بائع فاكهة بسيط يقف فى أحد شوارع القاهرة يسعى على رزقه، لا يشغل باله سواه، فجأة تمر أمامه بعض الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية وهي في طريقها من مصر للأشقاء فى غزة، بدون أى ترتيب أو تفكير يقف عم ربيع ليلقي ببعض رزقه من الفاكهة التى يبيعها على سطح تلك الشاحنات مرددًا "سلم على الحبايب"، ليست مجرد لقطة أو تريند عابر ولكنها رسالة هامة للجميع: مازالت فلسطين فى قلب أبناء مصر وما زال الناس هنا يتألمون لما يحدث لأشقائهم هناك فى غزة.
عم ربيع هو الشعب المصرى الذى لم ولن ينسي أبدًا ما جرى عبر عقود من جرائم واحتلال وظلم مارسه هذا الكيان المغتصب ضد كل عربي فى منطقتنا مهما مرت السنوات، سيظل المصرى البسيط يحمل فى جيناته هذا الإحساس الذى لا يتغير ولا يموت: نحن لا نُطبِّع ولا ننسي، حتى ولو فرضت علينا أحكام السياسة ذلك، فما بالقلب سيظل بالقلب.
بعد ما يزيد على 13٠ يوما من بداية الحرب فى غزة ورغم قسوة المشاهد التى تصلنا من هناك عن أحوال الناس ومعاناتهم اليومية من أجل البقاء على قيد الحياة، ما زال الناس فى مصر متمسكين بالأمل يتابعون الأخبار صباحًا ومساء عبر الشاشات وعلى مواقع التواصل من أجل أن يعرفوا ماذا تخبئه الأيام القادمة لهذا الشعب الذي تم تهجير أغلبه إلى مناطق جنوب غزة خاصة في منطقة رفح المتاخمة للحدود المصرية من جهة الشرق؟ وكيف سيكون الحال في قادم الأيام مع الجهود السياسية المبذولة لنزع فتيل تلك الأزمة؟
عم ربيع ليس رجل سياسة، ولا محللا استراتيجيا، ولكنه مصري يحمل بين جيناته قلبا وضميرا يتألم مما يحدث، عم ربيع هو النبض الذى لن يتوقف أبدا في عروق أهل مصر ليمنحنا كثيرًا من الثقة في صلابة هذا الشعب وعدم اعتياده لمشاهد الدمار التي طالت هناك في أرض فلسطين العربية.. دام أمثالك يا عم ربيع ودامت الدماء تجرى في عروق المخلصين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: عم ربیع
إقرأ أيضاً:
هل هناك علاقة بين العمل الصحفي والعلوم الاجتماعية؟
يرتبط عمل الصحفي ارتباطا وثيقا بالعلوم الاجتماعية عامة وبالسوسيولوجيا خاصة لا سيما أن هناك تداخل في الأسئلة والإشكالات والمواضيع المتناولة من جهة وتشابه المقاربات والآليات والأدوات الميدانية المعتمدة من جهة أخرى.
فيما يمت إلى الإشكالات فهي غالبا تتعلق بالديناميات المجتمعية في علاقتها بحقول بعينها كحقل السياسة والثقافة والاقتصاد والرياضة والفن والحرب والنزاعات … وهذه الحقول مجتمعة يتم التعاطي معها من خلال منهجية وأدوات تعتمد في السوسيولوجيا من قبيل المقابلة والاستمارة والملاحظة بالمشاركة والانغماس وتحليل المضمون وجمع المعطيات الإحصائية وتحليل التقارير الدولية…
من هذه الزاوية هل يمكن للتداخل والترابط والتشابه في المواضيع والمنهجية أن يفضي إلى توازي في مستوى اللغة وطبقات الخطاب ونمط التحليل ويأثر في مآلات الكتابة والسرد الصحفي؟
للإجابة على هذا التساؤل من الضروري التمييز بين مستويين من الكتابة، الأولى أكاديمية والثانية صحفية. فالأولى التي تتماشى مع السوسيولوجيا تقتفي المصادر والمراجع والإحالات في أفق التوصيف والفهم والتفسير والتأويل بالاعتماد على منهج ومنهجية وإطار نظري لضبط المسافة الموضوعية مع أسئلة البحث.
أما الثانية فهي كتابة تروم تقديم وجهة نظر أواستكشاف آراء أو تقديم أومشاركة خبر من زاوية متفردة وذاتية بالارتكاز على منهجية تستمد أدواتها وتقنياتها من تموقع مجتمعي يفصح الصحفي على تلاوينه وأسلوبه وانسلاخه عن المألوف الخطابي من خلال اختياراته اللغوية والمعجمية والتركيبية.
انطلاقا من هذا التمييز يصبح لزاما على الصحفي موازنة الوظيفة الاختزالية للصحافة مع فاعلية وجدوى المنهجية السوسيولوجية للترافع عن القضايا والإقناع والتأثير في محيطه ومجتمعه، ذلك لأن نجاعة الأدوات والآليات الموظفة في انتاج المادة الصحفية يمكن أن تفضي إلى تبديد الغموض الذي قد يحدثه عدم الالتزام بالمسافة الموضوعية اللازمة في فعل الكتابة.