لإصلاح هذا الضرر.
تفتقر جامعاتنا عموما لوسائل ضبط السرقة الأدبية التي تتجسد في نسخ ونقل باحث ما لبحث منجز من طرف شخص آخر، في نفس البلاد أو غيرها. في فرنسا مثلا تمنع السرقة الأدبية (Plagiat) وتتوفر الجامعات على برامج معلوماتية لضبطها حين يتعلق الأمر بالامتحانات الجدية (إجازة وماستر) ، ناهيك عن الأطروحات. في نظامنا التعليمي يبقى الأمر مرتهنا بفطنة الأساتذة المؤطرين والمشرفين، فإن توفرت قد يضبط “السارق”، وإن غابت أو حضرت “المحاباة” (لسبب من الأسباب) يفتح الباب أمام العبث.
ولست من هواة العبث!

 

جواب:

أنس اليملاحي

بادئ الأمر، إنه لمن الضروري ان أضع علاقتي بالاستاذ موضوع الرسالة في إطارها الصحيح، حيث تعود علاقتي به إلى موسم 2009/ 2010، حينما استدعي لتقديم دروس في تاريخ الصحافة، وهو ما لم يشر إليه في نصه الصادر بأحد المواقع الإلكترونية، حينها كنت أنا من طلاب مسلك الإجازة المهنية في الصحافة والإعلام، ولأن الأستاذ كان على علم بامتلاكي لعدد مهم من الوثائق التاريخية والجرائد والمجلات الصادرة في عهد الحماية بمكتبتي الخاصة، فقد كان يجالسني باستمرار خارج اسوار الكلية المتعددة التخصصات بمرتيل آنذاك، من أجل الاطلاع عليها وعلى مضامينها المهمة، كما انني قدمت له حينها مجموعة من المراجع النادرة كمجلة الحديقة التي كان يصدرها المرحوم العلامة سيدي محمد بوخبزة، وهي نسخة نادرة كنت اتوفر عليها بمكتبتي، ولا تزال عنده الى اليوم، فضلا عن هذه الوثيقة، كنا نتبادل العديد من الوثائق المتعلقة بتاريخ الصحافة بالشمال، وهنا لا بد ان الفت كل متتبع لهذا الملف المفتعل، والمحكوم بخلفيات ذاتية وسياساوية معلومة لدى الجميع، ان اهتمامي بهذا المجال بشهادة كل اساتذتي والمهتمين بالمجال في تطوان، ليس متعلقا ببحث ماستر او أطروحة او مداخلة في لقاء أكاديمي، بل إنه اهتمام يعود إلى سنواتي الأولى في الجامعة، حيث اكتشفت هوسي بالوثيقة وبتاريخ الصحافة على وجه التحديد، وهو هوس يعلمه جميع من يعرفني.

وقد واظبت بالموازاة مع سنوات دراستي للإجازة على حضور العديد من الدورات التكوينية في المجال على ايدي نخبة من الباحثين المؤرخين، ممن تعلمت على ايديهم الأدبيات الأولى للبحث التاريخي في مجال الصحافة، ثم بعد ذلك قررت الالتحاق بماستر الصحافة والتواصل والترجمة، وبالمناسبة انا من اقترح على المنسق البيداغوجي لهذا الماستر اسم الاستاذ المعني بهذه الرسالة، ليقدم دروسا في تاريخ وسائل الإعلام، وللإشارة، فإن عدم قدرته على السماع، دفعت به كما كان الأمر في الكلية المتعددة التخصصات بمرتيل انذاك، الى اعتماد اسلوب تقديم العروض من قبل الطلبة، بحيث ما يفوق 80% من المساحة الزمنية المخصصة لمادته كانت عبارة عن تفاعل مع الطلبة حول هذه العروض.

في هذا السياق، فإنني أنفي نفيا قاطعا أن يكون الأستاذ المعني قد قدم لطلبة مدرسة الملك فهد ما مجموعه 80 صفحة على شكل محاضرات، ويمكن التأكد من الأمر من طلبة هذا الماستر في تلك المرحلة، كما يمكن التأكد من طرف المشرف البيداغوجي حول كيف يمكن لأستاذ ان ينجز مطبوعات من 80 صفحة في مساحة زمنية قوامها 20 ساعة؟!!! ثم اين هو هذا المطبوع الذي يتحدث عنه؟ فكل اساتذة الجامعة، رسميين كانوا أم زائرين، يعلمون أنه من الضروري إيداع نسخ من المطبوعات بالمصلحة البيداغوجية، وعليه فيستحيل الا توجد نسخة من هذا المطبوع المزعوم، وعليه فيؤسفني ان أؤكد ان كل ما يقوله الاستاذ المعني فهو بهتان وادعاء للأسف، بل كنا نتقاسم بعض مقالاته او مقالاتي عبر البريد الالكتروني للاطلاع عليها وتبادلها بيننا، وخصوصا تلك المتعلقة بتاريخ الصحافة أو ذاكرة تطوان بشكل عام والتي كنت انشرها على صفحات جريدة تمودة تطوان حينها .

حقيقة، أجد نفسي حائرا، وأنا أطرح سؤالا مباشرا للاستاذ المعني، كيف تتهمني بعدم الكفاءة العلمية وقد منحتني نقطة 14,5/20 في اختبار مادة تاريخ وسائل الاعلام، إن ما تتهمني به هكذا، هو اتهام لصدقيتك وأمانتك في الأصل.

على العموم، فإن علاقاتي الطيبة التي يسودها الاحترام والوقار مع جميع أساتذتي والمستمرة الى الآن، حيث افتخر انني استعنت بدروسهم وبالمعلومات التي كنت اسجلها في محاضراتهم، ومن خلال مجالستهم، والتي أصبحت منذ ذلك الحين تشكل مكسبا من مكتسباتي المعرفية، كما أنني معتز بما استوعبته من معارف على أيديهم، كما إنني أعترف لهم جميعا ببالغ التقدير و عميق الامتنان.

الأستاذ المعني، أود أن أخبرك انه في مجال منهجية البحث العلمي المعاصر ما يسمى بالاستشهادات الضمنية التي لا تستوجب الإشارة إلى المصادر توضيحا و إنما تلميحا فقط، لا سيما إذا كانت المصادر المعتمد عليها هي نفسها عبارة عن معلومات متوفرة في أكثر من مصدر سابق للمصدر “المرجعي” المعتمد عليه. وهذا ما كنت حريصا على الالتزام به في مرحلة الصياغة النهائية لأطروحتي، واعلم أن المصادر والمراجع المعتمدة في مجال البحث العلمي يجب أن تكون موثقة ولا غير ذلك .

وأود أن أنبه هنا إلى أن هذه الدروس التي يتحدث عنها الاستاذ غير منشورة لا في كتاب ولا في مجلة علمية حتى نتمكن من الاعتماد عليها وتوثيقها، وفي هذا الإطار اقول للاستاذ المعني، أنت تذكر نسخة الكترونية لأطروحتي (كما يقال او تقول) والتي لا أعرف المصدر الذي اعتمدت عليه في ذكرك هذا، وهنا اؤكد ان الاطروحة خضعت لتعديلات وتصحيحات كثيرة، والتي كانت محل توجيهات من طرف الاساتذة المشرفين ومن طرف لجنة المناقشة المحترمين، وهي موضوعة بمركز الدكتوراه التابع لكلية الاداب والعلوم الانسانية بتطوان.

الأستاذ المعني، لقد ارسلت لك رسالة صوتية، والتي تفاجأت انك وزعتها على الجميع، الشيء الذي اظهر لي معدنك الحقيقي، نعم تواصلت معك عبر الميسانجير والواتساب، ليس لسبب الا لأنني كنت اظن انه بالامكان ان تستحضر اخلاقيات البحث العلمي لتنفي في تدوينة ما نسب الي من مزاعم كيدية صدرت في نص بأحد المواقع الالكترونية. وهو النص الذي كشف خيوط المؤامرة التي حيكت ضدي وضد عدد من كوادر ابناء المنطقة المجتهدين منذ سنوات الى درجة اختفى معها بعض هؤلاء عن الساحة بسبب حقد دفين يسكن المخططين لهذه المؤامرة .

وختاما اتساءل:
كيف ابديت هذه الملاحظات الكيدية وانا وغيري متأكد انكم لم تطلع على أطروحتي … وانا متأكد علم اليقين لو انك عدت الى الاطلاع عليها، لأدركت انك من يجب ان يقدم لي الاعتذار كطالب كنت له استاذا يوما، وكأستاذ يدرس اليوم بالجامعة والذي له ملف علمي رفيع بشهادة اساتذة لجنة التوظيف ولك ان تعود لملفي العلمي، وانت تعلم جيدا اجتهادي ومساهمتي في الجانب العلمي بكل نواحيه، لهذا اوجه لك سؤالا مباشرا، من اعطاك الحق في ان تحكم على من له الافضلية في الحصول على منصب استاذ جامعي؟

أخيرا، لقد بات من الواضح لكل مكونات المجتمع المحلي بتطوان، من يقف وراء الرسائل الكيدية والمجهولة التي استهدفت في السنوات الأخيرة مجموعة من الكفاءات التطوانية، لا لشيء فقط لانكم بعتم ضمائركم .

وختاما، لا بد ان اشير الى ان الحصول على شهادة الدكتوراه لا يؤهل الانسان للحصول على منصب أستاذ جامعي في كل دول العالم، ولو كان الامر كذلك لكان كل دكاترة العالم قد اصبحوا اساتذة، الحصول على منصب استاذ جامعي يقتضي منك التوفر على تجربة رائدة في مجال البحث العلمي ان على مستوى المحاضرات وتنظيم الانشطة العلمية والنشر في المجلات العلمية المحكمة والتوفر على تجربة لا يستهان بها في مجال التدريس داخل المؤسسات الجامعية العمومية ، وكذلك التوفر على تجربة في مجال التأطير والتكوين.
اود التنبيه الى ان الاطروحة التي يتحدث عنها الاستاذ المعني نوقشت قبل 6 سنوات، لا يسعني الا ان اتقدم بالشكر الجزيل لأساتذتي الذين اشرفوا على اطروحتي والذين ساهموا في مناقشتها، وانحني امامهم بكل احترام وتقدير …

كلمات دلالية المغرب تاريخ تطوان جامعات سرقة صحافة علوم

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب تاريخ تطوان جامعات سرقة صحافة علوم تاریخ الصحافة البحث العلمی التی کنت فی مجال على شکل من طرف على من

إقرأ أيضاً:

أحمد الفيشاوي يثير جدلاً بـ«التاتو الحلال».. ودار الإفتاء تحدد أنواع الوشم المُباحة شرعا

أثار الفنان أحمد الفيشاوي، جدلاً كبيرًا، بعد تصريحه بأن الوشم ليس محرما لأنه فن، ويعد الفنان أحمد الفيشاوي من أكثر الفنانين المُثيرين للجدل والمتصدرين للتريند دائمًا، بسبب ظهوره اللافت للنظر، حيث ظَهر مُؤخرًا على «الريد كاربت» في مهرجان القاهرة السينمائي بإطلالة غريبة ووشم وحلق، وأدى حركات عفوية ورقصًا على الريد كاربت.

حكم عمل الوشم المؤقت التاتو ؟ 

قالت دار الإفتاء، إن التاتو أو الوشم نوعان: منه الثابت، ومنه المؤقَّت؛ أما الثابت فهو الوشم بالمعنى القديم الذي يتم عن طريق إحداثِ ثُقْب في الجلد باستخدام إبرة معينة، فيخرج الدم ليصنع فجوة، ثم تُملَأ هذه الفجوة بمادة صِبغية، فتُحدِث أشكالًا ورسوماتٍ على الجلد.

وأوضحت دار الإفتاء، في إجابتها عن سؤال: «ما حكم عمل الوشم والتاتو في الإسلام؟»، أنه اتفق الفقهاء على نجاسة هذا النوع من الوشم ومن ثَم حكموا بحرمته؛ لما رواه الشيخانِ في "صحيحيهما" عَنْ علقمةَ، عن عبد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَال: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ». ففي هذا الحديث دليل على حرمة الوشم بالصورة السابقة؛ لأن اللعن الوارد في الحديث لا يكون إلا على فعل يستوجب فاعلُه الذَّمَّ شرعًا.

ونقلت قول الشيخ العدوي المالكي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (2/ 459، ط. دار الفكر): [(قوله: وعن الوشم) أي: في الوجه أو غيره، وهو النقش بالإبرة مثلًا حتى يخرج الدم ويُحشَى الجرح بالكحل أو الهباب أو نحو ذلك مما هو أسود ليخضرَّ المحلُّ، والنهي للحرمة في حق الرجل والمرأة، والرجل أشد وهو كبيرة].

وواصلت: العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 406، ط. دار الكتب العلمية): [الوشم، وهو غرز الجلد بالإبرة حتى يخرج الدم ثم يذر عليه نحو نيلة ليزرق أو يخضر بسبب الدم الحاصل بغرز الإبرة حرام].

أول رد فعل من أحمد الفيشاوى على شائعات زواج طليقته من عمر كمالأحمد الفيشاوي : مزورتش قبر والدي ولا مرة ولو روحت ممكن أطب ساكت

مفهوم الوشم المؤقت وحكمه


وأكملت: أما النوع الثاني منه وهو الوشْم المؤقَّت، والذي تستخدمه بعضُ النساء للزينة: كتحديد العين بدل الكحل أو رسم الحواجب، أو عمل بعض الرسومات الظاهرية على الجلد باستخدام الصبغات التي تزول بعد فترة قصيرة من الوقت ولا يأخذ الشكل الدائم، فإنه داخلٌ تحت الزينة المأذون فيها لا تحت الوشم المنهي عنه؛ قال الإمام المواق في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (1/ 287، ط. دار الكتب العلمية): [ولما ذكر عياض الوعيد في الوشم قال: وهذا فيما يكون باقيًا، وأما ما لا يكون باقيًا كالكحل فلا بأسَ به للنساء].

وعرضت قول الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 393، ط. دار الكتب المصرية): [هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقيًا؛ لأنه من باب تغييرِ خلْقِ الله تعالى، فأمَّا ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزيُّن به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك].

أسباب تحريم الوشم بهذه الطريقة له علل، منها:

أولًا: ما يُحدِثه من نجاسةٍ للموضع الموشوم بسبب الدم المختلط بالصبغ، قال الإمام النووي في "شرح النووي على مسلم" (14/ 106، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال أصحابنا: هذا الموضع الذي وُشِم يصير نجسًا، فإن أمكن إزالتُه بالعلاج وجبت إزالتُه، وإن لم يمكن إلا بالجرح؛ فإن خاف منه التلف، أو فوات عضو، أو منفعة عضو، أو شيئًا فاحشًا في عضو ظاهر لم تجب إزالته].
 

وجاء في "اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح" (14/ 508، ط. دار النوادر): [قال الفقهاء: ما وُشِمَ يصير نجسًا، فإن أمكنَ إزالتُه وجبَتْ، وإن أَورَثَ ذلك شَينًا أو تَلفَ شيءٍ فلا].

ثانيًا: ما يترتَّب على بقاء الوشم من التدليس والتغييرِ لخلق الله سبحانه وتعالى، كما جاء في نصِّ الحديث السَّابق ذكره: «المغيِّرات خلقَ اللهِ»، وما جاء في قول الله تعالى -على لسان الشيطان-:«وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا»[النساء: 119].

ذكر الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 393، ط. دار الكتب المصرية): [وهذه الأمورُ كلُّها قد شهدت الأحاديثُ بلعْنِ فاعلِها وأنها من الكبائرِ، واختُلِف في المعنى الذي نهي لأجلها، فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى، كمـــا قال ابن مسعــود، وهو أصحُّ، وهو يتضمَّــنُ المعنى الأول، ثم قيل: هذا المنهـــي عنه إنما هو فيما يكون باقيًــا؛ لأنه من باب تغييرِ خلْقِ الله تعالى، فأمَّا ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزيُّن به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك].

ثالثًا: الوشم فيه إيلام للجسد بغرز الإبرة، وغرزُ الإبرةِ ضررٌ بالإنسان من غير ضرورة؛ ومن المعلوم شرعًا حُرمة الإضرار بالنفس أو بالغير؛ قال تعالى:«وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»[البقرة: 195]، وقال جل شأنه:«وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا»[النساء:29]، فقد نصت الآيتان على النهي عن الإضرار بالنفس، والإلقاء بها في المهالك، والأمر بالمحافظة عليها من المخاطر والأضرار؛ فمن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النفس، ولهذا حرم الله تعالى كل ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزء منه.


 

مقالات مشابهة

  • أحمد الفيشاوي يثير جدلاً بـ«التاتو الحلال».. ودار الإفتاء تحدد أنواع الوشم المُباحة شرعا
  • «تأشيرة العمال المهرة» تثير جدلا بين أنصار «ترامب» و«إيلون ماسك»
  • 5 فتيات تقدمن باستئناف علي حكم حبسهن 3 سنوات في ممارسة الأعمال المنافية الآداب
  • “لم تترك شيء لم تقوله لعروسة ابنها” خطوبة النجم التركي إنيس ديستان تثير جدلاً واسعًا!
  • تحور "إنفلونزا الطيور" يثير قلقاً كبيرا في الولايات المتحدة
  • محمد رمضان يثير الغضب: مسابقة “أنا البلد” تثير جدلاً واسعاً
  • تفاصيل القبض على الراقصة وعد داخل أحد النوادي الليلية بالعجوزة
  • جامعة حلوان تقدم دورات تدريبية متخصصة لتعلم اللغة الألمانية
  • تصادم الطيور مع الطائرات.. لماذا يمثل خطرا كبيرا؟
  • إسرائيل تقتل 5 صحافيين في غزة في قصف سيارتكم التي تحمل رمز الصحافة