كيف يمكن لأمريكا أن تغيث غزة؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
ترجمة: بدر بن خميس الظّفري -
لدى إسرائيل الحق في محاسبة أولئك الذين نفّذوا الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر. ولكن استراتيجية الحرب التي اختارتها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلفت تأثيرًا هائلًا وغير مقبول على المدنيين الفلسطينيين. وأدّت حملة القصف الجوي الإسرائيلية إلى مقتل ما يقدر بنحو 28 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة، أكثر من 70 بالمائة منهم من النساء والأطفال.
على مدار أشهر، قدمت إدارة (بايدن) طلبات عاجلة ومتكررة إلى حكومة نتانياهو لزيادة تسهيل المساعدات الإنسانية التي تعبر معبري رفح وكرم أبو سالم بشكل كبير. وقد تجاهلت إسرائيل هذه النداءات ولم تستمع لأحد. بالإضافة إلى ذلك، تدرس حكومة نتانياهو شنّ حملة عسكرية في رفح، حيث يعيش أكثر من مليون نازح فلسطيني، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الأزمة الإنسانية أسوأ.
ونظرًا لعدم وجود استجابة حقيقية لنداءات إدارة بايدن من قبل حكومة نتانياهو، فإن مسؤولية القيادة تقع على عاتق الولايات المتحدة؛ لأننا أكبر ممول للمساعدات العسكرية لإسرائيل. إنها تقع على عاتقنا لأن الولايات المتحدة زودت إسرائيل بالعديد من القنابل وقذائف المدفعية التي استخدمتها تل أبيب في حملتها على غزة. فالأمر يقع على عاتقنا لأن الولايات المتحدة لديها قدرة هائلة على النقل البحري لتوصيل المساعدات وربما تكون الدولة الوحيدة التي ستسمح لها إسرائيل بتنسيق تقديم المساعدات المباشرة إلى غزة لمعالجة المعاناة الإنسانيّة..
علاوة على ذلك، فإن قيمنا تتطلب توفير الدعم الإنساني المنقذ للحياة في غزة، فنحن الأمريكيين، في صراع تلو الآخر في جميع أنحاء العالم، كنا نسلط الضوء على المآسي الإنسانية ونوجّه اللوم للحكومات المسؤولة، ونقف ضد حملات القصف التي تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين، ونقوم بتنسيق المساعدات لأولئك الذين يعانون. وبسبب شراكتنا الوثيقة مع إسرائيل، فمن الضروري أن نتحرك في غزة.
وحتى الآن، شددت الإدارة على استراتيجيتين في هذا الشأن: حث إسرائيل على زيادة المساعدات بشكل كبير، واتباع استراتيجية دبلوماسية لوضع اللمسات الأخيرة لاتفاق وقف القتال الذي من شأنه أن يوقف القصف ويوفر فرصة لضخ المساعدات. تقلل هذه الاستراتيجيات من الصراع مع حكومة نتانياهو وتتجنب التعقيد والمسؤولية في التنسيق لتقديم المساعدات المباشرة. لكن هذه الاستراتيجيات باءت بالفشل، ولا يمكن للفلسطينيين الانتظار أكثر من ذلك، وعلى بلادنا أن تتحرك الآن.
ينبغي أن يكون دور الولايات المتحدة في هذه العملية هو إيصال المساعدات الطبية مباشرة إلى المستشفيات عن طريق الجو وإمدادات الغذاء والماء والضروريات عن طريق البحر. ويجب أن تتولى المنظمات الإنسانية من هناك مهمة توزيع الإمدادات واستخدامها، لأنّ وجود قوات أو أفراد أمريكيين على الأرض داخل غزة في هذا الصراع العنيف سيكون بمثابة دعوة للمشاركة المباشرة في الصراع، وهذا خطأ يجب أن نتجنبه.
علينا أن نطلق على الفور «عملية إغاثة غزة» التي ستلبي أربعة احتياجات رئيسية:
أولًا، توفير الأدوية والمعدات الطبية التي تشتد الحاجة إليها. فالمستشفيات الـ11 المتبقية التي تعمل جزئيًا في غزة لا تستطيع توفير الرعاية التي يحتاجها آلاف الفلسطينيين الذين يعانون من إصابات تهدد حياتهم. ويخضع الأطفال لعمليات بتر الأطراف، بينما تجري الأمهات عمليات قيصرية دون تخدير. ينبغي للولايات المتحدة تعبئة ودعم الجسور الجوية لتزويد تلك المستشفيات بالإمدادات بما في ذلك الأدوية الأساسية، ابتداء من المضادات الحيوية إلى الأنسولين. ويجب علينا أيضًا أن نفكر في نشر سفينتين تابعتين للبحرية تحمل مستشفيين، سعة كل منهما 1000 سرير، في شرق البحر الأبيض المتوسط، وتنسيق المساعدة من سفن المستشفيات التي تديرها دول أخرى وسفن أخرى غير ربحية. ويجب على الولايات المتحدة أيضًا أن تعمل مع إسرائيل لتنسيق نقل الفلسطينيين المصابين بإصابات خطيرة إلى المستشفيات في المنطقة وإنشاء مناطق حظر إطلاق النار في المستشفيات الميدانية.
ثانيًا، لابد من وقف المجاعة الوشيكة من خلال إيصال المواد الغذائية فورًا إلى البر، فالجوع الشديد ينتشر على نطاق واسع بعد شهور من وصول المساعدات غير الكافية على الإطلاق. ويعيش تسعة من كل عشرة فلسطينيين على أقل من وجبة واحدة في اليوم. إن النجاح في إطعام العديد من الأشخاص سيتطلب أيضًا توصيل الوقود لإعادة تشغيل المخابز ومواقد الطهي.
ثالثا، معالجة النقص الحاد في المياه. فالمياه الملوثة تؤدي بالفعل إلى انتشار الأمراض على نطاق واسع؛ ومن الممكن أن تنتشر الكوليرا والأمراض الأخرى بسرعة، مع ما يترتب على ذلك من آثار مدمرة. إن اثنين من الخطوط الثلاثة التي كانت تزود غزة بالمياه النظيفة من إسرائيل في السابق قد تعطلا منذ أسابيع، لذا ينبغي الضغط على إسرائيل لإصلاحها وتفعيلها. ويجب على الولايات المتحدة أيضًا التأكد من أن محطات تحلية المياه على الساحل لديها الوقود الذي تحتاجه للعمل، ويجب أن تستخدم مواردها الممتدة من البحر إلى الشاطئ لتوصيل المياه ومعدات تنقية المياه.
رابعا، توفير المأوى الآمن. لقد وجهت حكومة نتانياهو الفلسطينيين مرارًا وتكرارًا إلى مواقع تعرضت لاحقًا لهجوم عسكري. إن العملية العسكرية التي هدد بها نتانياهو في رفح ستؤدي إلى نزوح إضافي هائل وغير مقبول. ويجب أن تؤدي عملية إغاثة غزة إلى تسهيل تقديم المساعدة لمنظمات الإغاثة لتوصيل وإقامة ملاجئ الطوارئ في المناطق التي يتم التنسيق بشأنها مع إسرائيل والأمم المتحدة للتأكد من أنها مناطق آمنة.
لتحسين الظروف الإنسانية في غزة، يجب على الولايات المتحدة أن تستمر في الضغط من أجل وقف إطلاق النار إلى جانب إطلاق سراح الرهائن، مع إعطاء الأولوية لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين، وتشجيع إسرائيل على تقديم المزيد من المساعدات.
ولكن نظرا للظروف الصعبة، فإن هذه الجهود وحدها ليست كافية. إن عملية إغاثة غزة ضرورية، فقيمنا تتطلب منّا بذل جهد أكبر، وليس لدينا مجال لتضييع الوقت.
أعضاء ديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي عن (ولاية أوريغون) و(إلينوي) و(ماساتشوستس) و(ماريلاند) و(فيروتا) على التوالي.
عن واشنطن بوست.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة حکومة نتانیاهو فی غزة
إقرأ أيضاً:
صحيفة بريطانية: التهديدُ الاستراتيجي اليمني لأمريكا وحلفائها خرج عن السيطرة
يمانيون../
قالت صحيفةُ “ديلي إكسبرس” البريطانية: إن التهديدَ الاستراتيجي الذي تشكِّلُه القواتُ المسلحةُ اليمنية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها قد خرج عن السيطرة، وإن اليمنَ أصبح يمتلكُ خِبرةً مُهِمَّةً في مواجهة القوات الأمريكية والغربية.
ونشرت الصحيفة البريطانية منتصفَ هذا الأسبوع تقريرًا أكّـدت فيه أن اليمن أصبح يشكّل “تهديدًا استراتيجيًّا” للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وأن هذا التهديد “خرج عن السيطرة”، حَيثُ استمرت الهجماتُ البحرية اليمنية برغم الجهود العسكرية الغربية لإيقافها.
وأكّـدت الصحيفة على ما نشره معهد دراسات الحرب الأمريكي قبل أَيَّـام بشأن المعلومات والبيانات المهمَّة التي أصبحت القوات المسلحة اليمنية تمتلكها حول “أُسلُـوب العمل الأمريكي” وقدرتها على “التكيف مع هذا الأُسلُـوب” والاستفادة منه للعمل ضد القوات الأمريكية.
ووصف تقريرُ الصحيفة البريطانية معركةَ البحر الأحمر بأنها “كارثةٌ” بالنسبة للولايات المتحدة؛ لأَنَّها تشغَلُ الجيشَ الأمريكي وتصرِفُ انتباهَه عن منطقة المحيطَينِ الهندي والهادئ، حَيثُ تتركز هناك تهديداتٌ أُخرى تواجهُها الولاياتُ المتحدة.