بوابة الوفد:
2024-07-06@04:26:35 GMT

فلما صرت فى غيره بكيت عليه!

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

ليس أقصر من لحظة انقلاب الضحية إلى جلاد، والمظلوم إلى ظالم، والسجين إلى سجان، وهى لحظة فارقة تحدث نادرا فى تاريخ الأمم والشعوب، لكنها تعكس بوضوح أثر السلطة فى كل إنسان. ولعل من أبرز ما يؤرخ لهذه اللحظات كتاب فارق، مشوق، جذاب صدر مؤخرا عن دار المحروسة للنشر يروى مذكرات صحافى إيرانى هو هوشنغ أسدى فى سجون الخومينى بعنوان «رسائل إلى مُعذبي» وقام بترجمته الكاتب المتميز ماجد عاطف.

مؤلف الكتاب صحفى ومترجم إيرانى عمل نائبا لرئيس تحرير صحيفة «كيهان» وهى أكبر صحيفة يومية فى إيران، وله عدد من الروايات وسيناريوهات الأفلام، وترجم إلى الفارسية معظم روايات ماركيز، وإليوت. ولما كان «أسدي» معارضا يساريا فقد قبض عليه سنة 1974 فى ظل حكم شاه إيران، وقبع فى السجن لتسعة أشهر، وكان رفيقه فى الزنزانة على خامنئى الذى صار مرشدا أعلى للجمهورية الإسلامية فيما بعد. المهم أن صداقة وطيدة ولدت بين الصحافى اليساري، والزعيم الإسلامي، وعندما أفرج عن هوشنج أسدى بعد اتهام سياسى ظالم، قال له «خامنئي» وهو يودعه: «فى ظل حكومة إسلامية لن تُظلم أبدا».

ومرت السنوات واشتعلت الثورة فى إيران وانقلب نظام الحكم واستولى الإسلاميون على السلطة، وفوجئ هوشنج باتهامه بالتجسس لصالح الاتحاد السوفيتى وبريطانيا فى الوقت نفسه، وتم القبض عليه وتعرض لتعذيب قاسٍ طال عامين، متنقلا من سجن إلى آخر حتى اعترف جبرا فى النهاية بعمالته للسوفييت وبريطانيا، وحكم عليه بالاعدام ثم خُفف الحكم إلى الأشغال الشاقة، وبعد ست سنوات أطلق سراحه وتمكن من الهرب إلى باريس عام 2003. وبعد فترة وهناك وجد جلاده حميد والذى كان يقوم بتعذيبه سفيرا لإيران فى إحدى دول أوروبا، فبعث إليه بمجموعة رسائل يذكره فيها بما فعله فيه حتى جعله يعترف كذبا بما يريد، وهو ما ضمنه هذا الكتاب.

المفارق هنا أن التعذيب ـأبشع جرائم الإنسانيةـ كان يتم شرعنته بالدين، حتى أن الجلاد كان يتوضأ ويُسمى الله قبل ضرب الضحية بسوطه، وكان يُعلقه بالساعات فى سقف الغرفة، وهو يستمتع بالاستماع لأغنية «يا كربلاء إننا قادمون».

كان جلاده، الذى صار سفيرا يجبره ألا يتكلم قبل أن ينبح، وكان يسأله عن رفاقه فيرد مجبرا: هو هو هو.. كذا وكذا. وهكذا حوله من شاب يافع مفعم بالحياة إلى شخص محطم لا رغبة له فى أى شىء.

وكتب هوشنغ أسدى أن جلاده حميد سأله يوما وهو يُعذبه: إذا تغيرت الأمور وأصبحنا معتقلين لديكم ما ستفعلون بنا؟ فجاوبه قائلا: سنهدم كل معتقلات التعذيب ونحكم على موظفيها بزراعة الزهور على أنقاضها، وسنعتبر القهر والتعذيب شيئا من الماضى.

يقول أسدى وقد اختبر السجن والمحاكمات فى زمنى الشاه والخومينى، أن سجون الشاه كانت نزهة بالمقارنة مع سجون الثورة الإسلامية. ويتذكر بأسى ودهشة على خامنئى رفيق زنزانته فى عهد الشاه، وكيف كانا يسخران معا من قسوة السُلطة وعدوانها على الإنسانية، وكيف كانا يمزحان ويتناقشان ويتقبلان خلافهما الفكري، ويحتفظ كل منهما للآخر بمساحة ود واحترام، ثُم كيف غيرت السُلطة خامنئى ورفاقه فصاروا فلتات فنية فى القهر والتعذيب.

تذكرنا الحكاية ببيت شعر جميل منسوب لعلى بن أبى طالب يقول: عجبا للزمان فى حالتيه... وبلاء ذهبت منه إليه. رُب يومٍ بكيت منه، فلما... صرت فى غيره بكيتُ عليه».

والله أعلم

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد

إقرأ أيضاً:

تقرير لـNewsweek: لماذا على إسرائيل شنّ حرب على حزب الله وإيران؟

رأت صحيفة "Newsweek" الأميركية أنه "عند التفكير في احتمال نشوب صراع أوسع مع حزب الله في لبنان، تواجه إسرائيل العديد من الأسئلة الحاسمة. هل تمتلك الأسلحة الكافية، وخاصة قنابل جو-أرض، لشن مثل هذه الحرب بفعالية؟ وهل الجيش الإسرائيلي مستعد بالقدر الكافي، ويحصل على القدر الكافي من الراحة بعد تسعة أشهر من الصراع في غزة ضد حماس؟ هل تمتلك إسرائيل مخزونا وافرا من الصواريخ الاعتراضية لأنظمتها الدفاعية الصاروخية – القبة الحديدية للصواريخ القصيرة المدى، ومقلاع داود للصواريخ المتوسطة المدى وصواريخ كروز، وسهم آرو للصواريخ الباليستية البعيدة المدى المحتملة من إيران أو العراق أو سوريا؟ وهل تستطيع إسرائيل الاعتماد على الدعم الأميركي المستمر لتجديد مواردها حسب الحاجة؟"
بحسب الصحيفة، "إذا كانت الإجابة على هذه التساؤلات بالإيجاب، فإن هناك اعتباراً محورياً آخر يبرز: هل ينبغي لإسرائيل أن تفكر في ضرب المنشآت النووية الإيرانية وفي الوقت نفسه التعامل مع حزب الله؟ إن السبب الذي قد يجعل هذا منطقيًا هو أن الحرب مع إيران تعني بشكل شبه مؤكد حربًا مع حزب الله، والهجوم الصاروخي الذي شنته إيران ضد إسرائيل في نيسان يُظهر أن العكس من المرجح أن يكون صحيحًا. وقد طرح بعض الأشخاص الذين يقدمون المشورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحجة القائلة بأنه إذا كانت إسرائيل ستشن حرباً ضد أحدهما، فيجب عليها أن تفكر بجدية في محاولة القضاء على التهديد الذي يشكله الآخر في نفس الوقت".
وتابعت الصحيفة، "إن حزب الله هو أقوى وكيل لإيران وحجر الزاوية في استراتيجية طهران لتصدير الثورة إلى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط. إن الترسانة الصاروخية الهائلة التي يمتلكها الحزب وقدراته العسكرية التي بنتها إيران على مدى عقود والقادرة على التسبب في مستوى من الدمار لم يسبق له مثيل في إسرائيل تخدم غرضًا مزدوجًا: ردع إسرائيل عن استهداف طموحات إيران النووية وتوريط إسرائيل في صراع طويل الأمد على طول الحدود اللبنانية".
وأضافت الصحيفة، "لقد نجحت هذه الإستراتيجية، التي تتلخص في إضعاف إسرائيل وتشتيتها، بشكل جيد من وجهة نظر إيران منذ الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول. إذا شنت إسرائيل هجوماً واسع النطاق ضد حزب الله الآن، فيمكننا بالفعل التنبؤ بالكيفية التي ستنتهي بها الحرب. سيتم تدمير أجزاء كبيرة من لبنان، وسيتم إضعاف حزب الله بشكل كبير، ولكنه سوف يظل قائماً، وبمساعدة إيران سوف يتمكن الحزب من إعادة تسليح نفسه وإعادة بنائه. وهذا هو على وجه التحديد ما حدث بعد حرب لبنان الثانية في عام 2006. كان من المفترض أن يعمل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 على وقف تهريب الأسلحة من إيران، ولكن كما أظهرت الأعوام الثمانية عشر التي مرت منذ ذلك الحين، فقد أصبح حزب الله أكثر قوة بشكل ملحوظ".
وبحسب الصحيفة، " قبل 7 تشرين الأول، كان كبار ضباط الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي مرتبكين بشأن ما إذا كان الهجوم الإسرائيلي على إيران سيعني تلقائيًا حربًا مع حزب الله.ولكن في أعقاب الهجوم الإيراني المباشر ضد إسرائيل في نيسان، أصبح التقييم في إسرائيل اليوم شبه إجماعي، والاعتقاد السائد هو أن الحرب الإسرائيلية مع حزب الله أو إيران تعني بالتأكيد الحرب مع الآخر أيضًا. إن الحرب مع حزب الله الآن من شأنها أن تخلق نافذة قصيرة مدتها عام أو عامين تقريبًا ستتمكن خلالها إسرائيل من مهاجمة إيران دون الحاجة إلى الخوف من انتقام حزب الله مرة أخرى. وأي شيء أطول من ذلك سيؤدي إلى إعادة تسليح حزب الله، مما يستلزم جولة جديدة مع عدو إسرائيل في لبنان بعد مهاجمة إيران".
وتابعت الصحيفة، "إذا كانت إسرائيل مستعدة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية الآن، فقد يكون من المنطقي خوض حرب ضد حزب الله. ولكن إذا لم تكن مستعدة، أو إذا كانت تخطط لمنح الدبلوماسية الدولية فرصة أخرى، فإن شن حرب أكبر مع حزب الله الآن سوف يكون سابقا لأوانه. وبدلاً من ذلك، يتعين على إسرائيل أن تتراجع عن شن حرب مع حزب الله إلى أن تقرر محاولة تدمير المنشآت النووية الإيرانية. وليس هناك شك أيضًا في أن الوضع في شمال إسرائيل غير قابل للاستمرار. وتتعرض إسرائيل يوميا لوابل من الصواريخ والطائرات من دون طيار المتفجرة، وقد قامت بإجلاء حوالي 80 ألف شخص من المنطقة الحدودية. ويطالب سكان الشمال وكثيرون غيرهم بشن هجوم عسكري على لبنان للسماح لهم بالعودة إلى ديارهم".
وختمت الصحيفة، "مع ذلك، تحتاج الحكومة إلى اتباع نهج دقيق واستراتيجي. إن إيران تشكل التهديد الأكبر، ويجب أن يظل منعها من الحصول على سلاح نووي هو الهدف النهائي للبلاد". المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • إيران.. النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية تظهر تقدم الإصلاحي بزشكيان
  • ديالى بلا حكومة.. صراع النفوذ يتصاعد في قلعة الاقتصاد وخاصرة إيران
  • لاعبة التنس التونسية: بكيت بسبب رونالدو في مباراة البرتغال .. فيديو
  • السنة والمسيحيون وغيرهم.. لمن يصوت غير الشيعة في إيران؟
  • نيوزويك: إسرائيل في حرب مع إيران على 7 جبهات
  • مسعود بارزاني يناقش العلاقات الثنائية مع سفيري إيران وتركيا في بغداد
  • مرصد الأزهر: الكيان الصهيوني شاذ دخيل على الشرق الأوسط غرسته أيادٍ غربية
  • تقرير لـNewsweek: لماذا على إسرائيل شنّ حرب على حزب الله وإيران؟
  • إيران تنفي تعرض المرشح سعيد جليلي لمحاولة اغتيال
  • عين إيران على النجف.. من سيخلف رجل الله في العراق وما مصير منهجه؟