أردوغان ودا سيلفا في القاهرة
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
نشاط غير عادى تشهده القاهرة هذه الأيام، ولا يمر يوم دون استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسى لزيارة أو أكثر لوفد أجنبي. بالطبع تتصدر الحرب على غزة الأولوية فى لقاءات الرئيس، وما يتعلق بها من مشاورات مكثفة مع كل الأطراف. لكن لاقت زيارة كل من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا، إلى القاهرة يومى ١٤-١٥ فبراير، أهمية خاصة على الصعيدين الإقليمى والدولى.
أولًا؛ زيارة الرئيس أردوغان
شهدت السنوات العشر الماضية شبه قطيعة فى العلاقات المصرية التركية، خاصة مع وقوف تركيا مع نطام الإخوان المسلمين، واستضافة العناصر الهاربة من أعضاء الجماعة، وقنواتها التليفزيونية التى ظلت لسنوات تبث الأكاذيب لإثارة الشعب المصري. أيضا، كان هناك تضارب مصالح كبير فى الملف الليبي، وكان هناك خطر مواجهة عسكرية حين أعلن الرئيس السيسى عن خط أحمر بين سرت والجفرة. وفى ملف الغاز فى شرق المتوسط، كانت هناك مناوشات بين تركيا وكل من مصر واليونان وقبرص. ويحسب للدبلوماسية المصرية أنها استخدمت لغة منضبطة طوال تلك السنوات. وقام وزير الخارجية سامح شكرى بزيارة تركيا وسوريا بعد وقوع الزلزال المدمر فى فبراير ٢٠٢٣. ثم عادت الأمور إلى طبيعتها بعودة السفراء، وأخيرًا جاءت زيارة أردوغان لتعيد العلاقات المصرية التركية الى ذروتها. رغم أن الزيارة كانت ليوم واحد، إلا أنها قد نجحت فى إعادة الزخم إلى علاقات مصر التاريخية مع تركيا، والتى تعود لأكثر من خمسة قرون. تركيا ومصر دولتان محوريتان فى منطقة الشرق الأوسط، ولهما روابط تاريخية فى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. سياسيًا، الزيارة جاءت فى وقت حساس، تعيش فيه المنطقة ظروف عصيبة مع استمرار حرب غزة. وخلال اللقاء أكد الرئيسان تطابق وجهتى نظر مصر وتركيا فى ضرورة وقف الحرب وإعادة إعمار غزة. وهناك أمل أن تساعد تركيا فى حل مشكلة ليبيا، وتوحيد الفرقاء. كما يمكن أيضا أن تساعد مصر فى تقريب وجهات النظر بين تركيا وكل من قبرص واليونان فى موضوع غاز شرق المتوسط. واقتصاديا، تم الاتفاق على مضاعفة التبادل التجاري. وثقافيًا، جاءت زيارة أردوغان وزوجته لمسجد الإمام الشافعى لتذكير الشعبين أن روابط مصر مع تركيا تشمل الروابط الدينية، وأن الدولتين تتبعان الإسلام السنى المعتدل.
ثانيًا: زيارة الرئيس لولا دا سيلفا
زيارة دا سيلفا إلى القاهرة تتزامن مع مرور ١٠٠ سنه على بدء العلاقات الدبلوماسية بين البرازيل ومصر. البرازيل دولة كبيرة فى أمريكا اللاتينية (٢١٥ مليون نسمه)، والرئيس دا سيلفا (٧٨ سنة) له تجربة اقتصادية رائدة، وقاد بلاده خلال فترة حكمه التى امتدت ٨ سنوات (من أول يناير ٢٠٠٣ إلى يناير ٢٠١٢). حارب خلالها الفقر وحول البرازيل من دولة مدينة إلى واحدة من أكبر اقتصاديات العالم.
التعاون بين دول الجنوب، ذات السمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتشابهة يجعل زيارة دا سيلفا ذات أهمية خاصة. هذا الرجل عاد إلى الحكم بعد أن عاد فى انتخابات أكتوبر ٢٠٢٢، رئيسا للبرازيل لولاية جديدة بعد أن أثبت للناخب البرازيلى أنه الأجدر بحل مشاكل بلاده الاقتصادية. ويمكن زيادة التبادل التجارى مع البرازيل. فمصر هى ثانى أكبر شريك اقتصادى للبرازيل فى قارة أفريقيا، ومنذ بداية العام الحالى ٢٠٢٤، أصبحت مصر عضوا فى مجموعة البريكس، والتى تشمل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وأضيفت إليها ٥ دول هى مصر وأثيوبيا والسعودية والإمارات وإيران. وهناك فرصة كبيرة لزيادة التبادل التجارى بين الدول الأعضاء فى التحالف. وخلال الزيارة، ناقش دا سيلفا مع الرئيس السيسى العديد من القضايا الدولية، أهمها القضية الفلسطينية، وطالب بوقف إطلاق النار فى غزة.
الخلاصة، أن كل من أردوغان ودا سيلفا لهما تجربة رائدة فى بلديهما امتدت على مدار عقدين من الزمان، ويمكن لمصر تعميق روابط التقارب معهما.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: دا سیلفا
إقرأ أيضاً:
البرهان في القاهرة| زيارة مفصلية في ظل أزمة السودان.. فهل تكون بداية لنهايتها؟
تعد زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني لمصر، ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية، وزيارة هامة جدا خاصة في هذا التوقيت، حيث أنها تهدف إلي تعزيز سبل التعاون الثنائي المشترك بين البلدين الشقيقين.
توقيت زيارة البرهان للقاهرةوتأتي دلالات وتوقيت زيارة البرهان لمصر التي في إطار المساهمة المصرية الفعالة في جهود إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب بالسودان، كما أن البرهان حريص علي إطلاع الرئيس المصري الداعم للاستقرار والأمن في السودان وإنهاء الحرب القائمة الأن، علي أخر تطورات الأوضاع والأحداث الجارية في دولته.
واللقاء تضمن التشاور بين الجانبين حول الجهود الرامية لتسوية الأزمة القائمة حفاظا على سلامة وأمن السودان، على النحو الذي يحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية، ويصون مصالح الشعب السوداني الشقيق، والتطرق لجهود القاهرة إقليميا ودوليا وخاصة مع آلية دول الجوار، لوقف الصراع واستعادة الأمن والاستقرار، فضلا عن بحث سبل التنسيق والتعاون لدعم الشعب الأشقاء، لاسيما عن طريق المساعدات الإنسانية والإغاثة، حتى يتجاوز السودان الأزمة الراهنة بسلام.
محاور زيارة البرهان لمصروفي هذا الصدد، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، إن الزيارة تميزت بمحورين أساسيين: أولهما تعزيز العلاقات الثنائية، والتي شهدت تطورا ملحوظا في مختلف الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد ركز الجانبان على دفع هذه العلاقات نحو آفاق أوسع، مع التشديد على أهمية استمرار نموها وتكاملها بما يخدم مصالح الشعبين.
وأضاف صلاح حليمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن أما المحور الثاني، فتمثل في الملف الإنساني وجهود إعادة الإعمار، حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز الدعم الإنساني للسودان، خاصة في ظل الظروف الحالية، إلى جانب التركيز على مشروعات إعادة البناء، لاسيما ما يتعلق بالبنية التحتية الأساسية التي تمثل عصب التعافي والتنمية في البلاد.
والجدير بالذكر، أن المباحثات الثنائية بين الزعيمين السيسي والبرهان شهدت توافق الرؤي حول الأوضاع الإقليمية الراهنة، لاسيما بحوض نهر النيل والقرن الأفريقي، حيث تطابقت رؤى البلدين في ظل الارتباط الوثيق بين الأمن القومي لكل من مصر والسودان، فضلا عن مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري، والثقافي، والعلمي، والتعاون في مجالات الصحة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، وغيرها من المجالات، بما يحقق هدف التكامل المنشود بين البلدين، والاستغلال الأمثل للإمكانات الضخمة للبلدين وشعبيهما.
وفي توقيت بالغ الحساسية، جاءت زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إلى جمهورية مصر العربية، لتعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتؤكد أهمية التشاور المشترك في مواجهة التحديات المتسارعة التي تمر بها الساحة السودانية ومنطقة البحر الأحمر.