حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

خلال عام واحد تراجع ترتيبنا في مؤشر مدركات الفساد العالمي (CPI) لعام 2023 درجة واحدة لتحتل السلطنة المرتبة 70 بين 180 دولة مشاركة في هذا المؤشر بحصولها على 43 درجة من 100 في الأصل، فيما كان ترتيبنا في منظمة الشفافية الدولية التي تتخذ من برلين مقرًا لها لعام 2022 هو 69.

وليس هذا هو التراجع الأخير بل سبق أن فقدت السلطنة عدة درجات خلال العقد الماضي، حيث كان ترتيبها في عام 2003 بلغ 63 كما هو مسجل في تقييمات المنظمة. وهذا التراجع ربما يعود لأسباب تتعلق بإجراءات التنفيذ والتطبيق للإصلاحات التي تتخذها عُمان تجاه القضايا الاقتصادية والاجتماعية بسبب جهل بعض المسؤولين، بحيث تتزايد شكاوي العملاء في الأعمال التجارية والمالية والصناعية وغيرها من الأعمال الأخرى.

وبالنظر إلى الإجراءات التي قامت بها الحكومة خلال الأعوام القليلية الماضية في الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي نجد أنها عديدة تهدف جميعها إلى نشر مزيد من التسهيلات وتعزيز التنمية البشرية والرفاهية الاجتماعية، والجودة في الأعمال والإنتاج وغيرها من الأمور الأخرى. وجميع تلك القضايا مرتبطة بمحاربة الفساد في المقام الأول حيث يرى تقرير المنظمة بأن الفساد ما زال مزدهرًا في جميع أنحاء العالم.

منظمة الشفافية الدولية تعتمد في تصنيف مؤشرها لمدركات الفساد العالمي على مستويات الفساد في القطاع العام في المرتبة الأولى بحيث يسجّل على مقياس من صفر (فاسد للغاية) إلى 100 (نظيف جدًا). وخلال التقرير الأخير سجل أكثر من ثلثي البلدان في العالم أقل من 50 درجة من أصل 100 درجة، مما يشير بقوة إلى أن معظم الدول في العالم تعاني من مشاكل فساد خطيرة، خاصة في المنطقة العربية التي حصلت معظم دولها على أقل من 40 درجة في التقييم تجاه الفساد.

ويرى المراقبون أن أحد أسباب التراجع تكمن انتشار عوامل الرشوة، وتحويل الأموال العامة، وعدم محاكمة المسؤولين الفاسدين، واستخدام المناصب العامة لتحقيق مكاسب خاصة، بجانب ضعف مساءلة الموظفين العموميين في المؤسسات الحكومية تجاه التقصير والتلاعب في إنهاء الأعمال في الوقت المحدد، الأمر الذي يؤدي السماح للفساد بأن ينمو ويزدهر، بحانب تراجع أنظمة العدالة والتحكيم في اتخاذ الاجراءات المناسبة تجه القضايا المثارة في المجتمعات، بجانب تحكم القادة والمسؤولين في تقويض أمور العدالة بصورة أو بأخرى. وهذه القضايا جميعها تشجع الفاسدين والمجرمين الافلات من المحاكمة والعقوبة. فما زالت تلك القضايا تعزّز من الفساد في الكثير من المؤسسات العربية نتيجة لتحكم وسيطرة تلك الشخصيات من أصحاب السلطة والنخب على أنظمة العدالة في عدة دول في العالم على حساب الصالح العام.

يشير التقرير الأخير للمنظمة إلى وجود العديد من قضايا الفساد عبر الحدود مع شركات عالمية تعمل على استخدام الرشوة في ممارسة الأعمال التجارية والدخول في صفقات سرية لمساعدة مسؤولين أجانب فاسدين، وعدم تمكن حكوماتها من ملاحقة مرتكبي الفساد العابر للحدود، فيما تتوقع المنظمة بأن الفساد سوف يستمر في الازدهار بسبب تراجع أنظمة العدالة من معاقبة مرتكبي المخالفات وإخضاع المؤسسات الحكومية للرقابة لوضع حد للإفلات من العقاب على الفساد.

وكما تم ذكره فإن السلطنة احتلت المرتبة الـ70 في التقييم الأخير عالميًا والخامسة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بحصولها على 43 درجة، وتساوت مع كل من دولة بنين والسنغال وغانا وجزر سولومون ودولة تيمور ليست في التقييم، بينما احتلت دولة الإمارات المرتبة الـ26 عالميًا، والأولى عربيًا وخليجيا وحصلت على 68 درجة،  تلتها دولة قطر في المرتبة 40 عالميا والثانية على المستوى الخليجي وحصلت على 58 درجة، ثم المملكة العربية السعودية في المرتبة 53 عالميًا والثالثة خليجيا وحصلت على 52 درجة، ثم دولة الكويت في درجة 63 عالميًا والرابعة خليحيًا، وحصلت على 46 درجة، وأخيرًا مملكة البحرين التي احتلت المركز 76 عالميًا والسادسة على المستوى الخليجي وحصلت على 42 درجة.

ويبدو أن الفساد مستشرٍ أيضًا في الولايات المتحدة الأمريكية التي حصلت على 69 درجة من الـ100 بالرغم من الخطوات التي يتخذها الكونجرس والإدارة الأمريكية لمكافحة الفساد العابر للحدود الوطنية. وتكمن مشكلة أمريكا في مسألة القواعد الأخلاقية الضعيفة للمحكمة العليا التي تثير حولها الكثير من التساؤلات حول النزاهة القضائية.

إن التقييم الأخير للمنظمة يوضح أن الدول الخمس الأولى في مؤشر مدركات الفساد العالمي هي كل من الدنمارك التي تصدرت دول العالم بحصولها على 90 درجة تلتها فنلندا (87) درجة ثم نيوزيلندا على (85) درجة تلتها النرويج (84) درجة ثم سنغافورة (83) درجة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

استياء إسرائيلي من تصاعد العزلة الدولية: لماذا بتنا مركز الكراهية العالمية؟

منذ أحداث العاصمة الهولندية أمستردام، تزايدت تعليقات وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تصاعد كراهية دولة الاحتلال، وهو المستوى الأشد من البغض لها، ونبذها، منذ اندلع عدوانها على قطاع غزة قبل أكثر من عام، ومع مرور الوقت تحولت مركزا للكراهية العالمية، وباتت معها مفردات عديدة ملاصقة على الفور حين تذكر في الخطابات السياسية والتقارير الصحفية.

أبراهام فرانك الأكاديمي الإسرائيلي والناشط التربوي، أكد أن "الحديث عن إسرائيل في الخطاب العالمي لابد أن يقترن بمصطلحات مشينة وقاسية، ومنها العداء، العداوة، السم، عدم التعاطف، التدنيس، الشراسة، الاستياء، المرارة، القذف، المصيبة، القسوة، الضيق، الغيرة، الانزعاج، الشجار، الاشمئزاز، الكراهية، وكل مصطلح منها يعود الى حقبة بنيامين نتنياهو سيئة الصيت، لأنه أقام حكمه على الأكاذيب والتلاعب وزلات اللسان، حتى تحولت الدولة في عهده إلى نموذج للانقسام والتفكك إلى حد كبير".

وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل" العبري، وترجمته "عربي21" أن "دولة الاحتلال تشهد حالة من إهمال العدالة الاجتماعية وتعليم القيم والالتزام تجاه المجتمع، مع تفشي سلوكيات التنافس والعداء والفتنة والسخط والعداوة بين الإسرائيليين أنفسهم، حيث شكل نتنياهو حكومته السادسة الحالية نهاية 2022 وهي تبث قيم العداء والعداوة للدولة ذاتها".


وأشار إلى أن "أساس العداء العالمي لإسرائيل يعود في الأصل إلى الانقلاب القانوني الذي بدأه نتنياهو قبل عامين، مستندا لنماذج بولندا والمجر وروسيا وترامب، وبعد ذلك مباشرة، بدأ الصراع هنا بين الإسرائيليين، عقب عمله لمدة تسعة أشهر على تنفيذ مخطط تدمير للنظام الليبرالي الحاكم في الدولة، ونجح بذلك إلى حد كبير، رغم أنه بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، واندلاع حرب السيوف الحديدية، بدا أن الانقلاب قد تجمّد، ولو مؤقتا، حيث صرفت الحرب المستمرة الأنظار مؤقتاً عن الانقلاب الذي بدأ يعود مرة أخرى في الأشهر الأخيرة بوتيرة متسارعة".

وأكد أنه "لم يكن من المفترض أن تستمر الحرب أكثر من 400 يوم، بل لا ينبغي لها أن تستمر أكثر من أربعة أشهر، لكن نتنياهو لم يرغب بذلك، رغم أن أهداف الجيش اختلفت عن أهدافه، حيث أراد إطالة أمد الحرب لأجل غير مسمى، فيما أراد الجيش أن يفعل ما هو ضروري، وينهيها، خاصة إعادة المختطفين، وبالتالي فقد شهدت حرب غزة أشياء فظيعة، مما يعني أن الدولة تسببت لنفسها بأضرار كبيرة، لأن جيشها يقتل ويجرح عدداً كبيراً من المدنيين، ويدمر المنازل والبنية التحتية، ويسبب معاناة رهيبة لهم".

وأضاف أن "أكثر من 70 بالمئة من المباني الخاصة والعامة في غزة تضررت أو دمرت، بنيران من الجو والبر، ودمرت معظم طرقاتها، وقُتل آلاف الأطفال بسبب القصف والنيران، وعشرات آلاف النازحين البائسين يتجولون من مكان لآخر؛ لا يعرفون كيف سيبقون على قيد الحياة في الشتاء الوشيك".

وكشف أن "حصول كل هذه الممارسات تؤكد أن هناك في الحكومة السابعة والثلاثين للدولة، وهي حكومة نتنياهو السادسة، عناصر معنية باحتلال القطاع، والاستيطان فيه، كما فعلنا وما زلنا نفعل في الضفة الغربية، وبذلك نشعل نار الكراهية ضدنا من ملايين المسلمين وغيرهم في جميع أنحاء العالم، ولا نقوم بشيء سوى برفض وقف الحرب في غزة، ونمنع أي سبيل لإعادة المختطفين".


ولفت إلى أنه "لولا الحرب الأبدية في غزة، ولولا حربنا الدائمة ضد الدولة الفلسطينية، لما حدثت كل هذه الكراهية والسموم ضد الإسرائيليين، لكن نتنياهو في سبيل أن يُظهر أنه لا يزال يتمتع بالقوة، وتسميم كل شيء، يزرع أدوات الكراهية تجاه كل من ليس مناصرا له، ولا يتبع مطالبه، بما يشمل الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، ويجنّد في ذلك الأفراد ذوي الأفواه المليئة بالسموم، ومنهم مجرمون، ويدير بنفسه آلات تسميم إعلامية، ويواصل نشر أكاذيب وخداع جديد".

وختم بالقول إنه "بينما تعاني الدولة من تصاعد معدلات الكراهية ضدها حول العالم، فإنها في الداخلي تواجه المزيد من الثكالى الجدد كل يوم تقريبًا، ممن يصابون بجروح خطيرة بشكل جماعي، والنازحون من منازلهم، كل هؤلاء يرون أن الدولة تسير في طريقها للهاوية، يدخلون في حالة من الكساد العميق، مما يتطلب الكثير من القوة العقلية لإبقائهم على قيد الحياة، وإلا فإن استمرار هذا الواقع يعني مزيدا من الانغلاق، والشعور بالاستياء واليأس، ومغادرة الدولة، لأن البديل القادم هو مزيد من الكراهية التي تجتاحهم في الأيام القادمة".

مقالات مشابهة

  • WP تنتقد الجنائية الدولية: لماذا إسرائيل وليس الديكتاتوريات في سوريا والسودان؟
  • الاتحاد في المرتبة 54 عالميًا في الحضور الجماهيري
  • انطلاق الاجتماع التحضيري لأجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد بدول منظمة التعاون الإسلامي
  • سفير إسرائيل بالأمم المتحدة يجلد السفير الجزائري: أنتم في مؤخرة العالم وتتحدثون عن حقوق الإنسان ماذا فعلتم للفلسطينيين؟ (فيديو)
  • استياء إسرائيلي من تصاعد العزلة الدولية: لماذا بتنا مركز الكراهية العالمية؟
  • إدراج جامعة أسيوط في المرتبة 251-300 عالميًا في مجال الأبحاث البينيةطبقًا للتصنيف البريطاني
  • قائمة أغلى شوارع التسوق في العالم.. تعرف على ترتيب شارع الاستقلال التركي
  • العنف ضد النساء.. ما وضع المرأة العراقية؟
  • “المودة” تعلن بدأ لجان التحكيم تقييم الأعمال المقدمة في مسابقة صناعة الأفلام غداً
  • أسوأ أزمة في العالم تحدث في دولة عربية وسط صمت عالمي