لجريدة عمان:
2024-11-26@03:15:37 GMT

السيد بدر بن حمد: التحدث مع الجميع لمصلحة الجميع

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

جاءت محاضرة معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية في مركز «أكسفورد» للدراسات الإسلامية بالمملكة المتحدة، يوم الجمعة السادس عشر من فبراير 2024، في وقتها تمامًا، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهي القضية التي تشغل العالم الآن، فيما يتعرّض أهل غزة للإبادة الجماعية ومحاولة التهجير الأبدي بهدف تصفية القضية نهائيًّا.

كانت المحاضرة شاملة، تناولت نقاطًا عديدة، واستمرت لمدة ساعة ونصف، بعنوان «التحدث مع الجميع من أجل مصلحة الجميع: الدبلوماسية في عالم متعدد الأقطاب»، وأركّز في مقالي هذا على ما جاء فيها عن القضية الفلسطينية، التي تناولها باستفاضة، وركّز على التطورات التاريخية والعقبات التي تعترض طريق التوصل إلى تسوية شاملة تُبنى على حلِّ الدولتين، مع «ضرورة الإسراع في إيجاد حلٍّ دائم يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بهدف إنقاذ الشعب الفلسطيني من معاناة العوز والإبادة والمأساة الإنسانية التي يواجهها يوميًّا»، ولتحقيق ذلك شدَّد الوزير على أهمية عقد مؤتمر دولي عاجل، يجمع الأطراف الدولية للتوصل إلى اتفاقيات تنفيذية تضمن تحقيق حلٍّ سريع وفعال.

كان السيد بدر صريحًا عندما تحدث - دون مواربة - عن حركة حماس كأحد المكونات الفلسطينية الأصيلة، حيث قال: «لا يمكن القضاء على حركة حماس. لذلك، إذا كان للسلام أن يتحقق يومًّا ما، فسوف ينبغي على صانعيه إيجاد طريقة للتحدث معهم والاستماع إليهم أيضًا» وهو كلامٌ يُحسب للدبلوماسية العُمانية؛ ففي الوقت الذي يباد فيه أهل غزة، هناك من يتحدث عن مستقبل القطاع ما بعد الحرب، وأبدى أكثر من طرف استعداده لتحمل مسؤولية القطاع. ربما كان محمد دحلان المستشار السابق لرئيس السلطة الفلسطينية أكثر وضوحًا، عندما قدّم - خلال حوار مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية - رؤية عامة حول خطط ما بعد الحرب في غزة، والتي يجرى مناقشتها «سرًّا»؛ فحسب قوله: إنّ الخطوط العريضة للخطة «تقوم بموجبها إسرائيل وحماس بتسليم السلطة إلى زعيم فلسطيني جديد ومستقل، يمكنه إعادة بناء غزة تحت حماية قوة حفظ سلام عربية»، (ولعله يشير إلى نفسه كزعيم جديد محتمل)، والغريب أن يتم مناقشة مستقبل القطاع بعيدًا عن أهله، وألا يكون لهم رأيٌ؛ فقد ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أنّ مسؤولين من ست دول عربية اجتمعوا في السعودية، الأسبوع الماضي؛ لمناقشة مستقبل غزة والحاجة إلى وقف إطلاق النار، وفقًا لمسؤولَيْن فلسطينييْن تحدثَا بشرط عدم الكشف عن هويتهما.

وإذا كان السيد بدر بن حمد يرى أنه لا يمكن القضاء على حركة حماس، فإنّ ذلك ما تراه أيضًا شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، التي استبعدت القضاء على الحركة، معتبرةً «أنه حتى لو نجح الجيش بهزيمتها، كنظام حاكم في قطاع غزة، فإنها ستبقى كمنظمة مسلحة»، وهذا الرأي لا يتفق مع الأهداف الإسرائيلية المعلنة من الحرب على غزة، وهي إسقاط حكم حماس في القطاع، والقضاء على قدراتها العسكرية، وإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، والتأكد من وجود «إدارة في غزة لا تشكّل تهديدًا لإسرائيل»، وحتى هذه اللحظة لم تحقق أيًّا من هذه الأهداف، رغم دخول الحرب شهرها الخامس، وإنما نجح الكيان فقط في إزهاق أرواح الأبرياء، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، ودمار هائل بالبنية الأساسية.

ومن النقاط التي أراها مهمة في محاضرة وزير الخارجية، تأكيده أنّ «إنشاء دولة فلسطينية هو ضرورة وجودية. وبدون دولة، فإنه يُحكم على الفلسطينيين التهديد الدائم بالعوز والإبادة والموت»، ورؤيته أنّ هذه الدولة «ستسمح لنا برؤية أنفسنا إلى جانب دولة إسرائيلية، كأشخاص ذوي هويات اجتماعية وثقافية معقدة، بدلا من الهويات المحددة في الغالب على أساس الانتماءات الدينية. وبعبارة أخرى، يمكننا العودة إلى الطريق المفعم بالأمل للنهضة العربية، ويمكن أن تكون القدس أحد أوطانها». وكذلك أعجبني عدم اكتفائه باقتراح إقامة مؤتمر دولي عاجل، مهمته الاتفاق على الترتيبات اللازمة لإقامة دولة فلسطينية ووضع الآليات لتنفيذها، وإنما تشديده أيضًا أنّ حضور حماس لهذا المؤتمر سيكون من أسباب نجاحه، بل ليس حماس فقط، وإنما على المؤتمر أن يشمل حضور كافة مكونات المجتمع الفلسطيني، وأن يكون انعقاده «بحضور قادة مجموعة من البلدان التي تمثل الأغلبية العالمية بصورة صحيحة».

أما حديث الوزير عن أهمية إلغاء حق النقض (الفيتو) من مجلس الأمن، فهو - من وجهة نظري - أهم اقتراح في هذه المحاضرة، ذلك أنّ التصويت في الوقت الحالي - وكما أوضح معاليه - «يكون وفقًا للحسابات السياسية من خمسة أطراف، لديهم سلطة منع القرار حتى لو كان بالإجماع»، وهو محقٌّ فيما ذهب إليه عن أهمية إصلاح المؤسسات الدولية القائمة على إدارة العلاقات الدولية، بحيث تكون تلك المؤسسات مناسبة لأحداث اليوم، بدلًا من التركيز على إيجاد حلول لمشاكل الأمس. بل إنَّ اقتراحه بدء هذه العملية «الآن، من خلال اتخاذ إجراء جماعي عاجل لإقامة دولة فلسطينية، واتخاذ خطوات عملية لضمان تحقيق حقِّ الشعب الفلسطيني في تقرير المصير» هو عين الصواب.

لا غبار على الموقف العماني المشرِّف، سواء من القضية الفلسطينية أم من الوضع في اليمن؛ فهو موقف ثابت نابع من السياسة العمانية الثابتة، التي أبعدت البلد عن المهاترات السياسية الصبيانية، وجعلت عُمان على علاقة جيدة مع كلّ الأطراف في المنطقة، ممّا أهّلها أن تكون وسيطًا مقبولًا من الجميع.

وقد اعتدنا أنَّ ما تؤمن به عُمان تعلنه جهرًا، وهذا ما جسّده معالي وزير الخارجية في هذه المحاضرة؛ ففي الوقت الذي يتسابق فيه بعض العرب على اعتبار حركة حماس حركة إرهابية، كان معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي يعلن أمام الملأ - خلال لقائه عددا من الصحفيين الأوروبيين - أنّ حماس هي «حركة مقاومة» وليست منظمة إرهابية. وفي التصريح دعا الوزير إلى حل الدولتين - فلسطين وإسرائيل - لإنهاء الوضع الذي بدأ قبل خمسة وسبعين عامًا وليس في السابع من أكتوبر، وشدد على أننا «لا نؤمن ولا نؤيِّد الحل العسكري»، مؤكدًا أهمية أن تتوقف الحرب الآن؛ لأنّ الوضع كارثي، ولأنّ «الوضع المعقد» يمكن أن يصبح «أكثر تعقيدًا».

ولا يمكن أن نغفل بيان وزارة الخارجية العمانية في وقت سابق، الذي اعتبر أنّ «استمرار التصعيد الخطير، وسياسة العقاب الجماعي والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي في حربها الغاشمة على قطاع غزة، تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». كما أننا لا يمكن أن نغفل تأكيد سلطنة عُمان على إيمانها بأنّ الحوثيين في اليمن مُكوَّنٌ أساسيٌّ من مكونات الشعب اليمني، فلا يمكن أن يكون هناك أيّ حل دونهم.

لقد خاطب معالي الوزير الحضورَ باللغة التي يفهمونها، وكانت الرسالة العمانية واضحة لا لبس فيها، عن تأييد عُمان للأشقاء في فلسطين وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة، وأنه لا يمكن بأيِّ حال من الأحوال، اعتبار أصحاب الحق الذين يدافعون عن أنفسهم وحقهم في الوجود إرهابيين.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلّف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السید بدر بن حمد دولة فلسطینیة حرکة حماس لا یمکن یمکن أن

إقرأ أيضاً:

سيف على رقاب الجميع

إنه الرحيل. ومعه تتبخر الأشياء، ويرتد كل إنسان إلى المنتهى. لا يبقى هناك ما يسمى بالسلطة والنفوذ. وهنا يتذكر ما حل بالآخرين. أين ذهب "هتلر" نموذج الحاكم المنتشي بالسلطة؟ لقد تبخر كل شىء، ضاع مع الريح، لم يصمد.لم يكن أحد ليتصور أن تحل به هذه النهاية فى يوم من الأيام. رحل ولم يجرؤ أحد على الاقتراب منه. مع الرحيل تختلف الأوضاع. يصبح المرء بلا رفيق، ولا يوجد من بات بذكره أو حتى يورد اسمه أو يستدعى سيرته. الكل لا يريد أن يتذكر من بات شبحا، جسدا ميتا مليئا بالثقوب، جثة عفنة لا حول لها ولا قوة. بات صاحبها عبئا على الطريق والرفيق، لا أحد يذكره. حتى إذا جاءت سيرته لفظها الكثيرون، وآثروا الانقياد وراء مواضيع أخرى. لا أحد يريد أن يتذكر من كان يملأ الحياة صخبا وضجيجا إرهابا وعنفا.

انتهى كل شىء. لا حول ولا قوة إلا بالله. راحت الدنيا وحلت الآخرة التى لا يراها أحد ما دام على قيد الحياة. من يحيا لا يرى إلا الحياة والقوة والاستقواء والسطوة و الهيمنة والنفوذ والتجبر. هذه هى فنون الحياة والبقاء، فليس له علاقة بالآخرة. فهذا الشخص مأفون عنيد لئيم رهيب فج غليظ وحش كاسر طغى وتجبر، وغيب عن نفسه عمدا أن الحياة قصيرة ولا ضمان لها، وأنها تنتهى فى لحظة دون تنبيه خلافا لعقيدة صاحبنا الذى كان يرى أنها باقية له إلى الأبد، ولهذا ومع هذا الشعور ينسى أن هناك رحيلا حتميا فى يوم من الأيام. قد يكون اليوم أو غدا أو فيما بعد ولكنه آتٍ على أى حال.

عندما يُذكر الرحيل يشعر المرء بالحزن. إنها لوعة الرحيل وتعاسة الفراق. لا يريد المرء أن يبدو حزينا. ولكن هذه هى الحياة أو هكذا تكون، فهى تبدأ وتنتهى فجأة دون أن تخبرنا بوثيقة حول موعد الرحيل، فهو أمر صعب على كل منا رغم أنه حق علينا جميعا. ورغم ذلك دائما ما نربط بينه وبين عنصر المفاجأة. نعلم أن الرحيل قادم، ولكن ما أن يأتى حتى نشعر بغصة وكأنه كان مفاجئا لنا. إنه الرحيل الصعب على الجميع التعامل معه، لا سيما عندما يرحل من نحب ومن كان يمسح دموعنا ويرفق بنا ويأخذ بيدنا لكى نرى معه وبرفقته جادة الطريق.

إنه الفراق بيننا وبين الأحبة وبيننا وبين هذه الدنيا التى كنا نعيش فى كنفها ونستنشق نسائمها. ولكنها الحياة وهكذا تكون. نشعر بالحلم الجميل ولكن لا يلبث أن يتبدد ويتحول إلى كابوس قاتل أمام البعض ممن لا يملكون أمامه إلا الاستسلام، فهذا هو القدر الذى يباغت الجميع بما لم يتوقعوه.

ما أصعب رحيل الأحباب وذوى القربى. وهنا تكون اللوعة مرة ومعها تتبدد الآمال وتطمر الفرحة ويغيب الشعور بالسعادة والحياة. إنه القدر الذى يتعين على الجميع الاستسلام له حيث لا يملكون أمامه سبيلا للهروب. وهذه هى الحياة. نقطة بداية ومولد حلم حتى نصل إلى النهاية التي يحكمها ويتحكم فيها الرحيل. يرحل الأحباب ونأسى لرحيلهم، ولكن ورغم هذا الفراق والرحيل الذى سيحل بالجميع يتعين علينا أن نبحث عن حلم جديد.نعم.. يجب أن ننظر إلى الحياة بروح جديدة كلها أمل. يجب أن نتجاوز مرحلة الأحزان، وأن نتجاوب مع حياة جديدة، والزمن كفيل بأن يخفف عن الإنسان همومه وأوجاعه سواء أكان يعانى فراقا بسبب الحب أو يضاجعه الأسى لفقد عزيز لديه. وهنا ينبغي على الإنسان الإفاقة، وأن يحاول النسيان ويندمج مع الأصدقاء، وأن يؤمن بأن الحياة يجب أن تكمل مسيرتها وأن تأتى بالجديد.

مقالات مشابهة

  • غويدو يرفض التحدث عن فترة الانتقالات الشتوية .. فيديو
  • الولايات المتحدة: حددنا الأهداف التي يمكن لأوكرانيا ضربها بصواريخ أتاكمز
  • سيف على رقاب الجميع
  • حماة الوطن: رفع 716 شخصا من قوائم الإرهاب خطوة لاحتواء الجميع في دولة القانون
  • حماة الوطن: رفع 716 شخصًا من قوائم الإرهاب خطوة لاحتوء الجميع في دولة القانون
  • مسئول أمريكي يحذر الدول التي ستحاول اعتقال نتنياهو
  • نتنياهو: التسريبات الأخيرة تضمنت معلومات حساسة تعزز موقف حماس
  • بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
  • حركة حماس: مجازر الاحتلال في غزة استخفاف مهين بالإنسانية والأعراف والقوانين الدولية
  • مواليد 5 أبراج يجيدون التحدث أمام الجمهور بلباقة.. «المسرح بيحبهم»