يمانيون – متابعات
في يناير الماضي لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى خصمها الصين للتوسط من أجل وقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر وباب المندب، وهو ما عكس إفلاساً أمريكياً كبيراً، وانعدام واضح للخيارات في مواجهة الموقف اليمني، خصوصاً وأن الصين رفضت المسعى الأمريكي، وأكدت أن المشكلة تكمن في العدوان المستمر على قطاع غزة.

اليوم نفس الرد الذي سمعته بريطانيا هذا الأسبوع أيضاً من الصين بعد أن حاولت الأولى تكرار نفس التجربة الأمريكية، الأمر الذي يكشف بوضوح فشلاً ذريعاً وغير مألوف للولايات المتحدة وبريطانيا في تحشيد المواقف الدولية، وهو فشل يعتبره قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، جزءاً مهماً من فشل أوسع يأتي نتيجة تحول استراتيجي كبير صنعه اليمن من خلال تحركه العسكري في الجبهة البحرية.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية هذا الأسبوع إن الوزير ديفيد كاميرون التقى مع وزير الخارجية الصيني على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، وإن كاميرون طلب من “استخدام نفوذها” لوقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر، في إشارة إلى طلب وساطة صينية لإقناع صنعاء بوقف تلك العمليات.

لكن رد وزير الخارجية الصيني كان أنه “يجب معالجة السبب الجذري للمشكلة في البحر الأحمر، وهو القتال المستمر في غزة” وهو تأكيد واضح من بكين على أن محاولة الولايات المتحدة وبريطانيا لفصل الجبهة البحرية اليمنية عن المعركة في غزة غير ناجحة على الإطلاق، كما يؤكد هذا الرد إدراك الصين -وعدد كبير من دول العالم التي لها نفس الموقف- لحقيقة أن التهديد في البحر الأحمر لا يمس في الواقع إلا بالسفن المرتبطة بالعدو الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا، وبالتالي فإن المساعي الأمريكية والبريطانية بعيدة أصلاً عن موضوع أمن الملاحة البحرية والتجارة العالمية.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد تقلت نفس الرد من الصين عندما حاولت في يناير الماضي طلب الوساطة للهدف نفسه، وقد أكدت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية وقتها أن الصين لم تبد أي بادرة للمساعدة، بل وخرج المتحدث باسم وزارة خارجيتها بتصريحات أكد فيها أن الوضع في البحر الأحمر امتداد للوضع في غزة، وأنه يجب احترام سيادة اليمن، وهو ما يعني أن بكين لم ترفض فقط التوسط، بل أكدت رفضها أيضا للعدوان الأمريكي البريطاني على اليمن.

ومثل لجوء الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى الصين برغم “الخصومة” المعروفة معها، دليلاً واضحاً على انعدام الخيارات أمام الأمريكيين والبريطانيين في مواجهة الموقف اليمني المؤثر والفاعل في البحر الأحمر، وهو بالتالي دليل على عدم جدوى الاعتداء العسكري على اليمن، والذي أقر الرئيس الأمريكي ووزير الدفاع البريطاني بأنه لم ينجح في ردع صنعاء.

هذا أيضاً ما أكده قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لهذا الأمر في خطاب ألقاه مطلع الشهر الجاري حيث قال إن “من بوادر الفشل سعي أمريكا إلى الاستعانة بالصين من أجل أن تسعى للوساطة والإقناع بوقف عملياتنا المساندة للشعب الفلسطيني”.

وقد فسر القائد موقف الصين بأنها “تدرك أن مصلحتها ليست في السير تبعاً للأمريكي، وتعرف ما يفعله الأمريكي في تايوان” وهو ما يعني فشل الولايات المتحدة الأمريكية في ترويج روايتها فيما يتعلق بالوضع في البحر الأحمر، والتي تزعم أن التحرك ضد اليمن يأتي حرصاً على مصالح العالم وضمان تدفق التجارة الدولية، فالموقف الصيني -وهو نموذج لموقف دولي وإقليمي واسع- يؤكد بوضوح أن دول العالم تدرك أن مساندة الأمريكيين والبريطانيين ليست في مصلحتها.

وقد جاء فشل بريطانيا في إقناع الصين بالتوسط بعد فشل غير معلن في إقناع سلطنة عمان التي زارها وزير الخارجية البريطاني قبل أسابيع، وقال إن ملف الوضع في البحر الأحمر سيكون على رأس قائمة المواضيع التي سيناقشها.

ويأتي هذا الفشل الأمريكي والبريطاني في ظل استمرار المواقف الدولية والإقليمية الرافضة لعسكرة البحر الأحمر والاعتداء على اليمن، وقد شهدت جلسة مجلس الأمن الأخيرة بشأن اليمن ما وصفته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية بـ”صدام” بين الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، حيث أكدت الأخيرتان على أن وقف العدوان على غزة هو الحل لمشكلة البحر الأحمر، وهو أيضا ما صرح العديد من مسؤولي دول المنطقة بما في ذلك السعودية ومصر المطلتين على البحر الأحمر.

وقد أكد مندوب الصين في جلسة مجلس الأمن الأخيرة أن “الأعمال العسكرية المستمرة ضد اليمن تثير القلق، وتؤدي إلى تفاقم المخاطر الأمنية في مياه البحر الأحمر”.

وقال روسيا في جلسة مجلس الأمن الأخيرة إن: “السبب الجذري للوضع الحالي هو العملية العسكرية الإسرائيلية الوحشية في قطاع غزة، والتي أثارت سلسلة من ردود الفعل في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بما في ذلك أعمال حركة أنصار الله”، مضيفا أنه “سيكون للوقف الفوري لإطلاق النار في القطاع تأثير على استقرار الوضع في البحر الأحمر”.

وقد اعتبر قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير يوم الخميس أن هذا الوضع يمثل “فشلا أمريكيا في استراتيجية توريط الآخرين” وأن هذا الفشل “سيكون جزءا مهما من فشله في اتجاهات متعددة” باعتبار أن ما يحدث هو معطى غير مألوف في معادلة النفوذ التي اعتاد الأمريكيون والبريطانيون أن تكون دائما ناجحة لجهة حشد المواقف الدولية لمصلحتهم، حيث أشار القائد إلى أن “أمريكا تعتمد استراتيجية توريط الآخرين وابتزازهم لتخف عليها كلفة وتبعات مواقفها العدوانية السيئة”.

وقد أشاد قائد الثورة في خطابه الأخير “بكل الدول في العالم التي لها صوت واضح يشهد بأن عمليات البحر الأحمر مرتبطة بالوضع في غزة”.

ويشير لجوء بريطانيا إلى الوساطة الصينية هذا الشهر، بالرغم من فشل الولايات المتحدة في المسعى نفسه الشهر الماضي، إلى عدم قدرة الدولتين على تجاوز نقطة الصفر في مواجهة الموقف اليمني، برغم استمرار عدوانهما على اليمن والذي تزعمان بأنه يساهم في الحد من القدرات العسكرية اليمنية، إذ بات واضحا من خلال مساعي اللجوء إلى الوساطات ومن خلال استمرار العمليات البحرية، ومن خلال اعترافات الضباط الأمريكيون المتواجدون في البحر الأحمر، أن الولايات المتحدة وبريطانيا عاجزتان تماما حتى عن إحداث أي تأثير على الموقف اليمني سواء على المستوى العملياتي أو على مستوى القرار.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة وبریطانیا الولایات المتحدة الأمریکیة الوضع فی البحر الأحمر الموقف الیمنی قائد الثورة على الیمن من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا تفشل التطبيقات الخارقة خارج الصين؟

بزغت التطبيقات الخارقة في الصين لتكون من أبرز نقاط الاختلاف في الساحة التقنية بينها وبين بقية العالم، وتعد التطبيقات الخارقة الطريقة التي يتعامل بها الصينيون مع التقنية بشكل عام، إذ توفر لهم كل ما يحتاجونه من خلال واجهة واحدة.

ويشير مفهوم التطبيقات الخارقة إلى تطبيق واحد يجمع بداخله العديد من الخدمات المتنوعة والمختلفة التي تحتاج لأكثر من تطبيق لأدائها، وإذا نظرنا إلى تطبيق "وي شات" (WeChat) كمثال عليها نجد التطبيق يوفر منصة للمراسلة الفورية فضلًا عن منصة تواصل اجتماعي ومتجر رقمي يحتوي كل ما تحتاج إليه إلى جانب كونه تطبيقًا ماليا لإرسال الأموال واستقبالها مع إتاحة مزايا تطبيقات التوصيل وحجز السيارات والمطاعم من خلاله.

ورغم وجود العديد من التطبيقات التي تحاول محاكاة هذه التجربة، فإنها لم تحظ بنجاح حقيقي خارج الأراضي الصينية وبعض الدول في شرق آسيا، وهذا الأمر كان محور جلسة نقاشية ثرية أجرتها شروتي ميشرا نائبة رئيس التحرير بقناة "سي إن بي سي- تي في 18" ( CNBC-TV18) مع كلّ من فيليب كاندال الذي يشغل منصب مدير المشتريات في تطبيق "جراب" (Grab) وحمد الهاجري المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "سنونو" القطرية وخوان بابلو أورتيجا المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "يونو" (Yono)، وهم جميعًا أعضاء في شركات قدمت تطبيقات خارقة محلية أقرب للنجاح.

إعلان كيفية اختيار الخدمات التي تقدم في التطبيقات الخارقة؟

رغم أن التطبيقات الثلاثة، "غراب" و"سنونو" و"يونو"، تقدم خدمات التطبيقات الخارقة، فإن لكل منها قصة مختلفة وأسلوبا مختلفا في اختيار الخدمات التي يقدمها، وهذا كان السؤال الأول الذي وجهته شروتي ميشرا إلى ضيوفها.

في البدء، قال فيليب كاندال إن تطبيقهم بدأ أولًا كتطبيق للتوصيل يحاكي خدمات "أوبر"، ولكن مع الوقت وتحليل البيانات اكتشفوا أن سائقي الشركة يعملون في أوقات الذروة الصباحية والمسائية فقط، أي إن هناك فراغًا كبيرًا في يومهم، ومن أجل استغلال هؤلاء بشكل أفضل قامت الشركة بإضافة خدمة توصيل الطعام التي تعمل في وقت مختلف تمامًا عن مواعيد توصيل الموظفين إلى أعمالهم، وعندما وجدوا السائقين بحاجة إلى خيارات تمويل فعالة تراعي ظروفهم قررت الشركة التوسع وتقديم التمويل، لذا فبالنسبة لشركة "غراب" فإن المعيار الأساسي لاختيار الخدمة التي تضاف إلى التطبيق هو وجود حاجة إليها من قبل الجمهور المستهدف.

أيّد حمد الحجري مؤسس "سنونو" ما قاله كاندال موضحًا أن طبيعة منطقة الخليج المختلفة والتي تضم عددًا أقل من السكان تجعل من الصعب تجربة الخدمات والتأكد منها في تطبيقات منفصلة، لذا فإن التطبيقات الخارقة التي تضم أكثر من خدمة هي وضع مثالي للخليج، وعن آليات اختيار الخدمات فقد وضح الحجري أن "سنونو" اعتمد على تحليل سلوك المستخدمين لاكتشاف ما يحتاجون إليه.

وبينما قام "يونو" بالاعتماد على آلية مماثلة، إلا أنها اختلفت قليلًا، إذ بدأ كتطبيق لتوصيل متطلبات المعيشة اليومية مثل متجر كبير، ولكن مع الوقت أضافوا خدمة أخرى تدعى "شراء أي شيء"، ومن خلال هذه الخدمة يستطيع المستخدم طلب أي شيء من السائق، سواء كان يذهب إلى المطعم ليطلب الطعام بشكل فيزيائي وينقله معه أو يشتري هواتف وأجهزة إلكترونية.

التوافق مع الأسواق المحلية

تطرق حمد الحجري إلى آلية النجاح ومواجهة التطبيقات العالمية عبر التطبيقات المحلية، ومن ضمن هذه الآليات كان تخصيص التطبيق ليتناسب مع خصوصية كل سوق بشكل مختلف عن غيره من الأسواق، وأشار حمد الحجري إلى أن تطبيق "سنونو" يتيح للمستخدمين حجز الوجبات في المطاعم الفارهة فضلًا عن حجز الوجبات وتسلمها من المطعم مباشرة.

إعلان

لذا، فإن التطبيقات المحلية ستظل مفضلة لدى المستخدمين في العديد من الأوقات لأنها تلبي احتياجاتهم الخاصة دون النظر إلى التوجهات العالمية أو محاولة تبنّي التقنيات العالمية بشكل يجعلها أقرب إلى المستخدمين العاديين، وهذه النقطة من وجهة نظر حمد الحجري وخوان بابلو أورتيجا كفيلة بجعل تطبيقاتهم قادرة على مواجهة التطبيقات العالمية.

لماذا تنجح التطبيقات الخارقة في الصين فقط؟

يمكن القول إن السبب الرئيسي لنجاح التطبيقات الخارقة في الصين هو التكيف مع خصوصية الشعب الصيني واحتياجاته، وربما كان هذا السبب هو الذي يجعلها تفشل في التوسع دوليا، إذ إن السوق الصينية مغلقة للغاية على نفسها، ويصعب على أي شركة بناء تطبيق داخلها، لذا فمن الأسهل بناء مجموعة من الخدمات تحت واجهة تطبيق واحدة.

ولكن في الأسواق العالمية، يمكن بناء العديد من التطبيقات في أوقات مختلفة وإطلاقها محليا وعالميا، وهذه السهولة تجعل المطورين ورواد الأعمال يفكرون في المشاكل بشكل محدود ومحصور للغاية، إذ إن التركيز على حل مشكلة واحدة يعدّ أسهل من التركيز على حل أكثر من مشكلة وتقديم أكثر من خدمة معًا.

ويمكن القول إن نجاح "سنونو" وتوسع "يونو" و"رابي" (Rappi) إلى الشرق الأوسط هو بداية الطوفان من التطبيقات الخارقة الناجحة التي قد تليها.

مقالات مشابهة

  • السيسي: ندعم وحدة واستقرار اليمن وهناك حاجة ملحة لوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
  • شاهد | البحرية الأمريكية: معركة البحر الأحمر غير مسبوقة وكلفها باهظة
  • سياسي إرتيري: اليمن كسر الهيمنة الأمريكية وأثبت قدرة الشعوب على المواجهة
  • البحرية الأمريكية: معركة البحر الأحمر غير مسبوقة وكلفها باهظة
  • عبد العاطي يؤكد للزنداني أهمية استقرار اليمن لأمن البحر الأحمر
  • وزير الخارجية المصري يؤكد أهمية استقرار اليمن لتحقيق الأمن بالإقليم والبحر الأحمر
  • لماذا تفشل التطبيقات الخارقة خارج الصين؟
  • مصر تؤكد أهمية استقرار ووحدة اليمن لأمن البحر الأحمر
  • أول دولة عربية تعلن عن حلا سياسيا لأزمة اليمن وتحقيق أمن منطقة البحر الأحمر
  • وزير الخارجية: مصر تدعم حلا سياسيا لأزمة اليمن وتحقيق أمن منطقة البحر الأحمر