أثير – مكتب أثير في دمشق

في كلّ يوم يستشهد صحفي على الأقل منذ بداية حرب إسرائيل على غزة، حسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
“أن تنجو من الموت كلّ ليلة أمر مرهق”
هذا ما كتبته الصحفية دعاء جبور على صفحتها الشّخصيّة، لكنّها لم تعد مرهقة بعد استهداف الإسرائيليين لها، فدعاء استشهدت والإرهاق الذي عانت منه طوال أيام الحرب توقف، لأن روحها فاضت إلى بارئها.


كم على غزّة أن تعدّ من ليالي الرّعب والموت؟
كم عليها أن تعدّ من أيام الفقد والغياب والوجع؟
هذا آخر ما كتبته علا عطا الله الصحفية على صفحتها الشخصية.
وكانت الليلة الأخيرة من ليالي الرعب والموت، علا ارتقت بغارة جوية مع تسعة من أفراد أسرتها.
“بينتقموا منّا في الولاد؟ معليش”

جملة قالها وائل الدحدوح مراسل قناة الجزيرة وهو يجثو على ركبتيه وهو يودع أفراد عائلته الذين استشهدوا بقصف إسرائيلي على منزلهم وما زال يتردد صداها حتى الآن
“كانت هذه الليلة أصعب ليلة في الحرب”
هذه الجملة كتبها عبد الله علوان مقدم البرامج في إذاعة القرآن الكريم قبل استشهاده.

لم يتوقف الأمر على بضع ليال يا عبد الله، العشرات من الليالي تلت استشهادك وكان كل يوم أشد من سابقيه، وتبعك في رحلة الاستشهاد الكثير الكثير من رفاق الصحافة وما زالت الحرب دائرة والاستهداف قائم للشجر والحجر والبشر.

إنها الحرب التي تبتلع الأخضر قبل اليابس، والصحفي في الحروب حامل لواء نقل الحدث والواقع، ومن يخشى أن تُعرف الحقيقة جعل أولى مهامه، هو قتل حامل هذا اللواء.

لذلك بدأت الحرب على غزة منذ أول أيام طوفان الأقصى بملخص عما سيحصل في غزّة، قتل للصحفيّين “ناقلو الحقيقة” مع عائلاتهم بأكملها، اختطاف.. تعذيب.. تكميم للأفواه.. وما يزال النزيف والاستهداف مستمرّاً.

لم تكتف إسرائيل بتصيّد الصحفيين أينما وجدوا، بل ضربت بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية التي تحمي الصحفيين, لحد استهداف أماكن وجودهم في أماكن عملهم وتجمعهم، فقصفت مقر بيت الصحافة ومقر إذاعة الأقصى وأحالته إلى ركام، بل مقبرة لكل من كان بداخله. وتكثر الشواهد على الإجرام المتعمد بحق الصحفيين وتتغير الأسماء وأماكن الموت المتنقل بحق الصحفيين في كل مكان
ويبقى كلّ ما ذُكر هو غيض من فيض الإجرام الإسرائيلي المتوحش.

إذاً.. يَسقط الميكروفون، يصمت الإعلامي الذي خاض حرب الكلمة، وسلاحه الفكر والقلم والكاميرا..
لكن المشوار لم ينته، بل بدأ للتو..

صَمَت الإعلامي، وولِدت الفِكرةُ كبيرةً بحجم الشهادة..
الفكرةُ قد لا يكون لها صوت، لكنها تَكبرُ بسرعةِ الخبر..
استُشهد الإعلاميّ وهوَ ينقل الواقع، سيصل هذا الواقع في خبر الشهادة نفسه، بأسرع مما كنت ستنقله أيّها المسافر إلى رحلتك الأخيرة.

سيكون الخبر الأخير من كيانك، وأنت مشيّعٌ إلى مثواك الأخير كبرقٍ في ليلة شتاء يوزع وهج الفكرة على كلّ الناس التي ما زالت تُبصر بعقلها وقلبها.

حُرمة الصحافة متعارف عليها في كل أرجاء العالم (طبعاً القتلة لا يفهمون معناها) فالصحافيون يرتدون سترة الصّحافة حتى لا يصبحوا هدفاً لإطلاق النّار في الحروب، فهم مسؤولون عن حرمة الحقيقة وعدم تدنيسها بالخداع والكذب،
فالإعلامُ هو المرآة الصافية لعكس الحقيقة كما هي، لهذا يلجأ كلّ مجرم إلى تدميرها دائماً لتتكسّر إلى قطعٍ كثيرة، كلّها عاكسة للضّوء في وجه المعتدي،
وقد يتطاير منها الكثير لينغرس في عينيه ويفقده وعيه.
وتصبح انهيار حُرمة استهداف الصحافة خبراً، لكنّه الخبر الذي ينقل موت الإعلامي وحياة الفكرة.
صحيح أن الإعلامي صَمَت، لكنه الصمت الصّاخب الذي يقضّ مضجع المعتدي
يسقط الميكرفون من يد الإعلامي فيتناوله زميله، فالفكرة صارت أقوى، والدم المسال لن يصبح ماء.
الكلمة القادمة ستثأر لأختها الماثلة في القنوات الصحفية من فم الراحل الشهيد.
في ميزان الحروب، الإعلام ضحّية الغاصب والمعتدي..
إنه الميزان الإسرائيلي المختل، كما العدل في هذا العالم..
يستشهد كاتب الحرف وقائل الكلمة، وتعيش كلمة الحق بعد قائلها.

وإسرائيل مستمرة في تحطيم الرقم القياسي في قتل الصحفيين ووصلت لرقم لم يسجل في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام والحرب الكورية، فهي تستحق وبكل جدارة واستحقاق “جائزة نوبل في القتل”.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

قاض أمريكي يمنع ترامب من إقالة موظفي "صوت أمريكا"

 

نيويورك- رويترز

أمر قاض اتحادي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف محاولاتها مؤقتا لإغلاق إذاعة صوت أمريكا، مما يمنع الحكومة من فصل 1300 من الصحفيين والموظفين في الوكالة الإخبارية الأمريكية الذين وضعوا فجأة في إجازة في وقت سابق من هذا الشهر.

وقال قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية ج. بول أوتكين في رأي أصدره أمس الجمعة بأنه لا يحق لإدارة ترامب إنهاء عمل إذاعة صوت أمريكا والبرامج الإذاعية ذات الصلة التي وافق عليها ومولها الكونجرس. وكتب القاضي أن إلغاء تمويل هذه البرامج يتطلب موافقة الكونجرس.

ولم يلزم أوتكين إذاعة صوت أمريكا باستئناف البث، لكن قراره أوضح أنه ينبغي عدم فصل الموظفين حتى تحدد إجراءات قضائية أخرى ما إذا كان الإغلاق "تعسفيا ومتسرعا" وينتهك القانون الاتحادي.

وقال آندرو سيلي محامي المدعين "هذا انتصار حاسم لحرية الصحافة والتعديل الأول للدستور وتوبيخ لاذع لإدارة أظهرت تجاهلا تاما للمبادئ التي تمثل ديمقراطيتنا".

ولم ترد الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي، التي تشرف على إذاعة صوت أمريكا وإذاعة أوروبا الحرة وغيرها من وسائل الإعلام الممولة حكوميا، بعد على طلب للتعليق أمس الجمعة.

وأظهرت وثائق قدمها المدعون للمحكمة أن الوكالة أبلغت النقابات بأنها على وشك تسريح 623 موظفا في إذاعة صوت أمريكا، وهو رقم "يمنع تماما" أي محاولة لاستئناف البث بالمستوى الذي تصوره الكونجرس.

وتأسست إذاعة صوت أمريكا لمكافحة الدعاية النازية في ذروة الحرب العالمية الثانية ونمت لتصبح هيئة إعلامية دولية تبث برامجها بأكثر من 40 لغة وتنشر الأخبار الأمريكية في الدول التي تفتقر إلى حرية الصحافة.

مقالات مشابهة

  • بيباس مخاطبًا ترامب: “أرجوك أنهِ الحرب وأعد الأسرى”
  • البرهان: السبيل الى وقف الحرب هو أن تضع المليشيا المتمردة السلاح أو “على الباغي ستدور الدوائر”
  • كاميرات المراقبة تكشف الجرائم الغامضة في ثوانٍ.. كيف ساهمت التكنولوجيا في حل القضايا؟
  • فلسطين: إسرائيل تواصل القتل لتحسين شروط التفاوض
  • في تسجيل بثته كتائب القسام ..أسير صهيوني يطالب بالضغط على الكيان لتحريره من غزة
  • قاض أمريكي يمنع ترامب من إقالة موظفي "صوت أمريكا"
  • توقف الحرب… من الذي كان وراءه
  • شلقم: علي عبد الله صالح “عريف” حكم اليمن في انقلاب عسكري ومات مقتولاً كسابقيه من الرؤساء
  • السيد القائد: لن يؤثر الأمريكي على عملياتنا العسكرية في البحر أو القصف الصاروخي لعمق الكيان
  • عقوبات أمريكية جديدة على “حزب الله”