ما هي دلالات تقرّب الجيش السوداني من إيران؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
نشر موقع "ميبا نيوز" التركي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على تقرّب الجيش السوداني من إيران.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه في أوائل شباط/ فبراير، قام وكيل وزارة الخارجية السودانية، علي الصادق، بأول زيارة دبلوماسية رفيعة المستوى إلى طهران منذ سبع سنوات، حيث التقى بالرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ونظيره، حسين أمير عبد اللهيان.
وتأتي هذه الزيارة كأحدث علامة على العلاقات المتنامية بين الخرطوم وطهران، بينما تواجه الدولة الأفريقية حربًا أهلية دامية.
وبحسب وكالة أنباء "إرنا"، أعرب رئيسي بعد الاجتماع عن دعم إيران لتشكيل حكومة قوية في السودان والحفاظ على سلامة أراضيه. كما أشاد عبد اللهيان بخطط إعادة فتح السفارات، وقال إن "طهران مستعدة لمشاركة خبرتها في مجالات مثل الصناعة والهندسة والتكنولوجيا".
علاقات متينة
قطعت السودان علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، في عام 2016، وذلك بعد هجوم على سفارة السعودية في طهران، أعقب ذلك إعدام رجل دين شيعي بارز من قبل السلطات السعودية. ممّا أدى إلى ما وصف بـ"تفاقم العلاقات بين إيران والسعودية".
وذكر الموقع أن "السودان وإيران كانت تتمتعان بعلاقات قوية منذ التسعينيات، عندما اقتربتا من بعضهما البعض بعد أن ابتعدت الخرطوم عن دول الخليج بسبب دعمها لغزو العراق للكويت".
إلى ذلك، أفادت عدد من التقارير أن "طهران، التي وجدت نفسها معزولة دوليًا أيضًا، زوّدت السودان بالأسلحة لسنوات وساعدتها في تطوير صناعتها العسكرية".
في المقابل، قال خبير في السياسة الخارجية الإيرانية واستراتيجيات طهران غير المتكافئة والهجينة في كلية القوات الكندية (CFC) في تورنتو، بيير بهلوي: "على مدار التسعينيات، سمح تطوير العلاقات الثنائية لإيران بالخروج من العزلة الدبلوماسية وإيجاد حليف إستراتيجي في العالم العربي وفي منطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية".
وأضاف بهلوي أنه "خلال هذه الفترة، قدمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مساعدات مالية وعسكرية كبيرة لحكومة السودان".
وأورد الموقع أنه بحلول عام 2016، عندما توترت العلاقات بين البلدين، كانت الخرطوم قد بدأت بالفعل في الانزلاق نحو المدار السعودي، بما في ذلك إرسال قوات إلى اليمن للقتال ضد حركة الحوثيين. وقد فسّر الكثيرون هذا التغيير على أنه محاولة لجذب الاستثمارات السعودية.
ومع ذلك، في آذار/ مارس الماضي، مهّدت إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، بوساطة من الصين، الطريق أمام دول عربية أخرى للقيام بنفس الشيء. وتزامن هذا التطور مع اقتراب الحرب الأهلية في السودان بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع شبه العسكرية من الازدياد.
الأسلحة والأيديولوجية
أشار الموقع نفسه، إلى أن "أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الجيش السوداني إلى إعادة العلاقات مع إيران هو نيّته الحصول على مساعدات عسكرية، وذلك في الوقت الذي واجهت فيه قواته انتكاسات كبيرة على العديد من الجبهات الاستراتيجية ضد قوات الدعم السريع في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك نيالا وودمدني، ثالث ورابع أكبر مدن البلاد بعد الخرطوم".
وقال الباحث والمحلل السياسي المتخصص في الشؤون السودانية، جهاد مشمون، إن "عبد الفتاح البرهان يبحث عن أسلحة دقيقة لمهاجمة مواقع وقوات الدعم السريع المتحركة من منظور عسكري".
ومن بين المعدات الأكثر رغبة للجيش السوداني طائرات بدون طيار إيرانية مثل "مهاجر 6" الشهيرة. وقد صرح مسؤولون غربيون كبار لوكالة "بلومبيرغ" أنه تم بالفعل إرسال بعض هذه الطائرات بدون طيار إلى السودان وأن الجيش السوداني يستخدمها الآن في معاركه. كما ادّعت قوات الدعم السريع أنها أسقطت ما لا يقل عن ثلاث طائرات بدون طيار من هذا النوع في الخرطوم.
في المقابل، ذكر زويننبرغ، وهو الخبير في التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، أن "وجود طائرات إيرانية بدون طيار في السودان موثق منذ عام 2008 على الأقل، لكن تم رصد اثنتين على الأقل منذ بداية الحرب الأهلية الحالية، في كانون الثاني/ يناير من هذا العام".
وأضاف زويننبرغ، أنه "على الرغم من أن عدد الطائرات بدون طيار المرسلة منخفض -اثنتان على الأقل- إلا أنه لن يكون له تأثير كبير، إلا أن هذا التصدير يشير إلى كل من الاهتمام السياسي الإيراني بإقامة علاقات مع السودان والحاجة المتصورة للجيش النظامي لتعزيز قدراته على استخدام الطائرات بدون طيار".
وأوضح الموقع أنه "لا يزال من غير الواضح ما هي النتائج التي يمكن أن يترتب عليها هذا التدفق المحدود للأسلحة والطائرات بدون طيار من إيران على الجيش على مستقبل الحرب في السودان".
لكن يعتقد المحللون العسكريون أنه لا يمكن رفع مستوى هذه المساعدة إلى مستويات كبيرة، بما يكفي لقلب ميزان الحرب لصالح الجيش النظامي على المدى القصير، خاصة وأن أوجه قصور الجيش تمتد إلى ما هو أبعد بكثير من الذخيرة الموجودة لديه.
ومع ذلك، يمكن أن تساعدهم هذه المساعدة على ضرب قوات الدعم السريع استراتيجيًا، بما في ذلك خطوط الإمداد، وتعزيز هجماتهم الخاصة. كما يمكن أن يؤدي ذلك على الأقل إلى وقف انهيار الجيش النظامي في الأشهر الأخيرة وتعزيز مواقعه وجعله في وضع أكثر راحة للمفاوضات.
وأفاد زويننبرغ، أن "لدى قوات الدعم السريع أيضًا صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف يمكنها إسقاط هذه الطائرات بدون طيار. هذا يجعل الوضع محفوفًا بالمخاطر للجيش النظامي. ومع ذلك، فإنها على الأقل تمنح الجيش النظامي المزيد من خيارات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وقدرة الضرب".
وخلال زيارته لإيران، زار علي الصادق "بيت الابتكار والتكنولوجيا الإيراني" (IHIT) وهي مؤسسة تهدف إلى دعم الصادرات الإيرانية، والتقى بمديرها أمير حسين مير آبادي، لبحث سبل التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يشن فيه الجيش النظامي هجومًا كبيرًا في مدينة أم درمان، التوأم للخرطوم، في الأسابيع الأخيرة، في محاولة لكسر الحصار المفروض على قواته في قلب المدينة منذ شهور. وقد حققوا تقدمًا بطيئًا ولكن مهمًا لأول مرة منذ بدء الحرب.
وأورد الموقع، أنه بالإضافة إلى الدعم العسكري، يُنظر إلى التقارب مع إيران أيضًا على أنه علامة على التأثير المتزايد للقطاعات الإسلامية الموالية للنظام السابق لعمر البشير، الذي كان يتمتع تقليديًا بأقوى العلاقات مع طهران ويُعتقد أنه لا يزال يتمتع بنفوذ كبير في كل من الرتب العليا للجيش النظامي ووزارة الخارجية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية السوداني إيران القرن الأفريقي إيران السودان القرن الأفريقي المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطائرات بدون طیار قوات الدعم السریع الجیش السودانی فی السودان على الأقل
إقرأ أيضاً:
معركة القصر الرئاسي السوداني: كيف تطورت الأحداث وما التالي؟
تصاعدت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول القصر الرئاسي في الخرطوم، وسط تقدم ميداني للجيش في عدة محاور وتصاعد هجمات الدعم السريع بالطائرات المسيرة، مما يعمق الأزمة السياسية والإنسانية في البلاد دون أفق للحل.
تتسارع الأحداث في السودان بوتيرة متصاعدة، حيث اندلعت مواجهات دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محيط القصر الرئاسي وسط العاصمة الخرطوم. تدور المعارك الشرسة في منطقة استراتيجية تضم مقرات وزارية وسيادية، ما يجعل السيطرة على هذا الموقع أمراً بالغ الأهمية في معادلة الصراع الدائر بين الطرفين منذ اندلاع الحرب.
جذور الأزمةتعود جذور الأزمة إلى التوترات المتصاعدة بين الجيش وقوات الدعم، التي بدأت منذ الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في عام 2019. ومع تعثر العملية الانتقالية وتعاظم الخلافات حول تقاسم السلطة، تحول النزاع السياسي إلى مواجهة عسكرية مفتوحة في عام 2023، بآثار إنسانية كارثية.
كانت البداية بمواجهات محدودة في العاصمة الخرطوم، سرعان ما امتدت إلى مختلف أرجاء البلاد، مدفوعة بتداخل المصالح السياسية والعسكرية والقبلية. تفاقم الصراع بعد انهيار محادثات السلام في جوبا، والتي كانت تهدف إلى تهدئة الأوضاع وإيجاد حل سياسي شامل.
2024: مرحلة التصعيد العسكري والتحالفات الجديدةشهد عام 2024 تصعيداً غير مسبوق في العمليات العسكرية، حيث تحولت الحرب إلى نزاع طويل الأمد بين قوتين عسكريتين متنافستين. وتعمقت الأزمة مع ظهور تحالفات جديدة بين قوات الدعم السريع وبعض الفصائل المسلحة، خاصة الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، ما زاد من تعقيد المشهد الميداني والسياسي.
Relatedحرب السودان تثير مخاوف التقسيم والتفتت بعد سبعة أشهر على اندلاعهاواشنطن تتهم موسكو باللعب على الحبلين في حرب السودان لاستثماراتها في تجارة الذهبأبرزها مصر والإمارات.. كيف تستغل القوى الإقليمية الحرب السودانية لتحقيق مكاسبها؟وفي ظل هذا التصعيد، بدأ الجيش السوداني في استعادة بعض المواقع الاستراتيجية، إلا أن قوات الدعم السريع أظهرت تكتيكات ميدانية فعالة بالاعتماد على حرب العصابات والانتشار في المناطق السكنية، مما جعل عملية الحسم العسكري أمراً بالغ الصعوبة.
معركة السيطرة على القصر الرئاسيوفي الوقت الراهن، تتطور حدة الصراع بصورةٍ خطرة، إذ اندلعت مواجهات عنيفة في محيط القصر الرئاسي وسط الخرطوم، حيث تحاول قوات الجيش السوداني إحكام سيطرتها على هذا الموقع الاستراتيجي الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب.
ورغم فرض الجيش حصاراً محكماً على القصر، إلا أنه يواجه مقاومة شديدة من قبل قوات الدعم. ومع ذلك، تمكن الجيش من إحراز تقدم في عدة محاور، حيث سيطر على حي إضافي قريب من القيادة العامة، واستعاد أجزاء واسعة من ضاحية حلة كوكو بشرق النيل، ويسعى للسيطرة على الجسر الذي يربط أطراف العاصمة الخرطوم.
هجمات بالطائرات المسيرة وتصعيد في الشمالوفي شمال البلاد، شنت قوات الدعم السريع هجوماً بالطائرات المسيرة على مدينة مروي، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة. وذلك بعد استهداف سابق لمطار مروي الدولي.
كما امتدت دائرة القتال إلى ولاية النيل الأزرق، معقل نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، حيث تمكن تحالف جديد بين قوات الدعم السريع والحركة الشعبية من السيطرة على بلدات أولو وملكا والروم.
ويعكس هذا التصعيد تعقيد المشهد السياسي في السودان، حيث يتداخل البعد العسكري مع السياسي في ظل غياب أفق واضح للحوار. وتبدو محاولات الحسم العسكري بعيدة المنال، خاصة مع التحالفات الجديدة والتكتيكات الميدانية المتطورة لقوات الدعم السريع. كما أن اتساع رقعة النزاع ليشمل مناطق استراتيجية مثل مروي والنيل الأزرق يعكس رغبة في تغيير موازين القوى على الأرض، ما يفتح الباب أمام احتمالات تصاعد الصراع إلى حرب أهلية أكثر شمولاً.
الأزمة الإنسانية: تحذيرات أممية من كارثة وشيكةوفي ظل تفاقم الصراع، جددت الأمم المتحدة تحذيرها من خطر انزلاق البلاد نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة. وأكد المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن استمرار الحرب من دون السماح بتدفق المساعدات يهدد بوفاة مئات الآلاف بسبب نقص الغذاء والإمدادات الضرورية.
Relatedتصعيد دموي في السودان: أكثر من 200 قتيل في هجوم لقوات الدعم السريع خلال ثلاثة أيامحرب السودان: 12 مليون نازح وبنيةٌ صحية منهارة واستهدافٌ ممنهج للمستشفيات والأطباءالأمم المتحدة تحذر: السودان يواجه كارثة إنسانية والمجاعة تمتد إلى مناطق جديدةمن جانبه، أعلن برنامج الغذاء العالمي تعليق توزيع المساعدات في مخيمات النازحين بشمال دارفور بسبب تصاعد العنف، ما يعمق الأزمة الإنسانية التي تعصف بملايين السودانيين.
مساعي الوساطة ومستقبل الصراعومع تصاعد العنف، تزايدت الضغوط الدولية لإنهاء هذا الصراع، حيث دعت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية إلى وقف فوري لإطلاق النار واستئناف الحوار السياسي.
ورغم محاولات الوساطة من قبل عدد من الدول الإقليمية والدولية، إلا أن غياب الثقة بين أطراف النزاع وتضارب المصالح الإقليمية والدولية حال دون تحقيق أي تقدم ملموس نحو تسوية سياسية.
في ظل هذه المعطيات واتجاه الأحداث، يبدو أن السودان مقبل على مرحلة طويلة من الصراع المسلح، في ظل غياب أفق واضح للحل السياسي واستمرار التصعيد العسكري. ومع تصاعد الأزمة الإنسانية، يتزايد خطر انهيار الدولة السودانية وتحولها إلى بؤرة فوضى إقليمية، وتظل التساؤلات حول أفق أي تسوية مفتوحة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الأمم المتحدة تحذر: السودان يواجه كارثة إنسانية والمجاعة تمتد إلى مناطق جديدة ارتفاع ضحايا تحطم طائرة النقل العسكرية في السودان إلى46 قتيلًا على الأقل ضربة أخرى لقوات حميدتي.. الجيش السوداني يكسر حصار الدعم السريع لمدينة الأبيض الاستراتيجية عبد الفتاح البرهان جمهورية السودانقوات الدعم السريع - السودانمحمد حمدان دقلو (حميدتي)