صدمة بريطانية من الرد الصيني ازاء التوسط لوقف الهجمات اليمنية
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
اليوم نفس الرد الذي سمعته بريطانيا هذا الأسبوع أيضاً من الصين بعد أن حاولت الأولى تكرار نفس التجربة الأمريكية، الأمر الذي يكشف بوضوح فشلاً ذريعاً وغير مألوف للولايات المتحدة وبريطانيا في تحشيد المواقف الدولية، وهو فشل يعتبره قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، جزءاً مهماً من فشل أوسع يأتي نتيجة تحول استراتيجي كبير صنعه اليمن من خلال تحركه العسكري في الجبهة البحرية.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية هذا الأسبوع إن الوزير ديفيد كاميرون التقى مع وزير الخارجية الصيني على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، وإن كاميرون طلب من "استخدام نفوذها" لوقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر، في إشارة إلى طلب وساطة صينية لإقناع صنعاء بوقف تلك العمليات.
لكن رد وزير الخارجية الصيني كان أنه "يجب معالجة السبب الجذري للمشكلة في البحر الأحمر، وهو القتال المستمر في غزة" وهو تأكيد واضح من بكين على أن محاولة الولايات المتحدة وبريطانيا لفصل الجبهة البحرية اليمنية عن المعركة في غزة غير ناجحة على الإطلاق، كما يؤكد هذا الرد إدراك الصين -وعدد كبير من دول العالم التي لها نفس الموقف- لحقيقة أن التهديد في البحر الأحمر لا يمس في الواقع إلا بالسفن المرتبطة بالعدو الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا، وبالتالي فإن المساعي الأمريكية والبريطانية بعيدة أصلاً عن موضوع أمن الملاحة البحرية والتجارة العالمية.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد تقلت نفس الرد من الصين عندما حاولت في يناير الماضي طلب الوساطة للهدف نفسه، وقد أكدت صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية وقتها أن الصين لم تبد أي بادرة للمساعدة، بل وخرج المتحدث باسم وزارة خارجيتها بتصريحات أكد فيها أن الوضع في البحر الأحمر امتداد للوضع في غزة، وأنه يجب احترام سيادة اليمن، وهو ما يعني أن بكين لم ترفض فقط التوسط، بل أكدت رفضها أيضا للعدوان الأمريكي البريطاني على اليمن.
ومثل لجوء الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى الصين برغم "الخصومة" المعروفة معها، دليلاً واضحاً على انعدام الخيارات أمام الأمريكيين والبريطانيين في مواجهة الموقف اليمني المؤثر والفاعل في البحر الأحمر، وهو بالتالي دليل على عدم جدوى الاعتداء العسكري على اليمن، والذي أقر الرئيس الأمريكي ووزير الدفاع البريطاني بأنه لم ينجح في ردع صنعاء.
هذا أيضاً ما أكده قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لهذا الأمر في خطاب ألقاه مطلع الشهر الجاري حيث قال إن "من بوادر الفشل سعي أمريكا إلى الاستعانة بالصين من أجل أن تسعى للوساطة والإقناع بوقف عملياتنا المساندة للشعب الفلسطيني".
وقد فسر القائد موقف الصين بأنها "تدرك أن مصلحتها ليست في السير تبعاً للأمريكي، وتعرف ما يفعله الأمريكي في تايوان" وهو ما يعني فشل الولايات المتحدة الأمريكية في ترويج روايتها فيما يتعلق بالوضع في البحر الأحمر، والتي تزعم أن التحرك ضد اليمن يأتي حرصاً على مصالح العالم وضمان تدفق التجارة الدولية، فالموقف الصيني -وهو نموذج لموقف دولي وإقليمي واسع- يؤكد بوضوح أن دول العالم تدرك أن مساندة الأمريكيين والبريطانيين ليست في مصلحتها. وقد جاء فشل بريطانيا في إقناع الصين بالتوسط بعد فشل غير معلن في إقناع سلطنة عمان التي زارها وزير الخارجية البريطاني قبل أسابيع،
وقال إن ملف الوضع في البحر الأحمر سيكون على رأس قائمة المواضيع التي سيناقشها. ويأتي هذا الفشل الأمريكي والبريطاني في ظل استمرار المواقف الدولية والإقليمية الرافضة لعسكرة البحر الأحمر والاعتداء على اليمن،
وقد شهدت جلسة مجلس الأمن الأخيرة بشأن اليمن ما وصفته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية بـ"صدام" بين الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، حيث أكدت الأخيرتان على أن وقف العدوان على غزة هو الحل لمشكلة البحر الأحمر، وهو أيضا ما صرح العديد من مسؤولي دول المنطقة بما في ذلك السعودية ومصر المطلتين على البحر الأحمر.
وقد أكد مندوب الصين في جلسة مجلس الأمن الأخيرة أن "الأعمال العسكرية المستمرة ضد اليمن تثير القلق، وتؤدي إلى تفاقم المخاطر الأمنية في مياه البحر الأحمر".
وقالت روسيا في جلسة مجلس الأمن الأخيرة إن: "السبب الجذري للوضع الحالي هو العملية العسكرية الإسرائيلية الوحشية في قطاع غزة، والتي أثارت سلسلة من ردود الفعل في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بما في ذلك أعمال حركة أنصار الله"، مضيفا أنه "سيكون للوقف الفوري لإطلاق النار في القطاع تأثير على استقرار الوضع في البحر الأحمر".
وقد اعتبر قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير يوم الخميس أن هذا الوضع يمثل "فشلا أمريكيا في استراتيجية توريط الآخرين" وأن هذا الفشل "سيكون جزءا مهما من فشله في اتجاهات متعددة" باعتبار أن ما يحدث هو معطى غير مألوف في معادلة النفوذ التي اعتاد الأمريكيون والبريطانيون أن تكون دائما ناجحة لجهة حشد المواقف الدولية لمصلحتهم،
حيث أشار القائد إلى أن "أمريكا تعتمد استراتيجية توريط الآخرين وابتزازهم لتخف عليها كلفة وتبعات مواقفها العدوانية السيئة".
وقد أشاد قائد الثورة في خطابه الأخير "بكل الدول في العالم التي لها صوت واضح يشهد بأن عمليات البحر الأحمر مرتبطة بالوضع في غزة".
ويشير لجوء بريطانيا إلى الوساطة الصينية هذا الشهر، بالرغم من فشل الولايات المتحدة في المسعى نفسه الشهر الماضي، إلى عدم قدرة الدولتين على تجاوز نقطة الصفر في مواجهة الموقف اليمني، برغم استمرار عدوانهما على اليمن والذي تزعمان بأنه يساهم في الحد من القدرات العسكرية اليمنية، إذ بات واضحا من خلال مساعي اللجوء إلى الوساطات ومن خلال استمرار العمليات البحرية، ومن خلال اعترافات الضباط الأمريكيون المتواجدون في البحر الأحمر، أن الولايات المتحدة وبريطانيا عاجزتان تماما حتى عن إحداث أي تأثير على الموقف اليمني سواء على المستوى العملياتي أو على مستوى القرار
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: الولایات المتحدة وبریطانیا الوضع فی البحر الأحمر قائد الثورة على الیمن من خلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
الزواج تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة في اليمن
انتشرت ظاهرة زواج رجال يمنيين من يمنيات يحملن الجنسية الأميركية لدخول الولايات المتحدة خلال فترة الحرب. ظاهرة انطلقت من محافظة إب في تسعينات القرن الماضي، ثم توسّعت إلى مديريات أخرى
من دون أن تُستشار أو يجري إعلامها بخبر تزويجها، تلقت كوثر (26 سنة)، وهي يمنية تحمل الجنسية الأميركية، من والدها خبر عقد زواجها على قريب لها يُقيم في اليمن، وذلك مقابل مبلغ 70 ألف دولار. ودفع الزوج مبلغ 20 ألف دولار في البداية، ثم باقي المبلغ حين دخل الولايات المتحدة وحصل على عمل بعد عام ونصف العام من الزواج.
ولأن الرجل تعامل مع الزواج باعتباره طريقاً للعبور إلى الولايات المتحدة والحصول على جنسيتها، لم تكن علاقته جيدة بزوجته، كما واجها مشاكل بسبب الاختلاف في الثقافات والعادات بين البيئتين المختلفتين اللتين تربيا فيهما. وظلت العلاقة تفتقد الانسجام والمودة، وبعدما حصل الزوج على الجنسية الأميركية انفصل عن زوجته التي أنجبت ولدين، وفشل الزواج.
اضطرت سحر (31 سنة) التي تحمل الجنسية الأميركية إلى رفع دعوى قضائية ضد والدها الذي حاول إرغامها على الزواج من أحد أبناء منطقتها بمديرية الشعر مقابل مبلغ 90 ألف دولار. ونجحت في منع الزواج. تقول لـ"العربي الجديد": "يجب أن ترفض المرأة معاملتها معاملة سلعة وتزويجها من شخص لا تعرفه، ولا تشعر معه بتوافق وحب، فقط لمجرد أن ولي أمرها طلب مبلغاً كبيراً من المال مهرا لها. ومع تزايد قصص المآسي الناتجة من هذا النوع من الزواج بدأت النساء في رفع أصواتهن لرفض هذا النوع من الزواج".
وتلخص الواقعتان حال مئات أو آلاف من اليمنيات اللواتي يحملن الجنسية الأميركية وجرى تزويجهن من رجال تعاملوا مع الزواج باعتباره فرصة لتحقيق الثراء والانتقال إلى بيئة يرون أنها أفضل من تلك التي يعيشون فيها، والحصول على الجنسية الأميركية التي تعد حلماً لغالبية اليمنيين.
وقد انتشرت بشكل كبير ظاهرة العنوسة لدى يمنيات يحملن الجنسية الأميركية، كما ظهرت حالات رفض فتيات كثيرات الزواج بما هو وسيلة لإدخال أزواجهن إلى الولايات المتحدة. لكن ذلك لم يلغِ أيضاً واقع تحوّل الزواج بيمنيات أميركيات إلى تجارة رائجة لدى كثير من الآباء الذين بالغوا بطلب مهور وصلت إلى 100 ألف دولار لإدخال الأزواج إلى الولايات المتحدة.
ويقدر عدد اليمنيين في الولايات المتحدة بنحو 300 ألف يتوزعون على العديد من الولايات. وتوجد جاليات يمنية كبيرة في بروكلين، وبوفالو، ونيويورك، ولاكاوانا، وديربورن، وميشيغين، وفيرجينيا، وشيكاغو، وأوكلاند، وكاليفورنيا، وفريسنو. ويسافر غالبية اليمنيين إلى الولايات المتحدة عبر تأشيرة زواج (فيزا كاي) المخصصة لغير الأميركيين الذين يرغبون في الزواج من مواطنات يحملن الجنسية الأميركية. ويشترط القانون الأميركي أن يحصل الزواج خلال 90 يوماً لمنح تأشيرة تسمح بأن يحصل حاملها على تصريح عمل داخل الولايات المتحدة.
يقول الصحافي أشرف الريفي لـ"العربي الجديد": "تزداد في اليمن ظاهرة الزواج من أجل الحصول على الجنسية، وتتركز بشكل رئيسي في مديرية الشعر وبعدها مديرية بعدان في محافظة إب ومناطق يمنية أخرى. وهي كانت بدأت في نهاية التسعينات في شكل خفيف قبل أن تنتشر، والآثار السلبية على المستوى الاجتماعي كبيرة جداً، ومن الإشكاليات الحالية امتناع فتيات يمنيات أميركيات عن الزواج من أشخاص يقيمون في اليمن، لأن الزواج يكون من أجل الحصول على فرصة لدخول الولايات المتحدة فقط من دون وجود توافق في العادات والتقاليد والثقافة. وفشلت حالات زواج كثيرة حصلت بهذه الطريقة، وظهرت آثار سلبية للطلاق على الأطفال والنساء أنفسهن".
ويشير إلى أن "الزواج بيمنيات أميركيات تحوّل إلى تجارة، إذ يتجاوز المهر 80 ألف دولار إلى جانب باقي تكاليف حفلة الزواج. ويطلب بعض الشبان أن يدفعوا مبلغ المهر بالتقسيط في حال كانوا من الأقارب، ويدفعون جزءاً من المبلغ ثم يدخلون الولايات المتحدة للعمل، وبعدها يستغرق تسديد المهر فترة طويلة باعتبار أن غالبية الأشخاص الذين يدخلون الولايات المتحدة هم عمال غير مؤهلين، ولا يملكون مهارات ولا يجيدون اللغة الإنكليزية، فيعملون في مطاعم أو سوبر ماركات أو في شركات للنظافة. ويندر أن يدخل شخص ويكمل تعليمه".
ويؤكد الريفي أن كثيرا من الفتيات يرفضن هذا النوع من الزواج، لذا زادت العنوسة في صفوفهن خلال السنوات الخمس أو العشر الأخيرة، في وقت يعتقد الشبان بأنهم يدفعون مبالغ مهر كبيرة للحصول على هذه الفرصة.
ويقول المحامي خليل قاسم لـ"العربي الجديد": "يعتبر الزواج من أجل دخول الولايات المتحدة باطلاً قانونياً، ومن حق الفتاة إلغاء العقد ورفض الزواج، والقانون اليمني يقف في صفها، إذ يحدد أن غاية الزواج هي إنشاء أسرة قوامها حسن العشرة، لكن العادات والتقاليد تجعل معظم الفتيات يخضعن لرغبة آبائهن في إنجاز زواج غايته التجارة، ما يجعلهم يتعاملون مع البنات كأنهن سلعة".