مونديال الجنس اللطيف.. تفاصيل وأسباب الفارق الكبيرة في الجوائز المالية للرجال والسيدات
تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT
يواجه الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" انتقادات كبيرة بسبب الفجوة الشاسعة في الأجور بين السيدات والرجال خلال بطولة كأس العالم، إذ تحصل اللاعبة على ربع المبلغ الذي يكسبه اللاعب.
شاهد.. هدف تاريخي في كأس العالم للسيداتوخصص الـ"فيفا" 110 ملايين دولار كجوائز مالية لنهائيات النسخة التاسعة لبطولة كأس العالم للسيدات 2023، التي تستضيفها أستراليا ونيوزيلندا اعتبار من اليوم الخميس وحتى 20 أغسطس 2023، حيث سيذهب منها مبلغ 49 مليون دولار للاعبات بشكل فردي و61 مليون دولار للاتحادات.
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد خصص 440 مليون دولار كجوائز مالية لنهائيات بطولة كأس العالم للرجال "قطر 2022"، لذا انتقد منتخب أستراليا للسيدات، قبل انطلاق مونديال 2023 للإناث، الـ"فيفا" وطالب بالمساواة بين الجنسين من حيث الجوائز المالية المقدمة في الحدث العالمي.
ويتبين أن لاعبات مونديال 2023 الذي تستضيفه أستراليا ونيوزيلندا، سيحصلن على 25 سنتا فقط مقابل كل دولار كسبه اللاعبون في مونديال قطر 2022.
وعلى الرغم من ذلك، يعد هذا تحسنا إذ حصلت اللاعبات في مونديال 2019، على أقل من ثمانية سنتات مقابل كل دولار للرجال.
وستحصل كل لاعبة مشاركة في مونديال 2023، على ما لا يقل عن 30 ألف دولار، لكن قيمة المبلغ سترتفع مع وصولها لأدوار متقدمة في المونديال برفقة منتخب بلادها.
أسباب الفجوة بين الجنسين
رغم أن لعبة السيدات في تطور متزايد، لكنها مازالت بعيدة عن لعبة الرجال، وذلك أحد أكبر الأسباب في أن الفجوة مازالت نشطة بين الجنسين في أهم البطولات حول العالم.
وفي وقت سابق، كان الـ"فيفا" قد كشف عن عدم تقديم وسائل الإعلام لعروض مناسبة للحصول على حقوق بث بطولة كأس العالم للسيدات الحالية.
إقرأ المزيد غضب شديد بسبب فيديو ساخر.. إسبانيا تعتذر لتصرف بعض لاعبات منتخب السيدات إقرأ المزيد كأس العالم للسيدات.. أستراليا تهزم إيرلندا بهدف (فيديو)وأوضح الاتحاد الدولي لكرة القدم أن العروض المقدمة لمونديال السيدات أقل بـ20 إلى 100 مرة من نظيرتها المقدمة لبطولة كأس العالم للرجال.
وبيّن أن مقدمي خدمات البث قدموا 100 إلى 200 مليون دولار للحصول على حقوق بث مونديال الرجال، بينما عرضوا فقط من مليون إلى 10 ملايين دولار أمريكي لكأس العالم للسيدات.
وقد أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" مؤخرا عن قلة مبيعات تذاكر مباريات مونديال السيدات، وتحديدا في نيوزيلندا.
ومع ذلك، فقد حضر أكثر من 42 ألف متفرج المباراة الافتتاحية للنسخة التاسعة لنهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم للسيدات 2023، بين منتخبي نيوزيلندا والنرويج (1-0) التي جمعتهما اليوم الخميس، على ملعب "إيدن بارك - Eden Park" بمدينة كينجسلاند.
المصدر: وكالات
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا فيفا كأس العالم لكرة القدم للسيدات كرة القدم للسيدات الاتحاد الدولی لکرة القدم کأس العالم للسیدات بطولة کأس العالم ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
للرجال فقط.. تحرش وتهديدات بالقتل تلاحق لاعبات كرة القدم بالسودان
« مكانك المطبخ، ماتفعلينه مضيعة للوقت، ابحثي عن مهنة أخرى »، تعليق من بين عشرات التعليقات التي صاحبت لاعبة فريق المريخ العاصمي، زهرة محمد أزرق، الشهيرة بـ « وارغو »، على صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك »، خلال مشاركتها في أول دوري لكرة القدم للسيدات في السودان، في الـ 30 من شتنبر عام 2019.
تصف وارغو ما مرت به قائلة: « كُنت محطمة نفسياً، وشعرتُ برغبة جامحة في التوقف عن لعبة كرة القدم »، مضيفة أنها حتى تعرضت للتنمر وبعض التعليقات شبّهتها بالرجال.
أحبتْ وارغو كرة القدم منذ الطفولة، ولعبتها مع أقرانها بالحي الذي تسكن فيه وفي المدرسة أيضاً؛ لكنّها لم تجد الدعم الكافي من الأسرة. تقول وارغو إن بعض أقاربها كانوا يحرّضون والدتها من أجل منعها من ممارسة كرة القدم النسائية.
وتعتقد وارغو أن غياب الدعم الأسري أثر سلباً في حالتها النفسية وانعكس على مسيرتها لاعبة لكرة القدم. وتشير إلى أن بعض السودانيين يعتقدون أن النساء ليس لديهن حرية اختيار ما يريدن فعله، ما جعلها تواجه تحديات كثيرة عبر حياتها اليومية، ومن خلال منصات التواصل الاجتماعي أيضاً.
تحديات في طريق كرة القدم النسائية
انطلقت أولى منافسات كرة القدم النسائية في السودان رسمياً في نهاية شتنبر عام 2019، تحت مسمى « دوري كرة القدم السوداني للسيدات ». هذه الانطلاقة جاءت بعد رحلة من المنع؛ لعل من محطاتها الفارقة إعلان الرئيس السوداني السابق جعفر نميري عام 1983، تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، وما ترتب عليه من تحريم لكرة القدم النسائية. لم يختلف الوضع كثيراً في عهد الرئيس السابق عمر البشير، الذي حكم السودان لثلاثين عاماً، أصدر خلالها مجمع الفقه الإسلامي فتوى تحريم تشكيل فرق نسائية؛ بحجة أنها لا تتناسب مع قيم وأعراف المجتمع السوداني.
أقيمت المباراة الافتتاحّية للبطولة على استاد الخرطوم الدولي، المعروف بـ « شيخ الاستادات »، الذي يتسع لـ 23 ألف شخص، بين فريقي التحدي والدفاع. شهدت المباراة حضور مسؤولين حكوميين، في مقدمتهم وزيرة الشباب والرياضة آنذاك ولاء البوشي، إلى جانب الحضور الجماهيري الكبير، وضمت النسخة الأولى لدوري السيدات 21 فريقاً، تمّ تقسيمها إلى أربع مجموعات؛ هي الخرطوم، ود مدني والأبيض، وكادوقلي.
واعتمد نظام البطولة على تأهل فريقين من كل مجموعة للدور ربع النهائي، على أن تُقسم الأندية إلى مجموعتين مرة أخرى، ويتأهل المتصدران إلى المباراة النهائية لتحديد البطل.
الاغتيال المعنوي
« جوجو »، وهي لاعبة كرة قدم، شاركت في منافسات دوري السيدات، تقول إن التعليقات السلبية، سواء كانت عبر منصة فيسبوك أو من خلال هتافات الجمهور، تسبّبت في إنهاء مسيرة عدد من اللاعبات. وأضافت جوجو أنها تعرف لاعبة أجبرتها أسرتها على الزواج، وأخريات حُرمن من المشاركة في المنافسات بسبب رفض أُسرهن؛ بعد سماع التعليقات السلبية والمسيئة التي يتعرضن لها.
وتُشير جوجو إلى أن « التنمر » كان يحدث حتى من قبل المدربين، متسائلة « كيف يمكنهن اللعب؟ »، مضيفة: « الكلمات القاسية والبذيئة والشتائم تؤثر في اللاعبات نفسياً، فينعكس ذلك عليهن في الشارع وفي الميدان وفي المنزل، وتجعلهن يشعرن بالكراهية تجاه المجتمع وكرة القدم ».
على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، رصدت معدة التقرير مئات التعليقات السلبية ضد لاعبات عقب كل مباراة. من أشهر التعليقات السلبية، وصف اللاعبات بـ « مطلوقة »، وتعني وفقاً للعامية السودانية المتمردة على الأسرة، « وبايرة » وتعني المرأة التي تجاوزت العمر الاجتماعي المتعارف عليه للزواج، إضافة إلى تعليقات أخرى تتضمن إيحاءات جنسية، وتتهم اللاعبات بالرغبة في الزواج، ومحاولة لفت انتباه الرجال.
مجتمع تقليدي
تُقر نائبة رئيس قطاع المرأة بنادي الهلال السُّوداني، مشاعر عثمان، بوجود عنف ضد لاعبات كرة القدم في السودان. وتُرجع عثمان السبب لطبيعة المجتمع السوداني المحافظة: « 90 في المئة من الأسر السودانية محافظة ولاتُحبذ أو غير قادرة حتى الآن على تقبل فكرة أن تُصبح ابنتهم لاعبة كرة قدم، لذلك تواجه اللاعبات انتقادات كبيرة، وتتعرض للهجوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ».
لم تكن نائبة رئيس قطاع المرأة بنادي الهلال السُّوداني بعيدة عن هذه المعاناة؛ فتقول إنها شهدت بنفسها تعرض لاعبات للضغط والمنع من الأهل، خلال ترأسها ملف تسجيل اللاعبات بالنادي: « واجهتُ تحديات جمة فيما يتعلق بتسجيل بعض اللاعبات؛ فمثلاً تجد اللاعبة لديها رغبة قوية في الانضمام للفريق، لكنّها دائماً ما تواجه بالرفض من قبل أحد أفراد الأسرة ».
وترى عثمان أن التشدد في الرفض من قبل الأسر، سببه الرئيسي الخوف من العنف الرقمي والانتقادات التي تتعرض لها اللاعبات من المجتمع؛ سواء كانت تعليقات مباشرة أو من خلف منصات التواصل الاجتماعي.
أما الصحفية الرياضية هيام تاج السر، فتقول إن التنمر ضد اللاعبات وصل حد الاستهزاء بمظهرهن الخارجي والتشكيك في أنوثتهن، مشيرة إلى أن بعضهن تمكن من مجابهة هذه التحديات كافة، والمضي قدماً في مسيرتهن الرياضية.
« إن التعليقات السلبية ضد اللاعبات لم تقتصر على رواد منصات التواصل الاجتماعي فقط، وأخشى أن يُمارَس ذلك من قبل إدارات بعض الأندية، التي لا ترى في مشاركة النساء ضرورة أو أهمية سوى تلبية مطالب المنظومة الدولية للعبة »، هذا ما ذهبت إليه ممثلة المرأة وعضوة مجلس إدارة نادي المريخ، سلمى سيد.
وتضيف سلمى: « من المؤسف أن اتحادات كرة القدم، ورئاسات الأندية، لم تضع خططاً مدروسة تقدم النموذج الأنثوي الفاعل والمشارك باسم الرياضة حتى الآن ».
التهديد بالقتل
لم تقتصر التعليقات على التنمر والإساءات الشخصية، أو حتى الإيحاءات الجنسية فقط، بل وصلت إلى تهديدات بالقتل « لطاقم التحكيم النسائي ». الحكمة الدولية السودانية رماز عثمان، تقول إن تجربتها مختلفة في مجال كرة القدم النسائية؛ لأنها وجدت دعماً وتشجيعاً من جانب أسرتها، وتحديداً من والدها الحكم السابق وسكرتير الناشئين بنادي الأسرة ولاية الخرطوم. لكنّ عثمان تؤكد أن رحلتها لم تخلُ أيضاً من التنمر والتعليقات السلبية ونظرات الاستهجان من المجتمع، الرافض لكل مَن تقتحم مجال كرة القدم من النساء.
ومن الناحية القانونية، تقول المحامية والناشطة الحقوقية نون كشكوش، إن هذا النوع من الجرائم محكوم بقانون جرائم المعلوماتية. وتضيف كشكوش أن لاعبات كرة القدم، اللائي تعرضن لتعليقات مسيئة، يحق لهن تسجيل بلاغات ضد الصفحات أو الأشخاص الذين يقودون حملات ضدهن؛ سواء كن مقيمات في المدن السودانية الآمنة حالياً، أو مقيمات خارج السودان، لأن جرائم المعلوماتية يمكن أن يحكمها قانون البلد المقيمات فيه، أو أيّ بلد آخر يُقيم فيه الأشخاص المسؤولون عن هذه الصفحات.
وتؤكد كشكوش عدم وجود أيّ نص في القانون السوداني يمنع أو يُجرّم لعب أو احتراف النساء لكرة القدم.
وتنص الفقرة السابعة عشرة بالفصل الرابع من قانون جرائم المعلوماتية السوداني للعام 2007 على أن « كل من يستخدم شبكة المعلومات أو أحد أجهزة الحاسوب أو ما في حكمها لإشانة السمعة، يعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز السنتين أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً ».
وسائل اغتيال الشخصية
تصف استشاري علم النفس، ومديرة مركز أمنية للتدريب وتنمية المهارات النفسية، دكتورة ابتسام محمود أحمد، منصات التواصل الاجتماعي بوسائل اغتيال الشخصية؛ وذلك بسبب تفشي العنف اللفظي وأثره النفسي وما يترتب عليه من الإصابة بالاكتئاب، والخوف، والرغبة في البعد عن الأضواء، وبالتالي إغلاق الصفحة الشخصية على فيسبوك، أو أيّ من المنصات الأخرى كرد فعل لهذه الإساءات.
وترى استشاري علم النفس أن رفض المجتمع السوداني القاطع لكرة القدم النسائية، والتعليقات السلبية ضد اللاعبات، سببه خروجهن عن الإطار الثقافي والاجتماعي، فالمجتمع يعتقد أن كرة القدم لا تناسب النساء، وأن ارتداء الزي الرياضي يخالف الدين الإسلامي.
وتطالب الدكتورة ابتسام لاعبات كرة القدم بالتعامل بقوة وحزم مع حملات التعليقات السلبية والتنمر، وألا تهزمهن سلاطة اللسان أو التقاليد المجتمعية.
أُنجز هذا التقرير بدعم من أريج