الجارديان: مصر الغارقة في الديون تبيع فنادقها التاريخية
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
مع ارتفاع معدلات التضخم في مصر وغرق البلاد بالديون، تبيع الحكومة بعض "أصول الدولة" لمستثمرين مصريين وعرب، شمل ذلك مؤخرا عددا من الفنادق التاريخية، وفق تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وتعاني مصر واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2% مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء.
وتضاعفت ديون مصر الخارجية أكثر من ثلاث مرات في العقد الأخير لتصل إلى 164.7 مليار دولار، وفقا للأرقام الرسمية، بينها أكثر من 42 مليار دولار مستحقة هذا العام.
ومؤخرا، باعت الحكومة المصرية فندق مينا هاوس التاريخي، لقطب العقارات المصري الشهير، هشام طلعت مصطفى، واثنين من التكتلات الإماراتية القوية.
و"البيع المخيب للآمال لأصول الدولة" مثل فندق مينا هاوس وستة فنادق تاريخية أخرى، بتمويل من الإمارات، مؤشر جديد على " تعثر الاقتصاد المصري، ومعاناة البلاد من أزمة ديون عميقة"، وفق حديث المحلل الاقتصادي، تيموثي قلدس لـ"الجارديان".
إمبراطور العقارات
وهشام طلعت مصطفى هو أكبر مطور عقاري في مصر، وشهدت إمبراطوريته التجارية ولادة جديدة منذ إطلاق سراحه من السجن عام 2017، عندما عفا عنه الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، لأسباب صحية بعد إدانته بالقتل.
وفي عام 2010، أدين قطب العقارات، طلعت مصطفى، وضابط الأمن السابق، محسن السكري، بقتل المطربة اللبنانية، سوزان تميم، عام 2008 في دبي.
وكشفت المحاكمة أن السكري عمل بأمر من عشيق تميم التي كانت تبلغ من العمر 30 عاما، طلعت مصطفى، لقاء مليوني دولار، وفق "فرانس برس".
وحكم على هشام طلعت، بالسجن 15 عاما قبل أن يستفيد في 2017 من العفو الرئاسي لأسباب صحية.
اقرأ أيضاً
ناشطون: أزمة الدولار وراء بيع رأس الحكمة المصرية لشركات إماراتية تدعم إسرائيل
وتشمل محفظة طلعت مصطفى العقارية عقارات في العاصمة المصرية الجديدة، والتي تعد "جوهرة التاج لمشاريع السيسي العملاقة"، بالإضافة إلى ذراعه للضيافة (Icon)، التي تمتلك العديد من الفنادق الفاخرة في القاهرة.
واستحوذت مجموعة طلعت مصطفى، الآن على سبعة فنادق تراثية في جميع أنحاء مصر، بما في ذلك مينا هاوس.
ويشمل ذلك معالم تاريخية أخرى، ومنها فنادق "سوفيتيل وينتر بالاس في الأقصر، والشلال القديم في أسوان، وشتيجنبرجر سيسيل على ساحل الإسكندرية".
واحتفل رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بالبيع بقيمة 800 مليون دولار لمصطفى، الذي أشاد بعملية الاستحواذ لجلبها العملة الأجنبية.
وأضاف أن عملية البيع تم تمويلها من قبل "مستثمر استراتيجي دولي معروف".
وبعد أسابيع، تم الكشف عن المشترين الغامضين وهم شركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ)، وهي صندوق ثروة سيادي مقره في العاصمة الإماراتية إلى جانب شركتها التابعة شركة أبوظبي الوطنية للمعارض (مجموعة أدنيك)، المالكة لمركز إكسل في لندن، وفق "الجارديان".
جهود "يائسة" لجمع الأموال
وتشير "الجارديان إلى أنه لا يوجد محاذير على بيع أي قطعة أرض تاريخية أو حديثة في إطار الجهود اليائسة التي تبذلها الحكومة المصرية لجمع الأموال" .
اقرأ أيضاً
الإمارات تستحوذ على حصة بـ7 فنادق تاريخية في مصر.. ما قصتها؟
واستحوذ مستثمرون إماراتيون على عقارات وشركات مصرية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك بيع مبنى حكومي في ميدان التحرير بالقاهرة بقيمة 200 مليون دولار.
وبحسب ما ورد يجري تحالف إماراتي محادثات من أجل صفقة بقيمة 22 مليار دولار للاستحواذ على أرض "رأس الحكمة" بالساحل الشمالي لمصر، وهي صفقة ذكرت وكالة "بلومبرج"، أنها تشمل مجموعة طلعت مصطفى أيضا.
وذكرت تقارير في وسائل إعلام مصرية أن رجال أعمال إماراتيين يشاركون في مشروع بمليارات الدولارات لتطوير الأراضي في شبه جزيرة رأس الحكمة على بعد 200 كيلومتر غربي الإسكندرية.
وتجري أبوظبي محادثات متقدمة لشراء وتطوير أراض "رأس الحكمة" على ساحل البحر الأبيض المتوسط في مصر، وهي صفقة يتوقع أن تصل إلى مليارات الدولارات، ويمكن أن تعزز اقتصاد البلاد المتأزم وتخفف أزمة النقد الأجنبي، وفقا لوكالة بلومبرج.
ويعد بيع مساحات شاسعة من الأراضي والفنادق التاريخية جزءا من جهود القاهرة للتعامل مع جبل الديون المتزايد.
واتسم حكم السيسي بدور اقتصادي كبير للمقربين من نظامه، ولا سيما مصطفى، بينما يعاني مواطنوه وسط إجراءات التقشف القاسية وارتفاع التضخم.
وتعد مصر الآن ثاني أكبر مدينة لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، وتجري حاليا محادثات لزيادة برنامج قروضها.
ومع عدد سكان يبلغ 106 ملايين نسمة، فإن "مصر هي البلد العربي الأكبر ديموغرافيا والثالث في أفريقيا بعد نيجيريا وإثيوبيا".
وتشير تقديرات إلى أن نحو 60% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر أو يقتربون منه، وفق "رويترز".
ومصر في حاجة ماسة إلى النقد الأجنبي لسداد ديون أجنبية ثقيلة مستحقة هذا العام، ويضغط صندوق النقد الدولي على القاهرة لتبيع أصول مملوكة للدولة وتفسح المجال للقطاع الخاص وتسمح بتحريك سعر صرف الجنيه بصورة مرنة.
وفي يناير/كانون الثاني، زار فريق من الصندوق مصر للتفاوض على إحياء اتفاق قرض بقيمة ثلاثة مليارات وعلى احتمال توسيعه، كان قد تعثر بعد وقت قصير من توقيعه في ديسمبر 2022.
وتسببت تقارير عن مشروع رأس الحكمة وعن مشروع ثان على مقربة منه في ارتفاع سعر سهم شركة إعمار مصر للتنمية ومجموعة طلعت مصطفى.
وقال قلداس، المحلل في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط: "من الواضح أن هذا بلد يبيع الأصول العامة تحت الإكراه"، مؤكدا أن "المالية المصرية في وضع غير مستدام على الإطلاق".
قيمة "أكبر من المال"
ولفندق مينا هاوس "إطلالة شاملة على الأهرامات"، وتم بناءه ليكون نزلا ملكيا للصيد قبل أن يتم تحويله إلى فندق في عام 1887.
اقرأ أيضاً
مصر تبيع حصصا في 7 فنادق حكومية تاريخية
ويمتلئ الفندق التاريخي بأجنحة فاخرة بما في ذلك الغرفة التي أقام فيها، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ونستون تشرشل، خلال مؤتمر القاهرة عام 1943، ونسخة طبق الأصل عن غرفة نوم المغنية المصرية الشهيرة، أم كلثوم.
واستضاف الفندق التاريخي، محادثات سلام بين الرئيس المصري الأسبق، محمد أنور السادات، وممثلين عن إسرائيل في إحدى قاعاته.
وأكد لويس مونريال، المدير العام لصندوق الآغا خان للثقافة ومقره جنيف، والذي زار منذ فترة طويلة مينا هاوس، أنه يأمل أن يفهم الملاك الجدد أن الفنادق التاريخية في مصر لها قيمة تتجاوز القيمة المالية.
وقال: "إنهم جزء من تاريخ مصر، والسياحة التي ساهمت في اندماج مصر في العالم الأوسع".
ورفض متحدث باسم مجموعة طلعت مصطفى التعليق لـ"الجارديان"، على مبيعات الفنادق، ولم يستجب المتحدثون باسم ADQ وAdnec لطلبات التعليق حول الصفقة، أو أهمية صناديق الثروة الإماراتية التي تختار الآن التعامل مع قطب العقارات المصري.
كما رفضت سلاسل فنادق سوفيتيل وستيجنبرجر التعليق.
وأكد متحدث باسم سلسلة فنادق ماريوت التي تدير مينا هاوس أن كل شيء يسير كالمعتاد، وقال: "الصفقة لا تؤثر على الأعمال اليومية أو موظفينا".
نتائج عكسية
ومن جانبه، أشار قلدس إلى أن "بيع الفنادق سيؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية في جهود الدولة لجمع الأموال، حيث أن العملات الأجنبية التي تحتاجها الفنادق بشدة والتي تجلبها الفنادق سوف تتدفق الآن إلى أماكن أخرى".
وقال: "هذا لن يؤدي إلى استقرار الاقتصاد، بل إنه يؤدي فقط إلى تأجيل الأمور، مصر مدينة بمبلغ 30 مليار دولار العام المقبل".
وتكافح مصر مع تراجع قدرتها على سداد مستحقات المستثمرين الأجانب جراء ضغوط تشهدها جميع مصادرها الرئيسية للعملة الأجنبية وهي صادرات الغاز الطبيعي وإيرادات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج وحاليا إيرادات قناة السويس، وفق "رويترز".
وتراجعت صادرات الغاز الطبيعي ملياري دولار على أساس سنوي في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لبيانات البنك المركزي وذلك نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي وانخفاض الأسعار العالمية.
وبلغت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي في السنة المالية 2022-2023 زهاء 7.20 مليار دولار.
وتباطأت، بسبب الحرب في غزة، السياحة التي حققت رقما قياسيا بلغ 13.63 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023.
وحاليا، يتردد مصريون بالخارج في إرسال مدخراتهم المالية إلى بلادهم عندما يكون سعر العملة منخفضا بفارق كبير عن قيمتها في السوق السوداء وذلك مع استشراء التضخم.
اقرأ أيضاً
مصر تقترب من إتمام بيع فنادق تاريخية نهاية 2023
وهوت تحويلات العاملين بالخارج بما قيمته 9.85 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو، ثم انخفضت 1.93 مليار دولار أخرى في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لأرقام البنك المركزي.
ودفع نقص العملة الصعبة في البلاد بنك "جي بي مورجان" إلى استبعاد مصر من بعض مؤشراته.
كما خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لمصر من "مستقرة" إلى "سلبية"، مشيرة إلى مخاوف بشأن التمويل الخارجي والفارق بين سعر الصرف الرسمي وفي السوق الموازي.
المصدر | متابعاتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: محكمة العدل إسرائيل غزة مجموعة طلعت مصطفى ملیار دولار رأس الحکمة اقرأ أیضا فی مصر
إقرأ أيضاً:
الخطيب: 46.1 مليار دولار حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال 2024
قال وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، حسن الخطيب، إن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر سجلت نحو 46.1 مليار دولار في العام الماضي 2024، بارتفاع واضح مقارنة بـ 10 مليارات دولار في عام 2023.
وعزا الخطيب هذا الارتفاع الكبير في الاستثمار الأجنبي المباشر خلال 2024 إلى صفقة رأس الحكمة التي بلغت قيمتها 35 مليار دولار.
وأشار وزير الاستثمار إلى أنه تم إعداد وثيقة استراتيجيات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بالتعاون مع البنك الدولي، وتتضمن أهم الركائز الأساسية للاستراتيجية، منها، بيئة عمل مواتية ومشجعة للاستثمار، والاستقرار الاقتصادي الكلي، وإطار قانوني وتنظيمي داعم للاستثمار، وتعظيم الفوائد من الاستثمار الأجنبي من خلال نقل التكنولوجيا وتحديد فجوات الموردين وتصميم حلول لمعالجتها، بالإضافة إلى الترويج الفعال للاستثمار من خلال التمثيل التجاري وهيئة الاستثمار.
وأضاف الوزير في حوار مع قناة CNBC العالمية، إن التوجه الجديد للحكومة المصرية والتنسيق التام والتكامل بالمجموعة الاقتصادية والعمل بروح المسؤولية المشتركة، والبناء على ما تم إنجازه من إعادة تهيئة البنية التحتية خلال العقد الأخير، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي للدولة هو خلق مناخ استثماري جاذب يحفز القطاع الخاص على قيادة العملية التنموية.
وأشار إلى أهمية استقرار ووضوح السياسات النقدية والمالية والتجارية للدولة، ومنح القطاع الخاص الدور المحوري في دفع عجلة الاقتصاد، بالإضافة إلى وضوح دور الدولة في الاقتصاد ليصبح الرقيب والمنظم والحكم لضمان بيئة استثمارية جاذبة، فضلا عن وضوح حقوق والتزامات المستثمر تجاه الدولة خلال فترة الاستثمار، وكذا تخفيف الأعباء على كاهل المستثمر مع توحيد جهة التعامل وتوحيد جهة التحصيل، ودعم التحول الرقمي وإنشاء منصة واحدة للتراخيص.
تستهدف البلاد حالياً جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تقارب الـ 100 مليار دولار خلال الفترة من 2024-2030، وفقاً لوثيقة أصدرها مجلس الوزراء.
اقرأ أيضاًوفد «الأعلى للاقتصاد العربي الإفريقي» يبحث التعاون مع صندوق ديمتري الفرنسي
«الإصلاحات الاقتصادية ودورها في مواجهة الشائعات» ندوة لمجمع إعلام قنا
رئيس الوزراء يستقبل نظيره القطري على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي