بالتزامن مع اليوبيل الذهبي لنصر أكتوبر المجيد، وقرب حلول يوم الشهيد والمُحارب القديم الموافق 9 مارس من كل عام، كشفت القوات المسلحة عن تقرير «سري للغاية» من 24 صفحة صادر عن هيئة عمليات القوات المسلحة، عن العمليات الحربية التي نفذها الجيش المصري في شهر أكتوبر 1973، والذي استعرضه المشير محمد عبدالغني الجمسي، نائب رئيس أركان حرب القوات المسلحة ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، أمام لجنة الأمن القومي في شهر نوفمبر 1973.

وثائق جديدة عن حرب أكتوبر

وقال «الجمسي»، في تقرير هيئة عمليات القوات المسلحة عن حرب أكتوبر، إن الحديث عن حرب أكتوبر المجيدة، يبدأ من حرب الاستنزاف، والتي بدأت في 28 سبتمبر 1968، لمدة عامين، لإحداث أكبر قدر من الخسائر بالعدو، وتحريك القضية سياسيًا، لتتحرك أمريكا بعد أسبوع تهاوي الطائرات الإسرائيلية فوق الجبهة المصرية بفعل صواريخ الدفاع الجوي، وتقدم مشروع روجرز لإيقاف إطلاق النار لفترة محددة، وقبلت مصر وقف إطلاق النار لعدة أغراض، أهمها استكمال إنشاء شبكة الدفاع الجوي بالصواريخ.

وأوضح أن السياسية «الإسرائيلية – الأمريكية» عملت على تجميد القضية، وتسكين الأوضاع وتثبيت المواقف، لعدة أهداف، أبرزها تكثيف التسليح الأمريكي لإسرائيل، وتهيئة الرأي العام العالمي لقبول استمرار جمود الموقف كحل مقبول، واستنزاف الموارد العربية، وزيادة الفاصل الكمي والنوعي للقدرات العسكرية الإسرائيلية والعربية، وإضعاف الجبهة الداخلية بمصر، وتحييد موقف الدول الأخرى.

تحريك موقف «اللا حرب واللا سلم»

وأشار إلى أن مصر عملت على تحريك القضية من مأزق «اللا حرب واللا سلم»، لتقبل كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والدول الإفريقية، وتحركت مصر لتحريك القضية وكسر جمودها دون أن تصل إلى نتيجة، بينما تستغل إسرائيل مرور الوقت في تصعيد شروطها العسكرية بقصد تعجيز العرب عن قبول أي حل مناسب، فيما استغلت القوات المسلحة هذا الوقت لدعم قوتها.

وأوضح أن استخدام مصر للقوة العسكرية في حرب أكتوبر المجيدة، جاء لتحريك القضية سياسيًا، وتهيئة الظروف والمناخ المناسب لاستخدام باقي جوانب القوة المتاحة، مثل إظهار الوحدة العربية في أقوى صورها المعاصرة، وتحقيق العزلة لأمريكا وإسرائيل، وتعميق الخلافات بين أمريكا، حلفائها، واستخدام سلاح البترول والأرصدة والعلاقات العربية.

وعدد رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، التحديات التي قابلت المؤسسة العسكرية المصرية في الحرب، فضلاً عن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، وخطة التحرك لمواجهتها.

القوات الجوية الإسرائيلية

وأوضح أن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية قائمة على «التفوق الجوي»، وأن يكون سلاح جوها ذراع طولي، ليتم التخطيط لقلب تلك النقطة لقوة ضعف، أو على الأقل تحييدها لفترة من الزمن وهو ما تحقق.

وأشار إلى بناء قوات الدفاع الجوي لشل قدرة العدو على استخدام قواتها الجوية، واستخدام القوات الجوية بشكل جديد يمثل تهديدًا مستمرًا للعدو، وتحقيق مهام الحماية الجوية، وتقديم المعاونة للقوات.

وأوضح أن العدو لم يتمكن من استخدام قواتها الجوية بالتأثير اللازم، كما فشلت محاولاته لضرب قواتنا البرية، كما لم يدمر طائرة مصرية واحدة على الأرض في المطارات، وتحمل هو خسائر فادحة من طائراتنا، أو وسائل الدفاع الجوي الأرضية.

ولفت إلى أن القيادة العسكرية حرصت على حرمان العدو من القدرة على اكتشاف نوايا الهجوم، وموعده، وقوته، واتجاهه، ليتم فرض السرية المطلقة على التخطيط، وتنفيذ خطة الخداع الاستراتيجي والتعبوي على مستوى الدولة بشطريه السياسي والإعلامي «الاستراتيجي – التعبوي»، وذلك بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والإعلام.

المخابرات المركزية الأمريكية CIA

وشدد على أن المخابرات المركزية الأمريكية CIA، والمخابرات الإسرائيلية والعالمية فوجئت بالهجوم المصري، موضحًا أن المفاجأة سهلت عملية الاقتحام، وتكبيد العدو أكبر خسائر في الأفراد والمعدات في أيام القتال الأولى، ومنع العدو من استخدام المواد المشتعلة في القناة، وتقليل خسائرنا في الأرواح.

وقال إن خليج العقبة هو المصدر الوحيد لإمداد إسرائيل بالبترول، وأن إسرائيل تمسكت بشرم الشيخ لذلك، لذا عملت على الحصار البحري لإسرائيل من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر من منطقة مضيف باب المندب، لتمنع وصول البترول من إيران لإسرائيل.

وأوضح أن إسرائيل نفذت اعتداء جوي في البحر الأحمر يوم 6 أكتوبر، لتقوم قواتنا المسلحة في تمام الساعة الثانية و5 دقائق طبقًا للخطة الموضوعة بالتعاون مع سوريا في تنفيذ عملية هجومية لتدمير أكبر قدر ممكن من قوات العدو في سيناء والجولان، على أن يتم تحرير سيناء على مراحل، مع فرض تغيير جذري في الموقف السياسي والعسكري في منطقة الشرق الأوسط.

معارك حرب أكتوبر المجيدة

وأوضح أن القتال استمر على الجبهة 20 يومًا اعتبارًا من 6 وحتى 25 أكتوبر؛ حيث هاجمت إسرائيل يوم 6 أكتوبر 260 طائرة، منها 190 طائرة من مصر، و70 من سوريا، لتستهدف مطارات العدو ووسائل دفاعه الجوي، كما فتحت 82 كتيبة مدفعية مصرية، ولواء صواريخ «أرض – أرض» متوسط المدى النيران لمدة 53 دقيقة على حط بارليف الحصين ونقطه القوية، وتجمعات الدبابات والقيادات الإسرائيلية في سيناء.

وأوضح أن الموجات الأولى لفرض المشاة بدأت في الساعة الثانية و20 دقيقة، ليضعف 8 آلاف جندي أقدامهم على الضفة الشرقية للقناة في دقائق، وفي الساعة السابعة والنصف مساءًا، أتم 80 ألف جندي العبور في منطقة مواجهة قدرها 170 كيلو متر، ليحاصروا النقاط القوية، ويتم الاستيلاء على 15 نقطة منها.

كما تقدمت وحدات المهندسين، لتفتح الممرات اللازمة في الساترة الترابي لخط بارليف، لتقيم 10 كباري ثقيلة، و10 كباري مشاه، لتبدأ الدبابات والمدافع والأسلحة الثقيلة في العبور لسيناء تحت ستر الظلام، فضلاً عن الوسائل البرمائية.

وأشار إلى أن القيادة العامة للقوات المسلحة قررت عمل وقفة تعبوية لمدة 4 أيام، اعتبارًا من 10 حتى 13 أكتوبر، لحل مشاكل إدارية وفنية، مع استمرار تكبيد العدو أكبر قدر من الخسائر، وتأكيد المهام الجديدة للمرحلة التالية في الحرب، والتي تُعرف بـ«تطوير الهجوم».

وأوضح أن القوات البحرية قصفت شرم الشيخ ورأس محمد ورأس سدر بالصواريخ، وعملت على قطع خطوط مواصلات العدو من منطقة مضيق باب المندب، كما قصفت مواقع العدو في شرق بور فؤاد، ومناطق أخرى، وعملت على قطع خطوط المواصلات البحرية للعدو، كما هاجمت الضفادع البشرية حقول البترول لتعطلها.

خطة تطوير الهجوم

وعن خطة «تطوير الهجوم»، ذكر أن هدفها كان تخفيف الضغط على القوات السورية، وتمت بهدف الوصول للمضايق، بالرغم مما صاحبه من خروج القوات من غطاء الدفاع الجوي.

وأشار إلى ملاحظة زيادة شدة وكثافة الضربات الإسرائيلية ضد مصر اعتبارًا من يوم 11 أكتوبر مع وصول الدعم الأمريكي لها.

وأوضح أن القوات توقفت على مسافات تتراوح بين 8 إلى 12 كيلو متر من الخط الأمامي لقواتنا في رؤوس الكباري، كما قامت قواتنا الجوية في تنفيذ 448 طلعة في هذا يوم 14 أكتوبر 1973 لحماية القوات البرية، وصد هجمات العدو.

ولفت إلى أن العدو اعتبارًا من يوم 15 أكتوبر نشط في توجيه هجمات مضادة قوية ضد رؤوس الكباري بقوة 9 ألوية، منها 6 ألوية مدرعة، وتم إيقاع خسائر فادحة به، إلا أنه دفع قوات مدرعة جديدة، وركزها في مواجهة ضيقة على الجانب الأيمن من الفرقة 16، ليجبرها على الارتداد 4 كيلو مترات، لينفذ العدو إلى قناة السوس عند منطقة الدفرسوار، ويعمل على تعزيز قواتها غربًا تدريجيًا، وتم دفع قوات لمواجهة تلك الثغرة، ليواجهوا كمائن وقتال شديد.

وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية أحدثت خسائر في كتائب الصواريخ المصرية، ليبدأ في استخدام قواته الجوية لحماية قواته العابرة لغرب القناة.

ولفت إلى أن المرحلة الرابعة والأخيرة من حرب أكتوبر المجيدة، قبل وقف إطلاق النار، كانت لتطوير أعمال القتال غرب القناة، مع القيام بأعمال نشطة بوحدات الصاعقة، وتقدم العدو نحو الإسماعيلية، لكن قواتنا تمكنت من صد وتدمير عدد من دباباته، ليتوجه جنوبًا نحو السويس، لكنه لم يتمكن من احتلالها أيضًا.

وأشار إلى صدور الأوامر من القيادة بسرعة تنظيم الدفاع غرب القناة بالقوات المتيسرة، لمنع انتشار قوات العدو العابرة، لتكلف الفرقة الرابعة المدرعة بتنظيم الدفاع في مؤخرة الجيوش الميدانية، كما كلفت قوات المنطقة المركزية باحتلال دفاعاتها شرق القاهرة.

عبور 100 ألف جندي

وأوضح أن هناك نحو 100 ألف جندي و1200 دبابة عبروا إلى شرق قناة السويس، وأن هناك قرابة 6 آلاف شهيد، و9 آلاف جريح، ونحو 9 آلاف مفقود في الحرب، بإجمالي 25 ألف و288 فرد مقاتل.

وأشار إلى أن القوات الجوية نفذت 6200 طلعة جوية خلال حرب أكتوبر المجيدة، بمتوسط 310 طلعة في اليوم الواحد، منها 483 طلعة يوم 8 أكتوبر 1973 بمفرده، وأوضح أن القوات البحرية خاضت 4 معارك بحرية رئيسية، وقصفت 125 هدف بحري ساحلي، وصدت 9 هجمات بحرية للعدو ضوابط سواحلنا، ونفذت 4 عمليات خاصة.

وأكد أن قوات الدفاع الجوي نجحت في إسقاط 165 طائرة للعدو خلال حرب أكتوبر المجيدة.

ولفت إلى أن التقديرات تشير لخسائر إسرائيل ثلث دباباتها في الحرب، ونصف قوة سلاحها الجوي، وثلث قطعه البحرية الحربية، موضحًا أن خسائر مصر لا تقارن إطلاقًا بخسائر إسرائيل في الحرب، مؤكدًا سلامة الموقف العسكري المصري حينها، مضيفًا: «الموقف العسكري سليم تمامًا».

وشدد على أن مصر قضت على أسطورة الجيش الإسرائيلي التي لا تقهر في الحرب، وأظهرت التضامن العربي العسكري والاقتصادي، كما نفذت أضخم عملية عبور في تاريخ الحبور.

وأوضح أن إسرائيل استدعت 75% من الصالحين للاستدعاء للحرب مما يؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي، كما توقفت 99% من عمليات البناء لديها وقت الحرب، مع وجود انهيار شبه تام لتوزيع البضائع، وارتفاع الأسعار لديها بصورة كبيرة.

واختتم «الجمسي»، تقريره، قائلاً: «بشهادة عدونا اليوم في تصريحات دفيد إلعازر، رئيس الأركان الإسرائيلي؛ فإن لكل حرب مفاجأتها، وكانت أكبر مفاجأة لهم في هذه الحرب هي كفاءة الجندي المصري، واستعداده للتضحية ووجود الدافع القوي عنده».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أسطورة الجيش إسرائيل ب إسرائيل ت إطلاق النار ارتفاع الأسعار الأسلحة الثقيلة الأمم المتحدة الأمن القومي الاستراتيجية العسكرية أحدث هیئة عملیات القوات المسلحة حرب أکتوبر المجیدة عن حرب أکتوبر الدفاع الجوی وأشار إلى أن اعتبار ا من أن القوات وأوضح أن فی الحرب إطلاق ا

إقرأ أيضاً:

نُفذ بإشراف عماد مغنية.. إسرائيل تكشف كواليس انفجار مدينة صور عام 1982 وتحدد السبب

اعتبرت لجنة التحقيق الإسرائيلية المكلفة بمراجعة التحقيقات في الانفجار الذي وقع بمقر قيادة الجيش الإسرائيلي في مدينة صور اللبنانية عام 1982، أن الحادث كان نتيجة لتفجير انتحاري.

وكانت الرواية الإسرائيلية الرسمية حتى الفترة الأخيرة تشير إلى أن سبب الانفجار كان تسربًا للغاز، إلا أن اللجنة، التي شكلت في تشرين الثاني 2022، بمشاركة عشرات العناصر من وكالة الأمن الداخلي "الشاباك" والجيش الإسرائيلي والشرطة، إضافة إلى العلماء والخبراء، توصلت إلى استنتاجات جديدة.

وقالت المسؤولة في "الشاباك"، التي لم يكشف عن اسمها، إن فريق التحقيق درس جميع المعلومات المتاحة بشأن الانفجار، بما في ذلك آلاف الوثائق الصادرة قبل وبعد الحادث، وبحث المعلومات الاستخباراتية وتشاور مع خبراء المتفجرات والطب الشرعي.

وأكدت أن التحقيق تمكن من تحديد "باحتمال كبير أو ربما بشكل مؤكد تمامًا أنه كان هجومًا إرهابيًا، وليس تسربًا للغاز".

واستنتجت اللجنة أن التفجير الانتحاري نفذ بسيارة مفخخة من نوع "بيجو 504"، حيث تم التعرف على رفات غير تابعة لأي واحد من القتلى الإسرائيليين أو اللبنانيين، وكذلك العثور على أجزاء السيارة المذكورة في المكان.

وأكدت المسؤولة في "الشاباك" أن السيارة المفخخة كانت تحمل قنبلة بوزن 50 كغم وأسطوانات غاز، تسبب تفجيرها بانهيار المبنى.

وبحسب استنتاجات اللجنة، فإن الهجوم نفذ بإشراف إيران، وأن عماد مغنية، القيادي في "حزب الله" كان متورطًا فيه.

ونفذ العملية اللبناني أحمد قصير، الذي كان عمره 17 عامًا آنذاك، ويسميه حزب الله بأنه "الشهيد الأول"، وتم وضع نصب تذكاري له في لبنان وأطلق اسمه على أحد الشوارع في طهران، كما يحتفل حزب الله بذكرى تنفيذ الهجوم سنويًا كـ"يوم الشهيد".

وفي بيان له، قال الجيش الإسرائيلي إن هذا الحادث سيعتبر من الآن "هجومًا إرهابيًا".

يذكر أن تفجير مقر القيادة الإسرائيلية في صور، الذي نفذ أثناء حرب لبنان في 11 تشرين الثاني 1982، أسفر عن مقتل 91 شخصًا، بينهم 76 عسكريًا إسرائيليًا وعدد من السجناء اللبنانيين والفلسطينيين.(سكاي نيوز)

مقالات مشابهة

  • "حزب الله" يهدد إسرائيل بمهاجمة مواقع جديدة
  • "حزب الله" يهدد إسرائيل بمهاجة مواقع جديدة
  • وثيقة مسربة تكشف مخطط إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى مصر
  • إسرائيل تكشف كواليس انفجار صور اللبنانية 1982.. وتحدد الأسباب
  • مخرج فلسطيني: لم يعد ممكنا الحديث عن فلسطين في هوليوود بعد 7 أكتوبر
  • نُفذ بإشراف عماد مغنية.. إسرائيل تكشف كواليس انفجار مدينة صور عام 1982 وتحدد السبب
  • سرايا القدس تكشف: بعض الأسرى الإسرائيليين بغزة حاولوا الانتحار
  • عاجل- الرئيس السيسي يعين الفريق أحمد فتحي رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة
  • رئيس أركان حرب القوات المسلحة.. 22 قائدًا منذ ثورة 23 يوليو أشهرهم أيقونة الشهداء
  • البرهان لا تفاوض مع من قتل ونهب الشعب السوداني