"نادر وغير موجود وإذا وجدناه فسعره مضاعف"، هكذا يتحدث عدد من المواطنين المصريين عن أزمة "ندرة ونقص السكر" في مصر، والتي تزايدت حدتها بالتزامن مع قرب شهر رمضان، بينما يكشف مسؤولون ومختصون تحدث معهم موقع "الحرة" أسباب وأبعاد الأزمة التي يصفها البعض بـ"ضبابية المعالم".

سلعة "نادرة"

ومع وصول عدد سكان البلاد إلى 106 ملايين نسمة، تشير تقديرات إلى أن نحو 60 في المئة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر أو يقتربون منه.

وخلال الأيام الماضية، انشغل المصريون بموجة الغلاء في أسعار السلع الغذائية التي تجتاح الأسواق، ومن بين تلك السلع السكر الذي أصبح " نادرا"، بحسب وصف إيمان محمد، وهي موظفة بالقطاع الخاص.

وتقول لموقع "الحرة"، إن سعر الكيلو الواحد من السكر قد وصل في منطقتها إلى 60 جنيها داخل المحال التجارية، ورغم ذلك فالمنتج أصبح "نادرا وغير موجود".

وفي سياق متصل، يشير محسن مصطفى، وهو عامل بمحل في أحد أحياء العاصمة القاهرة، إلى أن "السكر أصبح سلعة نادرة غير موجودة".

ويقول لموقع "الحرة":" مافيش (لا يوجد) سكر في مصر، ولما نيجي ندور عليه (نبحث عنه) بنلاقيه (نجده) بسعر يتجاوز 55 جنيها، ده (هذا) لو لقيناه أساسا (إذا وجدناه من الأساس)".

ويؤكد الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب، على ما تم ذكره سابقا، ويقول لموقع "الحرة":" سعر السكر يتغير بين يوم وأخر ويتراوح حاليا بين 55 إلى 60 جنيها".

وأزمة اختفاء السكر ليس بجديدة، وحدثت منذ فترة، ووقتها تدخلت الجهات المختصة فأحدثت انفراجه "صغيرة"، ثم بدأ المنتج يختفي من جديد، وحاليا يبحث عنه المواطنين بسعر "ولا يجدونه"، وفق عبدالمطلب.

ويشدد الخبير الاقتصادي على أن السكر سلعة من الإنتاج المحلي وهي "غير مرتبطة بالدولار، والدولة تحتكر إنتاجها وتوزيعها لكنها لا تسعرها جبريا".

ومن الواضح من شكل العبوات التي يتم توفيرها وتداولها بالأسواق أنها "مسربة من وزارة التموين أو شركة السكر بشكل غير قانوني"، وفق عبدالمطلب.

ويشير إلى "بيع تلك العبوات بأسعار مرتفعة، وهي كذلك لا غير متاحة بالمجمعات الكبيرة، ويتم تداولها بعيدا عن أعين الجهات الرقابية".

ومن جانبه، يتحدث الباحث بالاقتصاد السياسي، أبوبكر الديب، عن عدة أسباب لأزمة نقص السكر، وعلى رأسها "شح المعروض وتراجع الإنتاج، وندرة الدولار، وجشع التجار".

وبعض التجار "يحتكرون السكر، ويقومون بتخزينه لتعطيش السوق وتحقيق مكاسب مرتفعة"، في ظل ارتفاع الأسعار العالمية لأعلى مستوى لها، منذ عام 2011، بسبب انخفاض الإمدادات العالمية، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشير الديب إلى أن التغييرات المناخية والطقس الجاف قد أضر بالمحاصيل الزراعية في الهند وتايلاند، ثاني وثالث أكبر مصدرين للسكر في العالم، وهو ما أثر بالسلب على "السوق المحلية المصرية".

نقص بالإنتاج؟

تنتج مصر نحو 2.7 مليون طن من المحاصيل السكرية، في حين يبلغ متوسط الاحتياجات السنوية 3.5 مليون طن تقريبا. 

وتزرع مصر مساحات تتجاوز 300 ألف فدان بقصب السكر، و650 ألف فدان من بنجر السكر سنويا، وفق نقلته صحيفة "الأهرام" عن بيانات مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة.

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير مدير معهد المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة المصرية، أيمن العش، إلى أن "المزارعين يتفاضلون بين أسعار المحاصيل، قبل الإقدام على زراعتها".

وكل موسم زراعي، يكون هناك "تنافس بين المحاصيل"، مثل البنجر والقمح، حيث ينظر المزارع إلى "المحصول الذي يقدم له الربح الأكبر، ليقوم بزراعته"، حسبما يوضح العش.

وبالنسبة للبنجر، فيؤكد أن "لا توجد مساحة ثابتة لزراعته، وتتراوح المساحة المزروعة بالمحصول بين 700 إلى 500 ألف فدان".

وهناك بعض المزارعين الذين لم يقوموا بزراعة "القصب" خلال الموسم الزراعي، والبعض الأخر فضل "بيع المحصول إلى العصارات ومحلات العصير بدلا من المصانع"، نظرا لانخفاض سعر الطن الذي لم يتجاوز 1500 جنيها، وفق العش.

ويقول "بدلا من بيع المزارع لمحصول الفدان الواحد للمصنع مقابل 40 إلى 50 ألف جنيه، يتم بيعه للجهات الأخرى بسعر يتراوح بين 80 إلى 100 ألف جنيه".

نقص بالمخزون؟

ويكفي المخزون الاستراتيجي من السكر في مصر، حتى يوليو المقبل، وفق "بيانات وزارة التموين".

وفي يناير الماضي، تعاقدت وزارة التموين عبر الهيئة العامة للسلع التموينية، على شراء 100 ألف طن من السكر الخام المستورد.

ويشير مدير معهد المحاصيل السكرية إلى أن "مصر مكتفية ذاتيا من السكر بنسبة 80 في المئة، ويتم سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك في نهاية كل موسم، وبالتزامن مع ذلك يحدث نقص بالمنتج".

ويوضح أن السوق المصري يعاني كل عام، من "نقص بالسكر"، ويتم سد الفجرة بين الإنتاج والاستهلاك من خلال "الاستيراد"، ورغم ذلك لم يشعر المواطن بتداعيات ذلك سابقا.

لكن في الوقت الحالي تسببت "الممارسات الاحتكارية غير القانونية"، المتعلقة بـ"احتكار بعض التجار السكر، وتخزين المنتج لزيادة سعره وبالتالي زيادة هامش الربح"، في شعور المواطن بالأزمة، حسبما يقول العش.

ممارسات احتكارية؟

ويرى رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، محمود العسقلاني، أن الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل عام والسكر بشكل خاص هو "الممارسات الاحتكارية وغياب الرقابة الحقيقية".

ويتحدث رئيس الجمعية الأهلية المعنية برصد أسعار السلع والخدمات المقدمة للمواطن في مصر، لموقع "الحرة"، عن "شركات معينة تحصل على كميات كبيرة من السكر من الحكومة بسعر 24 جنيها، وتقوم ببيعها على باب المصنع لتاجر أخر بسعر 25 جنيها".

ويوضح أن "التاجر الوسيط" يحصل على 4 إلى 6 آلاف طن من السكر أسبوعيا، ويحقق هامش ربح خارجي يقدر بـ10 جنيهات في الكيلو الواحد، ليحقق أرباح تتجاوز 60 مليون جنيها أسبوعيا.

ويشير إلى أن هؤلاء التجار يقومون بـ"حبس المنتج ورفع سعره، قبل بيعه للمستهلك، دون وجود رقابة حقيقية على الأسواق".

ولا يوجد في جميع محافظات مصر، سوى ألف موظف رقابي فقط "مفتش تموين"، وهؤلاء لا يكفون لفرض رقابة حقيقية على حي واحد في العاصمة القاهرة، على حد تعبير العسقلاني.

وفيما يتعلق بجهاز حماية المستهلك، فقوته لا تزيد عن 500 فرد معظم "إداريين"، ولا يعملون على أرض الواقع، وفق رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء.

وفي سياق متصل، يطالب الديب، بـ"تشديد الرقابة علي الأسواق وتغليظ عقوبة الاحتكار ودعم المزارعين حيث يوجد بالبلاد 15 مصنعا لإنتاج السكر".

وتواصل موقع "الحرة"، مع رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر، إبراهيم السجيني، الذي قال إن "الجهاز تنفيذي وليس استراتيجي، ويمارس دورا رقابيا فقط".

وأشار إلى أن الجهاز ليس له علاقة بـ"نقص أو ندرة المنتجات، لكنه يراقب فقط".

ووزارة التموين هي المسؤولة عن "المنتج وتوزيعه"، وليس لجهاز حماية المستهلك دورا في ذلك، وفق السجيني.

وتواصل موقع "الحرة" مع المتحدث باسم وزارة التموين، أحمد كمال، لتوضيح أسباب "ندرة السكر وارتفاع سعره بالسوق المصري"، لكنه لم يرد على اتصالاتنا.

مشهد "ضبابي"

رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات في مصر، حسن الفندي، ينفي ضلوع التجار في "أزمة السكر"، واصفا الأسباب وراء نقص المنتج بـ"الضبابية".

ولا توجد حاليا في مصر "أزمة سكر"، فهيئة السلع التموينية تسد كل عام "الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك"، والقطاع الخاص "ينتج ويستورد كميات من المنتج"، ولم يقل الإنتاج في البلاد، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويستنكر اتهام التجار بالضلوع في الأزمة، مشددا على عدم وجود "سبب عملي أو فعلى لنقص السكر".

ويقول الفندي:" التجار جزء من المنظومة منذ سنوات طويلة"، متسائلا:" هل أصبحوا فجاءة السبب وراء المشكلة؟".

ويتحدث عن وجود "مضاربين"، يقومون بحجب السكر وتخزينه، بحثا عن "تحقيق مكاسب مرتفعة، من خلال فروق الأسعار".

ويرى رئيس شعبة السكر والحلوى أن "زيادة المعروض، سيدفع المضاربين للتخلص من السلع التي يحجبونها، وبالتالي توفر المنتج بالأسواق".

ومن جانبه، يؤكد عبدالمطلب، "أهمية توفير سكر مستورد بالسوق المصرية لزيادة المعروض من المنتج".

ويقترح استيراد السكر من دول لديها "وفرة في إنتاجه" مثل البرازيل، نظرا لكونها "دولة عضو بمجموعة بريكس مثل مصر".

ويمكن تطبيق أهم بنود البريكس وهو "الوفاء بالالتزامات الدولية بالعملة المحلية"، ما يمكن الحكومة المصرية من تلبيه احتياجات المصريين في شهر رمضان بالعملة المحلية، وفق عبدالمطلب.

وإذا تم ذلك، يمكن توفير كيلو السكر البرازيلي في السوق المصري للمستهلك بسعر يتراوح بين 10 جنيهات إلى 15 جنيها فقط، بدلا من الأسعار الحالية، حسب الخبير الاقتصادي.

وتعاني مصر واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء، وفق وكالة فرانس برس.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار 1.6 في المئة في يناير، مقارنة مع زيادة 1.4 بالمئة في ديسمبر، وفق "بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر".

وارتفعت أسعار المواد الغذائية 1.4 في المئة، مقارنة بالارتفاع 2.1 في المئة في ديسمبر، حسب المصدر ذاته.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المحاصیل السکریة وزارة التموین فی المئة من السکر إلى أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

سعر الذهب اليوم في مصر يرتفع 1.2% بأكثر من 60 جنيها في الجرام

سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في بداية تعاملات الخميس 24 أبريل، حيث عادت الأونصة إلى مستوى 3329 دولارًا بزيادة نسبتها 1.3%، بعد أن تراجعت أمس إلى 3285 دولارًا على خلفية هدوء نسبي في التصريحات بين الصين والولايات المتحدة.

ووفقًا لتقرير صادر عن جولد بيليون، فإن الأسعار استعادت قوتها بعد أن أوضحت الصين أنها لا تجري في الوقت الحالي أي مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية، رغم إشارات من الجانب الأمريكي بإمكانية تهدئة التوترات.

وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية إن "المفاوضات الاقتصادية والتجارية مع واشنطن غير قائمة حاليًا"، مؤكدًا ضرورة رفض كل الأحاديث التي تشير إلى وجود تقدم في المحادثات. كما شدد على أن على الولايات المتحدة إلغاء جميع الإجراءات الأحادية ضد الصين إذا كانت ترغب في الوصول إلى حلول.

تصريحات الصين فسرتها الأسواق على أن المفاوضات لم تبدأ بعد، ما خلق مناخًا داعمًا لصعود الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا في ظل تراجع شهية المخاطرة لدى المستثمرين.

وفي سياق متصل، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرًا نقلت فيه عن مصادر أمريكية أن البيت الأبيض يدرس خفض الرسوم الجمركية على الصين إلى مستويات تتراوح بين 50% و65%.

كما أشارت الصحيفة إلى أن الإدارة الأمريكية تدرس تطبيق نهج متدرج، مشابه لما اقترحته لجنة مجلس النواب الخاصة بالصين، من خلال فرض رسوم بنسبة 35% على السلع التي لا تشكل تهديدًا للأمن القومي، ورفع الرسوم إلى 100% أو أكثر على السلع التي تُعتبر استراتيجية.

من جهة أخرى، تكبدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية خسائر ملحوظة خلال تعاملات اليوم، بعد تصريحات الصين حول غياب المفاوضات، مما أعاد إلى الواجهة مخاوف الأسواق من استمرار التوترات التجارية بين البلدين وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، ودفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة.

وحقق الذهب مكاسب تجاوزت 25% منذ بداية العام، وسجل مستوى قياسيًا جديدًا هذا الأسبوع فوق 3500 دولار للأونصة، مدفوعًا بسياسات ترامب التجارية وتفاقم الأوضاع الجيوسياسية، ويشير تقرير جولد بيليون إلى أن التدفقات القوية لصناديق المؤشرات المتداولة وعمليات شراء البنوك المركزية دعمت أيضًا هذا الارتفاع في الذهب.

ارتفاع الذهب في السوق المحلية

محليًا، شهد سعر الذهب في مصر ارتفاعًا جديدًا صباح اليوم، بزيادة قدرها 60 جنيهًا للجرام، مدعومًا بصعود الأونصة عالميًا. وسجل سعر جرام الذهب عيار 21 نحو 4820 جنيهًا، مقابل 4760 جنيهًا في ختام تعاملات أمس، بنسبة ارتفاع بلغت 1.2%.

وفي تطور مصرفي لافت، قرر البنك الأهلي المصري وقف إصدار الشهادات البلاتينية السنوية بكافة دورياتها، مع خفض العائد على الشهادات الثلاثية الثابتة بنسبة 2%، وتعديل العائد على الشهادات ذات العائد المتغير بانخفاض قدره 2.25%. وتبدأ هذه التغييرات من يوم الأحد 27 أبريل من خلال كافة فروع البنك وتطبيقاته الإلكترونية.

كما أعلنت لجنة الأصول والخصوم في بنك مصر عن تعديلات مماثلة على شهادات الادخار، تشمل وقف إصدار شهادة "طلعت حرب" السنوية ذات العائد الثابت، وخفض العائد على شهادة "ابن مصر" المتناقصة لمدة ثلاث سنوات بنسبة 2%، إلى جانب خفض العائد على شهادة "القمة" الثلاثية بنسبة مماثلة.

تأتي هذه الخطوات في ضوء قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة 225 نقطة أساس خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم 17 أبريل 2025.

وبحسب جولد بيليون، فإن خفض العائد على الشهادات قد ينعكس إيجابيًا على سوق الذهب المحلي، مع احتمالية اتجاه بعض المدخرين إلى تعديل محافظهم المالية واللجوء إلى الذهب كأداة للتحوط، خاصة بعد الارتفاع الكبير الذي شهده المعدن النفيس منذ بداية العام بنسبة تجاوزت 26%.

مقالات مشابهة

  • تأملات قرآنية
  • سعر الذهب اليوم في مصر يرتفع 1.2% بأكثر من 60 جنيها في الجرام
  • شعبة مستحضرات التجميل تطلق المرحلة الثانية من مبادرتها لتمكين رواد الأعمال
  • المخرج خالد مهران يُقدّم مبادرة “المنتج الواعي” رسميًا لرئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلماني
  • التحريات تكشف سبب حريق ورشة في حلوان
  • المخرج خالد مهران يقدم مبادرة "المنتج الواعي" إلى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام
  • بعد ارتفاعه الجنوني.. سعر الذهب في مصر يتراجع 50 جنيهاً
  • صرير الأسنان ونمو أضراس العقل.. أسباب خفية وراء الصداع الصباحي
  • أمير هشام: الشروط الإضافية وراء أزمة الزمالك وزيزو
  • تراجع جماعي في مؤشرات البورصات الخليجية وسط ضبابية تجارية وتحذيرات دولية