انتهينا في مقالنا السابق إلى أن هناك رأيا ثانيًا يرى أن صورة المرأة ووضعيتها الثقافية في المخيلة الشعبية العربية، والمصرية خاصة، إيجابية، وليست مضطهدة على نحو ما يذهب أصحاب الرأي الأول. واستعرضنا تأكيد أصحاب هذا الرأي لموقفهم من خلال بعض الأمثال الشعبية التي تدعم هذا الرأي. واستكمالا لهذا التأكيد، نستعرض بعض الأغاني الشعبية، كما في أغاني هدهدة الأطفال، التي تبرز صورة مناقضة لتلك التي سبق استعراضها، فتقول الأغنية:
لما قالوا دا غلام
قلت يا ليلة ضلام
أكبره وأسمنه
وتخطفه مني النسوان
***
ولما قالوا دي بنية
قلت يا ليلة هنية
تكنس لي وتطبخ لي
وتملالي البيت ميَّه
وقد يقول قائل: هل ينحصر دور المرأة في مجرد ملء المياه؟ وترتبط الإجابة بضرورة العودة إلى السياق الاجتماعي والثقافي المنتج لهذه الأغنية، ذلك السياق الذي كان تتعذر في القرى الحصول على مياه الشرب.
ومن ذلك أيضا ما ورد في إحدى الأغاني الشعبية البدوية، ردًا على معايرة أم الصبيان لأم البنات:
ما تفرحيش يا أم الوليد بكرة بنتي تاخده (تتزوجه)
تبني عليه بيتين كبار وتاخد خيره وتاخده
ولعل أكبر عمل أدبي انتصر للمرأة العربية يتمثل في سيرة الأميرة ذات الهمة، تلك السيرة الشعبية التي تعد أول عمل أدبي في التاريخ الأدبي، في حدود علمي، يتم تخصيصها كاملًا للحديث عن بطولات المرأة وأدوارها الاجتماعية. ويرتبط بهذا، أيضا، صور المرأة العربية الإيجابية في السير الشعبية الأخرى. ففي سيرة عنترة، نجد شخصية زبيبة وعبلة، وفي سيرة الزير سالم نجد شخصية اليمامة، وفي السيرة الهلالية نجد شخصيات نسائية مهمة مثل: خضرة الشريفة والجازية وريا وشيحة ودوابة ابنة الخفاجى عامر، وسعدة ابنة الزناتي خليفة.
وفي مجال الحكايات نجد حكايات شعبية كثيرة تنتصر للمرأة العربية، منها حكايات الليالي العربية، ومنها كذلك الحواديت، كحدوتة السبع بنات والسبع صبيان، التي تنتصر فيها -رمزيا- أصغر البنات على أكبر الصبيان من أبناء عمها، عندما خاضت منافسة ضده. وهو ما نلمسه كذلك في حدوتة بنت الحطاب وابن السلطان. فما أكثر النماذج الشعبية التي تؤصل لمكانة عربية متميزة للمرأة.
كل ما سبق يؤكد أن العقلية تنتصر للمرأة العربية، وتدرك طبيعة أدوارها الاجتماعية والثقافية والتربوية، وليس صحيحا ما يزعمه أصحاب الرأي الأول، ممن يرون أن الأدب الشعبي العربي اضطهد المرأة، ونزعها حقوقها، ذلك لأنهم نزعوا النصوص الشعبية التي دللوا بها على رأيهم، من سياقاتها الاجتماعية. كما إنهم ركزوا على السلبي منها، متجاهلين النصوص الشعبية الإيجابية. وأود أن أختم، بأنه في حالة وجود صور سلبية للمرأة العربية في الأدب الشعبي العربي، مع عدم قناعتي بهذا الرأي، فهناك ثلاث حقائق مهمة، أن:
١- هذه الصور السلبية ليست قاصرة على الأدب الشعبي دون الرسمي، فبهذا المعنى هناك صور سلبية لها في الأدبين الشعبي والرسمي.
٢- على نحو ما استغرضنا، فهي ليست قاصرة على المرأة دون الرجل. فهناك صور سلبية لكل منهما.
٣ - ليست قاصرة على الأدب الشعبي العربي، دون العالمي. ويكفي أن احيلك إلى كتاب الباحثة الهولندية مينيكه شيبر: "النساء في أمثال الشعوب"، لتعرف كيف أن الأدب الشعبي العربي انتصر للمرأة العربية، مقارنة بنظيره في الآداب الشعبية العالمية.
الخلاصة، إن الأدب الشعبي منتج اجتماعي، وبالتالي فهو صدى ظروف اجتماعية وثقافية، وبالتالي عندما لا يعجبنا نص شعبي معين، فعلينا ألا نلقي باللوم على النص أو قائله، وإنما نلوم تلك الظروف الاجتماعية والثقافية التي أنتجت مثل هذه النصوص.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: للمرأة العربیة الشعبیة التی
إقرأ أيضاً:
وزيرة التضامن ورئيسة القومي للمرأة تتفقدان مجمع الخدمات المتكاملة بالأسمرات
تفقدت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، مجمع الخدمات المتكاملة التابع للوزارة بحي الأسمرات، وذلك بحضور المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة، حيث أطلعتا على الخدمات والأنشطة التي يقدمها المجمع للمواطنين.
استهلت وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيسة المجلس القومي للمرأة الزيارة بلقاء مسئولي جمعية خير وبركة والمرأة الجديدة في الأسمرات وأعضاء المجلس القومي للمرأة فرع القاهرة، حيث أطلعتا على الأنشطة والخدمات التي تقدمها الجمعية في منطقة الأسمرات من حضانات وأنشطة تمكين اقتصادي وتوفيرها فرص عمل للسيدات، وكذلك أنشطة المجلس القومي للمرأة فرع القاهرة بالمنطقة.
وأكدت الدكتورة مايا مرسي أن الوزارة تعمل على رفع نسبة الحضانات في الجمهورية من أجل توفير فرص عمل للسيدات، حيث الهدف أن يتم الوصول إلى نسبة 25% من الحضانات في مختلف محافظات الجمهورية.
وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعي أن الوزارة والمجلس القومي للمرأة سيعملان جنبا إلى جنب في كل محافظات الجمهورية، وهذا الأمر سيكون له عظيم الأثر في مختلف القطاعات والمجالات.
وعقب ذلك تفقدت الدكتورة مايا مرسي والمستشارة أمل عمار قاعات الحضانات التي تديرها جمعية خير وبركة والمرأة الجديدة داخل المجمع، وأطلعتا على الخدمات والأنشطة التي تقدم للأطفال وكذلك أسرهم، فضلا عن الإطلاع على دورة تدريبية للميسرات ، وذلك في إطار برنامج تنمية الطفولة المبكرة الذي تنفذه الوزارة.
كما تم تفقد باقي خدمات المجمع الذي يشرف على إدارته المؤسسة القومية لتنمية الاسرة المجتمع ، فتفقدت مركز الأشخاص ذوى الإعاقة، الذي يقدم عددا من الخدمات كالتخاطب، وتنمية المهارات، وصعوبات التعلم، والتكامل الحسي، وعلاج وظائفي، وسيكوموتر، وإرشاد أسرى.
كما تفقدت الدكتورة مايا مرسي والمستشارة أمل عمار الحضانة الدامجة، وأطلعتا على الخدمات المقدمة بها من الإرشاد الأسري، وجلسات تأهيلية، وإعداد أكاديمي،وأنشطة ترفيهية ورياضية وثقافية،و منتسوري،حيث تستهدف الأطفال من غير ذوي الإعاقة من (سنتين) حتى 6 سنوات)، والأطفال من ذوي الإعاقة من سن (3 سنوات حتى 8 سنوات.
كما يضم المجمع مكتب التأهيل الذي يساعد المواطنين في انهاء إجراءات استخراج بطاقة الخدمات المتكاملة، ومسـاعدة المواطنين في الحصـول على بطاقات بدل فاقد وإعادة اصــدار بطاقات الخدمات المتكاملة، والاســتعلام عن نتيجة الكشــف الطبي بالمجالس، وتوعية المواطنين من ذوي الإعاقة بالخدمات والمميزات الممنوحة من الدولة لهم.
وحرصت وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيسة المركز القومي للمرأة على تفقد مركز استضافة وتوجيه المرأة، والذي يقدم خدمات الاستضافة، التمكين الاقتصادي والقانوني، والاستشارات النفسية والاجتماعية، وخدمات طبية بالتعاون مع المستشفيات والجهات المتخصصة، ويستهدف السيدات المعرضات للعنف وأبنائهم.
كما شهدت الزيارة تفقد وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيسة المجلس القومي للمرأة مركز إعداد وتدريب الأسر المنتجة، والذي يقدم تدريبا على مهارات الخياطة والكروشيه، ويستهدف السيدات القادرات على العمل، وذوي الإعاقات الذهنية البسـيطة القادرين على العمل من أبناء المؤسسات والمراكز التابعة للمؤسسة القومية.
كما أطلعتا على الأنشطة التنموية بالمجمع ، حيث يتم زراعة الأسطح، وتعليم مهارات زراعة الأسطح بالتعاون مع مؤسسة دكتور فاروق الباز، وكذلك فصول محو الأمية، والتي تهدف تعليم القراءة والكتابة للسيدات، فضلا عن معارض الأسر المنتجة بنظام اليوم المفتوح، حيث يتم تنظيم متوسط عدد 12 معرضا سـنويا
لمساعدة أصحاب الحرف اليدوية والأسر المنتجة في تسويق منتجاتهم بمتوسط عدد مستفيدين 400 مستفيد سنويا.
وتوجهت المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة بالشكر للدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن على الدعوة الكريمة لزيارة مجمع الخدمات المتكاملة ، مؤكدة أن الدولة المصرية تولي اهتماما كبيرا بملف تمكين المرأة، ونعمل جميعا ونتكاتف من أجل دعم المرأة التى تسعى إلى تحقيق التوازن بين عملها وبين أسرتها، وبالتالي تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030.
وأكدت أن الدستور المصري 2014 يكفل حق المرأة في الرعاية الكاملة بالمادة 11 منه، حيث تنص هذه المادة على التزام الدولة بتمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، مؤكدة على أهمية دور المرأة في العمل العام كشريك للرجل وكذلك دورها داخل أسرتها.
كما أشادت رئيسة المجلس القومى للمرأة، بجهود جمعية خير وبركة والمرأة الجديدة، لتقديمها كافة أوجه الدعم والرعاية للسيدات والأطفال وكذلك بمجمع الخدمات المتكاملة.