انتخابات "جمعية الصحفيين".. واللحظات ما قبل الأخيرة
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
د. عبدالله باحجاج
طلب مني بعض الأصدقاء بإلحاحٍ إبداء الرأي في الجدال الذي تفجَّر بين القوائم المُتنافسة لانتخابات مجلس إدارة جمعية الصحفيين الجديد المقررة يوم الأربعاء، وهذا الجدال مرده الفراغ القانوني المنظم للاستحقاقات الانتخابية؛ بمعنى آخر، أن التطورات والوعي النخبوي وصراعاته كانت أعلى من القانون المُنظم للجمعية.
هذا شأن كل جمعيات مؤسسات المجتمع المدني، أي ليس حصريًا على جمعية الصحفيين، وبالتالي، فهذه رسالة قد وصلت دون شك إلى الجهات الحكومية المعنية بهذا المسار المُهم؛ لأنَّ الإشكاليات هنا لا تنحصر في غياب المواد القانونية المنظمة لسير الانتخابات وضمانة نزاهتها فحسب، وإنما لعدم وجود إدارة قانونية ضامنة لعدم الاختراقات الخارجية.
وبما أننا الآن في لحظات ما قبل الانتخابات، فإنَّ الحديث المفيد ينصب حول المطالبة بأهمية الإسراع بتحديث التشريعات والقوانين الحاكمة لمؤسسات المجتمع المدني في بلادنا، فانتخابات بقية المؤسسات مثل جمعيات المرأة العُمانية، قادمة، وقد أصبحت هذه المؤسسات أهم شركاء الحكومة، وتعد جمعية الصحفيين بمقدمة المؤسسات المُهمة، ويُعوَّل عليها أدوار متعددة وطنية بامتياز، ومهنية بامتياز، داخلية وخارجية، وتتعاظم الآن أكثر من أي وقت مضى، وسيزداد هذا التعاظم مستقبلا، وهناك اجندات لا يمكن القيام بها إلا هي فقط.
الكلام المفيد في هذه اللحظات الان، يقتضي التذكير بأن جمعية الصحفيين التي هي بيت الإعلاميين والصحفيين، وهم أصحاب فكر ومن بين القادة المؤثرين لصناعة الرأي، وبالتالي، كيف سيُقدِّمون تنافسهم الانتخابي للرأي العام الوطني أولًا والخارجي ثانيًا؟ وكيف سيعكسون ممارستهم الانتخابية أثناء الانتخابات وبعدها؟ ما سيقدمونه ستتأثر به مرحلتنا الوطنية، ومن ثم نتوقع منهم أن يعكسوا نضوج المسار الديمقراطي في بلادنا، ويقودوه قُدمًا مهما كانت ملاحظاتهم الإجرائية، فلنا تجربة طويلة نسبيا مع صناديق الانتخابات الحرة، ونتطلع منهم أن يثروا ويرسخوا الممارسة الواعية من جهة واختيار القائمة الأنسب من الثلاث قوائم المتنافسة للمرحلة الوطنية الجديدة.
أيها الزملاء الصحفيون والإعلاميون.. الدولة بكل مكوناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية، تتابع تجربتكم الانتخابية الجديدة بعد التجاذبات التي شهدتها ساحتكم الصحفية والإعلامية، فماذا ستقدمون لهم من رسائل واعية متجردة؟ وكيف ستضيفون إلى التجربة الديمقراطية في بلادنا من مفاصل النزاهة والتجرد في الممارسة الملتزمة باختيار الأنسب للمرحلة بصرف النظر عن الشخوص؟
نقول هنا القول الأنسب للمرحلة، وليس الأنسب بين الشخوص؛ فالمرحلة مليئة بالتحديات الجسام، لذلك تحتاج لمُدبِّرين ومُسيِّرين ومُؤطِّرين في مستوى تحدياتها وتقلباتها، وكلها ستصيغ المرحلة الدائمة.
كلنا نعلم كذلك أن جمعية الصحفيين هى إحدى أدوات الدولة العُمانية كشريك مستقل للحكومة، لكنها متناغمة مع خططها وأهدافها الوطنية، ومتناغمة مع إكراهاتها المستجدة، وتأثيرها الإيجابي سيكون الأنجع من غيرها في قضايا محددة على وجه التحديد؛ فهناك من يحاول الإساءة للدولة وبالذات المجتمع بهدف المساس بتماسكه وثوابته وهويته، فصوتها سيكون مسموعًا ومؤثرًا، لأنها مؤسسة مدنية، ولأنها تضم أصحاب فكر ومهنة في آنٍ واحدٍ.
كلنا نعلم كذلك أن العالم يعيش في فوضى الزمان والمكان مع القيم والأخلاق، وكبار فاعليه يمارسون الضغوطات التحتية والفوقية على الأنظمة للانفتاح غير المدروس، وهى- أي الجمعية- ستكون خط الدفاع الاول عن الهوية العُمانية المجمع عليها سياسيًا واجتماعيًا.
ونعلم كذلك أن الصحافة العُمانية في أمسِّ الحاجة إلى الاحترافية عبر تأهيل الجيل الممارس الحالي، وتكوين جيل جديد بكفاءة مهنية عالية، فنهضتنا المتجددة طموحاتها المستقبلية كبيرة وضخمة لذلك فهي تحتاج للمهنيين الراصدين لتطوراتها الإيجابية، والكاشفين للمسارات التي يحتاج إلى تصحيحها عاجلًا حتى لا تتراكم سلبياتها.. فمفهوم الحرية الصحفية هنا ينبغي أن يتسع في مجال التأكد من تطبيق الخطط والسياسات ومآلاتها أولًا بأول.
نعلم كذلك أن الحرية الصحفية المُلتزمة قد تواجه تحديات كبيرة حتى على صعيد تلكم الممارسة الملتزمة، ويحتاج ممارسوها لمن يقف مع معهم في أسوأ الاحتمالات، ويدافع عن حقوقهم حتى نضمن استقلالهم المهني، وتأدية رسالتهم الوطنية في مختلف الظروف، ودون ذلك، فسيكون الصحفي/ الإعلامي دون ضمانات، وبالتالي بسهولة كبيرة التأثير عليه واستقطابه داخليًا أو خارجيًا أو ابتعاده عن مهنة المتاعب، وفي تجربتنا العربية كم صحفي واعلامي أبتعد عن مهنته لكثرة الضغوطات.
وكذلك نعلم أننا نحتاج لفاعلين يمثلون جمعية الصحفيين العُمانية في المؤسسات والمنظمات الإقليمية والعالمية كالاتحاد العام للصحفيين العرب، والاتحاد الدولي للصحفيين. ونعلم كذلك أننا نحتاج لفاعلين مستقلين يتماهون بتفاعلية تلقائية وذكية مع السياسة الخارجية العُمانية التي تنتصر للحقوق الإنسانية ومبادي العدالة الدولية، وتكاد تكون هي الوحيدة إقليميا وعالميا.. لذلك نحتاج لمن يتماهى معها كمعبرين ومفكرين في وسائل الاتصال الإقليمية والعالمية، وصناعتهم كنخب على الصعيدين الإقليمي والدولي.
كلنا نعلم كذلك أن مجلس إدارة جمعية الصحفيين الجديد ينتظره إبداء الرأي في مشروع قانون الإعلام الجديد، وهو الآن في طور المناقشات الدستورية لمجلس عُمان بجناحيه: الشورى والدولة، فينبغي أن يدلي برأيه المهني في مواده المختلفة بحكم أنه شريك أساسي، والقانون يعنيه مباشرة، وسيكون المرجعية للعمل الصحفي والإعلامي. لذلك.. فالجمعية لا ينبغي أن تَغِيْب ولا أن تُغيِّب عن مناقشات مشروع هذا القانون قبل اعتماده من لدن عاهل البلاد- حفظه الله- ولا ينبغي الاكتفاء بشراكة بعض الفاعلين في المؤسسات الاذاعية الخاصة، كما فعلت اللجنة الإعلامية في مجلس الشورى.
وكلنا نعلم أخيرًا، أن طبيعة مرحلتنا الوطنية وتحدياتها الإقليمية والدولية تستوجب أن يكون كل الصحفيين والإعلاميين أو معظمهم في بيت الصحفيين والإعلاميين كمظلة وطنية وقانونية وسياسية للدواعي سالفة الذكر، وتستوجب الجمعية حملهم على توقيع ميثاق شرف مهنة الصحافة، وهو يعد كبرى الضمانات العصرية للحقوق والواجبات، فمهنة الصحافة ليس أمامها من خيار أمن سوى الطيران بهذه الجناحين "الحقوق والواجبات"، وقوة الشرف المهني أقوى من قوة الالتزام القانوني، فهي تخاطب الضمائر، وكلما تم الإعلاء من شأنها، كلما شهدنا التزامًا مثاليًا بالقوانين، وهذه الثنائية ينبغي أن تتلازم معاً في الحقبة المقبلة.
وآخر التساؤلات المُفيدة في اللحظات ما قبل الأخيرة، وهو المستهدف من هذا المقال، هو، من نجد في القوائم الثلاثة المتنافسة لمجلس إدارة جمعية الصحفيين الجديد الأنسب لمرحلة بتلكم الحمولات الوطنية والمهنية الكبرى؛ الداخلية والخارجية؟ وهذا التساؤل ينتج عنه تساؤل فرعي مُهم، وهو: هل رهاناتنا على التجرُّد والنزاهة خلال هذه اللحظات ستلقى آذانًا مؤثرة على الخيارات المسبقة أم أنها أصبحت جامدة؟ وهل بقناعة أم لاعتبارات خاصة؟ وهذا تساؤل فرعي آخر.
نتمنى لهذا المقال النفاذ لقناعات شركاء صناع الرأي "الصحفيين والإعلاميين"، ومثلما نقول دائمًا في الانتخابات الأخرى في البلاد؛ سواء لمجلس الشورى أو المجالس البلدية: "صُوتكم أمانة".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بعد العدوان الإسرائيلي... جمعية تجار صور وضواحيها تلغي حفل افتتاح الأسواق
أعلنت جمعية تجار صور وضواحيها أنه "بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم على مدينة صور، والذي أسفر عن استشهاد مدنيين وسقوط عدد من الجرحى، تعلن جمعية تجار صور وضواحيها عن إلغاء حفل افتتاح الأسواق الذي كان مقرراً يوم الاثنين، احتراماً لأرواح الشهداء".
وتؤكد الجمعية أن الأسواق ستبقى مفتوحة طيلة الأيام المتبقية من شهر رمضان المبارك وحتى عيد الفطر السعيد، آملةً أن يعمّ الأمن والسلام ربوع وطننا، وأن تعود الأعياد القادمة (الفطر والفصح المجيد وعيد البشارة) محمّلة بالبشائر والخير والاستقرار.
مواضيع ذات صلة جمعية تجار صيدا أعلنت تمديد فتح الأسواق ليلاً Lebanon 24 جمعية تجار صيدا أعلنت تمديد فتح الأسواق ليلاً 23/03/2025 15:48:36 23/03/2025 15:48:36 Lebanon 24 Lebanon 24 البستاني عرضت مع رئيس جمعية تجار جونية أوضاع القطاع التجاري Lebanon 24 البستاني عرضت مع رئيس جمعية تجار جونية أوضاع القطاع التجاري 23/03/2025 15:48:36 23/03/2025 15:48:36 Lebanon 24 Lebanon 24 تحليق للطيران الإسرائيلي المسيّر والإستطلاعي فوق صور وضواحيها على مستوى منخفض (الوكالة الوطنية) Lebanon 24 تحليق للطيران الإسرائيلي المسيّر والإستطلاعي فوق صور وضواحيها على مستوى منخفض (الوكالة الوطنية) 23/03/2025 15:48:36 23/03/2025 15:48:36 Lebanon 24 Lebanon 24 إعادة افتتاح السفارة الألمانية في سوريا بعد 13 عاما من إغلاقها Lebanon 24 إعادة افتتاح السفارة الألمانية في سوريا بعد 13 عاما من إغلاقها 23/03/2025 15:48:36 23/03/2025 15:48:36 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً مخزومي: الحكومة مسؤولة عن كشف الأشخاص الذين أطلقوا الصواريخ في الجنوب Lebanon 24 مخزومي: الحكومة مسؤولة عن كشف الأشخاص الذين أطلقوا الصواريخ في الجنوب 09:35 | 2025-03-23 23/03/2025 09:35:08 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد غياب طويل.. الدراما اللبنانية "تنتفض" وتنافس عربياً بقوة Lebanon 24 بعد غياب طويل.. الدراما اللبنانية "تنتفض" وتنافس عربياً بقوة 09:30 | 2025-03-23 23/03/2025 09:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الصناعة: جميل أن يموت المرء من أجل وطنه لكن! Lebanon 24 وزير الصناعة: جميل أن يموت المرء من أجل وطنه لكن! 09:23 | 2025-03-23 23/03/2025 09:23:25 Lebanon 24 Lebanon 24 فضل الله: لضرورة اتخاذ قرار وطني لحماية السيادة Lebanon 24 فضل الله: لضرورة اتخاذ قرار وطني لحماية السيادة 09:17 | 2025-03-23 23/03/2025 09:17:46 Lebanon 24 Lebanon 24 ما هو أبعد من منصّات صواريخ بدائية الصنع Lebanon 24 ما هو أبعد من منصّات صواريخ بدائية الصنع 09:00 | 2025-03-23 23/03/2025 09:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة في عيد الأم... إليكم ما قالته زينب فياض عن والدتها هيفا وهبي (صورة) Lebanon 24 في عيد الأم... إليكم ما قالته زينب فياض عن والدتها هيفا وهبي (صورة) 09:58 | 2025-03-22 22/03/2025 09:58:36 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما قررته إسرائيل بشأن لبنان.. إليكم آخر خبر Lebanon 24 هذا ما قررته إسرائيل بشأن لبنان.. إليكم آخر خبر 13:46 | 2025-03-22 22/03/2025 01:46:11 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد الغارات هذا المساء.. بيان إسرائيليّ عن لبنان Lebanon 24 بعد الغارات هذا المساء.. بيان إسرائيليّ عن لبنان 14:53 | 2025-03-22 22/03/2025 02:53:19 Lebanon 24 Lebanon 24 جريمة في كسروان.. 3 رصاصات تُنهي حياة شاب Lebanon 24 جريمة في كسروان.. 3 رصاصات تُنهي حياة شاب 12:51 | 2025-03-22 22/03/2025 12:51:30 Lebanon 24 Lebanon 24 رسائل مشبوهة تطال الضاحية Lebanon 24 رسائل مشبوهة تطال الضاحية 03:45 | 2025-03-23 23/03/2025 03:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 09:35 | 2025-03-23 مخزومي: الحكومة مسؤولة عن كشف الأشخاص الذين أطلقوا الصواريخ في الجنوب 09:30 | 2025-03-23 بعد غياب طويل.. الدراما اللبنانية "تنتفض" وتنافس عربياً بقوة 09:23 | 2025-03-23 وزير الصناعة: جميل أن يموت المرء من أجل وطنه لكن! 09:17 | 2025-03-23 فضل الله: لضرورة اتخاذ قرار وطني لحماية السيادة 09:00 | 2025-03-23 ما هو أبعد من منصّات صواريخ بدائية الصنع 08:48 | 2025-03-23 بعد الاعتداءات الإسرائيلية جنوبًا.. هذا ما أعلنه الجيش فيديو على طريقة الأفلام.. بريطاني يحوّل زميله لأشلاء (فيديو وصور) Lebanon 24 على طريقة الأفلام.. بريطاني يحوّل زميله لأشلاء (فيديو وصور) 15:00 | 2025-03-22 23/03/2025 15:48:36 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد انتشار أخبار زواجه.. هكذا رد أحمد العوضي (فيديو) Lebanon 24 بعد انتشار أخبار زواجه.. هكذا رد أحمد العوضي (فيديو) 15:00 | 2025-03-22 23/03/2025 15:48:36 Lebanon 24 Lebanon 24 "حسبي الله ونعم الوكيل".. هل انفصل أحمد السقا عن زوجته؟ (فيديو) Lebanon 24 "حسبي الله ونعم الوكيل".. هل انفصل أحمد السقا عن زوجته؟ (فيديو) 05:47 | 2025-03-22 23/03/2025 15:48:36 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24