مشروع سكة الحديد في عُمان.. متى يتحقق؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
عمير بن الماس العشيت **
alashity4849@gmail.com
تُمثِّل شبكة القطارات في دول العالم أجمع أحد أهم المشاريع الاستراتيجية، وذلك لما تحمله معها من آثار اقتصادية واجتماعية ولوجستية، وهي تمثل أحد أهم العناصر الأساسية في البنية التحية لأي دولة في العالم فغياب شبكة القطارات في أي دولة يعني التأخر في النمو الاقتصادي، لقد بدأت حملة إنشاء شبكة القطارات منذ فترة الحقبة الصناعية العالمية في القرن السادس عشر، ثم تسابقت معظم دول العالم على إنشاء شبكات الطرق الحديدية منها الدول المتقدمة والنامية والغنية والفقيرة، وبواسطة هذه الشبكات المهمة ترابطت دول العالم مع بعضها البعض، وانتعشت محاور التجارة العالمية، وتوحدت أقاليم الدول والمجتمعات والمدن، وكانت شبكة القطار السبب الرئيسي في توحيد الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي سابقًا ودول أخرى.
تُقدِّم شبكات النقل بالقطارات العديد من الامتيازات التي لا يمكن أن تمنحها وسائل النقل التقليدية، تتضمن أنها شريك فاعل في الاقتصاد الوطني؛ فهي ناقل ناشط في الخدمات اللوجستية، ومساهم مؤثر في القطاع السياحي. تكاليف النقل معقولة للقادر والمعسر، وصديقة للبيئة، الأكثر أمانًا في تواصل الشعوب والتلاحم الاجتماعي والمتعة، ونقل البضائع والمنتجات من موقع الى موقع آخر. ونتيجة لذلك فإن الدول التي تتمتع بشبكات سكة الحديد هي الأكثر نموًا وازدهارًا وتطورًا وتقدما بين الشعوب فيها تنشط الحركة التجارية والمصانع والأسواق والسياحة والنشاط الاجتماعي، وتخلق أجواء صاخبة مفعمة بالحياة في المدن والقرى، بل نكاد نجزم بأن أغلب دول العالم تمتلك هذه الشبكة السحرية في كل مدنها وقراها حتى الدول الخليجية المجاورة للسلطنة لديها شبكات سكة الحديد.. فلم لا تمتلك السلطنة شبكة سكة الحديد مع أن كل المعطيات الاقتصادية والجغرافية والديمغرافية محفزة لهذا المشروع ويعطي نتائج إيجابية غير متوقعة.
وتعد سلطنة عُمان ضمن الدول المهيأة لإنشاء مشروع شبكات السكك الحديد نظرا لتباعد مواقع المحافظات والولايات والمناطق الاقتصادية والصناعية والمناطق الحرة وهو يمثل مشروعا وطنيا استراتيجيا في غاية الأهمية يعزز عجلة التنمية والنشاط الاقتصادي في ظل التنافس الكبير بين دول العالم والتطور التكنولوجي، ذلك أنَّ السلطنة تمتلك العديد من المناطق الصناعية الهامة في كل المحافظات الإحدى عشرة والبعض منها تبعد عن الأخرى مئات الكيلومترات ولعدم وجود سكك حديد تربط هذه المناطق، فإنها تشكل لها عائقًا في عملية الاستيراد والتصدير والنشاط التجاري، ولن ترقى إلى الإنتاجية العالية المطلوبة والسريعة التي تتماشى مع التطور المتسارع والمنافسة الشديدة في دول المنطقة، فهناك مثلا منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة في محافظة الوسطى، تبعد عن العاصمة مسقط أكثر من 300 كيلومتر، وهناك أيضا المنطقة الحرة في ولاية المزيونة في محافظة ظفار، التي تبعد عن ولاية صلالة أكثر من 200 كيلومتر، والتي قل فيها عدد رجال الأعمال لذات السبب، وغيرها من المناطق التي تعاني من فقدان الغطاء اللوجستي المتمثل في القطارات بل إن بعض هذه المناطق لم تحقق أي مردود اقتصادي يذكر، وهي مازالت تعتمد في نقل منتجاتها عبر وسائل النقل التقليدية التي تسببت في تباطؤ حركتها الاقتصادية.
في الفترات الماضية تم طرح عدة اتفاقيات والإعلان عنها في السلطنة حول بناء أول سكة حديد من خلال شركة قطارات عُمان التي تأسست عام 2014، وفي عام 2014 تم طرح مناقصة مشروع سكة الحديد لمسار صحار- البريمي، وفي عام 2017 تم التوقيع على اتفاقية مشروع سكة الحديد التي تربط بين الدقم والشويمية، وفي عام 2023 قامت شركة عُمان والاتحاد للقطارات بتوقيع اتفاقية تعاون مع شركة الاستثمار السيادي في أبو ظبي لتطوير شبكة السكك الحديدية بين السلطنة والامارات.. وأيضا الموافقة على انضمام عُمان الى الاتفاقية العامة لربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمشروع سكة الحديد عام 2023، الا ان كل الاتفاقيات لم تنفذ من الناحية العملية لا محليًا ولا إقليميًا، وإنما نظريًا وبقيت ملفاتها تتداول في مكاتب الشركة الى يومنا هذا.. فيا ترى من المستفيد من تعطل وتعثر وتأخر هذا المشروع الاستراتيجي الكبير الذي عول عليه الخبراء الاقتصاديون بانه سيحقق للسلطنة قيمة اقتصادية عالية جدا؟
تؤكد الدراسات الاقتصادية على فرضية وجود سكة حديد في سلطنة عُمان، والتي ستفتح آفاقًا ومنافذَ اقتصادية وسياحية واستثمارات واسعة، وسيحقق أهم الأهداف في رؤية "عُمان 2040"؛ فالكل منتظر هذا المشروع الضخم بفارغ الصبر فهل سيتحقق على أرض الوطن في القريب العاجل؟
** كاتب وباحث
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بعد إفشالها قرار وقف إطلاق النار بغزة.. رفيعة غباش: كيف يسمح العالم لأمريكا بكل هذا الجبروت؟
انتقدت الكاتبة الإماراتية الدكتورة رفيعة عبيد غباش، استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض «الفيتو» لتقويض قرار بمجلس الأمن لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقالت رفيعة غباش، في تغريدة عبر حسابها على «إكس»: منذ يومين وأنا اتأمل هذا الخبر! وأتساءل كيف يسمح العالم لأمريكا بكل هذا الجبروت؟!».
وأضافت: «كيف يقبل أن تبقى المنظمات الدولية في هذه الدولة الظالمة!!و من يحكم ال USA؟».
وصوت جميع أعضاء مجلس الأمن، الأربعاء 20 نوفمبر، لصالح مشروع القرار المقترح لوقف إطلاق النار في غزة عدا الولايات المتحدة.
واعتبرت مندوب واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا توماس، أن وقف غير مشروط لإطلاق النار في غزة يعني الاعتراف ببقاء حماس في القطاع.
وتناول مشروع القرار عدة قضايا تتعلق بإطلاق سراح المحتجزين وتبادل الأسرى الفلسطينيين والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية.
ولا يزال العدوان الإسرائيلي مستمرا على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر 2024، مما أسفر عن استشهاد وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين أغلبهم من النساء والأطفال، في حين ترفض ترفض حكومة الاحتلال جميع النداءات الدولية المطالبة بوقف حرب الإبادة الجماعية بالقطاع، وإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين.
اقرأ أيضاًمئات الفلسطينيين ينزحون قسرًا من حي الشجاعية شرق مدينة غزة
العراق يوجه باستمرار إرسال المساعدات إلى غزة ولبنان
وزير الخارجية يحذر في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي من خطورة استمرار انتهاكات الاحتلال في غزة