الجزيرة:
2025-03-04@07:21:29 GMT

وصية لموت معلن في الضفة الغربية

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

وصية لموت معلن في الضفة الغربية

لم يكن في الثمانين أو السبعين، ولا حتى في الستين أو الخمسين من العمر، بل مقبلا على الحياة أيما إقبال لكنه آثر أن يكتب وصيته، ومثله يفعل كثير من شباب الضفة الغربية المحتلة في السنوات الأخيرة، خاصة بعد اندلاع الحرب على غزة، كما كتبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تحقيق بقلم جدعون ليفي بعنوان "الشباب بات يكتب وصيته في الضفة الغربية".

ويرصد التحقيق الأيام الأخيرة للشاب عبد الرحمن عابد، الذي قتل نهاية يناير/كانون الثاني الماضي على يد جنود الاحتلال.

لم يترك عبد الرحمن تفصيلا -تقول هآرتس- إلا وتناوله في وصيته التي كتبها بخط يده الرفيع، واستودعها صديقا له "ادفنوني سريعا، ولا تتركوني في ثلاجة الموتى"، و"اختاروا لي أفضلَ صوري لنعيي في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تنسوا آية من القرآن"، و"لا تبكوني"، و"ابقوا قليلا عند قبري بعد دفني.. لكن لا تحزنوا واحتفظوا لأنفسكم بأفضل ذكرياتي".

لا يتمالك إياد حداد -وهو أحد محققي منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان- نفسه من البكاء، وهو يترجم لصحفي هآرتس نص الوصية.

رأى كثيرا من القتل الذي تعرض له الفلسطينيون في سنوات عمله الـ24 مع المنظمة -تقول هآرتس- لكن نياط قلبه تتقطع لوصية ولد لم يبلغ 18 بعد.

أما الأب عبد الرحيم، فيقف واجما بعينين حزينتين جفتا من الدمع.

عيد لم يكتمل

كان عبد الرحمن على أعتاب عيد ميلاده الـ18، حين أنهت رصاصة إسرائيلية حياته منتصف يوم 29 من يناير/كانون الثاني الماضي، ومعه حلم دراسة الطب، الذي كان يسهر له الليالي الطوال.

خرج في ذلك اليوم إلى ما ظن أنه يوم آخر، وتبين أنه يومه الأخير.

قتل برصاصة واحدة من جندي أو شرطي إسرائيلي في بلدة سلواد وهو في طريق عودته من المدرسة.

أتعبت البلدة -التي ينحدر منها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج- الجيش الإسرائيلي، بروحها المقاومة، تضيف هآرتس.

150 مترا

7 من أبناء البلدة قتلوا في السنوات الخمس الماضية مثلما قتل عبد الرحمن.

لم يكن عبد الرحمن ليعود إلى البيت إلا بعد أن سمع من وسائل التواصل الاجتماعي أن الجيش أخذ يغادرها بعد اجتياحها صباحا.

لكن عربتيْ جيب إسرائيليتين كانتا في الشارع الذي انتهى إليه في تلك اللحظة، حسب إياد حداد محقق "بتسيلم"، وكان بين وُرش بضع فيلات عدد من الأطفال يتحينون فرصة رشق العربتين بالحجارة.

رصاصة واحدة انطلقت من اتجاه سيارتيْ الجيب أصابت عبد الرحمن في الصدر، ثم غادرت العربتان بـ"أبطالهما" مسرعتين -تضيف هآرتس- وليس قبل أن تعصف بحياة ولد فلسطيني وحياة عائلة بأكملها.

الشرطة الإسرائيلية ردت على استفسار هآرتس عن ملابسات الحادث ببيان مألوف "خلال إحدى عملياتها، اشتبهت قوات الأمن في إلقاء زجاجة حارقة على أفرادها بما يهدد حياتهم، وقد أطلقت رصاصة على المشتبه به، وجرى تحييد الخطر".

رغم أن عبد الرحمن كان على بعد 150 مترا من عربتي الجيب، وما كان ليستطيع أن يصيبهما لو أراد، وعلى افتراض ضلوعه في الحادث أصلا.

شاهد عيان كان في شرفة بيت قريب، ورفض كشف هويته قال للصحيفة الإسرائيلية إن الهدوء التام خيّم على المكان لحظة الحادث بعدما ملأ السماء الغازُ الإسرائيلي المدمع.  وحدها الرصاصة القاتلة القادمة من جهة عربتي الجيب مزقت الصمت، حسب تعبيره.

سائق سيارة إسعاف فلسطيني كان ينتظر في مكان قريب (كعادة فرق الإسعاف عند كل اجتياح) رأى عبد الرحمن يخر أرضا، وأدركه حيا لكن لوقت قصير فقط، تقول هآرتس.

"نم قليلا!"

كان عبد الرحمن (وهو الابن البكر لعبد الرحيم وإنعام عيد) مديد القامة ووسيما.

كان شغوفا بكرة كرة القدم، لكنه فضل أن يولي دراسته كل اهتمامه في الأشهر الأخيرة من حياته، على أمل الظفر بعلامات مرتفعة في اختبار التوجيهي والظفر بمنحة جامعية.

يتذكر الأب أنه يوم مقتله همّ بإيقاظه في السادسة صباحا، لكنه آثر أن يتركه ينام قليلا، بعد أن قضى ساعات طويلة من الليل عاكفا على كتبه.

اعتقد الأبوان عندما تلقيا أول اتصال بعد الحادثة أن الأمر يتعلق بابنهما الآخر سليمان (15 عاما) الذي يعمل في ورشة بناء في سلواد، فقد كانا مطمئنين إلى أن عبد الرحمن في المدرسة.

لكن أحد إخوة الأب اتصل به، وطلب منه أن يهرع إلى المستشفى الحكومي في رام الله فـ"قد جُرح عبيدة (اسم تحبيب عبد الرحمن)".

سارع الأب إلى مهاتفة ابنه "المصاب" ورد عليه الإسعافي، وطمأنه على حاله، لكنه في الاتصال الثاني وصف الإصابة بالحرجة.

عندما أدرك الأب المستشفى، كان الابن قد فارق الحياة.

على أحد جدران غرفة جلوس بيت العائلة الصغير عُلقت صور عبد الرحمن، وفي جدار آخر صور خال وعم له قتلهما جيش الاحتلال أيضا.

كان الخال في مثل سنه تماما، حين أردته رصاصة إسرائيلية قتيلا في 1998، لكنه لم يفكر أن يكتب وصيته قبل موته.

لم يتفشّ الموت حينها تفشيه هذه الأيام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: عبد الرحمن

إقرأ أيضاً:

قلق أوروبي من تداعيات العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية

أعرب الاتحاد الأوروبي، السبت، عن "قلقه البالغ" إزاء تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية، ضد المسلحين الفلسطينيين في شمالي الضفة الغربية.

ووفقاً لبيان الاتحاد الأوروبي، فإن الهجوم الذي استمر 40 يوماً، والذي تركز بشكل أساسي في الأحياء الواقعة بمخيمات اللاجئين، أسفر عن سقوط العديد من القتلى، ونزوح نحو 40 ألف فلسطيني من منازلهم، وتدمير البنية التحتية المدنية الحيوية.

The European Union has expressed "grave concern" over Israeli military action in the occupied West Bank, which has destroyed "vital civilian infrastructure"

More here ⤵️https://t.co/KLuCD8YbhD

— Middle East Eye (@MiddleEastEye) March 1, 2025

ودعا الاتحاد الأوروبي، إسرائيل، إلى الامتثال للقانون الدولي من خلال ضمان حماية المدنيين أثناء العمليات العسكرية، وتمكين النازحين من العودة الآمنة إلى منازلهم. كما شدد البيان على ضرورة أن تتخذ إسرائيل إجراءات حازمة، ضد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه، إزاء تزايد عدد الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي تقيد حرية التنقل هناك وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية. وجاء في بيان الجهاز الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي: "مع اقترابنا من شهر رمضان المبارك، ندعو جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس لضمان احتفالات سلمية".

يذكر أن إسرائيل احتلت الضفة الغربية والقدس الشرقية، إلى جانب أراض أخرى، خلال حرب عام 1967. ويقيم اليوم نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي في تلك المناطق بين 3 ملايين فلسطيني، بينما يطالب الفلسطينيون بهذه الأراضي لإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تعرب عن قلقها من ممارسات الاحتلال في الضفة الغربية
  • الأمم المتحدة تحذر من عواقب التحول الأميركي وضم إسرائيل للضفة الغربية
  • إيران: ما يحدث في الضفة الغربية خطير جداً لا يقل عما حدث في غزة
  • الضفة الغربية بين مطرقة العدو الصهيوني وسندان الصمت الدولي
  • إسرائيل: مقتل 25 مسلحاً واعتقال المئات في الضفة الغربية
  • هل يقيم الأردن منطقة عازلة لمنع تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية؟
  • الاحتلال يقتحم أحياء فى نابلس ومخيماتها شمال الضفة الغربية
  • جنود الاحتلال يقتلون طفلا في الخليل جنوب الضفة الغربية
  • قلق أوروبي من تداعيات العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية
  • قوات العدو تواصل عدوانها على طولكرم وجنين شمال الضفة الغربية