فوز كتاب «معجم المصطلحات الصيدلانية التراثية» من تحقيق الباحثة مروة الشريف بجائزة أفضل كتاب فى مجال تحقيق التراث التى تمنحها دار الكتب والوثائق بالتعاون مع هيئة الكتاب، وذلك ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى انتهت دورته الخامسة والخمسون منذ أيام قليلة، عودة للحديث بفخر واعتزاز عن التراث الطبى للعرب، وفرصة لإلقاء الضوء على جيش رائع ومختلف من الباحثين يعملون فى صمت وتبتل لاستخراج كنوز ومعارف حضارتنا العربية العلمية، وكيف وصلت إلى أعلى درجات التقدم فى علوم الطب والصيدلة والتشريح.
ويعتبر كتاب «معجم المصطلحات الصيدلانية التراثية» كما جاء فى مقدمته مرجعاً موثقاً للباحثين فى مجال التداوى بالأعشاب والنباتات الطبية. جمع فيه معظم النباتات المعروفة محلياً والمتداولة عربياً وعالمياً، دون الإخلال بمظهرها التراثى، وفقاً لطبيعة العمل البحثى فى المخطوطات.
وقد رتبت المادة العلمية ترتيباً هجائياً، وذكرت المصطلحات مع ما يقابلها بالإنجليزية واسمها العلمى وفصيلتها، مع ذكر لتعريف المصطلح يشمل نشأته ومسمياته العلمية الأخرى وصورتها من حيث الطول والقصر.
وقد جمعت المحققة مروة محمد الشريف- مدير النشر بدار الكتب والوثائق القومية- مادة الكتاب من بطون الكتب، للوصول إلى تعريف شامل، مدرجة به حواشٍ تفيد كل نبات بالمصادر والمراجع ليستزيد الباحث بالرجوع إليها متى أراد، وقد صدر الكتاب ضمن سلسلة تراثنا العلمى بمركز تحقيق التراث دار الكتب والوثائق القومية.
هذا ليس الكتاب الأول للباحثة مروة الشريف فقد حققت عدداً من الكتب التراثية من بينها: شفاء الأسقام ودواء الآلام لحاجى باشا خضر الأيدينى الجزء الثانى القسم الثانى، والجزء الثانى القسم الثالث.
أيضاً يعد الدكتور خالد حربى أستاذ الفلسفة والعقيدة والمتخصص فى تحقيق التراث المخطوط من أعلام كتيبة محققى التراث الطبى للعرب فى عصرنا الحديث، حيث قام بمجهود خرافى لسنوات طويلة لكى يخرج لنا من أمهات الكتب عدة دراسات منشورة منها على سبيل المثال: إبداع طب الأسنان فى الحضارة الإسلامية، العلماء فى الحضارة الإسلامية، إنجازات علمية أفادت العالم أجمع، أسس طب الباطنة الحديث فى الحضارة الإسلامية، ولع غربى بالعلم العربى، أسس التقنية والتكنولوجيا الحديثة فى الحضارة الإسلامية.
يعتبر كتاب «التجارب» للعالم المسلم أبوبكر محمد بن زكريا الرازى الطبيب والفيلسوف الكيميائى الذى ترجمت كتبه إلى اللغات الأوروبية، فأحدثت نقلة نوعية ومنهجية ومعرفية غير مسبوقة فى هذه المجالات، بخاصة فى الجانب التطبيقى، من الكتب الهامة التى قام بتحقيقها ودراستها الدكتور خالد حربى الأستاذ فى كلية الآداب فى جامعة الإسكندرية، من المعالم الرئيسية التى تبرز دورها التأسيسى فى ميدان الطب الاكلينكى (السريري).
ويؤكد الدكتور حربى أن «من أهم ما يتميز به الرازى عن غيره من الأطباء المعروفين الذين حدثنا عنهم ابن أصيبعة، وغيره من مؤرخى الطب العربى، هو تدوينه للحالة المرضية، التى تسمى فى الطب الحديث: الحالة السريرية (clinical case) وهى السيرة المرضية لشخص معين، والشكوى، ونتائج الفحص، وتطور الأعراض نحو الأحسن، أو نحو الأسوأ بسبب ظروف معينة تحيط بذلك الشخص، فإذا أصيب شخص ما بمرض من الأمراض، وأصيب شخص آخر بالمرض نفسه، وظهرت عليه الأعراض ذاتها، فعندئذ يقرر الرازى بأن لدينا حالتين سريريتن، وليست حالة سريرية واحدة، وذلك لأن لكل مريض منهما ظروفه الصحية والجسمية والنفسية الخاصة به، والتى تؤدى إلى شدة المرض أو نقصه، أو الشفاء منه أو الهلاك به».
ويشير المحقق إلى أن الرازى لم يترك صغيرة ولا كبيرة تتعلق بالمريض إلا وسجلها فى سجل خاص ليعرف اذا كان لها تأثير فى حدوث المرض أم لا، فكانت صفحة المريض عنده عبارة عن دراسة تحليلية متضمنة: تاريخ إصابة المريض، وتطور حالته، ووصف مزاجه، والاستفسار منه عن اسمه وجنسه ومهنته وعمره وبيئته وأحوال معيشته، وعما اذا كان أصابته أمراض سابقة أووجود أمراض وراثية فى أهله أوفى بيئته.
ويقول الدكتور حربى إن التراث اليونانى العلمى والفلسفى الذى نقل إلى العربية بهر أطباء القرنين الثانى والثالث للهجرة لدرجة أنهم شعروا تحت وطأة هذا التراث بنوع من التبعية الفكرية تجلت فى مؤلفاتهم فى ما بعد، وفى ما يختص بالطب كانت أقوال كل من أبقراط وغالينوس–لا سيما نظرية الأخلاط– لا يساورها أى شك. وتبارى علماء ذلك العصر فى تفسير أسباب الأمراض وأعراضها على أساسها، جاعلين هذا المذهب ضرباً من الاطمئنان الفكرى عازفين عن التحقق والتجربة. أما الرازى فقد تحرر فكرياً من تأثير هذه المذاهب والنظريات، فلم يرض بالتسليم بما تتضمنه، إلا بعد إقرار التجربة بذلك، فقد كان اهتمامه الأول منصباً على التجربة العلمية، باعتبارها أضمن الطرق وصولاً إلى الحقيقة العلمية. وأدرك الرازى– كما يقول المحقق–أن التجربة علم ذو أصول وفروع، وكان ينصح تلامذته بإحكام الأصول وقراءة الفروع «فإن من غير هذين لا يصح له شىء ولا يهتدى لأمر من الأمور فى الصناعة» وكان الرازى يصف الأطباء الذين يقتصرون على النظر فى الكتب بالجهل، بل يحذر منهم لأنهم «ينظرون فى الكتب فيستعملون منها العلاجات ولا يعلمون أن الأشياء الموجودة فيها ليست هى أشياء تستعمل بأعيانها، بل هى مثالات جعلت ليحتذى بها وتعلم الصناعة منها» كما يقول الرازى نفسه.
يذكر أن الدكتور خالد حربى حقق من قبل كتابين للرازى هما: «برء ساعة» وموسوعة «جراب المجربات وخزانة الأطباء».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كتاب معجم المصطلحات الصيدلانية التراثية مجال تحقيق معرض القاهرة الدولي للكتاب
إقرأ أيضاً:
غارة إسرائيلية تستهدف محيط البحوث العلمية في دمشق (شاهد)
أفادت وسائل إعلام سورية، الأربعاء، بشن الاحتلال الإسرائيلي غارة على مبنى البحوث العلمية في حي مساكن برزة في العاصمة السورية دمشق، وسط أنباء عن سماع دوي انفجار عنيف في محيط المنطقة.
وقالت وكالة الأنباء السورية "سانا" في بيان مقتضب، إن "غارة لطيران الاحتلال الإسرائيلي استهدفت محيط مبنى البحوث العلمية بحي مساكن برزة في دمشق".
غارة لطيران الاحتلال الإسرائيلي استهدفت محيط مبنى البحوث العلمية في حي مساكن برزة بالعاصمة السورية دمشق. pic.twitter.com/tPiLK0PYNA — الشؤون العالمية (@mjrdzayr337191) April 2, 2025 #دمشـــق
غارة إسرائيلية الآن على مركز البحوث العلمية بحي مساكن برزة بالعاصمة دمشق.
ومازال الطيران الحربي الإسرائيلي بالأجواء. pic.twitter.com/gKGVRwxXOM — احمد الكفري (@AhmdAlkfry89) April 2, 2025
وأشارت القناة "14" الإسرائيلية، إلى أن طائرات جيش الاحتلال "شنت هجمات في دمشق" دون التطرق إلى مزيد من التفاصيل.
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع انفجار ضخم هز منطقة البحوث العلمية في حي مساكن برزة بدمشق، موضحا أنه "يرجح أن الانفجار ناجم عن قصف جوي إسرائيلي".
وتداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي لقطات مصورة منسوبة إلى موقع الحادثة تظهر تصاعد الدخان من إحدى مناطق العاصمة دمشق.
كما أشارت منصات محلية إلى استهداف الاحتلال الإسرائيلي مطار حماة العسكري، وسط البلاد.
يأتي ذلك على وقع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ غارات جوية وعمليات توغل برية في الأراضي السورية، موسعا احتلاله للجولان منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وذلك بالرغم من مطالبات الحكومة في دمشق بانسحاب جيش الاحتلال.
واستغلت دولة الاحتلال التطورات الأخيرة في المنطقة، واحتلت المنطقة السورية العازلة في محافظة القنيطرة، معلنة انهيار اتفاقية "فض الاشتباك" لعام 1974، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عربية.
كما احتل جيش الاحتلال الإسرائيلي قمة جبل الشيخ السوري الاستراتيجية، مصعدا اعتداءاته على الأراضي السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد.
ومنذ عام 1967، تحتل "إسرائيل" 1150 كيلومترا مربعا من إجمالي مساحة هضبة الجولان السورية البالغة مساحتها 1800 كيلومتر مربع، وأعلنت ضمها إليها في عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.